يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
ماذا بقي من الأمم المتحدة؟
المفروض أن العالم يحتفل اليوم بيوم الأمم المتحدة، وهو اليوم الذي يتم الاحتفال به في 24 أكتوبر منذ عام 1948 في ذكرى دخول ميثاق الأمم المتحدة حيز التنفيذ في 1945.
هذا العام بالذات لا يجد العالم أي شيء يمكن الاحتفال به. يوم الأمم المتحدة يأتي والمنظمة الدولية عاجزة مشلولة لا حول لها ولا قوة وتبدو كما لو أنها أصبحت من مخلفات الماضي السحيق.
احتفال هذا العام يأتي أشبه بالبكاء على اطلال الأمم المتحدة.
حين وقعت دول العالم ميثاق الأمم المتحدة الذي يتم الاحتفال بدخوله حيز التنفيذ في يوم الأمم المتحدة، حددت ديباجة الميثاق الأهداف الأساسية للأمم المتحدة على النحو التالي:
«نحن شعوب الأمم المتحدة وقد آلينا على أنفسنا أن ننقذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب التي في خلال جيل واحد جلبت على الإنسانية مرتين أحزاناً يعجز عنها الوصف، وأن نؤكد من جديد إيماننا بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد وقدره وبما للرجال والنساء والأمم كبيرها وصغيرها من حقوق متساوية، وأن نبيّن الأحوال التي يمكن في ظلها تحقيق العدالة واحترام الالتزامات الناشئة عن المعاهدات وغيرها من مصادر القانون الدولي، وأن ندفع بالرقي الاجتماعي قدماً، وأن نرفع مستوى الحياة في جو من الحرية أفسح».
إذا تأملنا هذه الديباجة سنكتشف فورا ان كل أهداف الأمم المتحدة وكل المبادئ النبيلة التي أنشئت من أجلها لم يتحقق منها شيء. ليس هذا فحسب، بل ان هذه المبادئ يتم دوسها بالأقدام والمنظمة عاجزة تماما عن ان تفعل شيئا علي الاطلاق.
على امتداد عام كامل تابع العالم كله أبشع حرب ابادة في التاريخ قام فيها الكيان إسرائيلي بإبادة غزة واهلها بالمعنى الحرفي للكلمة. لسنا بحاجة الى تقديم أي تفاصيل عن جرائم الحرب والابادة وفظائع المجازر اليومية ضد الفلسطينيين، فالعالم كله يتابعها لحظة بلحظة.
عام كامل والعالم عاجز عبر الأمم المتحدة عن ان يردع هؤلاء المجرمين وعن ان يحمي شعب فلسطين وعن ان يوقف هذه الإبادة الجماعية الشاملة.
الأمم المتحدة وخصوصا الجمعية العامة اتخذت قرارات في مواجهة العدوان وحرب الإبادة.. والمنظمات الدولية وخصوصا محكمة العدل والمحكمة الجنائية اتخذا أيضا قرارات ضد مجرمي الحرب والابادة. لكن كل هذه القرارات لا قيمة لها من الناحية العملية، فلا أحد قادر على تطبيقها.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل انه وعبر عام كامل من حرب الإبادة والمنظمات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة تصرخ وتستنجد طالبة الحماية للعاملين فيها ولعملياتها الإنسانية، اذ تتعرض هذه المنظمات للعدوان الدائم بشكل متعمد كجزء من حرب الإبادة الإسرائيلية. لكن لا أحد أيضا قادر على حماية هذه المنظمات ولا ضمان أدائها لمهمتها الانسانية.
هذا العجز هو الذي شجع مجرم الحرب نتنياهو على ان ينعت الأمم المتحدة بأشنع الألفاظ بل ويعتبر ان امينها العام شخصا غير مرغوب فيه.
العالم أصبح تحت رحمة مجرمي الحرب والابادة تحميهم أمريكا والدول الغربية الكبرى. والأمم المتحدة التي من المفروض ان تعبر عن إرادة الشعوب وتحمي القانون الدولي وكرامة الانسان في العالم أصبحت رهينة بيد المجرمين.
لهذا في الاجتماعات الأخيرة للجمعية العامة أجمعت اغلبية دول العالم غير الغربي على المطالبة بالإصلاح الجذري الشامل بحيث تستعيد دورها وتعبر فعلا عن شعوب العالم وتحمي امن الدول وتكون قادرة على تطبيق القانون الدولي.
وعلى العموم رغم الحال البائس الذي وصلت اليه الأمم المتحدة، فإن دول وشعوب العالم يجب ان تقاتل من اجل بقائها ومن اجل استعادة هيبتها ودورها، والا فسيكون على العالم ان يعيش لسنوات طويلة في ظل الفوضى وشريعة الغاب وفي ظل هيمنة وسطوة مجرمي الحرب والإبادة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك