العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

هذا الإعلام العربي المجرم

تحدثت‭ ‬أمس‭ ‬عن‭ ‬مقال‭ ‬الكاتب‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬بن‭ ‬رازن‭ ‬عضو‭ ‬كرسي‭ ‬الإعلام‭ ‬الجديد‭ ‬بجامعة‭ ‬الملك‭ ‬سعود‭ ‬وعنوانه‭ ‬‮«‬هل‭ ‬أصبح‭ ‬لإسرائيل‭ ‬قوة‭ ‬‮«‬أقلام‮»‬‭ ‬ناعمة‭ ‬عربية؟‮»‬‭ ‬والذي‭ ‬يناقش‭ ‬ظاهرة‭ ‬الكتاب‭ ‬وأجهزة‭ ‬الإعلام‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬عمليا‭ ‬تصطف‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬إسرائيل‭ ‬وتخدمها‭.‬

هذه‭ ‬ظاهرة‭ ‬في‭ ‬منتهى‭ ‬الخطورة‭ ‬خصوصا‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تتعرض‭ ‬فيه‭ ‬الأمة‭ ‬العربية‭ ‬كلها،‭ ‬وليس‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬وحدهم،‭ ‬لهجمة‭ ‬شرسة‭ ‬تستهدف‭ ‬تدمير‭ ‬مستقبل‭ ‬الأمة‭ ‬بأسره‭ ‬بالمعنى‭ ‬الحرفي‭.‬

أول‭ ‬سؤال‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬نطرحه‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مناقشة‭ ‬لهذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬هو،‭ ‬كيف‭ ‬نفسرها؟‭.. ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬يفسر‭ ‬أن‭ ‬كتَّابا‭ ‬عربا‭ ‬أو‭ ‬أجهزة‭ ‬إعلام‭ ‬أو‭ ‬مواقع‭ ‬تواصل‭ ‬عربية‭ ‬يدافعون‭ ‬عن‭ ‬أعداء‭ ‬الأمة،‭ ‬وتتخذ‭ ‬مواقف‭ ‬إعلامية‭ ‬وسياسية‭ ‬تخدم‭ ‬أهداف‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأعداء؟‭.. ‬كيف‭ ‬يمكن‭ ‬لأي‭ ‬عربي‭ ‬أن‭ ‬يتجاهل‭ ‬إبادة‭ ‬مئات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬أهلنا‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مكان‭ ‬عربي،‭ ‬ويتخذ‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬المواقف‭ ‬التي‭ ‬تخدم‭ ‬العدو؟

في‭ ‬هذه‭ ‬الظروف‭ ‬التي‭ ‬نمر‭ ‬بها،‭ ‬يعتبر‭ ‬الصمت‭ ‬عن‭ ‬جرائم‭ ‬الإبادة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬وعن‭ ‬المواقف‭ ‬الغربية‭ ‬والإحجام‭ ‬عن‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬الأمة‭ ‬جريمة‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاته،‭ ‬فما‭ ‬بالك‭ ‬بمن‭ ‬يقدم‭ ‬تبريرات‭ ‬لهذه‭ ‬الجرائم‭ ‬خدمة‭ ‬للمجرمين‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬والغربيين؟

هذا‭ ‬الإعلام‭ ‬العربي‭ ‬الذي‭ ‬يخدم‭ ‬المجرمين‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬ظاهرة‭ ‬شاذة‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحاضر‭. ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬وما‭ ‬كشفت‭ ‬عنه‭ ‬من‭ ‬مواقف‭ ‬غربية‭ ‬مؤيدة‭ ‬لهذه‭ ‬الإبادة‭ ‬ومشاركة‭ ‬فيها‭ ‬أيقظت‭ ‬العرب‭ ‬والعالم‭ ‬كله‭ ‬على‭ ‬حقيقة‭ ‬الكيان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬والمشروع‭ ‬الصهيوني‭ ‬وطبيعته‭ ‬الإرهابية‭ ‬الإجرامية،‭ ‬وعلى‭ ‬حقيقة‭ ‬الكفاح‭ ‬الفلسطيني‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الحرية‭ ‬والاستقلال‭ ‬وحتمية‭ ‬مناصرة‭ ‬هذا‭ ‬الحق‭.‬

في‭ ‬ظل‭ ‬هذه‭ ‬الحقيقة‭ ‬يتضح‭ ‬أن‭ ‬الذين‭ ‬يتخذون‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬المواقف‭ ‬من‭ ‬الكتاب‭ ‬أو‭ ‬الإعلاميين‭ ‬العرب‭ ‬يرتكبون‭ ‬جريمة‭ ‬كبرى‭.‬

إذن،‭ ‬كيف‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نفسر‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬الخطيرة‭ ‬الشاذة؟

قبل‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬ليس‭ ‬سرا‭ ‬أن‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬اخترقوا‭ ‬الساحة‭ ‬العربية‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة،‭ ‬وحتى‭ ‬قبل‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الحالية‭ ‬لغزة،‭ ‬ومن‭ ‬بينها‭ ‬ساحة‭ ‬الإعلام،‭ ‬واستطاعوا‭ ‬تجنيد‭ ‬بعض‭ ‬الكتاب‭ ‬والإعلاميين‭ ‬العرب‭.‬

بعبارة‭ ‬أخرى،‭ ‬لدينا‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬الإعلام‭ ‬العربي‭ ‬كتاب‭ ‬وإعلاميون،‭ ‬أيا‭ ‬كان‭ ‬عددهم،‭ ‬أصبحوا‭ ‬مرتبطين‭ ‬مصلحيا‭ ‬بإسرائيل‭ ‬ويدافعون‭ ‬عنها‭ ‬لهذا‭ ‬السبب‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬مباشر‭.‬

بالتأكيد‭ ‬هناك‭ ‬قطاع‭ ‬من‭ ‬الكتاب‭ ‬والإعلاميين‭ ‬يعتقدون‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المواقف‭ ‬التي‭ ‬يعبرون‭ ‬عنها‭ ‬مواقف‭ ‬صحيحة‭ ‬تعبر‭ ‬عن‭ ‬قناعاتهم‭ ‬الشخصية‭ ‬من‭ ‬حقهم‭ ‬التعبير‭ ‬عنها‭. ‬لكن‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬مقبولا‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬المواقف‭ ‬التي‭ ‬تخدم‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬الظروف‭ ‬الحالية‭. ‬ليس‭ ‬هذا‭ ‬مقبولا‭ ‬لا‭ ‬سياسا‭ ‬ولا‭ ‬أخلاقيا‭ ‬ولا‭ ‬وطنيا‭.‬

عموما‭ ‬وأيا‭ ‬كان‭ ‬التفسير‭ ‬هذه‭ ‬ظاهرة‭ ‬لها‭ ‬نتائج‭ ‬خطيرة‭.‬

الكاتب‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬بن‭ ‬رازن‭ ‬لخص‭ ‬أهم‭ ‬هذه‭ ‬النتائج‭ ‬في‭ ‬جملة‭ ‬معبرة‭ ‬حين‭ ‬قال‭: ‬‮«‬قد‭ ‬تكون‭ ‬لهؤلاء‭ ‬الكُتّاب‭ ‬أسبابهم‭ ‬أو‭ ‬مصالحهم،‭ ‬لكن‭ ‬تلك‭ ‬المقالات‭ ‬لا‭ ‬تخدم‭ ‬المواجهة‭ ‬الدائرة‭ ‬اليوم‭ ‬سياسيًا‭ ‬واجتماعيًا‭ ‬وعسكريًا‭. ‬إنها‭ ‬تدخل‭ ‬في‭ ‬باب‭ ‬زعزعة‭ ‬الثقة‭ ‬النفسية‭ ‬بأهمية‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬المواجهة،‭ ‬وهي‭ ‬خطوة‭ ‬تسبق‭ ‬الهزيمة‭ ‬النفسية‭ ‬والاستسلام‭ ‬المبكر‮»‬‭.‬

هذا‭ ‬بالفعل‭ ‬أخطر‭ ‬ما‭ ‬يفعله‭ ‬هذا‭ ‬الإعلام‭ ‬الذي‭ ‬يصطف‭ ‬بجانب‭ ‬إسرائيل‭ ‬مباشرة‭ ‬أو‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬مباشر‭. ‬هذا‭ ‬إعلام‭ ‬يخدم‭ ‬هدف‭ ‬أعداء‭ ‬الأمة‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يشعر‭ ‬المواطنون‭ ‬العرب‭ ‬بالهزيمة‭ ‬النفسية‭ ‬وبالانكسار‭ ‬ويستسلمون‭ ‬للواقع‭ ‬الحالي‭.‬

في‭ ‬أوقات‭ ‬الأزمات‭ ‬الكبرى‭ ‬وحين‭ ‬تتعرض‭ ‬الأمة‭ ‬لهجمة‭ ‬عدوانية‭ ‬شرسة‭ ‬كما‭ ‬يحدث‭ ‬اليوم‭ ‬تكون‭ ‬المهمة‭ ‬الأساسية‭ ‬للكتاب‭ ‬والمثقفين‭ ‬والإعلام‭ ‬عموما‭ ‬تعزيز‭ ‬الثقة‭ ‬بالنفس‭ ‬وبقدرات‭ ‬الأمة‭ ‬على‭ ‬تجاوز‭ ‬المحنة،‭ ‬والدعوة‭ ‬إلى‭ ‬الصمود‭ ‬وإلى‭ ‬استنهاض‭ ‬الهمم‭.‬

هذه‭ ‬مهمة‭ ‬أساسية‭ ‬للإعلام‭ ‬العربي‭ ‬اليوم‭ ‬وخصوصا‭ ‬كما‭ ‬نقول‭ ‬مرارا‭ ‬إن‭ ‬معركة‭ ‬الأمة‭ ‬العربية‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‭ ‬وأعداء‭ ‬الأمة‭ ‬معركة‭ ‬طويلة‭ ‬ممتدة‭. ‬وهذه‭ ‬ليست‭ ‬معركة‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬فلسطين‭ ‬فقط‭ ‬وإنما‭ ‬عن‭ ‬وجود‭ ‬الأمة‭ ‬ذاته‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أظهرت‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الحالية‭ ‬أن‭ ‬الهدف‭ ‬الحقيقي‭ ‬هو‭ ‬إبادة‭ ‬الأمة‭ ‬بأسرها‭.‬

لكل‭ ‬هذا،‭ ‬الإعلام‭ ‬العربي‭ ‬الذي‭ ‬يدافع‭ ‬عن‭ ‬العدو‭ ‬ويقدم‭ ‬له‭ ‬مبررات‭ ‬العدوان‭ ‬والإبادة‭ ‬ويسعى‭ ‬لتكريس‭ ‬قيم‭ ‬الهزيمة‭ ‬والانكسار‭ ‬والاستسلام‭ ‬هو‭ ‬إعلام‭ ‬عربي‭ ‬مجرم‭ ‬بكل‭ ‬معنى‭ ‬الكلمة‭.. ‬مجرم‭ ‬بحق‭ ‬الأمة‭ ‬وبحق‭ ‬أرواح‭ ‬الشهداء‭ ‬وضحايا‭ ‬الإبادة‭ ‬وبحق‭ ‬مستقبل‭ ‬أوطاننا‭ ‬وأبنائنا‭ ‬وأحفادنا‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا