العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

الاستغراب الغبي

يكون‭ ‬الأشخاص‭ ‬ذوو‭ ‬العود‭ ‬الثقافي‭ ‬والديني‭ ‬الهش‭ ‬عرضة‭ ‬للاستغراب‭ ‬عندما‭ ‬ينتقلون‭ ‬الى‭ ‬دول‭ ‬غربية‭ ‬للعيش‭ ‬فيها‭ (‬الاستغراب‭ ‬هنا‭ ‬مشتقة‭ ‬من‭ ‬غرب‭ ‬أي‭ ‬الذين‭ ‬يصبحون‭ ‬غربيين‭ ‬أو‭ ‬شبه‭ ‬غربيين،‭ ‬أي‭ ‬مقلدين‭ ‬لأهل‭ ‬الغرب‭ ‬ومبتعدين‭ ‬عن‭ ‬جذورهم‭ ‬الثقافية‭)‬،‭ ‬ومن‭ ‬هؤلاء،‭ ‬شهلا‭ ‬ج‭. ‬ح،‭ ‬وهي‭ ‬سيدة‭ ‬عربية‭ ‬مسلمة‭ ‬تقيم‭ ‬في‭ ‬هيوستن‭ ‬بولاية‭ ‬تكساس‭ ‬الأمريكية‭ ‬مع‭ ‬بعلها‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬زوجها،‭ ‬وتتمثل‭ ‬الحكاية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬وقائعها‭ ‬قبل‭ ‬حين‭ ‬من‭ ‬الزمان‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬خلافات‭ ‬وقعت‭ ‬بين‭ ‬الزوجين،‭ ‬مما‭ ‬اضطر‭ ‬الزوج‭ ‬إلى‭ ‬مجافاتها‭ ‬لبعض‭ ‬الوقت،‭ ‬على‭ ‬أمل‭ ‬أن‭ ‬الهجر‭ ‬سيردها‭ ‬إلى‭ ‬صوابها‭. ‬ولكن‭ ‬شهلا‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬راغبة‭ ‬في‭ ‬البعل‭ ‬والوصل‭ ‬ورأت‭ ‬أن‭ ‬أقصر‭ ‬الطرق‭ ‬للتخلص‭ ‬منه‭ ‬تكمن‭ ‬في‭ ‬إيداعه‭ ‬السجن،‭ ‬وهكذا‭ ‬استعانت‭ ‬بالنظام‭ ‬العالمي‭ ‬الجديد‭!! ‬استغلت‭ ‬حالة‭ ‬الجزع‭ ‬التي‭ ‬يعيش‭ ‬فيها‭ ‬الأمريكان‭ ‬منذ‭ ‬أحداث‭ ‬سبتمبر‭ ‬2001،‭ ‬والشك‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬هو‭ ‬وما‭ ‬هو‭ ‬مسلم،‭ ‬حتى‭ ‬صار‭ ‬المسلمون‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬في‭ ‬نظر‭ ‬الأجهزة‭ ‬الرسمية‭ ‬أدنى‭ ‬مرتبة‭ ‬من‭ ‬السود‭ ‬والهسبان‭ (‬ذوي‭ ‬الأصول‭ ‬الإسبانية‭ ‬ويقصدون‭ ‬بالتسمية‭ ‬الوافدين‭ ‬من‭ ‬أمريكا‭ ‬اللاتينية‭/ ‬الجنوبية‭ ‬وعلى‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص‭ ‬المكسيكيين‭).. ‬المهم‭ ‬أن‭ ‬ست‭ ‬شهلا‭ ‬قررت‭ ‬التخلص‭ ‬من‭ ‬زوجها‭ ‬بحيلة‭ ‬قذرة‭ ‬تضمن‭ ‬لها‭ ‬الحق‭ ‬شرعا‭ -‬وفق‭ ‬التعاليم‭ ‬الإسلامية‭- ‬في‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الطلاق،‭ ‬وما‭ ‬عناها‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬الحيلة‭ ‬التي‭ ‬تضمن‭ ‬الطلاق‭ ‬الشرعي‭ ‬تخالف‭ ‬الشرع‭ ‬والعرف‭ ‬وقواعد‭ ‬الأخلاق‭ ‬حتى‭ ‬عند‭ ‬الهكسوس‭ ‬والمجوس‭ ‬والهندوس،‭ ‬وما‭ ‬حدث‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬شهلا‭ ‬هانم‭ ‬اتصلت‭ ‬بالمباحث‭ ‬الفيدرالية‭ ‬وبطريقة‭ ‬يهوذا‭ ‬الإسخريوطي‭ ‬التي‭ ‬تقول‭ ‬الأناجيل‭ ‬المعتمدة‭ ‬إنه‭ ‬من‭ ‬وشى‭ ‬بالمسيح‭ ‬عليه‭ ‬السلام،‭ ‬ليقبض‭ ‬عليه‭ ‬الجنود‭ ‬الرومان‭ ‬ويصلبوه،‭ ‬أومأت‭ ‬إليهم‭ ‬بأن‭ ‬الرجل‭ ‬الموجود‭ ‬داخل‭ ‬بيتها‭ ‬على‭ ‬صلة‭ ‬بالمجموعات‭ ‬الإرهابية‭ ‬التي‭ ‬تطاردها‭ ‬السلطات‭ ‬الأمريكية،‭ ‬وأنه‭ ‬ذو‭ ‬ميول‭ ‬‮«‬داعشية‮»‬،‭ ‬ولأن‭ ‬الزوج‭ ‬كان‭ ‬يحمل‭ ‬كافة‭ ‬مؤهلات‭ ‬الإرهابي‭ ‬لكونه‭ ‬عربيا‭ ‬ومسلما،‭ ‬فقد‭ ‬احتجزته‭ ‬الشرطة‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‭ ‬سامته‭ ‬خلالها‭ ‬كافة‭ ‬صنوف‭ ‬الإذلال‭ ‬والجرجرة‭ ‬والسين‭ ‬التي‭ ‬بلا‭ ‬جيم‭ ‬مُقنعة،‭ ‬ثم‭ ‬اقتنعت‭ ‬السلطات‭ ‬الأمنية‭ ‬بأنه‭ ‬لم‭ ‬يطور‭ ‬قدراته‭ ‬الإرهابية‭ ‬الوراثية‭ ‬بدرجة‭ ‬تستوجب‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬اعتقاله‭.‬

‭ ‬أما‭ ‬أجمل‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬الموضوع‭ ‬فهو‭ ‬أن‭ ‬شهلا‭ ‬حلت‭ ‬محل‭ ‬زوجها‭ ‬في‭ ‬السجن‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تم‭ ‬اعتقالها‭ ‬بتهمة‭ ‬البلاغ‭ ‬الكاذب‭ ‬وإزعاج‭ ‬السلطات‭ ‬وتضليل‭ ‬العدالة‭!! ‬وهناك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬‮«‬المشاهيل‮»‬‭ ‬العرب‭ ‬من‭ ‬الجنسين،‭ ‬الذين‭ ‬انتقلوا‭ ‬إلى‭ ‬الغرب‭ ‬طلبا‭ ‬للقمة‭ ‬العيش‭ ‬أو‭ ‬الأمان‭ ‬من‭ ‬السجن‭ ‬أو‭ ‬الإعدام،‭ ‬ولكنهم‭ ‬فقدوا‭ ‬الأمن‭ ‬الداخلي،‭ ‬فانقلبت‭ ‬الزوجة‭ ‬على‭ ‬زوجها‭ ‬أو‭ ‬العكس،‭ ‬والابن‭ ‬على‭ ‬أبيه،‭ ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬المآسي‭ ‬التي‭ ‬نجمت‭ ‬عن‭ ‬الاغتراب‭ ‬والاستغراب‭ ‬أن‭ ‬شابا‭ ‬من‭ ‬دولة‭ ‬عربية‭ ‬فقيرة‭ ‬كان‭ ‬يقيم‭ ‬في‭ ‬بريطانيا‭ ‬تزوج‭ ‬بقريبة‭ ‬له‭ ‬قروية‭ ‬لم‭ ‬يسبق‭ ‬لها‭ ‬التعامل‭ ‬بالكهرباء‭ ‬أو‭ ‬الاستحمام‭ ‬بالدوش،‭ ‬وفي‭ ‬لندن‭ ‬علمها‭ ‬الاستحمام‭ ‬في‭ ‬البانيو‭ ‬والأكل‭ ‬بالشوكة‭ ‬والسكين،‭ ‬وذهب‭ ‬بها‭ ‬إلى‭ ‬الكوافير‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬إعدام‭ ‬خلايا‭ ‬القمل‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تعشش‭ ‬في‭ ‬رأسها،‭ ‬وفي‭ ‬غضون‭ ‬سنوات‭ ‬قليلة‭ ‬حسبت‭ ‬الزوجة‭ ‬أنها‭ ‬تلندنت‭ ‬أي‭ ‬صارت‭ ‬لندنية،‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬حصلا‭ ‬على‭ ‬جوازات‭ ‬السفر‭ ‬البريطانية‭ ‬هاجر‭ ‬الزوج‭ ‬إلى‭ ‬دولة‭ ‬خليجية‭ ‬ليجمع‭ ‬مالا‭ ‬يعينه‭ ‬على‭ ‬تربية‭ ‬عياله‭ ‬الثلاثة،‭ ‬وأقنعته‭ ‬القروية‭ ‬المتحضرة‭ ‬بأنه‭ ‬من‭ ‬الأفضل‭ ‬أن‭ ‬تبقى‭ ‬هي‭ ‬مع‭ ‬العيال‭ ‬في‭ ‬لندن‭ ‬عشان‭ ‬الاديوكيشن‭ (‬التعليم‭). ‬ولاحظ‭ ‬صاحبنا‭ ‬أنه‭ ‬كلما‭ ‬عاد‭ ‬لزيارة‭ ‬عياله‭ ‬وجد‭ ‬نفورا‭ ‬من‭ ‬زوجته،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬كانت‭ ‬ذات‭ ‬إجازة‭ ‬عاد‭ ‬فيها‭ ‬ليكتشف‭ ‬أن‭ ‬زوجته‭ ‬باعت‭ ‬البيت‭ ‬وانتقلت‭ ‬إلى‭ ‬بيت‭ ‬آخر،‭ ‬استدل‭ ‬عليه‭ ‬بعد‭ ‬جهد‭ ‬مضن‭. ‬

وفي‭ ‬البيت‭ ‬الجديد‭ ‬فوجئ‭ ‬برجل‭ ‬أبيض‭ ‬يجلس‭ ‬بين‭ ‬عياله‭ ‬بملابسه‭ ‬الداخلية‭: ‬من‭ ‬هذا‭ ‬يا‭ ‬بنت‭ ‬الناس؟‭ ‬قالت‭: ‬ماي‭ ‬بوي‭ ‬فريند‭. ‬فتعامل‭ ‬معها‭ ‬بطريقة‭ ‬قروية،‭ ‬حيث‭ ‬غرز‭ ‬في‭ ‬عنقها‭ ‬وصدرها‭ ‬عدة‭ ‬سكاكين‭ ‬حتى‭ ‬هلكت،‭ ‬وانتهى‭ ‬به‭ ‬الأمر‭ ‬في‭ ‬السجن‭ ‬فترة‭ ‬ليست‭ ‬طويلة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬وقف‭ ‬إلى‭ ‬جانبه‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المحامين‭ ‬المسلمين،‭ ‬وخرج‭ ‬من‭ ‬السجن‭ ‬فاقدا‭ ‬زوجته‭ ‬و‭.. .. .. ‬عياله،‭ ‬لأن‭ ‬السلطات‭ ‬رأت‭ ‬أنه‭ ‬ليس‭ ‬أهلا‭ ‬لتربيتهم‭.‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا