زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
عن الحب المُتَوهّم
يقول الشاعر نزار قباني الذي تخصص في أمور الحب والعشق: الحب في الأرض/ بعضٌ من تخيلنا / لو لم نجده عليها لاخترعناه. يعني بذلك أن الحب والتغني به والبكاء بسببه أمر لا يغادر مخيلة انسان، وهو مثل إسرائيل، لو لم تكن موجودة لاخترعها العرب، لتصبح شماعة يعلقون عليها خيباتهم ونكباتهم وقعودهم.
المهم: أثبتت دراسات خضع لها 4000 مراهق ومراهقة في بريطانيا أن انشغال صغار السن بأمور الحب والرومانسية يؤدي في كثير من الحالات الى إصابتهم لاحقا بالاكتئاب أو إدمان المخدرات والكحول، وقالت الدراسة ان الفتيات هن الأكثر هوسا بمسائل الحب والهيام، التي تتعلق في معظم الأحوال بالمطربين والممثلين، وكثيرون منا لا يستطيعون قراءة ما يدور في رؤوس عيالهم المراهقين الذي يضعون صور من يسمونهم النجوم على جدران غرفهم أو أغلفة دفاترهم، فصغير السن قد يسرح بخياله في عوالم الكاميرا والمسارح وهو يتخيل -مثلا- أن منى زكي (لا أعرف موديلات الممثلات الجدد) تبادله العواطف، ويوما بعد يوم يصبح مرجعا وحجة في شؤون منى زكي، ثم يحس بالألم إذا سمع أنها تزوجت أو خطبت، كما حدث مع ابي الجعافر على عهد المراهقة الأولى حين كان يهيم حبا بالممثلة المصرية سعاد حسني ثم رآها تعطي المطرب الراحل عبدالحليم حافظ بوسة طويلة الأمد على شاطئ البحر أمام خلق كثير في استخفاف تام بعواطفه، فكان أن فقد ثقته بالممثلات والمطربات العربيات، وحوّل عواطفه إلى الايطالية تونسية المولد كلوديا كاردينالي، وأحسب أنني (أبو الجعافر) كنت مخلصا في حبها وعلى استعداد لطلب يدها بعد إكمال تعليمي وحصولي على وظيفة ثم ادخار راتب عشرين سنة لشراء خاتم زواج لها، ثم سمعت انها أنجبت ولدا مجهول الأب، فجلست في غرفتي وأنا أصرخ: الخاينة الغشاشة، ثم لجأت إلى مشعوذ أعد له «عملا» ضد ايطاليا بأكملها مما يفسر عدم الاستقرار فيها، فكل بضعة أشهر لديها حكومة.
المسألة جدّ يا جماعة، فنحن بسبب تربيتنا نحجم عن مناقشة مسائل العواطف وعلاقة الرجل بالمرأة مع عيالنا، فيستقون معلوماتهم عنها من الشارع، والشارع عندنا وعند غيرنا مريض، ويتحكم فيه السوقة والجهلة الذين يبيعون الخرافة مع الكنافة، وهناك حتما ملايين الصبية والصبايا الذين يحسبون أنفسهم في حالة عشق، بينما الواحد منهم لم ير المعشوق إلا مرة واحدة أو لم يره قط (وصلتني قبل سنوات رسائل إلكترونية كثيرة من قراء لم يروا ليليان أو رزان اللتين أكثرت الحديث عنهما، وفي بعض تلك الرسائل أبدي لهفة لرؤيتهما بينما كنت أهدف في ما أكتب إلى تنفير الناس منهما ومن البث الفضائي التلفزيوني عموما)، ومصيبتنا الكبرى هي أن سن المراهقة عندنا تمتد من العاشرة إلى الستين، فنهاجر إلى حيث الراقصة المعينة بتكبد نفقات الفيزا والسفر والإقامة والإعاشة، مراهقة، ونمارس التسكع في الأسواق لـ«شحن البطارية» كما نقول في السودان، وعلى المستوى الشخصي ألتقي كثيرا بمراهقين في سن اليأس يسألونني بحكم عملي في التلفزة الفضائية: هل تبادل المذيعة الفلانية الحديث؟ فأقول: طبعا، لأننا نعمل سويا في أحد البرامج، فيكون التعليق: يا ابن الإيه!! أنت محظوظ، أو «ألا توجد في القناة وظائف شاغرة؟» فيكون ردي عليه: ما رأيك في أن تدفع لي خلو رجل لتعمل مكاني؟ وكنت أعتقد ان المراهقين فقط هم المتيمون بحب راء ميم التي كانت تقدم برنامجا للأغاني الغربية، ولكنني اكتشفت أن رجالا بلغ بهم الكبر أن أصبحوا من مستحقي الفياجرا يتصلون ببرنامجها بأسماء مستعارة مع انهم لا يفهمون حرفا واحدا من كلمات الأغنيات التي تقدمها راء ميم لجهلهم باللغة الإنجليزية، لمجرد الاستمتاع بالحديث معها.
ويؤكد صدق ما ذهبت إليه أن العديد من المراهقات انتحرن عندما توفي المطرب المصري عبدالحليم حافظ، وأن الكثير من الفتيات يحجمن عن شراء هذه الصحيفة إذا امتنعت عن نشر صورة جعفر عباس!!
إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك