يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
العرب والانتخابات الأمريكية
بعد يومين ستجرى انتخابات الرئاسة الأمريكية التي يتنافس فيها دونالد ترامب وكامالا هاريس.
ربما تكون هذه أكبر انتخابات رئاسية أمريكية يصعب جدا التكهن بمن سيفوز فيها. بحسب استطلاعات الرأي، المرشحان حظوظهما متقاربة جدا، والمجتمع الأمريكي منقسم انقساما بشكل متساو تقريبا بينهما.
عموما، مع كل انتخابات رئاسية أمريكية يثار التساؤل: أي من المرشحين أفضل للعرب ومن مصلحتهم أن يفوز؟
الحقيقة ان طرح مثل هذا السؤال لم يعد له أي معنى. لم يعد هناك أي فارق على الاطلاق بالنسبة للعرب ان يفوز مرشح جمهوري او ديمقراطي. ان لم ندرك هذا اليوم، فكأننا لم نتعلم شيئا من خبرتنا المريرة في الوطن العربي مع الإدارات الأمريكية المتعاقبة منذ عقود طويلة، سواء كانت ديمقراطية او جمهورية. يصح هذا خصوصا فيما يتعلق بالموقف الأمريكي من قضية العرب الكبرى، قضية فلسطين.
يكفي ان نتأمل ما فعلته إدارة بايدن في حرب الإبادة الاسرائيلية في غزة المتواصلة منذ أكثر من عام.
تقليديا، كان اعتقادا شائعا أن الإدارات الديمقراطية هي بشكل عام أكثر تفهما للحقوق الفلسطينية من أي إدارة جمهورية. هذا مع الأخذ في الاعتبار طبيعة التحالف الأمريكي الاستراتيجي مع إسرائيل بشكل عام في كل الأحوال.
لكن ما فعلته إدارة بايدن الديمقراطية مع حرب إبادة غزة نسف هذا الاعتقاد تماما.
لسنا بحاجة إلى الحديث مجددا عن موقف إدارة بايدن من حرب الإبادة، فالكل يعلم انها لم تكتف بدعم إسرائيل، وانما شاركت ولا تزال تشارك مشاركة فعلية في كل جرائم الحرب والابادة الإسرائيلية. هذا أشنع مما فعلته أي إدارة أمريكية سابقة.
ما فعلته إدارة بايدن على هذا النحو ليست فقط جرائم بحق الشعب الفلسطيني، وانما بحق كل العرب. مشاركتها في حرب ابادة غزة تظهر احتقارا للعرب واستهتارا لا حدود له بأي مصلحة عربية.
لو كانت الإدارة الحاكمة في أمريكا ادارة جمهورية، أغلب الظن انها كانت ستفعل ما فعلته إدارة بايدن بالضبط.
وغير هذا، أكبر الجرائم في تاريخنا العربي ارتكبتها إدارات أمريكية ديمقراطية.. غزو واحتلال العراق بكل المصائب التي ترتبت عليه.. مخطط إسقاط نظم الحكم العربية وإغراق دولنا في الفوضى والدمار في 2011.
المهم انه في نهاية المطاف لا فرق بالنسبة لنا كما ذكرت من سيفوز في الانتخابات الأمريكية الحالية.
ولهذا السبب تحديدا يجد العرب الأمريكيون أنفسهم في موقف صعب جدا. هم لا يريدون في أغلبهم التصويت لهاريس بعد كل ما فعلته إدارة بايدن ومشاركتها في حرب إبادة غزة. في نفس الوقت هم يعرفون ان ترامب ليس أفضل حالا من هاريس في أي شيء. لذلك نجد ارتباكا شديدا في موقف الأمريكيين العرب حول لمن يجب ان يصوتوا، أو ما إذا كانت المصلحة تقضي بمقاطعة الانتخابات أو عدم التصويت لأي من المرشحين.
المهم اننا نقول هذا اليوم لننبه إلى أمرين:
الأول: أن الضعف والعجز والتشرذم العربي هو الذي يشجع الأمريكيين، ديمقراطيين او جمهوريين، على الاستهانة بنا وبمصالحنا وحتى مشاعرنا الانسانية على هذا النحو الذي وصل إلى حد المشاركة في الإبادة الجماعية لغزة بكل ما يعنيه ذلك.
الثاني: أنه آن الأوان لأن يتوقف العرب عن انتظار ان تتفضل أي إدارة أمريكية أيا كانت، أو أي دولة او قوة في العالم، علينا بمواقف او سياسات تراعي مصالحنا او قضايانا العادلة.
آن الأوان لأن نراهن فقط على قوتنا العربية الذاتية، وعلى قدراتنا وإمكانياتنا.
هذا إذا كنا نريد ان ندافع عن دولنا العربية ونحمي شعوبها.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك