العدد : ١٦٩٩٥ - الخميس ٠٣ أكتوبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٣٠ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٩٥ - الخميس ٠٣ أكتوبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٣٠ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

تمدد النفوذ الاقتصادي والسياسي للصين في الشرق الأوسط

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الخميس ٠٣ أكتوبر ٢٠٢٤ - 02:00

إن‭ ‬الفشل‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬المتكرر‭ ‬لحكومة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬وقف‭ ‬الاعتداءات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬وفشلها‭ ‬الأخلاقي‭ ‬في‭ ‬محاسبة‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬على‭ ‬انتهاكاته‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والقانون‭ ‬الدولي؛‭ ‬لم‭ ‬يؤد‭ ‬فقط‭ ‬إلى‭ ‬تلقي‭ ‬موجة‭ ‬من‭ ‬الانتقادات‭ ‬الشديدة‭ ‬من‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الغربية‭ ‬والأكاديميين‭ ‬والحقوقيين،‭ ‬بل‭ ‬باتت‭ ‬أمريكا‭ ‬تخسر‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭. ‬وقد‭ ‬أكد‭ ‬ذلك‭ ‬مايكل‭ ‬روبنز‭ ‬وأماني‭ ‬جمال‭ ‬ومارك‭ ‬تيسلر‭ ‬من‭ ‬شبكة‭ ‬الباروميتر‭ ‬العربي،‭ ‬الذين‭ ‬أظهرت‭ ‬استطلاعاتهم‭ ‬في‭ ‬عامي‭ ‬2023‭ ‬و2024‭ ‬تراجعا‭ ‬بالغا‭ ‬لمكانة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭.‬

ونتيجة‭ ‬لذلك،‭ ‬تنبأ‭ ‬المعلقون‭ ‬الغربيون‭ ‬بأن‭ ‬تحل‭ ‬جمهورية‭ ‬الصين‭ ‬الشعبية‭ ‬محل‭ ‬واشنطن‭ ‬وأن‭ ‬تلعب‭ ‬دورها‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والسياسي‭ ‬والدبلوماسي‭ ‬والأمني‭. ‬وقد‭ ‬أشار‭ ‬جون‭ ‬ألترمان‭ ‬نائب‭ ‬الرئيس‭ ‬الأول‭ ‬لدى‭ ‬مركز‭ ‬الدراسات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬والدولية،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الأوضاع‭ ‬الحالية‭ ‬قد‭ ‬قدمت‭ ‬دليلا‭ ‬إرشاديا‭ ‬للصين‭ ‬في‭ ‬كيفية‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ - ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬‭ ‬وذلك‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬تنمية‭ ‬العلاقات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬التورط‭ ‬في‭ ‬الاضطرابات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والسياسية‭. ‬

ونظرًا‭ ‬إلى‭ ‬كيفية‭ ‬تجاوز‭ ‬التجارة‭ ‬بين‭ ‬شرق‭ ‬آسيا‭ ‬والمنطقة‭ ‬لتلك‭ ‬الموجهة‭ ‬غربًا‭. ‬فمن‭ ‬منظور‭ ‬أمريكي،‭ ‬فإنه‭ ‬بعد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عقد‭ ‬من‭ ‬تحويل‭ ‬صناع‭ ‬السياسات‭ ‬تفكيرهم‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وتوجيهه‭ ‬نحو‭ ‬منطقة‭ ‬المحيطين‭ ‬الهندي‭ ‬والهادئ،‭ ‬قد‭ ‬توصل‭ ‬الجمهوريون‭ ‬والديمقراطيون‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2024‭ ‬إلى‭ ‬استنتاج‭ ‬مفاده‭ ‬أن‭ ‬المنافسة‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬مع‭ ‬الصين‭ ‬عالمية‭ ‬النطاق‭ ‬وأن‭ ‬المنطقة‭ ‬تتبوأ‭ ‬دورًا‭ ‬رئيسيا‭ ‬فيها‭.‬

بينما‭ ‬من‭ ‬منظور‭ ‬آخر،‭ ‬أوضح‭ ‬مايكل‭ ‬سينغ‭ ‬من‭ ‬معهد‭ ‬واشنطن‭ ‬لسياسة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬بكين‭ ‬تنظر‭ ‬إلى‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬منظور‭ ‬مصالح‭ ‬ضيق‭ ‬مثل‭ ‬مبادرة‭ ‬الحزام‭ ‬والطريق‭ ‬بغية‭ ‬النفوذ‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والسياسي‭ ‬فحسب،‭ ‬ولكن‭ ‬بدلًا‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬فهي‭ ‬تنظر‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عدسة‭ ‬المنافسة‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وبينها؛‭ ‬لذا‭ ‬فقد‭ ‬اتخذت‭ ‬خطوات‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬تقويض‭ ‬واشنطن‭ ‬وتعزيز‭ ‬مكانتها‭ ‬العالمية‭. ‬ووثق‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬جوناثان‭ ‬فولتون‭ ‬ومايكل‭ ‬شومان‭ ‬من‭ ‬المجلس‭ ‬الأطلسي‭ ‬إذ‭ ‬أكدا‭ ‬أن‭ ‬استراتيجيتها‭ ‬تركز‭ ‬على‭ ‬المنافسة‭ ‬غير‭ ‬المباشرة؛‭ ‬كون‭ ‬بكين‭ ‬لا‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬استبدال‭ ‬أو‭ ‬التفوق‭ ‬على‭ ‬نظيرتها،‭ ‬بل‭ ‬تسعى‭ ‬بدلًا‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬فك‭ ‬ارتباط‭ ‬المنطقة‭ ‬والعالم‭ ‬بأمريكا‭ ‬وجعلهم‭ ‬أكثر‭ ‬تقبلًا‭ ‬لها‭.‬

أما‭ ‬فيما‭ ‬يتصل‭ ‬بخططها‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬لتحقيقها‭ ‬ذلك،‭ ‬فقد‭ ‬سلط‭ ‬ألترمان‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬إعلانها‭ ‬عدم‭ ‬تدخلها‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬الداخلية،‭ ‬والتركيز‭ ‬على‭ ‬الشراكات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬ذات‭ ‬المنفعة‭ ‬المتبادلة،‭ ‬وتلك‭ ‬الخطط‭ ‬كانت‭ ‬نقيضة‭ ‬للقيم‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭. ‬لذا‭ ‬رأى‭ ‬ألترمان‭ ‬أن‭ ‬الحكومة‭ ‬الأمريكية‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬جهد‭ ‬ثلاثي‭ ‬الأبعاد‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إحياء‭ ‬العلاقات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الإقليمية،‭ ‬وتتمثل‭ ‬تلك‭ ‬الجهود‭ ‬في‭ ‬توضيح‭ ‬أولوياتها‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬واكتساب‭ ‬فهم‭ ‬أفضل‭ ‬لمخاوف‭ ‬ودوافع‭ ‬الحكومات‭ ‬الإقليمية،‭ ‬وتحسين‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬فرض‭ ‬العواقب‭ ‬على‭ ‬السلوك‭ ‬السيئ،‭ ‬وعلى‭ ‬العكس‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬تحفيز‭ ‬السلوك‭ ‬الجيد‭ ‬سواء‭ ‬بالنسبة‭ ‬الى‭ ‬الحلفاء‭ ‬أو‭ ‬الخصوم‭.‬

ومع‭ ‬تصاعد‭ ‬المنافسة‭ ‬بين‭ ‬القوى‭ ‬العظمى،‭ ‬أقر‭ ‬سينغ‭ ‬كيف‭ ‬استجابت‭ ‬بلدان‭ ‬المنطقة‭ ‬وخاصة‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬لدوافع‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬علاقات‭ ‬جيدة‭ ‬مع‭ ‬بكين‭ (‬التي‭ ‬يعترف‭ ‬سينغ‭ ‬بأنها‭ ‬توفر‭ ‬قدرات‭ ‬أكثر‭ ‬جاذبية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬الطاقة‭ ‬النظيفة‭ ‬مقارنة‭ ‬بالغرب‭)‬،‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬اغتنام‭ ‬تلك‭ ‬المنافسة‭ ‬لتعظيم‭ ‬الفوائد‭ ‬لأنفسهم‭.‬

وأشارت‭ ‬تحليلات‭ ‬ألترمان‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬نهج‭ ‬الصين‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬يؤكد‭ ‬أهمية‭ ‬العلاقات‭ ‬الثنائية‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬بدلًا‭ ‬من‭ ‬المنظمات‭ ‬الإقليمية‭ ‬متعددة‭ ‬الأطراف‭. ‬فقد‭ ‬ركزت‭ ‬انتباهها‭ ‬على‭ ‬خمس‭ ‬دول‭ ‬وهي‭: (‬السعودية،‭ ‬والإمارات،‭ ‬ومصر،‭ ‬وإيران،‭ ‬والجزائر‭). ‬وقد‭ ‬أضاف‭ ‬فولتون‭ ‬وشومان‭ ‬أن‭ ‬شراكاتها‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى‭ ‬لا‭ ‬يترتب‭ ‬عليها‭ ‬أي‭ ‬التزامات،‭ ‬بينما‭ ‬أشار‭ ‬سينغ‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬وسائلها‭ ‬في‭ ‬إظهار‭ ‬قوتها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬عبر‭ ‬استضافة‭ ‬القمم‭ ‬والمؤتمرات،‭ ‬وإرسال‭ ‬المبعوثين‭ ‬إلى‭ ‬الحكومات‭ ‬الإقليمية،‭ ‬والدعوة‭ ‬للانضمام‭ ‬إلى‭ ‬مؤسساتها‭ ‬البديلة‭ ‬مثل‭: ‬منظمة‭ ‬شنغهاي‭ ‬للتعاون،‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬تلك‭ ‬الوسائل‭ ‬تعني‭ ‬التحلي‭ ‬بالنفوذ‭ ‬لسنوات‭ ‬عديدة‭ ‬لكن‭ ‬الوساطة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2023‭ ‬لاستعادة‭ ‬العلاقات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬بين‭ ‬السعودية‭ ‬وإيران‭ ‬أصبحت‭ ‬علامة‭ ‬أمام‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المراقبين‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬بكين‭ ‬باتت‭ ‬تتهيأ‭ ‬لتجاوز‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬كوسيط‭ ‬إقليمي‭.‬

وخلال‭ ‬فترة‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬منذ‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023،‭ ‬كتب‭ ‬فولتون‭ ‬وشومان‭ ‬أن‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الصينية‭ ‬نشطة‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬عادي‭ ‬في‭ ‬قضية‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬حيّزها‭ ‬المباشر،‭ ‬مشيرين‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬أصدرت‭ ‬بيانات‭ ‬مشتركة‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬الحكومات‭ ‬العربية‭ ‬تدعو‭ ‬إلى‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار،‭ ‬كما‭ ‬عُرضت‭ ‬كمكان‭ ‬محتمل‭ ‬للمفاوضات‭ ‬بين‭ ‬القادة‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬والفلسطينيين‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬أشارا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬مضمون‭ ‬انخراطها‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬ركز‭ ‬على‭ ‬تأييد‭ ‬صيغة‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬اقتراح‭ ‬أي‭ ‬أفكار‭ ‬جديدة‭ ‬أو‭ ‬مبادرات‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬تسهيل‭ ‬أي‭ ‬تسوية‭.‬

كما‭ ‬كتب‭ ‬ألترمان‭ ‬عن‭ ‬سعي‭ ‬المسؤولين‭ ‬في‭ ‬بكين‭ ‬إلى‭ ‬توسيع‭ ‬نفوذهم‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬الانغماس‭ ‬أو‭ ‬دفع‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬إلى‭ ‬عدم‭ ‬الاستقرار؛‭ ‬لذا‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬تقييم‭ ‬مدى‭ ‬اهتمامها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬خطواتها‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬انتقاد‭ ‬المعايير‭ ‬الأمريكية‭ ‬المزدوجة‭ ‬وانعدام‭ ‬التحركات‭ ‬الجادة‭. ‬وقد‭ ‬أشار‭ ‬فولتون‭ ‬وشومان‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الممثل‭ ‬الصيني‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬التابع‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬استخدم‭ ‬حق‭ ‬النقض‭ ‬ضد‭ ‬قرار‭ ‬رعته‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬2024‭ ‬والذي‭ ‬يدعو‭ ‬إلى‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬نار‭ ‬فوري‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬ضد‭ ‬غزة‭ ‬‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬الدبلوماسيون‭ ‬الصينيون‭ ‬يطالبون‭ ‬به‭ ‬بصوت‭ ‬عالٍ‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬أكتوبر‭ ‬السابق‭ ‬‭ ‬وذلك‭ ‬لأنها‭ ‬كانت‭ ‬فرصة‭ ‬مباشرة‭ ‬لمهاجمة‭ ‬السياسة‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وبالتالي‭ ‬تقويض‭ ‬منافستها‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

وعند‭ ‬قياس‭ ‬حدود‭ ‬العلاقات‭ ‬المستقبلية‭ ‬وخاصة‭ ‬مع‭ ‬الخليج‭ ‬العربي،‭ ‬يتم‭ ‬تسليط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬معلومات‭ ‬غير‭ ‬مباشرة‭ ‬حول‭ ‬تطور‭ ‬الصين‭ ‬السياسي‭ ‬والاقتصادي؛‭ ‬حيث‭ ‬تعتمد‭ ‬هذه‭ ‬المعلومات‭ ‬على‭ ‬مصادر‭ ‬ثانوية‭ ‬مثل‭: (‬التقارير‭ ‬والمقالات‭ ‬باللغة‭ ‬الإنجليزية‭)‬؛‭ ‬مما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬انطباعات‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬سطحية‭ ‬أو‭ ‬مضللة‭ ‬عنها‭.‬

بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬مدى‭ ‬قلة‭ ‬رجال‭ ‬الأعمال‭ ‬أو‭ ‬المسؤولين‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬الذين‭ ‬عاشوا‭ ‬في‭ ‬الصين‭ ‬ويمكنهم‭ ‬العمل‭ ‬كحلقة‭ ‬وصل‭ ‬بين‭ ‬الطرفين،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬جالية‭ ‬صينية‭ ‬تعيش‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬وتختلط‭ ‬بسهولة‭ ‬مع‭ ‬نظرائها‭ ‬العرب‭.‬

ورغم‭ ‬هذه‭ ‬القيود،‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬المعلقون‭ ‬الغربيون‭ ‬يشعرون‭ ‬بالقلق‭ ‬بشأن‭ ‬تراجع‭ ‬النفوذ‭ ‬الأمريكي‭ ‬وزيادة‭ ‬سمعة‭ ‬الصين،‭ ‬حيث‭ ‬حثوا‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬بقيادة‭ ‬الرئيس‭ ‬بايدن‭ ‬على‭ ‬اتخاذ‭ ‬إجراءات‭ ‬حاسمة‭ ‬وطويلة‭ ‬الأمد‭. ‬وقد‭ ‬أكد‭ ‬سينغ‭ ‬أن‭ ‬التحدي‭ ‬الرئيسي‭ ‬الذي‭ ‬تواجهه‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬هو‭ ‬كيفية‭ ‬التوازن‭ ‬بين‭ ‬الرغبة‭ ‬في‭ ‬تقليل‭ ‬وجودها‭ ‬الفعلي‭ ‬وتحسين‭ ‬قدرات‭ ‬شركائها،‭ ‬مع‭ ‬الحاجة‭ ‬أيضًا‭ ‬إلى‭ ‬معالجة‭ ‬التهديدات‭ ‬الإقليمية‭ ‬المستمرة‭ ‬والناشئة،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬رأى‭ ‬ألترمان‭ ‬أنه‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬صانعي‭ ‬السياسات‭ ‬أن‭ ‬يحددوا‭ ‬أولًا‭ ‬وقبل‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬مدى‭ ‬أهمية‭ ‬ومكانة‭ ‬المنطقة‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الدولية‭ ‬الخاصة‭ ‬بهم‭.‬

وكجزء‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬أشار‭ ‬ألترمان‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬واشنطن‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تعيد‭ ‬تعريف‭ ‬دورها‭ ‬الأمني‭ ‬من‭ ‬الشرطي‭ ‬إلى‭ ‬الشريك،‭ ‬موضحًا‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬إنهاء‭ ‬الدعم‭ ‬الأمريكي‭ ‬المباشر،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬قد‭ ‬اعترف‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬عملية‭ ‬تستغرق‭ ‬عقودًا،‭ ‬ولكن‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬أولوية‭ ‬استراتيجية‭ ‬للإدارات‭ ‬المستقبلية‭. ‬كما‭ ‬حثهم‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬الرحلات‭ ‬السياسية‭ ‬لوزير‭ ‬الخارجية‭ ‬كحل‭ ‬لتغيير‭ ‬الأوضاع‭ ‬الجارية‭. ‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬الاعتراف‭ ‬بأن‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬تستمر‭ ‬في‭ ‬رؤية‭ ‬تنافس‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والصين‭ ‬فرصة‭ ‬لدعم‭ ‬مصالحها،‭ ‬ونظرًا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬كمنطقة‭ ‬أثبتت‭ ‬أنها‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬مسرح‭ ‬لأحداث‭ ‬ذات‭ ‬تأثير‭ ‬عالمي‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬لاعب‭ ‬رئيسي‭ ‬أيضًا،‭ ‬فإن‭ ‬البقاء‭ ‬في‭ ‬فئة‭ ‬لا‭ ‬تنتمي‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬المعسكرات‭ ‬الجيوسياسية‭ ‬هو‭ ‬الأمر‭ ‬الأكثر‭ ‬فائدة‭ ‬لطموحاتها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والأمنية‭ ‬والاستراتيجية‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا