العدد : ١٧٢٢٧ - الجمعة ٢٣ مايو ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٥ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٢٢٧ - الجمعة ٢٣ مايو ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٥ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

عن الحب المُتَوهّم

يقول‭ ‬الشاعر‭ ‬نزار‭ ‬قباني‭ ‬الذي‭ ‬تخصص‭ ‬في‭ ‬أمور‭ ‬الحب‭ ‬والعشق‭: ‬الحب‭ ‬في‭ ‬الأرض‭/ ‬بعضٌ‭ ‬من‭ ‬تخيلنا‭ / ‬لو‭ ‬لم‭ ‬نجده‭ ‬عليها‭ ‬لاخترعناه‭. ‬يعني‭ ‬بذلك‭ ‬أن‭ ‬الحب‭ ‬والتغني‭ ‬به‭ ‬والبكاء‭ ‬بسببه‭ ‬أمر‭ ‬لا‭ ‬يغادر‭ ‬مخيلة‭ ‬انسان،‭ ‬وهو‭ ‬مثل‭ ‬إسرائيل،‭ ‬لو‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬موجودة‭ ‬لاخترعها‭ ‬العرب،‭ ‬لتصبح‭ ‬شماعة‭ ‬يعلقون‭ ‬عليها‭ ‬خيباتهم‭ ‬ونكباتهم‭ ‬وقعودهم‭.‬

المهم‭: ‬أثبتت‭ ‬دراسات‭ ‬خضع‭ ‬لها‭ ‬4000‭ ‬مراهق‭ ‬ومراهقة‭ ‬في‭ ‬بريطانيا‭ ‬أن‭ ‬انشغال‭ ‬صغار‭ ‬السن‭ ‬بأمور‭ ‬الحب‭ ‬والرومانسية‭ ‬يؤدي‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الحالات‭ ‬الى‭ ‬إصابتهم‭ ‬لاحقا‭ ‬بالاكتئاب‭ ‬أو‭ ‬إدمان‭ ‬المخدرات‭ ‬والكحول،‭ ‬وقالت‭ ‬الدراسة‭ ‬ان‭ ‬الفتيات‭ ‬هن‭ ‬الأكثر‭ ‬هوسا‭ ‬بمسائل‭ ‬الحب‭ ‬والهيام،‭ ‬التي‭ ‬تتعلق‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬الأحوال‭ ‬بالمطربين‭ ‬والممثلين،‭ ‬وكثيرون‭ ‬منا‭ ‬لا‭ ‬يستطيعون‭ ‬قراءة‭ ‬ما‭ ‬يدور‭ ‬في‭ ‬رؤوس‭ ‬عيالهم‭ ‬المراهقين‭ ‬الذي‭ ‬يضعون‭ ‬صور‭ ‬من‭ ‬يسمونهم‭ ‬النجوم‭ ‬على‭ ‬جدران‭ ‬غرفهم‭ ‬أو‭ ‬أغلفة‭ ‬دفاترهم،‭ ‬فصغير‭ ‬السن‭ ‬قد‭ ‬يسرح‭ ‬بخياله‭ ‬في‭ ‬عوالم‭ ‬الكاميرا‭ ‬والمسارح‭ ‬وهو‭ ‬يتخيل‭ -‬مثلا‭- ‬أن‭ ‬منى‭ ‬زكي‭ (‬لا‭ ‬أعرف‭ ‬موديلات‭ ‬الممثلات‭ ‬الجدد‭) ‬تبادله‭ ‬العواطف،‭ ‬ويوما‭ ‬بعد‭ ‬يوم‭ ‬يصبح‭ ‬مرجعا‭ ‬وحجة‭ ‬في‭ ‬شؤون‭ ‬منى‭ ‬زكي،‭ ‬ثم‭ ‬يحس‭ ‬بالألم‭ ‬إذا‭ ‬سمع‭ ‬أنها‭ ‬تزوجت‭ ‬أو‭ ‬خطبت،‭ ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬مع‭ ‬ابي‭ ‬الجعافر‭ ‬على‭ ‬عهد‭ ‬المراهقة‭ ‬الأولى‭ ‬حين‭ ‬كان‭ ‬يهيم‭ ‬حبا‭ ‬بالممثلة‭ ‬المصرية‭ ‬سعاد‭ ‬حسني‭ ‬ثم‭ ‬رآها‭ ‬تعطي‭ ‬المطرب‭ ‬الراحل‭ ‬عبدالحليم‭ ‬حافظ‭ ‬بوسة‭ ‬طويلة‭ ‬الأمد‭ ‬على‭ ‬شاطئ‭ ‬البحر‭ ‬أمام‭ ‬خلق‭ ‬كثير‭ ‬في‭ ‬استخفاف‭ ‬تام‭ ‬بعواطفه،‭ ‬فكان‭ ‬أن‭ ‬فقد‭ ‬ثقته‭ ‬بالممثلات‭ ‬والمطربات‭ ‬العربيات،‭ ‬وحوّل‭ ‬عواطفه‭ ‬إلى‭ ‬الايطالية‭ ‬تونسية‭ ‬المولد‭ ‬كلوديا‭ ‬كاردينالي،‭ ‬وأحسب‭ ‬أنني‭ (‬أبو‭ ‬الجعافر‭) ‬كنت‭ ‬مخلصا‭ ‬في‭ ‬حبها‭ ‬وعلى‭ ‬استعداد‭ ‬لطلب‭ ‬يدها‭ ‬بعد‭ ‬إكمال‭ ‬تعليمي‭ ‬وحصولي‭ ‬على‭ ‬وظيفة‭ ‬ثم‭ ‬ادخار‭ ‬راتب‭ ‬عشرين‭ ‬سنة‭ ‬لشراء‭ ‬خاتم‭ ‬زواج‭ ‬لها،‭ ‬ثم‭ ‬سمعت‭ ‬انها‭ ‬أنجبت‭ ‬ولدا‭ ‬مجهول‭ ‬الأب،‭ ‬فجلست‭ ‬في‭ ‬غرفتي‭ ‬وأنا‭ ‬أصرخ‭: ‬الخاينة‭ ‬الغشاشة،‭ ‬ثم‭ ‬لجأت‭ ‬إلى‭ ‬مشعوذ‭ ‬أعد‭ ‬له‭ ‬‮«‬عملا‮»‬‭ ‬ضد‭ ‬ايطاليا‭ ‬بأكملها‭ ‬مما‭ ‬يفسر‭ ‬عدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬فيها،‭ ‬فكل‭ ‬بضعة‭ ‬أشهر‭ ‬لديها‭ ‬حكومة‭.‬

المسألة‭ ‬جدّ‭ ‬يا‭ ‬جماعة،‭ ‬فنحن‭ ‬بسبب‭ ‬تربيتنا‭ ‬نحجم‭ ‬عن‭ ‬مناقشة‭ ‬مسائل‭ ‬العواطف‭ ‬وعلاقة‭ ‬الرجل‭ ‬بالمرأة‭ ‬مع‭ ‬عيالنا،‭ ‬فيستقون‭ ‬معلوماتهم‭ ‬عنها‭ ‬من‭ ‬الشارع،‭ ‬والشارع‭ ‬عندنا‭ ‬وعند‭ ‬غيرنا‭ ‬مريض،‭ ‬ويتحكم‭ ‬فيه‭ ‬السوقة‭ ‬والجهلة‭ ‬الذين‭ ‬يبيعون‭ ‬الخرافة‭ ‬مع‭ ‬الكنافة،‭ ‬وهناك‭ ‬حتما‭ ‬ملايين‭ ‬الصبية‭ ‬والصبايا‭ ‬الذين‭ ‬يحسبون‭ ‬أنفسهم‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬عشق،‭ ‬بينما‭ ‬الواحد‭ ‬منهم‭ ‬لم‭ ‬ير‭ ‬المعشوق‭ ‬إلا‭ ‬مرة‭ ‬واحدة‭ ‬أو‭ ‬لم‭ ‬يره‭ ‬قط‭ (‬وصلتني‭ ‬قبل‭ ‬سنوات‭ ‬رسائل‭ ‬إلكترونية‭ ‬كثيرة‭ ‬من‭ ‬قراء‭ ‬لم‭ ‬يروا‭ ‬ليليان‭ ‬أو‭ ‬رزان‭ ‬اللتين‭ ‬أكثرت‭ ‬الحديث‭ ‬عنهما،‭ ‬وفي‭ ‬بعض‭ ‬تلك‭ ‬الرسائل‭ ‬أبدي‭ ‬لهفة‭ ‬لرؤيتهما‭ ‬بينما‭ ‬كنت‭ ‬أهدف‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬أكتب‭ ‬إلى‭ ‬تنفير‭ ‬الناس‭ ‬منهما‭ ‬ومن‭ ‬البث‭ ‬الفضائي‭ ‬التلفزيوني‭ ‬عموما‭)‬،‭ ‬ومصيبتنا‭ ‬الكبرى‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬سن‭ ‬المراهقة‭ ‬عندنا‭ ‬تمتد‭ ‬من‭ ‬العاشرة‭ ‬إلى‭ ‬الستين،‭ ‬فنهاجر‭ ‬إلى‭ ‬حيث‭ ‬الراقصة‭ ‬المعينة‭ ‬بتكبد‭ ‬نفقات‭ ‬الفيزا‭ ‬والسفر‭ ‬والإقامة‭ ‬والإعاشة،‭ ‬مراهقة،‭ ‬ونمارس‭ ‬التسكع‭ ‬في‭ ‬الأسواق‭ ‬لـ«شحن‭ ‬البطارية‮»‬‭ ‬كما‭ ‬نقول‭ ‬في‭ ‬السودان،‭ ‬وعلى‭ ‬المستوى‭ ‬الشخصي‭ ‬ألتقي‭ ‬كثيرا‭ ‬بمراهقين‭ ‬في‭ ‬سن‭ ‬اليأس‭ ‬يسألونني‭ ‬بحكم‭ ‬عملي‭ ‬في‭ ‬التلفزة‭ ‬الفضائية‭: ‬هل‭ ‬تبادل‭ ‬المذيعة‭ ‬الفلانية‭ ‬الحديث؟‭ ‬فأقول‭: ‬طبعا،‭ ‬لأننا‭ ‬نعمل‭ ‬سويا‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬البرامج،‭ ‬فيكون‭ ‬التعليق‭: ‬يا‭ ‬ابن‭ ‬الإيه‭!! ‬أنت‭ ‬محظوظ،‭ ‬أو‭ ‬‮«‬ألا‭ ‬توجد‭ ‬في‭ ‬القناة‭ ‬وظائف‭ ‬شاغرة؟‮»‬‭ ‬فيكون‭ ‬ردي‭ ‬عليه‭: ‬ما‭ ‬رأيك‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬تدفع‭ ‬لي‭ ‬خلو‭ ‬رجل‭ ‬لتعمل‭ ‬مكاني؟‭ ‬وكنت‭ ‬أعتقد‭ ‬ان‭ ‬المراهقين‭ ‬فقط‭ ‬هم‭ ‬المتيمون‭ ‬بحب‭ ‬راء‭ ‬ميم‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تقدم‭ ‬برنامجا‭ ‬للأغاني‭ ‬الغربية،‭ ‬ولكنني‭ ‬اكتشفت‭ ‬أن‭ ‬رجالا‭ ‬بلغ‭ ‬بهم‭ ‬الكبر‭ ‬أن‭ ‬أصبحوا‭ ‬من‭ ‬مستحقي‭ ‬الفياجرا‭ ‬يتصلون‭ ‬ببرنامجها‭ ‬بأسماء‭ ‬مستعارة‭ ‬مع‭ ‬انهم‭ ‬لا‭ ‬يفهمون‭ ‬حرفا‭ ‬واحدا‭ ‬من‭ ‬كلمات‭ ‬الأغنيات‭ ‬التي‭ ‬تقدمها‭ ‬راء‭ ‬ميم‭ ‬لجهلهم‭ ‬باللغة‭ ‬الإنجليزية،‭ ‬لمجرد‭ ‬الاستمتاع‭ ‬بالحديث‭ ‬معها‭.‬

ويؤكد‭ ‬صدق‭ ‬ما‭ ‬ذهبت‭ ‬إليه‭ ‬أن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المراهقات‭ ‬انتحرن‭ ‬عندما‭ ‬توفي‭ ‬المطرب‭ ‬المصري‭ ‬عبدالحليم‭ ‬حافظ،‭ ‬وأن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الفتيات‭ ‬يحجمن‭ ‬عن‭ ‬شراء‭ ‬هذه‭ ‬الصحيفة‭ ‬إذا‭ ‬امتنعت‭ ‬عن‭ ‬نشر‭ ‬صورة‭ ‬جعفر‭ ‬عباس‭!!‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا