العدد : ١٧٠٢٨ - الثلاثاء ٠٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٢٨ - الثلاثاء ٠٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

إسرائيل و«المحكمة الجنائية الدولية».. هل تتحقق العدالة أم تستمر المراوغة؟

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الثلاثاء ٠٥ نوفمبر ٢٠٢٤ - 02:00

في‭ ‬20‭ ‬مايو‭ ‬2024،‭ ‬وبعد‭ ‬مرور‭ ‬ثمانية‭ ‬أشهر‭ ‬على‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬والتي‭ ‬شهدت‭ ‬حملة‭ ‬جوية‭ ‬وبرية‭ ‬مدمرة‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين؛‭ ‬تقدم‭ ‬المدعي‭ ‬العام‭ ‬للمحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية،‭ ‬‮«‬كريم‭ ‬خان‮»‬،‭ ‬بطلب‭ ‬رسمي‭ ‬للمحكمة‭ ‬للموافقة‭ ‬على‭ ‬إصدار‭ ‬أوامر‭ ‬اعتقال‭ ‬دولية،‭ ‬بحق‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬‮«‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‮»‬،‭ ‬ووزير‭ ‬الدفاع‭ ‬‮«‬يوآف‭ ‬غالانت‮»‬،‭ ‬ووجه‭ ‬إليهما‭ ‬اتهامات‭ ‬بارتكاب‭ ‬‮«‬جرائم‭ ‬حرب‮»‬،‭ ‬تتضمن‭ ‬‮«‬الإبادة‭ ‬الجماعية،‭ ‬واستخدام‭ ‬التجويع‭ ‬كسلاح،‭ ‬والاستهداف‭ ‬المتعمد‭ ‬للمدنيين،‭ ‬وتعطيل‭ ‬تسليم‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬الضرورية‮»‬‭.‬

وإلى‭ ‬جانب‭ ‬الحكم‭ ‬الأولي‭ ‬الصادر‭ ‬عن‭ ‬‮«‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬قضى‭ ‬بأن‭ ‬إسرائيل‭ ‬تواجه‭ ‬تهما‭ ‬تتعلق‭ ‬بالإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬ضد‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬غزة؛‭ ‬شكل‭ ‬طلب‭ ‬المدعي‭ ‬العام‭ ‬للجنائية‭ ‬الدولية،‭ ‬بإصدار‭ ‬أوامر‭ ‬اعتقال‭ ‬بحق‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬،‭ ‬و‮«‬غالانت‮»‬،‭ ‬صفعة‭ ‬قانونية‭ ‬ودبلوماسية‭ ‬كبيرة‭ ‬لإسرائيل‭. ‬وكان‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬أن‭ ‬يلزم‭ ‬الدول‭ ‬الموقعة‭ ‬على‭ ‬نظام‭ ‬روما‭ ‬الأساسي،‭ ‬مثل‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة،‭ ‬وفرنسا،‭ ‬وألمانيا،‭ ‬وعدة‭ ‬دول‭ ‬غربية‭ ‬أخرى،‭ ‬بالالتزام‭ ‬بأوامر‭ ‬الاعتقال‭ ‬حال‭ ‬دخولهما‭ ‬إلى‭ ‬أراضيها‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬وبعد‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬خمسة‭ ‬أشهر‭ ‬من‭ ‬تقديم‭ ‬‮«‬خان‮»‬،‭ ‬طلبه،‭ ‬لم‭ ‬تُصدر‭ ‬المحكمة‭ ‬الأوامر‭ ‬بعد‭. ‬ومع‭ ‬انتهائها‭ ‬من‭ ‬إجراءات‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬المحاكمة؛‭ ‬يبقى‭ ‬السؤال‭ ‬مطروحا‭ ‬حول‭ ‬المدة‭ ‬التي‭ ‬سيتعين‭ ‬الانتظار‭ ‬فيها‭ ‬حتى‭ ‬يُحاسب‭ ‬قادة‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬أفعالهم،‭ ‬التي‭ ‬تسببت‭ ‬في‭ ‬معاناة‭ ‬هائلة‭ ‬لملايين‭ ‬الفلسطينيين‭.‬

وفي‭ ‬ظل‭ ‬تأخير‭ ‬هذه‭ ‬الإجراءات‭ ‬القانونية‭ ‬المهمة،‭ ‬وتأكيد‭ ‬نظام‭ ‬روما‭ ‬الأساسي‭ ‬للمحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية‭ ‬التزامها‭ ‬بـ«وضع‭ ‬حد‭ ‬للإفلات‭ ‬من‭ ‬العقاب‮»‬،‭ ‬عن‭ ‬مرتكبي‭ ‬الجرائم‭ ‬ضد‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬و«المساهمة‭ ‬في‭ ‬منع‭ ‬هذه‭ ‬الجرائم»؛‭ ‬طرح‭ ‬خبراء‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬تساؤلات‭ ‬حول‭ ‬أثر‭ ‬تقاعسها‭ ‬عن‭ ‬تنفيذ‭ ‬أوامر‭ ‬الاعتقال‭ ‬بحق‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬،‭ ‬و‮«‬غالانت‮»‬،‭ ‬وأي‭ ‬إجراء‭ ‬أوسع‭ ‬ضد‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬ومؤسساتها‭ ‬العسكرية‭. ‬ووفقًا‭ ‬لموقع‭ ‬‮«‬ميدل‭ ‬إيست‭ ‬آي‮»‬،‭ ‬استشهد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬7000‭ ‬مدني‭ ‬فلسطيني‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬قدم‭ ‬خان‭ ‬طلبه‭ ‬إلى‭ ‬المحكمة‭. ‬ومع‭ ‬غزو‭ ‬إسرائيل‭ ‬للبنان،‭ ‬وتصاعد‭ ‬الصراع‭ ‬مع‭ ‬إيران،‭ ‬تستمر‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬إلحاق‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الخسائر‭ ‬في‭ ‬الأرواح‭ ‬والإصابات‭ ‬دون‭ ‬بادرة‭ ‬حل‭ ‬قريب‭.‬

ووفقًا‭ ‬للمادة‭ ‬‮«‬58‮»‬‭ ‬من‭ ‬نظام‭ ‬روما،‭ ‬وبعد‭ ‬تقديم‭ ‬المدعي‭ ‬العام‭ ‬طلبه،‭ ‬عُقدت‭ ‬عدة‭ ‬جلسات‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬المحاكمة‭ ‬لفحص‭ ‬الأدلة،‭ ‬واتخاذ‭ ‬القرار‭ ‬بشأن‭ ‬متابعتها‭ ‬قانونيًا‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬واجهت‭ ‬هذه‭ ‬العملية‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬التأخيرات؛‭ ‬ما‭ ‬أثار‭ ‬مقارنات‭ ‬مع‭ ‬إجراءات‭ ‬قانونية‭ ‬أخرى‭ ‬للمحكمة‭. ‬وأشار‭ ‬موقع‭ ‬‮«‬ميدل‭ ‬إيست‭ ‬آي‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬متوسط‭ ‬المدة‭ ‬المستغرقة‭ ‬في‭ ‬جلسات‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬المحاكمة‭ ‬بين‭ ‬طلب‭ ‬المدعي‭ ‬العام‭ ‬لإصدار‭ ‬أوامر‭ ‬الاعتقال،‭ ‬والموافقة‭ ‬عليها،‭ ‬منذ‭ ‬تأسيس‭ ‬المحكمة‭ ‬عام‭ ‬2002،‭ ‬لا‭ ‬يتجاوز‭ ‬شهرين‭. ‬

وفي‭ ‬حالة‭ ‬أوامر‭ ‬الاعتقال‭ ‬التي‭ ‬أصدرتها‭ ‬ضد‭ ‬الرئيس‭ ‬الروسي‭ ‬‮«‬فلاديمير‭ ‬بوتين‮»‬،‭ ‬ومفوضته‭ ‬لحقوق‭ ‬الطفل‭ ‬‮«‬ماريا‭ ‬أليكسييفنا‮»‬،‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬2023،‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬العملية‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬ثلاثة‭ ‬أسابيع‭. ‬وعليه،‭ ‬ومع‭ ‬استمرار‭ ‬القضية‭ ‬ضد‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬،‭ ‬و‮«‬غالانت‮»‬،‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‭ ‬دون‭ ‬حل؛‭ ‬أبدت‭ ‬‮«‬جيوفيا‭ ‬بينزاتي‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬جامعة‭ ‬ليدن‮»‬،‭ ‬قلقها‭ ‬بشأن‭ ‬‮«‬التباين‭ ‬الواضح‮»‬،‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الأوقات‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬هناك‭ ‬سبب‭ ‬رئيسي‭ ‬وراء‭ ‬تباطؤ‭ ‬عملية‭ ‬اتخاذ‭ ‬القرار‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المحكمة،‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬فتح‭ ‬مشاورات‭ ‬‮«‬أصدقاء‭ ‬المحكمة‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬انطلقت‭ ‬في‭ ‬يونيو،‭ ‬حيث‭ ‬قُدم‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬70‭ ‬طلبًا‭ ‬إليها،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬إسرائيل‭. ‬وبما‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬العملية‭ ‬تتطلب‭ ‬الرد‭ ‬على‭ ‬البيانات‭ ‬المقدمة؛‭ ‬أوضحت‭ ‬‮«‬بينزاتي‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬أضاف‭ ‬وقتا‭ ‬إضافيا‭ ‬إلى‭ ‬مداولاتها‭. ‬ومع‭ ‬انتهاء‭ ‬هذه‭ ‬العملية،‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬الحكم‭ ‬معلقًا‭ ‬دون‭ ‬توضيح‭ ‬لأسباب‭ ‬التأخير‭. ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬تسبب‭ ‬تغيير‭ ‬القضاة‭ ‬في‭ ‬تأخير‭ ‬إضافي،‭ ‬إذ‭ ‬تم‭ ‬سحب‭ ‬القاضية‭ ‬الرومانية‭ ‬‮«‬إيلينا‭ ‬موتوك‮»‬،‭ ‬واستبدالها‭ ‬في‭ ‬25‭ ‬أكتوبر،‭ ‬بسبب‭ ‬حالتها‭ ‬الصحية،‭ ‬مما‭ ‬استلزم‭ ‬إطلاع‭ ‬القاضية‭ ‬الجديدة‭ ‬على‭ ‬مسار‭ ‬القضية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬سيؤخر‭ ‬الحكم‭ ‬النهائي‭ ‬أيضًا‭.‬

وعند‭ ‬دراسة‭ ‬الأسباب‭ ‬وراء‭ ‬تأخير‭ ‬حكمها،‭ ‬تساءل‭ ‬‮«‬ريتشارد‭ ‬فالك‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬جامعة‭ ‬برينستون‮»‬،‭ ‬ومقرر‭ ‬خاص‭ ‬سابق‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة،‭ ‬عما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬التأخيرات‭ ‬تدعم‭ ‬الانتقادات‭ ‬الموجهة‭ ‬إليها،‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬تتعرض‭ ‬لضغوط‭ ‬من‭ ‬الغرب،‭ ‬وبالتالي‭ ‬ليست‭ ‬مؤسسة‭ ‬موضوعية،‭ ‬بل‭ ‬أداة‭ ‬سياسية‭ ‬في‭ ‬يدهم‮»‬‭.‬

ومن‭ ‬المعروف‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬وحلفاءها‭ ‬قد‭ ‬فرضوا‭ ‬ضغوطًا‭ ‬هائلة‭ ‬ومتزايدة‭ ‬على‭ ‬‮«‬الجنائية‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬لإنهاء‭ ‬تحقيقاتها‭ ‬في‭ ‬الانتهاكات‭ ‬التاريخية‭ ‬والحالية‭ ‬لإسرائيل‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة‭. ‬ووثقت‭ ‬تقارير‭ ‬‮«‬الجارديان‮»‬،‭ ‬ما‭ ‬أسمته‭ ‬‮«‬حربًا‭ ‬استمرت‭ ‬تسع‭ ‬سنوات‮»‬،‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬وكالات‭ ‬المخابرات‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬التي‭ ‬استخدمت‭ ‬المراقبة‭ ‬والقرصنة،‭ ‬والتهديدات،‭ ‬وحملات‭ ‬التشهير‭ ‬ضد‭ ‬كبار‭ ‬موظفيها‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬متعمدة‭ ‬لتعطيل‭ ‬واجباتها‭ ‬القانونية‭. ‬ونتيجة‭ ‬لذلك،‭ ‬أوضح‭ ‬‮«‬الصحيفة‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬المحكمة‭ ‬قد‭ ‬‮«‬عززت‭ ‬أمنها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ (‬عمليات‭ ‬تفتيش‭ ‬منتظمة‭ ‬لمكتب‭ ‬المدعي‭ ‬العام،‭ ‬وفحوصات‭ ‬أمنية‭ ‬على‭ ‬الأجهزة،‭ ‬ومناطق‭ ‬خالية‭ ‬من‭ ‬الهواتف،‭ ‬وتقييمات‭ ‬أسبوعية‭ ‬للتهديدات،‭ ‬وإدخال‭ ‬معدات‭ ‬متخصصة‭)‬؛‭ ‬لكن‭ ‬هذا‭ ‬لم‭ ‬يمنع‭ ‬المدافعين‭ ‬عن‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬محاولة‭ ‬تعطيل‭ ‬قراراتها‭ ‬بشأن‭ ‬أوامر‭ ‬الاعتقال‭ ‬لنتنياهو،‭ ‬وغالانت‭.‬

وفي‭ ‬تحدٍّ‭ ‬سابق‭ ‬للمحكمة‭ ‬في‭ ‬سبتمبر‭ ‬الماضي،‭ ‬زعمت‭ ‬إسرائيل‭ ‬أنها‭ ‬تنتهك‭ ‬المادة‭ ‬‮«‬17‮»‬‭ ‬من‭ ‬نظام‭ ‬روما،‭ ‬التي‭ ‬تلزمها‭ ‬بممارسة‭ ‬ولايتها‭ ‬عندما‭ ‬تكون‭ ‬‮«‬الدولة‭ ‬غير‭ ‬راغبة‮»‬‭ ‬في‭ ‬القيام‭ ‬بذلك‭. ‬وأشارت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬لم‭ ‬تُعطَ‭ ‬‮«‬الفرصة‭ ‬لممارسة‭ ‬حقها‭ ‬في‭ ‬التحقيق‭ ‬بنفسها‮»‬،‭ ‬وهي‭ ‬الاتهامات‭ ‬التي‭ ‬كررها‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكي،‭ ‬‮«‬أنطوني‭ ‬بلينكن‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬رفض‭ -‬في‭ ‬وقت‭ ‬طلب‭ ‬خان‭ ‬لأوامر‭ ‬الاعتقال‭ - ‬ما‭ ‬وصفه‭ ‬بـ«العجلة‮»‬‭ ‬الظاهرة‭ ‬من‭ ‬المحكمة،‭ ‬مشيرًا‭ ‬إلى‭ ‬ضرورة‭ ‬السماح‭ ‬للنظام‭ ‬القانوني‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بفرصة‭ ‬كاملة،‭ ‬والوقت‭ ‬المناسب‭ ‬للتقدم‭ ‬في‭ ‬القضية‭.‬

ويمثل‭ ‬السماح‭ ‬للمحاكم‭ ‬الإسرائيلية‭ -‬التي‭ ‬تتأثر‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬بحكومة‭ ‬نتنياهو‭ -‬بتقرير‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬ينبغي‭ ‬محاسبة‭ ‬قيادتها‭ ‬السياسية‭ ‬والعسكرية،‭ ‬على‭ ‬اتهامات‭ ‬بارتكاب‭ ‬جرائم‭ ‬حرب؛‭ ‬‮«‬عائقًا‭ ‬واضحًا‮»‬،‭ ‬أمام‭ ‬تحقيق‭ ‬العدالة‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬أقر‭ ‬أعضاء‭ ‬البرلمان‭ ‬الأمريكي‭ ‬تشريعات‭ ‬تفرض‭ ‬عقوبات‭ ‬على‭ ‬المحكمة‭ ‬‮«‬الجنائية‭ ‬الدولية»؛‭ ‬بسبب‭ ‬محاولتها‭ ‬محاسبة‭ ‬إسرائيل‭ ‬عن‭ ‬انتهاكاتها‭ ‬المتعددة‭ ‬والموثقة‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬وخرقها‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي‭.‬

بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬ففي‭ ‬بيان‭ ‬مكتوب‭ ‬للمحكمة‭ ‬في‭ ‬يونيو،‭ ‬تحدت‭ ‬الحكومة‭ ‬البريطانية‭ ‬ولاية‭ ‬المحكمة‭ ‬الدولية‭ ‬على‭ ‬إسرائيل،‭ ‬رغم‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬تقديم‭ ‬أي‭ ‬حجة‭ ‬بشأن‭ ‬الولاية‭ ‬في‭ ‬قضية‭ ‬انتهاكات‭ ‬‮«‬روسيا‮»‬،‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬حكومة‭ ‬‮«‬كير‭ ‬ستارمر‮»‬،‭ ‬تخلت‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الاعتراض‭ ‬بعد‭ ‬شهر؛‭ ‬فإن‭ ‬‮«‬لندن‮»‬،‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬ترفض‭ ‬اتخاذ‭ ‬إجراءات‭ ‬ذات‭ ‬مغزى‭ ‬ضد‭ ‬محاسبة‭ ‬إسرائيل،‭ ‬مثل‭ ‬تنفيذ‭ ‬حظر‭ ‬شامل‭ ‬على‭ ‬تصدير‭ ‬الأسلحة‭ ‬إليها،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬رفضه‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬‮«‬ديفيد‭ ‬لامي‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬أكد‭ ‬أن‭ ‬لإسرائيل‭ ‬‮«‬حق‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬نفسها‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬ظل‭ ‬التأخير‭ ‬المستمر‭ ‬لقرارها‭ ‬النهائي‭ ‬بشأن‭ ‬أوامر‭ ‬الاعتقال،‭ ‬تمت‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬يمثل‭ ‬‮«‬إنكارًا‭ ‬للعدالة‮»‬،‭ ‬لعشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬الذين‭ ‬استشهدوا‭ ‬أو‭ ‬جُرحوا،‭ ‬وللملايين‭ ‬الذين‭ ‬تم‭ ‬تهجيرهم‭ ‬نتيجة‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬المستمرة‭ ‬على‭ ‬غزة‭. ‬وأثارت‭ ‬‮«‬بينزاتي‮»‬،‭ ‬تساؤلات‭ ‬حول‭ ‬أن‭ ‬المداولات‭ ‬المستمرة‭ ‬للقضاة‭ ‬‮«‬مقلقة‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬لضحايا‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‮»‬،‭ ‬مؤكدة‭ ‬أن‭ ‬‮«‬العدالة‭ ‬المتأخرة‭ ‬هي‭ ‬عدالة‭ ‬مُنكرة‮»‬‭. ‬

وبتوسيع‭ ‬هذه‭ ‬الحجة،‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬لويجي‭ ‬دانييل‮»‬،‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬‮«‬نوتنغهام‭ ‬ترنت‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬جسامة‭ ‬الجرائم‭ ‬التي‭ ‬ارتكبت‮»‬‭ ‬حتى‭ ‬قبل‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023،‭ ‬فإن‭ ‬‮«‬طلب‭ ‬المدعي‭ ‬العام‭ ‬في‭ ‬مايو‮»‬،‭ ‬كان‭ ‬‮«‬متأخرًا‮»‬،‭ ‬بالفعل‭ ‬في‭ ‬السعي‭ ‬لتحقيق‭ ‬العدالة‭ ‬للمدنيين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬ومحاسبة‭ ‬قادة‭ ‬إسرائيل،‭ ‬مضيفا‭ ‬أن‭ ‬‮«‬غياب‭ ‬هذه‭ ‬المحاسبة‮»‬،‭ ‬يُعزز‭ ‬الشعور‭ ‬لديهم‭ ‬بأنهم‭ ‬فوق‭ ‬القانون،‭ ‬ويشجعهم‭ ‬على‭ ‬ارتكاب‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الجرائم‮»‬،‭ ‬مؤكدا‭ ‬أن‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬عدم‭ ‬اتخاذ‭ ‬أي‭ ‬إجراء،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الهيئات‭ ‬القانونية‭ ‬الدولية،‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬الجنائية‭ ‬الدولية»؛‭ ‬لكن‭ ‬أيضًا‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬حكومات‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬والمملكة‭ ‬المتحدة،‭ ‬وفرنسا،‭ ‬وألمانيا،‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬يتيح‭ ‬لهذه‭ ‬الانتهاكات‭ ‬أن‭ ‬تحدث‭ ‬بل‭ ‬ويزيد‭ ‬من‭ ‬تفاقمها،‭ ‬كما‭ ‬يتضح‭ ‬من‭ ‬غزو‭ ‬إسرائيل‭ ‬للبنان،‭ ‬الذي‭ ‬أسفر‭ ‬عن‭ ‬استشهاد‭ ‬آلاف‭ ‬المدنيين،‭ ‬وإجبار‭ ‬مئات‭ ‬الآلاف‭ ‬على‭ ‬النزوح‭.‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬فالك‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬إذا‭ ‬تم‭ ‬تطبيقه‭ ‬عمليًا،‭ ‬يلعب‭ ‬دورًا‭ ‬مهمًا‭ ‬في‭ ‬إضفاء‭ ‬الشرعية‭ ‬على‭ ‬تشكيل‭ ‬الرأي‭ ‬العام،‭ ‬وتأثيره‭ ‬على‭ ‬نتائج‭ ‬النزاعات‭ ‬الدولية‭ ‬البارزة‮»‬‭. ‬ومع‭ ‬اقتراب‭ ‬صدور‭ ‬حكم‭ ‬نهائي‭ ‬بشأن‭ ‬طلب‭ ‬خان‭ ‬لأوامر‭ ‬الاعتقال‭ ‬لنتنياهو‭ ‬وغالانت‭ -‬رغم‭ ‬توقع‭ ‬الموافقة‭ ‬عليه‭- ‬يبقى‭ ‬سؤال‭ ‬آخر‭ ‬بلا‭ ‬إجابة‭: ‬هل‭ ‬ستلتزم‭ ‬الدول‭ ‬الموقعة‭ ‬على‭ ‬نظام‭ ‬روما‭ ‬بهذا‭ ‬الحكم؟‭ ‬وإذا‭ ‬لم‭ ‬تفعل،‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬لن‭ ‬يزيد‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬قوة‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬المتطرفة‭ ‬في‭ ‬مواصلة‭ ‬انتهاك‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬محمية‭ ‬من‭ ‬البلدان‭ ‬التي‭ ‬امتنعت‭ ‬عن‭ ‬إدانتها‭. ‬

وفي‭ ‬الأخير،‭ ‬تسلط‭ ‬هذه‭ ‬الديناميكيات‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬التحديات‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬العدالة‭ ‬الدولية،‭ ‬وتؤكد‭ ‬الحاجة‭ ‬الملحة‭ ‬إلى‭ ‬محاسبة‭ ‬المسؤولين‭ ‬عن‭ ‬الانتهاكات،‭ ‬وضرورة‭ ‬تعزيز‭ ‬الالتزام‭ ‬بالقوانين‭ ‬الدولية‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا