العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

الفنانة إليسا.. آراء وطنية مخلصة

أعجبتني‭ ‬تغريدات‭ ‬كتبتها‭ ‬الفنانة‭ ‬اللبنانية‭ ‬اليسا‭ ‬في‭ ‬الأيام‭ ‬الماضية‭ ‬تتعلق‭ ‬بالأحداث‭ ‬المؤلمة‭ ‬التي‭ ‬يمر‭ ‬بها‭ ‬لبنان‭ ‬مع‭ ‬تواصل‭ ‬العدوان‭ ‬الإسرائيلي‭. ‬هذه‭ ‬التغريدات‭ ‬تنم‭ ‬عن‭ ‬وعي‭ ‬وطني‭ ‬سليم‭.‬

بالإضافة‭ ‬بالطبع‭ ‬إلى‭ ‬تعبيرها‭ ‬عن‭ ‬الألم‭ ‬والحزن‭ ‬لما‭ ‬يشهده‭ ‬لبنان‭ ‬والشعب‭ ‬اللبناني،‭ ‬توقفت‭ ‬خصوصا‭ ‬عند‭ ‬ثلاثة‭ ‬آراء‭ ‬عبرت‭ ‬عنها‭ ‬في‭ ‬تغريداتها‭.‬

أولا‭: ‬كتبت‭: ‬‮«‬إذا‭ ‬لازم‭ ‬نلوم‭ ‬حدا،‭ ‬لازم‭ ‬نلوم‭ ‬حالنا‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬شي‭ ‬وصلنا‭ ‬له‭ ‬بلبنان،‭ ‬حلو‭ ‬يكون‭ ‬عنا‭ ‬وعي‭ ‬ونعرف‭ (‬حتى‭ ‬لو‭ ‬ما‭ ‬حابين‭ ‬نعرف‭) ‬شو‭ ‬لِ‭ ‬وصلنا‭ ‬لهون‮»‬‭.‬

اليسا‭ ‬تثير‭ ‬قضية‭ ‬لها‭ ‬أهمية‭ ‬حاسمة‭. ‬تقول‭ ‬إن‭ ‬ما‭ ‬يشهده‭ ‬لبنان‭ ‬حاليا‭ ‬من‭ ‬أحداث‭ ‬مؤلمة‭ ‬جسيمة‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مناسبة‭ ‬لأن‭ ‬يحاسب‭ ‬اللبنانيون‭ ‬أنفسهم‭.. ‬مناسبة‭ ‬لطرح‭ ‬سؤال‭ ‬محوري‭ ‬هو‭: ‬لماذا‭ ‬وصلنا‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الوضع؟‭.. ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬أوصلنا‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الحال؟‭.. ‬ومن‭ ‬المسئول؟‭.‬

الحقيقة‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬أمر‭ ‬لا‭ ‬يخص‭ ‬لبنان‭ ‬وحده‭ ‬وإنما‭ ‬كل‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭.‬

الحادث‭ ‬أنه‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬المآسي‭ ‬التي‭ ‬شهدناها‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬الماضية‭ ‬وخصوصا‭ ‬منذ‭ ‬بدء‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬وما‭ ‬يحدث‭ ‬للبنان‭ ‬مؤخرا،‭ ‬فإننا‭ ‬لم‭ ‬نتوقف‭ ‬ونسأل‭ ‬أنفسنا‭ ‬عن‭ ‬العوامل‭ ‬والأسباب‭ ‬التي‭ ‬أوصلتنا‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الحال‭.‬

عادة‭ ‬نحن‭ ‬نكتفي‭ ‬بإلقاء‭ ‬المسؤولية‭ ‬على‭ ‬الآخرين‭. ‬وهذا‭ ‬صحيح‭ ‬من‭ ‬جوانب‭ ‬كثيرة‭ ‬وخصوصا‭ ‬وجود‭ ‬مخططات‭ ‬عدوانية‭ ‬وتوسعية‭ ‬تستهدف‭ ‬دولنا‭. ‬لكن‭ ‬القضية‭ ‬الجوهرية‭ ‬لا‭ ‬تقف‭ ‬عند‭ ‬هذا‭ ‬الحد‭. ‬القضية‭ ‬الجوهرية‭ ‬هي،‭ ‬لماذا‭ ‬تعجز‭ ‬دولنا‭ ‬عن‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬أنفسها‭ ‬ومواجهة‭ ‬العدوان؟‭.. ‬ما‭ ‬حدود‭ ‬مسؤوليتنا‭ ‬نحن‭ ‬عما‭ ‬يجري‭ ‬لنا؟‭.. ‬وهكذا‭.‬

في‭ ‬حال‭ ‬لبنان‭ ‬مثلا،‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬وقفة‭ ‬مصارحة‭ ‬وتحديد‭ ‬لمسئولية‭ ‬اللبنانيين‭ ‬أنفسهم‭ ‬عما‭ ‬وصل‭ ‬إليه‭ ‬حال‭ ‬البلاد‭. ‬مثلا،‭ ‬من‭ ‬المسئول‭ ‬عن‭ ‬غياب‭ ‬الدولة‭ ‬اللبنانية‭ ‬واختطافها؟‭.. ‬من‭ ‬المسئول‭ ‬عن‭ ‬جعل‭ ‬لبنان‭ ‬ساحة‭ ‬للنفوذ‭ ‬والتحكم‭ ‬الإيراني؟‭.. ‬لماذا‭ ‬عجز‭ ‬الكل‭ ‬عن‭ ‬تغيير‭ ‬معادلة‭ ‬النظام‭ ‬الطائفي‭ ‬في‭ ‬لبنان؟‭.. ‬وهكذا‭.‬

المهم‭ ‬أن‭ ‬فتح‭ ‬ملف‭ ‬أخطائنا‭ ‬نحن‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬وأوجه‭ ‬القصور‭ ‬والخلل‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬المستويات،‭ ‬وبالتالي‭ ‬مناقشة‭ ‬كيف‭ ‬نعالجها‭ ‬هو‭ ‬أمر‭ ‬جوهري‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬ندافع‭ ‬عن‭ ‬دولنا‭ ‬مستقبلا‭.‬

ثانيا‭: ‬وكتبت‭ ‬الفنانة‭ ‬إليسا‭ ‬تقول‭: ‬‮«‬أملنا‭ ‬الوحيد‭ ‬الجيش‭ ‬اللبناني‭ ‬ولا‭ ‬أحد‭ ‬غير‭ ‬الجيش‭ ‬اللبناني‮»‬‭.‬

هذا‭ ‬كلام‭ ‬مهم‭ ‬جدا،‭ ‬وهو‭ ‬يلخص‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬جوهر‭ ‬طريق‭ ‬الخلاص‭ ‬للبنان‭ ‬اليوم‭ ‬وفي‭ ‬المستقبل‭.‬

لا‭ ‬أمل‭ ‬للبنان‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬استعادت‭ ‬الدولة‭ ‬مكانتها‭ ‬المفترضة‭ ‬الطبيعية‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هي‭ ‬صاحبة‭ ‬القرار‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يخص‭ ‬شؤون‭ ‬البلاد‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬طائفية‭ ‬ولا‭ ‬تحكم‭ ‬أي‭ ‬قوة‭ ‬طائفية‭ ‬أيا‭ ‬كانت‭. ‬ولا‭ ‬أمل‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬استعاد‭ ‬الجيش‭ ‬اللبناني‭ ‬مكانته‭ ‬وأصبح‭ ‬هو‭ ‬القوة‭ ‬الوحيدة‭ ‬التي‭ ‬تمتلك‭ ‬السلاح‭ ‬والقدرة‭ ‬العسكرية‭ ‬وتكون‭ ‬مسئولة‭ ‬مسئولية‭ ‬كاملة‭ ‬عن‭ ‬أمن‭ ‬واستقرار‭ ‬البلاد‭ ‬ومواجهة‭ ‬الأخطار‭ ‬الخارجية‭.‬

هذا‭ ‬أكبر‭ ‬درس‭ ‬من‭ ‬المفروض‭ ‬تعلمه‭ ‬مما‭ ‬يجري‭ ‬حاليا‭ ‬في‭ ‬لبنان‭.‬

ثالثا‭: ‬ردا‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬الذين‭ ‬انتقدوا‭ ‬استمرار‭ ‬الفنانين‭ ‬في‭ ‬مواصلة‭ ‬أنشطتهم‭ ‬وطالبوهم‭ ‬بالتوقف‭ ‬نظرا‭ ‬إلى‭ ‬الظروف‭ ‬التي‭ ‬تمر‭ ‬بها‭ ‬البلاد،‭ ‬كتبت‭ ‬إليسا‭: ‬‮«‬إذا‭ ‬حابين‭ ‬نرجع‭ ‬نوقف‭ ‬على‭ ‬رجلينا،‭ ‬ونساعد‭ ‬أهلنا‭ ‬وندعم‭ ‬اقتصاد‭ ‬بلدنا،‭ ‬لازم‭ ‬نشتغل‮»‬‭.‬

هذا‭ ‬رأي‭ ‬صحيح‭ ‬تماما‭. ‬

في‭ ‬كل‭ ‬الأوقات‭ ‬ومهما‭ ‬كانت‭ ‬الأزمات‭ ‬والظروف‭ ‬الصعبة‭ ‬التي‭ ‬يمر‭ ‬بها‭ ‬أي‭ ‬بلد،‭ ‬الحياة‭ ‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬تتوقف‭.‬

الدول‭ ‬لا‭ ‬تجتاز‭ ‬أزماتها‭ ‬وتمضي‭ ‬إلى‭ ‬الأمام‭ ‬إلا‭ ‬بالعمل‭ ‬الجاد‭ ‬المخلص‭ ‬لكل‭ ‬أبنائها‭.‬

العمل‭ ‬الجاد‭ ‬المخلص‭ ‬وخصوصا‭ ‬أوقات‭ ‬الأزمات‭ ‬هو‭ ‬أحد‭ ‬أكبر‭ ‬مظاهر‭ ‬الولاء‭ ‬للوطن،‭ ‬وأكبر‭ ‬مظاهر‭ ‬المسئولية‭ ‬الوطنية‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتحلى‭ ‬بها‭ ‬الجميع‭.‬

كما‭ ‬نرى،‭ ‬هذه‭ ‬الآراء‭ ‬التي‭ ‬عبرت‭ ‬عنها‭ ‬اليسا‭ ‬هي‭ ‬آراء‭ ‬وطنية‭ ‬مخلصة‭ ‬وصائبة‭.‬

وبالمناسبة‭ ‬الفنانة‭ ‬اليسا‭ ‬حاصلة‭ ‬على‭ ‬بكالوريوس‭ ‬العلوم‭ ‬السياسية‭. ‬ولهذا‭ ‬لديها‭ ‬من‭ ‬الثقافة‭ ‬ما‭ ‬يؤهلها‭ ‬للحديث‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬القضايا‭ ‬وإبداء‭ ‬الرأي‭ ‬فيها‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا