المتأمل لنهج صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المعظم حفظه الله ورعاه يرى فيه تغليب الجانب الإنساني والأبوي والتسامح والإحسان والعدالة في كثير من جوانب إدارة الدولة بما لا يخل بهيبة الدولة وتطبيق القانون، وهذه الصفات الحميدة من شيم الكرام ومن سجايا النفوس العظام وهذه من أجلِّ الصفات وما كانت في قائد إلا زادته عزاً ورفعة ومكانة بين شعبه وخارج حدود وطنه وإنّ من الفضائل الأخلاقية التي لا يصل الإنسان إلى مراتب الكمال دونها هي صفة العفو عن زلّات الآخرين وهفواتهم وعدم الانتقام منهم.
جلالة الملك المعظم قائد حكيم نشأ وترعرع على الفضيلة والقيم وسمو الأخلاق في مجالس القادة والحكماء وصفوة رجال البحرين في أسرة كريمة توارثت الخصال الحميدة جيلاً بعد جيل حتى أضحت سمة ومنهج حياة انعكس أثرها على كل أطياف المجتمع البحريني الكريم، ملك أحب شعبه وبادله شعبه الحب والولاء المطلق وإذا أحب الناس ولي أمرهم أعانوه وشاركوه المسؤولية، فكانوا لمروءته أوفياء وعلى عهده أمناء يدينون له بالولاء في حضوره وغيابه ورحمة جلالة الملك جعلته أكثر التصاقا بشعبه.
المبادرات الملكية السامية تؤكد حرص جلالته على إعلاء قيم التسامح والعدالة والتسامح، إنه الصفح والعفو والإحسان، في مواجهة نزعات التعصب والتطرف والغلو، والتسامح خلق إسلامي أصيل، حث عليه ديننا الإسلامي الحنيف وحبب المكلفين فيه، وجعله منهاجًا لتعامل المسلم مع إخوانه، والأعظم من ذلك عندما يكون التسامح من الحاكم تجاه رعيته هنا تكتمل عظمة القائد فيستقر الحكم ويرتقي الوطن والرحمة أساس الملك، وبركة الحاكم سبب لالتفاف الشعوب حول قادتهم، ولنا في رسولنا الكريم أسوة حسنة قال صلى الله عليه وسلم: «إذا كان يوم القيامة نادى مناد يقول، أين العافون عن الناس هلموا إلى ربكم وخذوا أجوركم وحق على كل أمرئ مسلم إذا عفا أن يدخل الجنة»، وقال تعالى: (والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين).
العفو عن المسيئين والمخطئين دليل على القوة وعلوّ الإنسان ورفعة مكانته ومقامه، فالعفو لا يأتي إلا من قائد حكيم والعفو يحتاج قوة عظيمة لا يمتلكها إلا العظماء، في العفو قوة أكبر بكثير من الانتقام، وهو من أكثر الصفات التي حرص العرب على التحلي بها، والتغني بصاحبها، فهو خلق كريم يرتقي بالمرء إلى سماء الفضيلة والشموخ وحسن الخلق يقول الإمام الشافعي رحمه الله في قصيدته:
الناس للناس مادام الوفاء بهم
والعسر واليسر أوقات وساعات
وأكرم الناس ما بين الورى رجل
تُقضى على يده للناس حاجات
لا تقطعن يد المعروف عن أحد
ما دمت تقدر والأيام تارات
واذكر فضيلة صنع الله إذ جعلت
إليك لا لك عند الناس حاجات
قد مات قوم وما ماتت فضائلهم
وعاش قوم وهم في الناس أموات
في نهج الملك المعظم حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة حفظه الله ورعاه لا يقتصر العفو على المحكوم عليهم بعقوبات السجن، بل إن هناك قضايا كثيرة وكبيرة يعفو بها على شعبه قد لا نسمع بأكثرها ولا يعلم بها عامة الشعب ولكن بين الحاكم وشعبه كثير من تفريجات الهموم والصفح لا يدرك أثرها وعظمتها إلا من أزيح عنه همّ أو فُرجت عنه كربة أو أعفي من مخالفة أقضت منامه ويمكن تصنيفها في باب الرفق بالرعية وهذا يعكس حرص جلالته على تماسك وصلابة المجتمع البحريني فالاهتمام بالشعب والحرص على مصالحة تاجٌ حمله جلالته فتوجه ملكاً على عرش القلوب وأكسبه الحب والتعاطف والولاء التام الذي تجلى في أجمل صورة.
الرؤية الحكيمة والمستنيرة لصاحب الجلالة الملك المعظم منذ توليه مقاليد الحكم منذ 25 عاما كانت زاخرة بالقيم الإنسانية النبيلة، وتعزيز روابط التسامح والوئام بين الشعوب والمجتمعات والتي بدورها جعلت من البحرين بلدا صانعا للأمن والسلام والطمأنينة والوئام والتعايش السلمي وهذه البذرة الطيبة التي غرسها جلالته وتوارثها حكام مملكتنا الحبيبة منذ قديم الزمان من أجل عالم يسوده السلام والمحبة والتعايش السلمي.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك