ينظر إلى السينما على أنها أكثر من كونها وسيلة ترفيه؛ إنها نافذة نطل منها على تجارب غنية، تتيح لنا فهم قصص تلمس قلوبنا وتأخذنا في رحلة عبر زوايا جديدة. السينما، ليست مجرد فن، بل هي مساحة لاكتشاف عوالم وتجارب تلهمنا.
في كل عام، يجتمع عشاق «الفن السابع» للاحتفاء بالأفلام التي تلامس قضايا المجتمع وتفتح المجال لأصوات جديدة. هذا العام، من 3 إلى 7 نوفمبر، يتجلى مهرجان البحرين السينمائي كمنصة تسلط الضوء على دور المرأة في صناعة الأفلام، وتمنحها الفرصة لسرد قصتها وطموحاتها الخاصة.
تحت شعار «الاحتفاء بفن صناعة الأفلام.. لها»، يستضيف المهرجان أعمالا سينمائية لنساء من مختلف أنحاء العالم العربي، ليتجاوز دور المرأة الكاميرا ويشمل الإنتاج والإخراج والكتابة، معبرة عن ذاتها بقوة وحرية. هذا المهرجان يمثل خطوة كبيرة في سبيل تمكين المرأة سينمائيا، ويدعمها كصانعة تغيير، وليس فقط كموضوع للتناول.
ولا تكتمل صورة المهرجان دون الإشارة إلى أسماء بارزة مثل المخرجة اللبنانية نادين لبكي، التي أبدعت في فيلم «كفرناحوم» بنقل معاناة الأطفال في شوارع بيروت عبر مشاهد واقعية، حاملة الأمل والألم معا. وكذلك المخرجة السعودية هيفاء المنصور، التي عكست تحديات المرأة السعودية في أفلامها الجريئة مثل «وجدة»، متناولة قضايا مجتمعية مؤثرة بحساسية وذكاء.
إلى جانب العروض السينمائية، يشمل المهرجان ورش عمل وبرامج تدريبية تهدف إلى تنمية مواهب الشباب البحرينيين والعرب المهتمين بصناعة الأفلام، مما يفتح لهم أبواباً جديدة لتطوير مهاراتهم الفنية. مما يتماشى مع رؤية البحرين الاقتصادية 2030، التي تسعى إلى تعزيز الاقتصاد الإبداعي، واحتضان الفنون كركيزة للتنمية.
هنا، يجد الشباب فرصة للانخراط في عالم السينما تحت مظلة تشجع الإبداع وتدعم جيل المبدعين.
وإضافة إلى دعم الشباب، يوفر المهرجان فرصة للتعرف على أفلام قصيرة تتناول قضايا حياتية من زوايا مختلفة، ما يسهم في تعزيز التنوع الثقافي ويفتح حواراً يتجاوز الاختلافات. هذا التنوع يعكس غنى ثقافات العالم العربي ويعزز فهمنا المتبادل، مسلطا الضوء على القضايا الإنسانية المشتركة.
لا يمكن الحديث عن مهرجان البحرين السينمائي دون الإشادة بالمواهب البحرينية من مخرجين وممثلين، الذين يثرون المشهد الفني المحلي بإبداعاتهم المتجددة. هؤلاء الفنانون يجسدون روح البحرين الأصيلة وقيمها الغنية، ويقدمون للجمهور قصصا تمزج بين التراث البحريني والحداثة بأسلوب فني متفرد.
إن دعم هذه المواهب يعكس التزام البحرين العميق بتعزيز الثقافة والفنون، وتشجيع الأجيال الجديدة على الإبداع والابتكار في شتى أنواع الفنون، مما يضمن استمرار الحضور البحريني القوي على الساحة الإقليمية والدولية.
ومن هذا التنوع ينبع سحر السينما وقدرتها على عبور الحدود، سواءً كانت لغوية أو ثقافية، لتصل إلى جوهر التجربة البشرية المشتركة. عبرها، نرى العالم من منظور مختلف، ونتعرف على قصص قد لا نكون تصورناها، لكنها في عمقها تلامس قضايا الإنسان وآماله.
إن السينما هنا ليست أداة نقل فحسب، بل وسيلة للتعبير عن معانٍ إنسانية، حيث تثير التساؤلات وتلهم التفكير.
السينما، إذًا، ليست فقط فنا يعرض على الشاشة، بل هي رسالة تنبض بالحياة وتصل إلى قلوب الناس، إذ يمكن لفيلم واحد أن يحدث تغييرا، ويلهم جيلا بأكمله.
وهذا ما يجعلها أداة لا غنى عنها في زمن يكثر فيه التحدي، وتتزايد فيه الحاجة إلى دعم أخلاقياتنا البشرية.
إنها مساحة نكتشف فيها أنفسنا ونرى عالما يتجاوز حدودنا، مما يجعلنا نتشارك لحظات تثري تجربتنا الحياتية.
rajabnabeela@gmail.com
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك