العدد : ١٧٠٢٨ - الثلاثاء ٠٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٢٨ - الثلاثاء ٠٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

هل تحسم ولاية بنسلفانيا سباق الانتخابات الرئاسية الأمريكية؟

بقلم: فاطمة ياسين

الثلاثاء ٠٥ نوفمبر ٢٠٢٤ - 02:00

في‭ ‬الأيام‭ ‬الأخيرة‭ ‬قبل‭ ‬فتح‭ ‬صناديق‭ ‬الاقتراع‭ ‬لانتخابات‭ ‬الرئاسة‭ ‬الأمريكية‭ ‬وبدء‭ ‬الفرز،‭ ‬تتحوّل‭ ‬المعركة‭ ‬السياسية‭ ‬الشرسة‭ ‬إلى‭ ‬مجرّد‭ ‬لعبة‭ ‬احتمالية‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬البيانات‭ ‬الإحصائية‭.‬

ذلك‭ ‬أن‭ ‬عراقة‭ ‬انتخابات‭ ‬الرئاسة‭ ‬الأمريكية‭ ‬راكمت‭ ‬حصيلة‭ ‬بيانات‭ ‬واسعة‭ ‬تمكّن‭ ‬المهتم‭ ‬من‭ ‬تحليلها‭ ‬بحسب‭ ‬النماذج‭ ‬الاحتمالية‭ ‬والتنبؤ‭ ‬باسم‭ ‬الفائز‭ ‬مع‭ ‬هامش‭ ‬خطأ‭ ‬محسوب‭.‬

وإذا‭ ‬أضفنا‭ ‬إجراءات‭ ‬السبر‭ ‬واستطلاعات‭ ‬الرأي‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬القنوات‭ ‬التلفزيونية‭ ‬أو‭ ‬الصحف‭ ‬الكبرى‭ ‬وبعض‭ ‬المعاهد‭ ‬المختصة‭ ‬والحملات‭ ‬الانتخابية‭ ‬للمرشحين،‭ ‬يصبح‭ ‬الأمر‭ ‬أكثر‭ ‬واقعيةً،‭ ‬وقد‭ ‬اكتسى‭ ‬قالبا‭ ‬علميا‭ ‬يستند‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬سبق‭ ‬من‭ ‬نتائج‭ ‬واستقراءات‭ ‬آنية،‭ ‬وبناءً‭ ‬على‭ ‬التاريخ‭ ‬الانتخابي‭ ‬للرئاسات‭ ‬الأمريكية‭ ‬وبيانات‭ ‬الرأي‭ ‬التي‭ ‬تقام‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬الساعة،‭ ‬تمكّن‭ ‬الخبراء‭ ‬من‭ ‬بناء‭ ‬نموذج‭ ‬عملي‭ ‬لمعرفة‭ ‬هوية‭ ‬الرئيس‭ ‬القادم‭.‬

يقول‭ ‬هذا‭ ‬النموذج‭ ‬إن‭ ‬كامالا‭ ‬هاريس‭ ‬وضعت‭ ‬في‭ ‬جيبها‭ ‬226‭ ‬صوتا‭ ‬انتخابياً،‭ ‬واستطاع‭ ‬ترامب‭ ‬أن‭ ‬يضمن‭ ‬كذلك‭ ‬219‭ ‬صوتاً،‭ ‬من‭ ‬مجموع‭ ‬الأصوات‭ ‬الانتخابية‭ ‬البالغ‭ ‬538‭ ‬صوتا،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬الفائز‭ ‬يلزمه‭ ‬تأمين‭ ‬270‭ ‬صوتاً‭ ‬ليتمكن‭ ‬من‭ ‬احتلال‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭.‬

ويتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بـ75‭ ‬مقعداً‭ ‬متأرجحة‭ ‬بين‭ ‬المرشّحين،‭ ‬وموزّعة‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬متساوٍ‭ ‬على‭ ‬سبع‭ ‬ولايات‭. ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬استطلاعات‭ ‬الرأي‭ ‬ولا‭ ‬التاريخ‭ ‬السابق‭ ‬يضعها‭ ‬في‭ ‬جانب‭ ‬هذا‭ ‬المرشّح‭ ‬أو‭ ‬ذاك،‭ ‬والاستطلاعات‭ ‬لا‭ ‬تفضّل‭ ‬مرشّحا‭ ‬على‭ ‬آخر‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬1%‭ ‬إلى‭ ‬2%،‭ ‬وهي‭ ‬نسبة‭ ‬تقع‭ ‬ضمن‭ ‬هامش‭ ‬الخطأ،‭ ‬لذلك‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬اعتبارها‭ ‬في‭ ‬جيب‭ ‬أحد‭ ‬المرشّحين‭.‬

لم‭ ‬تصدُق‭ ‬استطلاعات‭ ‬الرأي‭ ‬على‭ ‬الدوام،‭ ‬فقد‭ ‬فشلت‭ ‬في‭ ‬2016،‭ ‬ومع‭ ‬ترامب‭ ‬ذاته‭ ‬عندما‭ ‬واجه‭ ‬هيلاري‭ ‬كلينتون،‭ ‬حين‭ ‬أشارت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الفوز‭ ‬سيكون‭ ‬لهيلاري،‭ ‬لكن‭ ‬ترامب‭ ‬اخترق‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬التوقّعات،‭ ‬ورغم‭ ‬أن‭ ‬هامش‭ ‬فوزه‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الولايات‭ ‬كان‭ ‬قليلا‭ ‬جدّا،‭ ‬لكنه‭ ‬كافٍ‭ ‬ليتبوأ‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬مدة‭ ‬أربع‭ ‬سنوات‭.‬

لقد‭ ‬تكرر‭ ‬الأمر‭ ‬في‭ ‬انتخابات‭ ‬2020،‭ ‬ولكن‭ ‬الولايات‭ ‬التي‭ ‬قدّمت‭ ‬هامشاً‭ ‬بسيطاً‭ ‬إلى‭ ‬ترامب،‭ ‬منحت‭ ‬هامشها‭ ‬هذه‭ ‬المرّة‭ ‬لجو‭ ‬بايدن‭. ‬

وفي‭ ‬انتخابات‭ ‬اليوم‭ ‬الثلاثاء‭ ‬تتوجه‭ ‬الأنظار‭ ‬إلى‭ ‬الولايات‭ ‬الأمريكية‭ ‬نفسها‭ ‬ذات‭ ‬الهوامش‭ ‬البسيطة،‭ ‬فالفوز‭ ‬بها‭ ‬يعني‭ ‬الكسب‭ ‬النهائي‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية،‭ ‬لذلك‭ ‬يحاول‭ ‬المرشّحان‭ ‬هاريس‭ ‬وترامب‭ ‬التنقل‭ ‬بين‭ ‬هذه‭ ‬الولايات‭ ‬لجمع‭ ‬أصوات‭ ‬اللحظات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬ففي‭ ‬النهاية،‭ ‬مصير‭ ‬المرشّحين‭ ‬معلق‭ ‬بيد‭ ‬بضعة‭ ‬آلاف‭ ‬يعيشون‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الولايات‭ ‬التي‭ ‬تسمّى‭ ‬متأرجحة‭.‬

ويمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬بنسلفانيا‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬الولاية‭ ‬الأهم،‭ ‬وهي‭ ‬تمتلك‭ ‬وحدها‭ ‬19‭ ‬صوتاً،‭ ‬ويشهد‭ ‬تاريخها‭ ‬خلال‭ ‬الانتخابات‭ ‬السابقة‭ ‬مع‭ ‬ترامب‭ ‬وبايدن‭ ‬أنها‭ ‬وقفت‭ ‬في‭ ‬المرّة‭ ‬الأولى‭ ‬مع‭ ‬ترامب،‭ ‬لتنقلب‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬المرّة‭ ‬التالية‭ ‬لصالح‭ ‬بايدن،‭ ‬وهذه‭ ‬المرّة‭ ‬أيضاً‭ ‬تبدو‭ ‬هذه‭ ‬الولاية‭ ‬بمثابة‭ ‬بيضة‭ ‬القبان‭ ‬لحسم‭ ‬السباق‭ ‬الانتخابي‭ ‬الرئاسي‭ ‬وتحديد‭ ‬من‭ ‬سيكون‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬أو‭ ‬ساكن‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الأربع‭ ‬القادمة‭.‬

احتاجت‭ ‬بنسلفانيا‭ ‬أربعة‭ ‬أيام‭ ‬لتحسم‭ ‬أمرها‭ ‬في‭ ‬انتخابات‭ ‬2020،‭ ‬وتقول‭ ‬إن‭ ‬المرشّح‭ ‬الفائز‭ ‬فيها‭ ‬هو‭ ‬بايدن،‭ ‬وبفارق‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬1‭.‬5%،‭ ‬وفي‭ ‬الانتخابات‭ ‬التي‭ ‬سبقتها‭ ‬عام‭ ‬2016‭ ‬فاز‭ ‬ترامب‭ ‬على‭ ‬منافسته‭ ‬هيلاري‭ ‬كلينتون‭ ‬بفارق‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬1%‭.‬

وبالنظر‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬التقارب‭ ‬الشديد‭ ‬والتأرجح‭ ‬الأشد،‭ ‬أنفق‭ ‬المرشّحان‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬أي‭ ‬هاريس‭ ‬وترامب‭ ‬وقتاً‭ ‬طويلاً‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الولاية،‭ ‬ففيها‭ ‬ارتدى‭ ‬ترامب‭ ‬يونيفورم‭ ‬مطاعم‭ ‬ماكدونالد،‭ ‬على‭ ‬أمل‭ ‬أن‭ ‬يكرّر‭ ‬ما‭ ‬فعله‭ ‬في‭ ‬2016‭ ‬ضد‭ ‬كلينتون،‭ ‬وفيها‭ ‬أيضاً‭ ‬تعرّض‭ ‬ترامب‭ ‬لإحدى‭ ‬محاولتي‭ ‬اغتياله،‭ ‬في‭ ‬يوليو‭- ‬تموز‭ ‬الماضي‭.‬

ومن‭ ‬خلال‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬التاريخ‭ ‬الانتخابي‭ ‬لولاية‭ ‬بنسلفانيا،‭ ‬نجد‭ ‬أنها‭ ‬صوّتت‭ ‬للديمقراطيين‭ ‬منذ‭ ‬عهد‭ ‬بيل‭ ‬كلينتون‭ ‬في‭ ‬انتخابات‭ ‬1992،‭ ‬وظلت‭ ‬تصوّت‭ ‬لهم‭ ‬حتى‭ ‬انتخابات‭ ‬عام‭ ‬2016،‭ ‬حين‭ ‬صوتت‭ ‬لترامب‭ ‬وبهامش‭ ‬قليل،‭ ‬لتعود‭ ‬إلى‭ ‬سيرتها‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬ولكن‭ ‬هذا‭ ‬التاريخ‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬شيئا،‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬على‭ ‬كاملا‭ ‬هاريس‭ ‬أن‭ ‬تقلق‭ ‬بالفعل،‭ ‬حتى‭ ‬إن‭ ‬كانت‭ ‬الولاية‭ ‬تحتوي‭ ‬على‭ ‬كثافة‭ ‬لاتينية،‭ ‬فاستطلاعات‭ ‬الرأي‭ ‬الأخيرة‭ ‬تعطي‭ ‬تقدّما‭ ‬لترامب‭.‬

رغم‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الحدث‭ ‬الانتخابي‭ ‬الأمريكي‭ ‬سياسي‭ ‬خالص،‭ ‬يبدو‭ ‬أنه‭ ‬لكي‭ ‬نكون‭ ‬قادرين‭ ‬على‭ ‬قراءة‭ ‬المشهد‭ ‬أو‭ ‬محاولة‭ ‬فهم‭ ‬الابعاد‭ ‬المختلفة‭ ‬التي‭ ‬تؤثر‭ ‬فيه‭ ‬فإنه‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬الغرق‭ ‬في‭ ‬تفاصيله‭ ‬الإحصائية،‭ ‬وقد‭ ‬حسم‭ ‬ناخبون‭ ‬كثيرون‭ ‬رأيهم‭ ‬بالفعل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التصويت‭ ‬المبكر‭ ‬أو‭ ‬عبر‭ ‬التصويت‭ ‬بالبريد،‭ ‬ولم‭ ‬يبق‭ ‬إلا‭ ‬حفنة‭ ‬من‭ ‬الأصوات‭ ‬ستحدد‭ ‬الفائز‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬انتخابات‭ ‬رئاسية‭ ‬أمريكية‭ ‬غموضا،‭ ‬لذلك‭ ‬يتوخى‭ ‬المراقبون‭ ‬الحذر‭ ‬في‭ ‬إطلاق‭ ‬توقعاتهم‭ ‬بمن‭ ‬سيكون‭ ‬الفائز‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الانتخابات‭ ‬الحاسمة‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬الأمريكي‭.‬

 

{ كاتبة‭ ‬صحفية‭ ‬سورية

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا