يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
هل سنعتاد على الذل؟
عام كامل مر على حرب إبادة غزة. البعض أطلق عليه عن حق عام الإبادة الجماعية.
عام كامل يباد فيه شعب على مرأى من العالم كله. عام كامل والعالم يتابع لحظة بلحظة آلاف المجازر الوحشية بحق شعب فلسطين، ويتابع التدمير الوحشي للمدارس والمستشفيات والملاجئ والمباني والمنشآت.
في المحصلة النهائية لأبشع إبادة جماعية في التاريخ، تم تدمير غزة بالكامل بحيث لم تعد قابلة للحياة، وتم تشريد كل أهلها في بلادهم، واستشهد وجرح مئات الآلاف.
ورغم كل هذا، لا أحد في العالم بمقدوره ردع الكيان الإسرائيلي أو إجباره على وقف هذه الإبادة الجماعية، ويتصرف الكيان على اعتبار أنه ليس هناك أي شيء يخشاه إن هو واصل كل هذه المجازر وكل هذه الإبادة.
السؤال المهم الذي يجب أن نسأله ونفكر فيه هو: لماذا تمكن الكيان الإسرائيلي من مواصلة حرب الإبادة على امتداد عام كامل؟.. ما الأسباب التي تمكنه من ذلك؟.. ما الذي يراهن عليه بالضبط حين يتصرف هكذا بلا خوف من أي رد فعل او ردع الآن ومستقبلا؟
بالطبع على رأس هذه الأسباب أن الكيان الإسرائيلي لا يشن حرب الإبادة وحده. أمريكا وكل الدول الغربية تدعمه وتشارك معه بمختلف الأشكال في هذه الحرب، وهي التي تحميه من أي مساءلة أو حساب دولي.
وفي مقدمة هذه الأسباب حقيقة أن الموقف العربي متخاذل لا يرقى أبدا إلى مستوى الخطر الداهم الذي تشكله الحرب ليس على فلسطين والشعب الفلسطيني فقط، ولكن على كل العرب.
وعلى امتداد عام كامل عجز العالم كله عن وقف الإبادة، وعن تطبيق القانون الدولي بمحاسبة المجرمين، وثبت أن القانون الدولي معطل، والمنظمات الدولية مشلولة.
كل هذا معروف ومفهوم. لكن نريد أن ننبه إلى عامل آخر له أهمية حاسمة في التفكير الإسرائيلي، ويمثل رهانه الأساسي.
يراهن الكيان الإسرائيلي على أن العرب مع مرور الوقت سوف ينسون، وستصبح حرب إبادة غزة مجرد ذكرى تاريخية عابرة يتذكرونها في المناسبات من دون أن يتغير شيء.
بعبارة أخرى يراهنون على أن العرب سوف يعتادون على هذا الذل مع مرور الوقت، ولن يمثل بالنسبة إليهم أي حافز للمواجهة دفاعا لا عن فلسطين ولا عن الدول العربية.
حين يراهن الكيان الإسرائيلي على هذا، فإنه يستند إلى التاريخ.. تاريخ الصراع وتاريخ المجازر الصهيونية.
قبل قيام الكيان الإسرائيلي، ارتكبت العصابات الإرهابية الصهيونية عشرات المجازر الوحشية في فلسطين. وبعد قيام الكيان الإسرائيلي ارتكب المئات من هذه المجازر بلا توقف عبر أكثر من سبعين عاما. هذه المجازر استشهد فيها مئات الآلاف، وتم طرد الفلسطينيين من بيوتهم وأرضهم واستولى عليها الصهاينة. هذه المجازر سجلها التاريخ بكل تفاصيلها.
ويراهن الكيان الإسرائيلي على أنه كما أن كل هذه المجازر أصبحت مجرد ذكرى بالنسبة إلى العرب، فسيكون هذا هو حال حرب إبادة غزة الحالية.
السؤال هو: هل سنمسح بأن يحدث هذا فعلا؟ هل سنسمح بأن تصبح إبادة غزة مجرد ذكرى عابرة نندد بها في المناسبات؟.. هل سنتعايش مع كل هذا الذل ونقبل به كمجرد أمر واقع؟
علينا أن نلاحظ أنه مع كل المجازر التي ارتكبها الكيان الصهيوني منذ ما قبل قيامه، إلا أن حرب إبادة غزة مختلفة من زاوية محددة. الكيان الإسرائيلي يريد من هذه الحرب أن تكون إنهاء لقضية فلسطين وفرضا للإرادة الصهيونية بشكل كامل على كل العرب.
لهذا، لسنا نبالغ حين نقول إنه بالنسبة إلى العرب هذه الحرب وجودية تتعلق بالوجود العربي بالمعنى الاستراتيجي والتاريخي. والحديث يطول في شرح هذا.
نريد أن نقول إن حرب إبادة غزة يجب أن تدفع العرب إلى تفكير استراتيجي جديد جوهره كيف يمكن مواجهة الكيان الإسرائيلي والمخططات المرسومة وكيف يمكن الدفاع عن الدول العربية.
هذا إذا أردنا ألا نعتاد على الذل ونقبل به، وإذا أردنا الدفاع عن وجودنا.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك