يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
هذا الإعلام العربي المجرم
تحدثت أمس عن مقال الكاتب عبدالعزيز بن رازن عضو كرسي الإعلام الجديد بجامعة الملك سعود وعنوانه «هل أصبح لإسرائيل قوة «أقلام» ناعمة عربية؟» والذي يناقش ظاهرة الكتاب وأجهزة الإعلام العربية التي أصبحت عمليا تصطف إلى جانب إسرائيل وتخدمها.
هذه ظاهرة في منتهى الخطورة خصوصا في الوقت الذي تتعرض فيه الأمة العربية كلها، وليس الفلسطينيون وحدهم، لهجمة شرسة تستهدف تدمير مستقبل الأمة بأسره بالمعنى الحرفي.
أول سؤال لا بد أن نطرحه في أي مناقشة لهذه الظاهرة هو، كيف نفسرها؟.. ما الذي يفسر أن كتَّابا عربا أو أجهزة إعلام أو مواقع تواصل عربية يدافعون عن أعداء الأمة، وتتخذ مواقف إعلامية وسياسية تخدم أهداف هؤلاء الأعداء؟.. كيف يمكن لأي عربي أن يتجاهل إبادة مئات الآلاف من أهلنا في غزة أو في أي مكان عربي، ويتخذ مثل هذه المواقف التي تخدم العدو؟
في هذه الظروف التي نمر بها، يعتبر الصمت عن جرائم الإبادة الإسرائيلية وعن المواقف الغربية والإحجام عن الدفاع عن الأمة جريمة في حد ذاته، فما بالك بمن يقدم تبريرات لهذه الجرائم خدمة للمجرمين الإسرائيليين والغربيين؟
هذا الإعلام العربي الذي يخدم المجرمين الإسرائيليين ظاهرة شاذة في الوقت الحاضر. حرب الإبادة الإسرائيلية وما كشفت عنه من مواقف غربية مؤيدة لهذه الإبادة ومشاركة فيها أيقظت العرب والعالم كله على حقيقة الكيان الإسرائيلي والمشروع الصهيوني وطبيعته الإرهابية الإجرامية، وعلى حقيقة الكفاح الفلسطيني من أجل الحرية والاستقلال وحتمية مناصرة هذا الحق.
في ظل هذه الحقيقة يتضح أن الذين يتخذون مثل هذه المواقف من الكتاب أو الإعلاميين العرب يرتكبون جريمة كبرى.
إذن، كيف يمكن أن نفسر هذه الظاهرة الخطيرة الشاذة؟
قبل كل شيء، ليس سرا أن الإسرائيليين اخترقوا الساحة العربية منذ سنوات طويلة، وحتى قبل حرب الإبادة الحالية لغزة، ومن بينها ساحة الإعلام، واستطاعوا تجنيد بعض الكتاب والإعلاميين العرب.
بعبارة أخرى، لدينا اليوم في الإعلام العربي كتاب وإعلاميون، أيا كان عددهم، أصبحوا مرتبطين مصلحيا بإسرائيل ويدافعون عنها لهذا السبب بشكل مباشر أو غير مباشر.
بالتأكيد هناك قطاع من الكتاب والإعلاميين يعتقدون أن هذه المواقف التي يعبرون عنها مواقف صحيحة تعبر عن قناعاتهم الشخصية من حقهم التعبير عنها. لكن حتى في هذه الحالة لا يمكن أن يكون مقبولا التعبير عن هذه المواقف التي تخدم إسرائيل في الظروف الحالية. ليس هذا مقبولا لا سياسا ولا أخلاقيا ولا وطنيا.
عموما وأيا كان التفسير هذه ظاهرة لها نتائج خطيرة.
الكاتب عبدالعزيز بن رازن لخص أهم هذه النتائج في جملة معبرة حين قال: «قد تكون لهؤلاء الكُتّاب أسبابهم أو مصالحهم، لكن تلك المقالات لا تخدم المواجهة الدائرة اليوم سياسيًا واجتماعيًا وعسكريًا. إنها تدخل في باب زعزعة الثقة النفسية بأهمية الاستمرار في المواجهة، وهي خطوة تسبق الهزيمة النفسية والاستسلام المبكر».
هذا بالفعل أخطر ما يفعله هذا الإعلام الذي يصطف بجانب إسرائيل مباشرة أو بشكل غير مباشر. هذا إعلام يخدم هدف أعداء الأمة في أن يشعر المواطنون العرب بالهزيمة النفسية وبالانكسار ويستسلمون للواقع الحالي.
في أوقات الأزمات الكبرى وحين تتعرض الأمة لهجمة عدوانية شرسة كما يحدث اليوم تكون المهمة الأساسية للكتاب والمثقفين والإعلام عموما تعزيز الثقة بالنفس وبقدرات الأمة على تجاوز المحنة، والدعوة إلى الصمود وإلى استنهاض الهمم.
هذه مهمة أساسية للإعلام العربي اليوم وخصوصا كما نقول مرارا إن معركة الأمة العربية مع إسرائيل وأعداء الأمة معركة طويلة ممتدة. وهذه ليست معركة للدفاع عن فلسطين فقط وإنما عن وجود الأمة ذاته بعد أن أظهرت حرب الإبادة الحالية أن الهدف الحقيقي هو إبادة الأمة بأسرها.
لكل هذا، الإعلام العربي الذي يدافع عن العدو ويقدم له مبررات العدوان والإبادة ويسعى لتكريس قيم الهزيمة والانكسار والاستسلام هو إعلام عربي مجرم بكل معنى الكلمة.. مجرم بحق الأمة وبحق أرواح الشهداء وضحايا الإبادة وبحق مستقبل أوطاننا وأبنائنا وأحفادنا.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك