العدد : ١٧٠٢٨ - الثلاثاء ٠٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٢٨ - الثلاثاء ٠٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

العرب والانتخابات الأمريكية

بعد‭ ‬يومين‭ ‬ستجرى‭ ‬انتخابات‭ ‬الرئاسة‭ ‬الأمريكية‭ ‬التي‭ ‬يتنافس‭ ‬فيها‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬وكامالا‭ ‬هاريس‭.‬

ربما‭ ‬تكون‭ ‬هذه‭ ‬أكبر‭ ‬انتخابات‭ ‬رئاسية‭ ‬أمريكية‭ ‬يصعب‭ ‬جدا‭ ‬التكهن‭ ‬بمن‭ ‬سيفوز‭ ‬فيها‭. ‬بحسب‭ ‬استطلاعات‭ ‬الرأي،‭ ‬المرشحان‭ ‬حظوظهما‭ ‬متقاربة‭ ‬جدا،‭ ‬والمجتمع‭ ‬الأمريكي‭ ‬منقسم‭ ‬انقساما‭ ‬بشكل‭ ‬متساو‭ ‬تقريبا‭ ‬بينهما‭.‬

عموما،‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬انتخابات‭ ‬رئاسية‭ ‬أمريكية‭ ‬يثار‭ ‬التساؤل‭: ‬أي‭ ‬من‭ ‬المرشحين‭ ‬أفضل‭ ‬للعرب‭ ‬ومن‭ ‬مصلحتهم‭ ‬أن‭ ‬يفوز؟

الحقيقة‭ ‬ان‭ ‬طرح‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬السؤال‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬له‭ ‬أي‭ ‬معنى‭. ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬هناك‭ ‬أي‭ ‬فارق‭ ‬على‭ ‬الاطلاق‭ ‬بالنسبة‭ ‬للعرب‭ ‬ان‭ ‬يفوز‭ ‬مرشح‭ ‬جمهوري‭ ‬او‭ ‬ديمقراطي‭. ‬ان‭ ‬لم‭ ‬ندرك‭ ‬هذا‭ ‬اليوم،‭ ‬فكأننا‭ ‬لم‭ ‬نتعلم‭ ‬شيئا‭ ‬من‭ ‬خبرتنا‭ ‬المريرة‭ ‬في‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬مع‭ ‬الإدارات‭ ‬الأمريكية‭ ‬المتعاقبة‭ ‬منذ‭ ‬عقود‭ ‬طويلة،‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬ديمقراطية‭ ‬او‭ ‬جمهورية‭. ‬يصح‭ ‬هذا‭ ‬خصوصا‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالموقف‭ ‬الأمريكي‭ ‬من‭ ‬قضية‭ ‬العرب‭ ‬الكبرى،‭ ‬قضية‭ ‬فلسطين‭.‬

يكفي‭ ‬ان‭ ‬نتأمل‭ ‬ما‭ ‬فعلته‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الاسرائيلية‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬المتواصلة‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عام‭.‬

تقليديا،‭ ‬كان‭ ‬اعتقادا‭ ‬شائعا‭ ‬أن‭ ‬الإدارات‭ ‬الديمقراطية‭ ‬هي‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬أكثر‭ ‬تفهما‭ ‬للحقوق‭ ‬الفلسطينية‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬إدارة‭ ‬جمهورية‭. ‬هذا‭ ‬مع‭ ‬الأخذ‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭ ‬طبيعة‭ ‬التحالف‭ ‬الأمريكي‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الأحوال‭.‬

لكن‭ ‬ما‭ ‬فعلته‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬الديمقراطية‭ ‬مع‭ ‬حرب‭ ‬إبادة‭ ‬غزة‭ ‬نسف‭ ‬هذا‭ ‬الاعتقاد‭ ‬تماما‭.‬

لسنا‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬الحديث‭ ‬مجددا‭ ‬عن‭ ‬موقف‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬من‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة،‭ ‬فالكل‭ ‬يعلم‭ ‬انها‭ ‬لم‭ ‬تكتف‭ ‬بدعم‭ ‬إسرائيل،‭ ‬وانما‭ ‬شاركت‭ ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬تشارك‭ ‬مشاركة‭ ‬فعلية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬جرائم‭ ‬الحرب‭ ‬والابادة‭ ‬الإسرائيلية‭. ‬هذا‭ ‬أشنع‭ ‬مما‭ ‬فعلته‭ ‬أي‭ ‬إدارة‭ ‬أمريكية‭ ‬سابقة‭.‬

ما‭ ‬فعلته‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النحو‭ ‬ليست‭ ‬فقط‭ ‬جرائم‭ ‬بحق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬وانما‭ ‬بحق‭ ‬كل‭ ‬العرب‭. ‬مشاركتها‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬ابادة‭ ‬غزة‭ ‬تظهر‭ ‬احتقارا‭ ‬للعرب‭ ‬واستهتارا‭ ‬لا‭ ‬حدود‭ ‬له‭ ‬بأي‭ ‬مصلحة‭ ‬عربية‭.‬

لو‭ ‬كانت‭ ‬الإدارة‭ ‬الحاكمة‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬ادارة‭ ‬جمهورية،‭ ‬أغلب‭ ‬الظن‭ ‬انها‭ ‬كانت‭ ‬ستفعل‭ ‬ما‭ ‬فعلته‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬بالضبط‭.‬

وغير‭ ‬هذا،‭ ‬أكبر‭ ‬الجرائم‭ ‬في‭ ‬تاريخنا‭ ‬العربي‭ ‬ارتكبتها‭ ‬إدارات‭ ‬أمريكية‭ ‬ديمقراطية‭.. ‬غزو‭ ‬واحتلال‭ ‬العراق‭ ‬بكل‭ ‬المصائب‭ ‬التي‭ ‬ترتبت‭ ‬عليه‭.. ‬مخطط‭ ‬إسقاط‭ ‬نظم‭ ‬الحكم‭ ‬العربية‭ ‬وإغراق‭ ‬دولنا‭ ‬في‭ ‬الفوضى‭ ‬والدمار‭ ‬في‭ ‬2011‭.‬

المهم‭ ‬انه‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭ ‬لا‭ ‬فرق‭ ‬بالنسبة‭ ‬لنا‭ ‬كما‭ ‬ذكرت‭ ‬من‭ ‬سيفوز‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬الأمريكية‭ ‬الحالية‭.‬

ولهذا‭ ‬السبب‭ ‬تحديدا‭ ‬يجد‭ ‬العرب‭ ‬الأمريكيون‭ ‬أنفسهم‭ ‬في‭ ‬موقف‭ ‬صعب‭ ‬جدا‭. ‬هم‭ ‬لا‭ ‬يريدون‭ ‬في‭ ‬أغلبهم‭ ‬التصويت‭ ‬لهاريس‭ ‬بعد‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬فعلته‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬ومشاركتها‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬إبادة‭ ‬غزة‭. ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬هم‭ ‬يعرفون‭ ‬ان‭ ‬ترامب‭ ‬ليس‭ ‬أفضل‭ ‬حالا‭ ‬من‭ ‬هاريس‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬شيء‭. ‬لذلك‭ ‬نجد‭ ‬ارتباكا‭ ‬شديدا‭ ‬في‭ ‬موقف‭ ‬الأمريكيين‭ ‬العرب‭ ‬حول‭ ‬لمن‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬يصوتوا،‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬المصلحة‭ ‬تقضي‭ ‬بمقاطعة‭ ‬الانتخابات‭ ‬أو‭ ‬عدم‭ ‬التصويت‭ ‬لأي‭ ‬من‭ ‬المرشحين‭.‬

المهم‭ ‬اننا‭ ‬نقول‭ ‬هذا‭ ‬اليوم‭ ‬لننبه‭ ‬إلى‭ ‬أمرين‭:‬

الأول‭: ‬أن‭ ‬الضعف‭ ‬والعجز‭ ‬والتشرذم‭ ‬العربي‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يشجع‭ ‬الأمريكيين،‭ ‬ديمقراطيين‭ ‬او‭ ‬جمهوريين،‭ ‬على‭ ‬الاستهانة‭ ‬بنا‭ ‬وبمصالحنا‭ ‬وحتى‭ ‬مشاعرنا‭ ‬الانسانية‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النحو‭ ‬الذي‭ ‬وصل‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬لغزة‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬يعنيه‭ ‬ذلك‭.‬

الثاني‭: ‬أنه‭ ‬آن‭ ‬الأوان‭ ‬لأن‭ ‬يتوقف‭ ‬العرب‭ ‬عن‭ ‬انتظار‭ ‬ان‭ ‬تتفضل‭ ‬أي‭ ‬إدارة‭ ‬أمريكية‭ ‬أيا‭ ‬كانت،‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬دولة‭ ‬او‭ ‬قوة‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬علينا‭ ‬بمواقف‭ ‬او‭ ‬سياسات‭ ‬تراعي‭ ‬مصالحنا‭ ‬او‭ ‬قضايانا‭ ‬العادلة‭.‬

آن‭ ‬الأوان‭ ‬لأن‭ ‬نراهن‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬قوتنا‭ ‬العربية‭ ‬الذاتية،‭ ‬وعلى‭ ‬قدراتنا‭ ‬وإمكانياتنا‭.‬

هذا‭ ‬إذا‭ ‬كنا‭ ‬نريد‭ ‬ان‭ ‬ندافع‭ ‬عن‭ ‬دولنا‭ ‬العربية‭ ‬ونحمي‭ ‬شعوبها‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا