العدد : ١٧٠٢٨ - الثلاثاء ٠٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٢٨ - الثلاثاء ٠٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

حقوق المرأة في الإسلام!

بقلم: عبدالرحمن علي البنفلاح

الأحد ٠٣ نوفمبر ٢٠٢٤ - 02:00

ندب‭ ‬الإسلام‭ ‬نفسه‭ ‬مدافعًا‭ ‬عن‭ ‬الأنثى‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬عزَّ‭ ‬فيه‭ ‬النصير،‭ ‬وكانت‭ ‬الأنثى‭ ‬أحوج‭ ‬ما‭ ‬تكون‭ ‬إلى‭ ‬العون‭ ‬والمساعدة،‭ ‬وكانت‭ ‬بعض‭ ‬القبائل‭ ‬تئد‭ ‬البنات،‭ ‬وكان‭ ‬رجل‭ ‬من‭ ‬رجالات‭ ‬العرب‭ ‬الأثرياء‭ ‬يشتري‭ ‬الموءودة،‭ ‬ويربيها‭ ‬ويوليها‭ ‬عظيم‭ ‬اهتمامه،‭ ‬ويسجل‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬المزري‭ ‬الذي‭ ‬يشعر‭ ‬به‭ ‬الرجال‭ ‬حين‭ ‬يبشرن‭ ‬بمولد‭ ‬الأنثى‭ ‬لهم،‭ ‬قال‭ ‬تعالى‭: (‬وإذا‭ ‬بشر‭ ‬أحدهم‭ ‬بالأنثى‭ ‬ظل‭ ‬وجهه‭ ‬مسودًا‭ ‬وهو‭ ‬كظيم‭ (‬58‭) ‬يتوارى‭ ‬من‭ ‬القوم‭ ‬من‭ ‬سوء‭ ‬ما‭ ‬بشر‭ ‬به‭ ‬أيمسكه‭ ‬على‭ ‬هون‭ ‬أم‭ ‬يدسه‭ ‬في‭ ‬التراب‭ ‬ألا‭ ‬ساء‭ ‬ما‭ ‬يحكمون‭ (‬59‭)) ‬سورة‭ ‬النحل‭. ‬وإلى‭ ‬هؤلاء‭ ‬وأمثالهم‭ ‬يتوجه‭ ‬الخطاب‭ ‬القرآني‭ ‬ليصف‭ ‬أحوالهم‭ ‬يوم‭ ‬القيامة‭ ‬بقوله‭ ‬تعالى‭: (‬وإذا‭ ‬الموءودة‭ ‬سئلت‭ (‬8‭) ‬بأي‭ ‬ذنب‭ ‬قتلت‭(‬9‭)) ‬سورة‭ ‬التكوير‭.‬

يا‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬موقف‭ ‬عظيم،‭ ‬وسوف‭ ‬يكون‭ ‬نبي‭ ‬الإسلام‭ ‬العظيم‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬يتصدى‭ ‬لهؤلاء‭ ‬القتلة،‭ ‬وهو‭ ‬نعم‭ ‬المدافع‭ ‬الذي‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬له‭ ‬نظير‭ ‬يوم‭ ‬العرض‭ ‬الأعظم‭.‬

وللأنثى‭ ‬حق‭ ‬اختيار‭ ‬العقيدة‭ ‬التي‭ ‬تؤمن‭ ‬بها،‭ ‬وتنتمي‭ ‬إليها‭ ‬،‭ ‬ويكون‭ ‬ولاؤها‭ ‬لها‭ ‬،‭ ‬وهذا‭ ‬الحق‭ ‬يؤيده‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬محمد‭(‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭) ‬يوم‭ ‬القيامة،‭ ‬ويقدم‭ ‬أدلته‭ ‬من‭ ‬القرآن،‭ ‬كتاب‭ ‬الله‭ ‬تعالى،‭ ‬وهو‭ ‬أوثق‭ ‬الأدلة‭ ‬وأصحها‭ ‬سندًا‭ ‬عند‭ ‬الله‭ ‬تعالى،‭ ‬حتى‭ ‬إن‭ ‬الأنبياء‭ ‬لم‭ ‬يستطيعوا‭ ‬فرض‭ ‬ما‭ ‬يعتقدون‭ ‬على‭ ‬زوجاتهم،‭ ‬وما‭ ‬يدعون‭ ‬الناس‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬الرسالات‭ ‬التي‭ ‬بعثهم‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬بها،‭ ‬وها‭ ‬هو‭ ‬نوح‭ ‬ولوط‭ (‬عليهما‭ ‬السلام‭) ‬لم‭ ‬يحملا‭ ‬زوجاتهم‭ ‬على‭ ‬الإيمان‭ ‬بدعوتهما،‭ ‬وأيضًا‭ ‬فرعون‭ ‬الذي‭ ‬ادعى‭ ‬الألوهية‭ ‬حين‭ ‬قال‭: (‬وقال‭ ‬فرعون‭ ‬يا‭ ‬أيها‭ ‬الملأ‭ ‬ما‭ ‬علمت‭ ‬لكم‭ ‬من‭ ‬إله‭ ‬غيري‭ ‬‮…‬‭) ‬القصص‭ / ‬38‭).‬

ولَم‭ ‬تخف‭ ‬زوجة‭ ‬فرعون‭ ‬إيمانها،‭ ‬بل‭ ‬أعلنته‭ ‬وتحملت‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬العذاب‭ ‬الشديد،‭ ‬وكان‭ ‬لها‭ ‬ألا‭ ‬تعلن‭ ‬هذا‭ ‬الإيمان‭ ‬وتسره‭ ‬في‭ ‬قلبها‭ ‬لكنها‭ ‬أرادت‭ ‬أن‭ ‬تضرب‭ ‬أعظم‭ ‬المثل‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬تتمتع‭ ‬به‭ ‬المرأة‭ ‬من‭ ‬حرية‭ ‬في‭ ‬اختيار‭ ‬ما‭ ‬تؤمن‭ ‬به‭.‬

والحق‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬حين‭ ‬اختار‭ ‬الأمثلة‭ ‬على‭ ‬حرية‭ ‬العقيدة‭ ‬من‭ ‬النساء،‭ ‬فذلك‭ ‬ليدلل‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬بلغته‭ ‬المرأة‭ ‬من‭ ‬جرأة‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يتمتع‭ ‬بها‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الرجال‭.‬

ولقد‭ ‬أراد‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬بهذين‭ ‬المثلين‭ ‬أن‭ ‬المرأة‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬أقوى‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬الرجال‭ ‬حين‭ ‬يتطلب‭ ‬الموقف‭ ‬ذلك،‭ ‬وأن‭ ‬قوة‭ ‬الإرادة‭ ‬وحرية‭ ‬التعبير‭ ‬عما‭ ‬تضمره‭ ‬في‭ ‬قلبها‭ ‬ليست‭ ‬وقفًا‭ ‬على‭ ‬الرجال‭ ‬دون‭ ‬النساء‭.‬

وللمرأة‭ ‬في‭ ‬الإسلام‭ ‬حرية‭ ‬التملك،‭ ‬وحرية‭ ‬التصرف‭ ‬فيما‭ ‬تملك‭ ‬دون‭ ‬تدخل‭ ‬من‭ ‬الأب‭ ‬أو‭ ‬الأخ،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬الزوج،‭ ‬ولها‭ ‬أن‭ ‬تستشير‭ ‬الأب‭ ‬أو‭ ‬الزوج‭ ‬أو‭ ‬الأخ،‭ ‬ولها‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬حرية‭ ‬الأخذ‭ ‬بمشورتهم‭ ‬أو‭ ‬ردها‭ ‬عليهم،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يمس‭ ‬ذلك‭ ‬رجولة‭ ‬الزوج‭ ‬أو‭ ‬قوامته‭ ‬عليها،‭ ‬لأن‭ ‬القوامة‭ ‬في‭ ‬الإسلام‭ ‬لا‭ ‬تعني‭ ‬التسلط‭ ‬والتحكم‭. ‬وأما‭ ‬ما‭ ‬يثيره‭ ‬البعض‭ ‬حول‭ ‬حق‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬الميراث،‭ ‬وأن‭ ‬فيه‭ ‬ظلم‭ ‬لها‭ ‬حين‭ ‬يعطيها‭ ‬الإسلام‭ ‬نصف‭ ‬ما‭ ‬يعطي‭ ‬المرأة،‭ ‬فإن‭ ‬الإسلام‭ ‬حَمَّل‭ ‬الرجال‭ ‬من‭ ‬التكاليف‭ ‬ما‭ ‬أعفى‭ ‬منها‭ ‬المرأة‭ ‬من‭ ‬مهر‭ ‬وتوفير‭ ‬السكن‭ ‬والقيام‭ ‬بشؤون‭ ‬الأسرة،‭ ‬والمرأة‭ ‬هي‭ ‬مكفولة‭ ‬من‭ ‬والدها‭ ‬وإخوتها‭ ‬قبل‭ ‬الزواج،‭ ‬وهي‭ ‬مكفولة‭ ‬أيضًا‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬بيت‭ ‬والدها‭ ‬أو‭ ‬إخوتها‭ ‬بالطلاق‭ ‬أو‭ ‬الترمل،‭ ‬وهي‭ ‬مكفولة‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أحوالها‭ ‬ومن‭ ‬الظلم‭ ‬للرجال‭ ‬أن‭ ‬يحملوا‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬التكاليف‭ ‬ثم‭ ‬يتساوون‭ ‬مع‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬الحقوق‭. ‬

وأما‭ ‬شهادة‭ ‬المرأة‭ ‬بنصف‭ ‬الرجل،‭ ‬فهي‭ ‬ليست‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬الأحوال،‭ ‬فقد‭ ‬تقبل‭ ‬شهادة‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬قضايا‭ ‬ولا‭ ‬تقبل‭ ‬فيها‭ ‬شهادة‭ ‬الرجال،‭ ‬ولقد‭ ‬علل‭ ‬الحق‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬شهادة‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬الديون،‭ ‬فقال‭ ‬تعالى‭: (..‬واستشهدوا‭ ‬شهيدين‭ ‬من‭ ‬رجالكم‭ ‬فإن‭ ‬لم‭ ‬يكونا‭ ‬رجلين‭ ‬فرجل‭ ‬وامرأتان‭ ‬ممن‭ ‬ترضون‭ ‬من‭ ‬الشهداء‭ ‬أن‭ ‬تضل‭ ‬إحداهما‭ ‬فتذكر‭ ‬إحداهما‭ ‬الأخرى‭ ‬‮…‬‭) ‬البقرة‭ / ‬282‭. ‬وهذه‭ ‬العلة‭ ‬هي‭ ‬ما‭ ‬قصدها‭ ‬الشارع‭ ‬الحكيم،‭ ‬بدليل‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬مسائل‭ ‬لا‭ ‬تقبل‭ ‬فيها‭ ‬شهادة‭ ‬الرجال‭ ‬مثل‭: ‬قضايا‭ ‬الرضاعة،‭ ‬وهذا‭ ‬ليس‭ ‬تقليلا‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬المرأة‭ ‬أبدًا،‭ ‬وعبارة‭: ‬أنت‭ ‬تضل‭ ‬إحداهما‭.. ‬ليس‭ ‬مقصودًا‭ ‬بها‭ ‬الضلال‭ ‬المقابل‭ ‬للهداية‭ ‬بدليل‭ ‬ورود‭ ‬فعل‭ ‬‮«‬تذكر‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬يقابل‭ ‬النسيان‭ ‬وذلك‭ ‬لأن‭ ‬المرأة‭ ‬قد‭ ‬تعتريها‭ ‬بسبب‭ ‬الدورة‭ ‬الشهرية‭ ‬ما‭ ‬يؤثر‭ ‬في‭ ‬ذاكرتها‭ ‬وحكمها‭ ‬على‭ ‬القضايا‭ ‬التي‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬ذاكرة‭ ‬قوية‭ ‬ومتوازنة‭.‬

ومن‭ ‬الحقوق‭ ‬التي‭ ‬كفلتها‭ ‬الشريعة‭ ‬الإسلامية،‭ ‬ودافعت‭ ‬عنها‭ ‬بقوة‭ ‬حق‭ ‬اختيار‭ ‬المرأة‭ ‬للزوج،‭ ‬وأن‭ ‬للوالدين‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬المشورة‭ ‬والنصيحة‭ ‬وليس‭ ‬لهما‭ ‬إجبار‭ ‬البنت‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬تكره،‭ ‬ولها‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬الخلع‭ ‬مقابل‭ ‬حق‭ ‬الرجل‭ ‬في‭ ‬الطلاق‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تعيد‭ ‬إلى‭ ‬الرجل‭ ‬المهر‭ ‬الذي‭ ‬دفعه‭ ‬إليها‭ ‬ليدفعه‭ ‬إلى‭ ‬امرأة‭ ‬جديدة،‭ ‬أما‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬طلاق‭ ‬الرجل‭ ‬لزوجته‭ ‬فلا‭ ‬يحق‭ ‬له‭ ‬أن‭ ‬يطالب‭ ‬مطلقته‭ ‬بما‭ ‬دفعه‭ ‬إليها‭ ‬من‭ ‬مهر‭ ‬وهدايا‭.‬

ونقول‭ ‬للذين‭ ‬يرفعون‭ ‬شعار‭ ‬المساواة‭ ‬بين‭ ‬الرجال‭ ‬والنساء‭ ‬في‭ ‬الميراث‭ ‬إن‭ ‬هذه‭ ‬دعوة‭ ‬باطلة‭ ‬لأنهم‭ ‬يغفلون‭ ‬عن‭ ‬الأعباء‭ ‬المالية‭ ‬التي‭ ‬يتحملها‭ ‬الرجل‭ ‬والتي‭ ‬بموجبها‭ ‬ميزه‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬في‭ ‬الميراث،‭ ‬ثم‭ ‬ألا‭ ‬يرى‭ ‬هؤلاء‭ ‬العَلْمانيون‭ ‬أن‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬تشويه‭ ‬لمبدأ‭ ‬العدالة‭ ‬الإلهية‭ ‬التي‭ ‬تراعي‭ ‬الحقوق‭ ‬والواجبات‭.‬

إن‭ ‬الإسلام‭ ‬ليس‭ ‬بينه‭ ‬وبين‭ ‬أحد‭ ‬من‭ ‬خلقه‭ ‬نسب‭ ‬أو‭ ‬قرابة،‭ ‬وإنه‭ ‬حين‭ ‬يشرع‭ ‬يكون‭ ‬تشريعه‭ ‬قائمًا‭ ‬على‭ ‬العدل‭ ‬لا‭ ‬المساواة‭ ‬الظالمة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تراعي‭ ‬الأعباء‭ ‬التي‭ ‬أوجبها‭ ‬الشارع‭ ‬الحكيم‭ ‬على‭ ‬الرجال‭ ‬في‭ ‬جمع‭ ‬أدوار‭ ‬حياتهم‭ ‬سواء‭ ‬كانوا‭ ‬آباء‭ ‬أو‭ ‬أزواجًا‭ ‬وإخوة‭.‬

هذا‭ ‬هو‭ ‬الإسلام،‭ ‬وهذه‭ ‬رعايته‭ ‬لحقوق‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أدوار‭ ‬حياتها،‭ ‬ولو‭ ‬أحسنت‭ ‬النساء‭ ‬علاقتهن‭ ‬بالإسلام،‭ ‬وأحسنوا‭ ‬الظن‭ ‬به‭ ‬لوفروا‭ ‬عليهن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الخصومات‭ ‬التي‭ ‬افتعلها‭ ‬أعداء‭ ‬الإسلام‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا