يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
جريمة في الأمم المتحدة
إذا أردنا أن نعرف الهاوية السحيقة من الانحطاط السياسي والأخلاقي والقيمي التي انحدر إليها العالم اليوم، ما علينا سوى أن نتأمل هذا المشهد في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
أعني مشهد وقوف مجرم الحرب والإبادة نتنياهو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة متحدثا وما قاله من على هذا المنبر الأممي.
نتنياهو مجرم حرب وإبادة المفروض أن مكانه خلف القضبان ليحاكم على جرائمه. هذا هو ما توصلت إليه المحكمة الجنائية الدولية بعد تحقيقات مطولة في جرائم الحرب والإبادة الجماعية في غزة، ولهذا طلب رئيس المحكمة إصدار أمر قبض على نتنياهو ومحاكمته، وهو القرار الذي عجزت المحكمة عن إعلانه حتى اليوم لأسباب الكل يعرفها.
وهذا هو ما توصلت إليه كل التقارير الدولية وتقارير كل المنظمات الإنسانية والتقارير المستقلة عن حرب إبادة غزة. كل هذه التقارير توصلت إلى أن نتنياهو ارتكب جرائم حرب وإبادة بحسب كل المعايير القانونية الدولية.
هذا المجرم وقف متحدثا على منبر الجمعية العامة للأم المتحدة، فماذا قال؟.
وقف نتنياهو أمام العالم متفاخرا بجرائمه في كل مكان.. في غزة وفي لبنان وفي أي مكان. ليس هذا فحسب، بل إنه اعتبر أن هذه الجرائم هي ليست فقط «دفاعا عن النفس» بل هي دفاع عن «الحضارة الإنسانية» في مواجهة «الأعداء المتوحشين». الفلسطينيون الأبرياء الذي يحتل نتنياهو أرضهم ويبيدهم جماعيا أعداء متوحشون. كل العرب والمسلمين الذين يعتدي عليهم أعداء متوحشون.. جرائم الحرب والإبادة التي يرتكبها تجسد الحضارة الإنسانية. منتهى الاحتقار لأي قيمة إنسانية في تاريخ البشرية.
ومن على منبر الأمم المتحدة هدد نتنياهو بأنه سيفعل ما يشاء وأنه سيهاجم أي دولة وأي مكان.
نتنياهو يقول للعالم بعبارة أخرى بمنتهى الصراحة والوضوح إنه سيدوس القانون الدولي بالأقدام في أي وقت يشاء، ولن يضع أي اعتبار لأي قيمة إنسانية.
ولم يكتف نتنياهو بهذا، بل، ومن على منبر الأمم المتحدة، لن يتردد في سب المنظمة الدولية وكل المنظمات التابعة لها ووصفها بأبشع الصفات.
قال إن الأمم المتحدة أصبحت «مهزلة مثيرة للازدراء»، واتهمها هي والمحكمة الجنائية بأنها أصبحت مستنقعا لمعاداة السامية. كل هذا لأن الأمم المتحدة ومنظماتها الدولية تجرأت وأدانت إبادة شعب بأسره.
أن يسمح العالم لهذا المجرم بأن يقف على منبر الأمم المتحدة بعد كل الجرائم التي يرتكبها هي في حد ذاتها جريمة. جريمة بحق البشرية وحق القانون الدولي وحق أي قيمة إنسانية.
الأزمة ليست في الأمم المتحدة، فهذه المنظمة الدولية التي من المفترض أن تحمي العالم وتحاسب مرتكبي الحرب والإبادة مشلولة وعاجزة، وأي قرار تتخذه لم يعد له قيمة ولا وزن.
الأزمة أن القوى الغربية الكبرى المهيمنة على النظام الدولي هي التي تشل عمل المنظمة، وهي التي تحمي الكيان الإسرائيلي وتشارك في كل جرائمه وتحميه من أي حساب أو أي محاولة لردعه.
لهذا لم يكن صدفة أن أغلب الدول في كلماتها أمام الجمعية العامة أجمعت على أن المطلب الأساسي هو إصلاح الأمم المتحدة ومؤسساتها وعلى رأسها مجلس الأمن على أمل أن يقود هذا الإصلاح إلى جعل المنظمة أكثر فعالية ومعبرة حقا عن إرادة الشعوب ولديها القدرة على ردع جرائم الحرب في العالم.
وفي كل الأحوال، كما ذكرت في البداية سيبقى وقوف نتنياهو على منبر الأمم المتحدة وما قاله أكبر تجسيد لما وصل إليه العالم من انحطاط ومن عجز مطلق. العالم في الحقيقة هو اليوم رهينة بيد الإجرام الغربي الصهيوني.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك