يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
تبادل هدايا الهجمات بين إيران وإسرائيل
هذه أول مرة في التاريخ نشهد فيها أمرا كهذا.
بلدان يقرران تبادل الهجمات على سبيل الهدايا وفق سيناريو متفق عليه مسبقا، والكل يخرج في النهاية سعيدا ويقول إنه حقق أهدافه.
هذا هو ما يحدث بين إيران واسرائيل.
قبل الهجمات الصاروخية الأخيرة على إسرائيل، أعلنت أمريكا أن إيران سوف تشن هجوما وشيكا على إسرائيل. وبعد الهجوم اتضح أن إيران كانت قد تبادلت الرسائل مع أمريكا وأبلغتها بتفاصيل الهجوم الذي سوف تشنه. وبالطبع نقلت أمريكا إلى إسرائيل مباشرة هذه التفاصيل، واستعدت له.
وقع الهجوم الصاروخي الإيراني وسط تهويل من الجميع من شأن مئات الصواريخ التي أطلقتها، وانتهى الهجوم من دون أن يوقع أي خسائر يعتد بها، لا مادية ولا بشرية.
بعد الهجوم أعلنت إسرائيل أنها سوف ترد عليه وأنه سوف تنسق ردها مسبقا مع أمريكا.
وكما هو متوقع سيكون الرد الإسرائيلي في الأغلب محدودا ربما يستهدف منشأة أو منشأتين من دون إيقاع خسائر كبيرة.
الذي حدث على هذا النحو أفضل شيء بالنسبة لإيران وبالنسبة لإسرائيل.
النظام الإيراني تعرض لانتقادات شديدة في الفترة الماضية في الداخل ومن جانب القوى الموالية له في المنطقة بسبب تردده في الرد على إسرائيل بعد اغتيال هنية في طهران، ونصر الله في لبنان والضربات التي وجهتها لحزب الله. وظهرت انقسامات في داخل إيران حول هذا التردد وضرورة أن ترد إيران. في الوقت نفسه سادت حالة من الإحباط في أوساط القوى العميلة لإيران في المنطقة العربية، وسط تقارير كثيرة تتحدث عن أن طهران مستعدة للتخلي عن هذه القوى في أي وقت في سبيل مصالحها الخاصة.
الهجوم الأخير أتاح للنظام الإيراني الفرصة في أن يقول إنه صادق حين هدد بالرد على إسرائيل، وإنه قادر على إيصال صواريخه إلى هناك.
إسرائيل من جانبها أتاح لها الهجوم الإيراني الفرصة لأن تؤكد صحة خطابها الذي تروج له في العالم من أنها مستهدفة وأنها تتعرض لتهديدات جسيمة و«تدافع» عن نفسها، من دون أن تدفع في المقابل أي ثمن جدي لقاء ذلك. وحين توجه ضربة لإيران سوف تقول إنها ردت على الهجوم الإيراني، وفي نفس الوقت تبقى الأوضاع منضبطة إلى حد كبير.
إذن، الطرفان رابحان من عميلة تبادل هدايا الهجمات على هذا النحو.
نحن العرب الضحية لكل هذا.
إيران تحتل أربع دول عربية وتفعل ما تشاء تعزيزا لوجودها ونفوذها عبر القوى العميلة لها، وتستغل القضايا العربية لخدمة استراتيجيتها، وللدخول في مساومات مع أمريكا والغرب لتعزيز مصالحها.
وإسرائيل تستبيح الأراضي العربية من دون رادع، وتنفذ مخططاتها.
إيران وإسرائيل تنفذان بنجاح مخططاتهما التي تستهدف الدول العربية.
كتبت من قبل أكثر من مرة أننا نشهد لعبة كبرى، أطرافها إيران وأمريكا وإسرائيل. ونحن نشهد اليوم فصلا جديدا من فصول هذه اللعبة.
استمرار هذا الوضع يعني أخطارا وجودية رهيبة تهدد الدول العربية. إذا استمر هذا الوضع الله وحده يعلم أي دول عربية سوف تضيع تباعا.
وسط كل هذا، نجد أن الدول العربية لا تفعل شيئا سوى التفرج على ما يجري على الأرض العربية، وتصدر بيانات إنشائية لا معنى لها ولا أحد يلتفت إليها أصلا.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك