يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
الكل رابح.. ونحن الخاسرون
بحسب المعلومات المتوفرة حتى الآن عن الهجوم العسكري الذي شنته إسرائيل على مواقع إيرانية من مختلف المصادر، فإن سيناريو الهجوم جرى على النحو التالي:
1- بعد الهجوم الإيراني الأخير على إسرائيل، أعلن الإسرائيليون أنهم سيردون ردا حاسما مدمرا على إيران، وأن الرد من الممكن أن يمتد إلى مواقع نووية ومواقع النفط والطاقة الإيرانية.
2- أمريكا تدخلت وأجرت محادثات مطولة مع الإسرائيليين واستطاعت في النهاية إقناعهم بأن يكون الرد محدودا وألا يشمل ضرب مواقع نووية أو مواقع النفط والطاقة.
كما تواصلت أمريكا مع إيران عبر عدة وسطاء وطلبت منها عدم التصعيد وأطلعتها على السيناريو المتوقع للهجوم.
3- بحسب المصادر الأمريكية، فإنه قبل الهجوم الإسرائيلي، قامت إسرائيل وعبر عدة وسطاء بإبلاغ إيران عن موعد الهجوم، وعن المواقع التي سيشملها والمواقع التي لن يشملها، وطلبت منها بناء على ذلك عدم الرد على الهجوم.
وبحسب مصادر فإن إسرائيل تعمدت في هجومها والمواقع التي استهدفتها أن تتيح المجال لإيران للتقليل من شأن الهجوم ومن تأثيراته.
4- في أعقاب الهجوم الإسرائيلي قللت إيران من شأنه كثيرا وأعلنت أنه محدود ولم تنتج عنه خسائر كبيرة، وأنها نجحت في صده، وأنه ليس صحيحا أن مائة مقاتلة إسرائيلية شاركت في الهجوم، وليس صحيحا أنه تم استهداف عشرين موقعا وأن العدد أقل من ذلك بكثير، وأنه لم يتم استهداف أي موقع عسكري للحرس الثوري.. وهكذا.
وبناء على هذا التقدير الإيراني، ليست هناك حاجة لأن تقوم إيران بالرد على الهجوم.
وهكذا بناء على هذا السيناريو – فإن ملف المواجهة بين إسرائيل وإيران تم إغلاقه في المرحلة الحالية.
هذا سيناريو مثالي بالنسبة إلى الأطراف الثلاثة، إسرائيل، وإيران، وأمريكا. يمكن أن نطلق عليه «سيناريو الصفقة الرابحة للجميع».
الأطراف الثلاثة خرجت من هذا السيناريو رابحة من جميع الأوجه السياسية والعملية.
بالنسبة إلى أمريكا، سارعت بالفعل وتفاخرت بأنها نجحت، ولأول مرة كما قال الأمريكيون، من إقناع إسرائيل بوجهة نظرها، وبأن يكون الهجوم محدودا بحيث لا يستدعي ردا إيرانيا آخر.
وأمريكا بهذا تحاول تأكيد أنه ما زال لها نفوذ كبير وقدرة على التحكم في التطورات والأحداث في المنطقة، كما تجنبت أزمة كبرى قبيل انتخابات الرئاسة.
وبالنسبة إلى إسرائيل فإنها تحقق مكاسب كبيرة. بطبيعة الحال سوف تستخدم، وكما هي العادة، موافقتها على السيناريو كما طرحته أمريكا، أداة للحصول على مزيد من الأموال وصفقات السلاح، والدعم السياسي الأمريكي.
والأخطر من هذا، إن هذا السيناريو يتيح لإسرائيل المضي قدما في حرب الإبادة التي تشنها في غزة، وكذلك اعتداءاتها على لبنان، بالشكل الذي تريد متحررة من أي مخاوف من رد فعل إيراني يعكر عليها مسيرة مخططاتها في الحرب أو يعرقلها.
وبالنسبة إلى إيران، بطبيعة الحال سيكون هناك ثمن كبير تحصل عليه بموافقتها على هذا السيناريو.
وأول مكاسبها حدث بالفعل حين تجنبت أي هجوم لمنشآتها النووية والنفطية، وهو الأمر الذي لو كان قد حدث ستكون له تأثيرات مدمرة.
وبالطبع سوف تعتبر إيران أن استجابتها لأمريكا بعدم الرد وفق هذا السيناريو ورقة ضغط تستخدمها لصالحها سواء فيما يتعلق بالمفاوضات النووية، أو بدورها في المنطقة، أو بالعقوبات المفروضة عليها.
هذا هو الفهم العام لأرباح الأطراف الثلاثة من تنفيذ السيناريو على هذا النحو، بغض النظر عما لا نعلمه من محادثات أو تفاهمات جرت سرا في غرف مغلقة.
هكذا كما نرى، الكل رابح من سيناريو الهجوم الإسرائيلي.
الخاسرون الوحيدون هم نحن العرب.
هذه صفقات تجري حول قضايا عربية ونحن بعيدون عنها، ويتم تقرير مصيرها بعيدا عن أي مصلحة عربية، وليس هناك مكسب نجنيه.
كل العرب سيدفعون الثمن، وأول من سيدفعون الثمن هم الشعبان الفلسطيني واللبناني، اللذان يستخدمهما الكل وقودا لصفقات كبرى تخدم مصالحهم.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك