يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
نعم.. هي حرب أمريكا أيضا
مؤخرا، نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية مقالا يستحق التوقف عنده. المقال لكاتب يدعى بريت ستيفنز. الفكرة الجوهرية في المقال أن الحرب التي تخوضها إسرائيل في غزة وفي المنطقة عموما هي حرب أمريكا أيضا.
يقول الكاتب: «الحرب التي يخوضها الإسرائيليون الآن، والتي تطلق عليها وسائل الإعلام في كثير من الأحيان «حرب غزة»، رغم أنها في الحقيقة بين إسرائيل وإيران هي في الأساس حرب الولايات المتحدة أيضاً، فهي حرب ضد عدو مشترك؛ عدو يهاجمنا منذ 45 عاماً، ويتعين على الأمريكيين أن يعتبروا أنفسهم محظوظين لأن إسرائيل تتحمل العبء الأكبر من القتال».
الكاتب كما نرى يعتبر ان إسرائيل بحرب الإبادة التي تشنها في غزة، وفي المنطقة، انما تدافع عن أمريكا. وبالطبع بناء على ذلك، يدعو أمريكا الى ان تخوض هذه الحرب بجانب إسرائيل باعتبارها حربها، ومن مصلحة أمريكا ان تنتصر إسرائيل بلا تحفظ. ولهذا يدعو أمريكا الى تأييد كل ما تراه إسرائيل. يدعوها الى أن تؤيد إسرائيل في سعيها للقضاء على حماس، وفي عدم التخلي عن الضفة الغربية، وفي رفض إقامة الدولة الفلسطينية.
الذي يقوله الكاتب على هذا النحو هو ترديد لما يقوله مجرم الحرب نتنياهو باستمرار من ان إسرائيل بالحرب التي تشنها تدافع عن أمريكا والغرب كله وحضارته في مواجهة «الهمج وأعداء الحضارة»، أي الفلسطينيين والعرب عموما.
أمريكا نفسها تتبنى هذه الرؤية. تعتبر ان الحرب هي حربها أيضا. لهذا منذ اللحظة الأولى شاركت في الحرب بفعالية ووضعت كل امكانياتها العسكرية والسياسية والمخابراتية تحت تصرف إسرائيل. واكتشفنا مؤخرا ان أمريكا أرسلت جنودا بالفعل ليحاربوا بجوار اسرائيل في مجال معلومات المخابرات وتشغيل بطاريات مواجهة الصواريخ، وغير هذا.
الدول الغربية تتبنى أيضا نفس الرؤية وتعتبر ان هذه حربها، بدليل كل الدعم الذي قدمته ولا تزال لإسرائيل.
الحقيقة ان هذا الكاتب على حق فيما يذهب إليه. وأيضا أمريكا والدول الغربية على حق.
هم على حق بمعنى ان أمريكا والغرب يعتبرون فعلا ان هذه حربهم، وان إسرائيل تدافع عنهم، لكن ليس بالمعنى الذي يذهب اليه المجرم نتنياهو من ان هذه حرب دفاع عن حضارة، وإنما بمعنى آخر.
تعلمنا صغارا ان الغرب زرع الكيان الاسرائيلي في قلب الوطن العربي كي يكون أداة مسمومة لتمزيق الدول العربية وتحقيق الهيمنة الغربية على مقدراتها.
اليوم نعيد اكتشاف هذه الحقيقة بكل وضوح. يكفي ان نتأمل فزع كل الدول الغربية حين وقع هجوم السابع من أكتوبر، وكيف انتفضت هذه الدول ووضعت كل إمكانياتها بلا تحفظ تحت تصرف إسرائيل. كان هذا الفزع وراءه الخوف من ان انهيار اسرائيل سوف يعني انهيار المشروع الغربي برمّته.
جوهر الفكرة الاستعمارية الغربية تمثل في أنه لا يمكن لإسرائيل ان تبقى قائمة ولا يمكن ان تكون قوية الا في إطار وطن عربي ممزق ودول عربية ضعيفة وغير قادرة، وفي ظل ضمان التفوق العسكري الإسرائيلي على كل الدول العربية.
هذه العقيدة الاستراتيجية الغربية كانت وراء الخطط والمشاريع التي تابعناها عبر العقود الماضية لتدمير وتقسيم الدول العربية وإغراقها في الفوضى والتي انطلقت خصوصا مع غزو واحتلال العراق وبلغت ذروتها في احداث عام 2011.
الحقيقة اذن أن المشروع الصهيوني هو في القلب من مشروع الهيمنة الغربية في المنطقة العربية. ولهذا تعتبر وامريكا والدول الغربية بالفعل ان حرب الإبادة الحالية التي تخوضها إسرائيل هي حربهم أيضا، ويعتبرون ان نجاح إسرائيل في هذه الحرب هو نجاح لهم أيضا.
من المهم جدا ان يفهم العرب طبيعة وأبعاد الصراع على هذ النحو. من المهم ان يدركوا ان الحرب الحالية ليست حرب إبادة لغزة فقط، وانما هي حرب مصيرية.. هي حرب إرادات هدفها تحديد لمن تكون الكلمة النهائية في المنطقة؟.. للعرب في بلادهم وأرضهم، أم لإسرائيل والصهيونية العالمية والغرب؟
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك