العدد : ١٦٩٨١ - الخميس ١٩ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٦ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٨١ - الخميس ١٩ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٦ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

القيادة الخضراء وجودة بيئة العمل

بقلم: د. فاطمة ناصر العالي

الأربعاء ١٨ سبتمبر ٢٠٢٤ - 02:00

لقد‭ ‬ظهر‭ ‬مفهوم‭ ‬القيادة‭ ‬الخضراء‭ ‬بداية‭ ‬كمفهوم‭ ‬أكاديمي‭ ‬تحت‭ ‬مسمى‭ ‬‮«‬إدارة‭ ‬الموارد‭ ‬البشرية‭ ‬الخضراء‭ ‬أو‭ ‬إدارة‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‮»‬‭ ‬وقد‭ ‬ذكر‭ ‬‮«‬ويرماير‭ (‬1996‭)‬‮»‬‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬وضع‭ ‬الأساس‭ ‬لفكرته‭ ‬القائلة‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬الشركات‭ ‬أو‭ ‬المؤسسات‭ ‬سوف‭ ‬تنتهج‭ ‬نهجًا‭ ‬واعيًا‭ ‬بالبيئة‭ ‬في‭ ‬أنشطتها،‭ ‬فإن‭ ‬الموظفين‭ ‬هم‭ ‬مفتاح‭ ‬نجاحها‭ ‬أو‭ ‬فشلها‮»‬‭. ‬وعلى‭ ‬أساس‭ ‬ذلك‭ ‬فقد‭ ‬تمت‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬مفهوم‭ ‬القيادة‭ ‬الخضراء‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬الأمر‭ ‬كمصطلح‭ ‬إداري‭ ‬قائم‭ ‬على‭ ‬المسؤولية‭ ‬البيئية،‭ ‬مركزًا‭ ‬على‭ ‬دمج‭ ‬مبادئ‭ ‬الاستدامة‭ ‬وحماية‭ ‬البيئة‭ ‬ضمن‭ ‬استراتيجيات‭ ‬وأهداف‭ ‬المؤسسة،‭ ‬وفي‭ ‬عملية‭ ‬قيادة‭ ‬فرق‭ ‬العمل‭ ‬بمختلف‭ ‬أنماطها،‭ ‬حيثُ‭ ‬تهدف‭ ‬هذه‭ ‬القيادة‭ ‬الخضراء‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬التوازن‭ ‬بين‭ ‬أبعاد‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬وهي،‭ ‬البيئية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والاجتماعية،‭ ‬واعتماد‭ ‬نهج‭ ‬الاستدامة‭ ‬والمسؤولية،‭ ‬وتشجيع‭ ‬الابتكار‭ ‬والتغيير‭ ‬الإيجابي‭ ‬وتعزيز‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬فئات‭ ‬الموظفين،‭ ‬مما‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬تحسين‭ ‬سمعة‭ ‬المؤسسات‭ ‬التي‭ ‬تتبنى‭ ‬القيادة‭ ‬الخضراء‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬العمل‭. ‬كذلك‭ ‬فإن‭ ‬بيئة‭ ‬العمل‭ ‬الصحية‭ ‬تعزز‭ ‬بالتأكيد‭ ‬من‭ ‬إنتاجية‭ ‬الموظفين،‭ ‬وتجذب‭ ‬العملاء‭ ‬لتلك‭ ‬المؤسسات‭ ‬للاستفادة‭ ‬مما‭ ‬تقدمة‭ ‬من‭ ‬منتجات‭ ‬وخدمات‭ ‬مستدامة‭.‬

لذا‭ ‬فإن‭ ‬القيادة‭ ‬الخضراء‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬اتجاه‭ ‬يركز‭ ‬على‭ ‬التوجهات‭ ‬البيئية‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬العمل،‭ ‬إنما‭ ‬تطور‭ ‬هذا‭ ‬المفهوم‭ ‬ليشمل‭ ‬آليات‭ ‬الإدارة‭ ‬والتفكير‭ ‬الإيجابي‭ ‬الأخضر‭ ‬نحو‭ ‬قيادة‭ ‬فرق‭ ‬العمل،‭ ‬التي‭ ‬تعدُ‭ ‬استراتيجية‭ ‬شاملة‭ ‬تعزز‭ ‬من‭ ‬جودة‭ ‬بيئة‭ ‬العمل‭ ‬وتسهم‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الأهداف‭ ‬البيئية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬لمؤسسات‭ ‬العمل‭. ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬تبني‭ ‬هذه‭ ‬المبادئ،‭ ‬يمكن‭ ‬للمؤسسات‭ ‬أن‭ ‬تخلق‭ ‬بيئة‭ ‬عمل‭ ‬أكثر‭ ‬استدامة‭ ‬وإنتاجية‭. ‬ومما‭ ‬سبق‭ ‬يمكن‭ ‬تحديد‭ ‬مفهوم‭ ‬القيادة‭ ‬الخضراء‭ ‬بأنها‭: ‬‮«‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬قيم‭ ‬العمل‭ ‬ذات‭ ‬النمط‭ ‬المتعمق‭ ‬في‭ ‬الأحاسيس‭ ‬الملامسة‭ ‬للإنسان‭ ‬والقادرة‭ ‬على‭ ‬التعبير‭ ‬عنه‭ ‬بصدق،‭ ‬والقادرة‭ ‬على‭ ‬إضاءة‭ ‬مختلف‭ ‬الأفكار‭ ‬الخلاقّة‭ ‬والابداعية‭ ‬التي‭ ‬بإمكانها‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬تحريك‭ ‬الطاقات‭ ‬البشرية‭ ‬الكامنة،‭ ‬التي‭ ‬يظهر‭ ‬دورها‭ ‬في‭ ‬ممارسة‭ ‬السلوكيات‭ ‬البيئية‭ ‬الأخلاقية‭ ‬السليمة‭ ‬وفهمه‭ ‬لأصولها‭.‬

وتعد‭ ‬القيادة‭ ‬الخضراء‭ ‬وسيلة‭ ‬لتحقيق‭ ‬هدف‭ ‬وليس‭ ‬غاية‭ ‬في‭ ‬ذاتها،‭ ‬لأنها‭ ‬تمثل‭ ‬إحدى‭ ‬القضايا‭ ‬المهمة‭ ‬ألا‭ ‬وهي‭ ‬الاستدامة،‭ ‬التي‭ ‬تَعني‭ ‬‮«‬التفكير‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬والمحافظة‭ ‬عليه‭ ‬للأجيال‭ ‬القادمة‮»‬‭ ‬وتهدف‭ ‬إلى‭ ‬تحديد‭ ‬الأهداف‭ ‬الجماعية‭ ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬توجيه‭ ‬المجتمع‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الأهداف‭ ‬بالاشتراك‭ ‬مع‭ ‬الأفراد‭ ‬والمنظمات‭ ‬المختلفة،‭ ‬كما‭ ‬يركز‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬القيادة‭ ‬على‭ ‬إدارة‭ ‬العلاقات‭ ‬وتعزيز‭ ‬سلوكيات‭ ‬قيادية‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬القيادة‭ ‬التقليدية،‭ ‬حيث‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬رأس‭ ‬المال‭ ‬للعقل‭ ‬البشري؛‭ ‬إذ‭ ‬تعتَبِر‭ ‬العاملين‭ ‬كنزًا‭ ‬يجب‭ ‬رعايته‭ ‬والحفاظ‭ ‬عليه‭ ‬بواسطة‭ ‬تنمية‭ ‬مهارات‭ ‬الأفراد‭ ‬ذوي‭ ‬الفكر‭ ‬الإبداعي‭ ‬والابتكاري‭ ‬وتمكينهم‭ ‬من‭ ‬المشاركة‭ ‬الفعالة‭ ‬في‭ ‬تجويد‭ ‬بيئة‭ ‬العمل،‭ ‬وبما‭ ‬أن‭ ‬نوع‭ ‬القيادة‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يتحكم‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬العمل‭ ‬ويتضح‭ ‬أثره‭ ‬على‭ ‬المجتمع،‭ ‬وأن‭ ‬محاكاة‭ ‬القائد‭ ‬وسيلة‭ ‬أساسية‭ ‬لنهضة‭ ‬الأوطان‭ ‬وتقدمها،‭ ‬لذا‭ ‬بات‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬تمكين‭ ‬قادة‭ ‬بيئة‭ ‬العمل‭ ‬بشكل‭ ‬دوري‭ ‬ومستدام‭ ‬من‭ ‬مهارات‭ ‬القيادة‭ ‬الخضراء‭ ‬لتوسيع‭ ‬طاقات‭ ‬الموظفين‭ ‬وتبادل‭ ‬خبراتهم‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬وحدة‭ ‬الفكر‭ ‬بين‭ ‬أفراد‭ ‬المؤسسات‭ ‬بحيث‭ ‬يكون‭ ‬أداء‭ ‬الفرد‭ ‬منهم‭ ‬مؤشرا‭ ‬ودليلًا‭ ‬على‭ ‬أداء‭ ‬المؤسسة‭ ‬كليًّا‭.‬

‭ ‬ويمكننا‭ ‬تحديد‭ ‬مهارات‭ ‬القائد‭ ‬الأخضر‭ ‬بأنه‭: ‬يسعى‭ ‬دائمًا‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬الوظيفي‭ ‬بالاستفادة‭ ‬من‭ ‬تطوير‭ ‬الأداء‭ ‬ورفع‭ ‬الروح‭ ‬المعنوية‭ ‬بين‭ ‬أعضاء‭ ‬مجتمع‭ ‬العمل،‭ ‬وذلك‭ ‬انطلاقًا‭ ‬من‭ ‬التأمل‭ ‬في‭ ‬أداء‭ ‬موظفيه‭ ‬وتنمية‭ ‬ذكائهم‭ ‬النفسي‭ ‬لتحقيق‭ ‬الرفاهية‭ ‬الوظيفية‭ ‬وجودتها،‭ ‬والعمل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬خلق‭ ‬كوادر‭ ‬جديده‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬القيادة‭ ‬المستدامة،‭ ‬والالتزام‭ ‬بالمسؤولية‭ ‬المجتمعية،‭ ‬وهو‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬يمتلك‭ ‬مهارة‭ ‬الاستماع‭ ‬وإدارة‭ ‬الحوار‭ ‬البناء‭ ‬الذي‭ ‬يعزز‭ ‬العمل‭ ‬الجماعي،‭ ‬وهو‭ ‬دائم‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬الابتكار‭ ‬والأبداع‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬بيئات‭ ‬العمل‭ ‬المتغيرة‭ ‬الظروف،‭ ‬والسعي‭ ‬لتحقيق‭ ‬الرؤية‭ ‬المشتركة،‭ ‬وضرورة‭ ‬التأكد‭ ‬من‭ ‬اكتساب‭ ‬الموظفين‭ ‬المهارات‭ ‬والآليات‭ ‬السليمة‭ ‬التي‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬إصلاح‭ ‬بيئة‭ ‬العمل‭ ‬واستدامة‭ ‬الموارد‭ ‬والنتائج‭ ‬الملموسة‭.‬

ويتبادر‭ ‬دائمًا‭ ‬إلى‭ ‬ذهننا‭ ‬أسئلة‭ ‬عدة‭ ‬حول‭ ‬دور‭ ‬القيادة‭ ‬الخضراء‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬الريادة‭ ‬في‭ ‬مؤسسات‭ ‬العمل‭ ‬وجودتها؛‭ ‬لذا‭ ‬نرى‭ ‬أن‭ ‬تطبيق‭ ‬القيادة‭ ‬الخضراء‭ ‬في‭ ‬الفرق‭ ‬يتطلب‭ ‬اعتماد‭ ‬نهج‭ ‬شامل‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬النقاط‭. ‬أولها‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬القائد‭ ‬يؤمن‭ ‬برؤية‭ ‬هذا‭ ‬النهج،‭ ‬وملمًا‭ ‬بالمفاهيم‭ ‬المستدامة،‭ ‬ويكون‭ ‬قادرًا‭ ‬على‭ ‬توجيه‭ ‬الفريق‭ ‬نحو‭ ‬تحقيق‭ ‬الأهداف‭ ‬المستدامة،‭ ‬ويعمل‭ ‬كنموذج‭ ‬يحتذى‭ ‬به‭ ‬لبقية‭ ‬الفريق‭ ‬بواسطة‭ ‬التزامه‭ ‬بالأنظمة‭ ‬والقوانين‭ ‬ومتابعة‭ ‬تنفيذها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الموظفين‭. ‬ويمتلك‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬جانب‭ ‬الولاء‭ ‬الوظيفي‭ ‬بعقد‭ ‬اللقاءات‭ ‬والاجتماعات‭ ‬الدورية،‭ ‬وتوظيف‭ ‬المناسبات‭ ‬لتوجيه‭ ‬الموظفين‭ ‬الى‭ ‬ضرورة‭ ‬العمل‭ ‬بجد‭ ‬وتفان‭ ‬وأداء‭ ‬الواجب‭ ‬بالصورة‭ ‬المطلوبة‭. ‬ويحث‭ ‬موظفيه‭ ‬على‭ ‬أداء‭ ‬العمل‭ ‬بكل‭ ‬إخلاص‭ ‬ابتغاءً‭ ‬لمرضاة‭ ‬الله،‭ ‬وواجبهم‭ ‬تجاه‭ ‬الوطن‭ ‬الذي‭ ‬يفرض‭ ‬عليهم‭ ‬بناءَه‭ ‬انطلاقًا‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬بأدوات‭ ‬العطاء‭ ‬والانتماء‭ ‬والولاء‭. ‬ونشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬القائد‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬هذا‭ ‬الجانب‭ ‬نتيجة‭ ‬لـِمتابعة‭ ‬تقارير‭ ‬الأداء‭ ‬الوظيفي‭ ‬لموظفيه‭ ‬والسعي‭ ‬لتحفيز‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يحققون‭ ‬مستوى‭ ‬عاليًا‭ ‬من‭ ‬الجودة‭ ‬في‭ ‬الأداء؛‭ ‬وبالتأكيد‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬يُشجِّع‭ ‬على‭ ‬الانتماء‭ ‬والولاء‭ ‬لبيئة‭ ‬العمل‭ ‬وإنجاز‭ ‬المهام‭ ‬الموكلة‭ ‬إليهم‭ ‬بجودة‭ ‬عالية‭.‬

وهناك‭ ‬طرق‭ ‬لقياس‭ ‬تأثير‭ ‬القيادة‭ ‬الخضراء‭ ‬على‭ ‬إنتاجية‭ ‬الموظفين،‭ ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الأساليب‭ ‬أبرزها‭: ‬استطلاعات‭ ‬الرأي‭ ‬الدورية‭ ‬لقياس‭ ‬رضا‭ ‬الموظفين‭ ‬عن‭ ‬بيئة‭ ‬العمل‭ ‬والممارسات‭ ‬المستدامة‭. ‬وعقد‭ ‬المقابلات‭ ‬التي‭ ‬تتضمن‭ ‬أسئلة‭ ‬محددة‭ ‬حول‭ ‬مدى‭ ‬تأثير‭ ‬القيادة‭ ‬الخضراء‭ ‬على‭ ‬الرضا‭ ‬الوظيفي،‭ ‬والدافعية‭ ‬نحو‭ ‬العمل،‭ ‬والإرهاق‭ ‬الوظيفي،‭ ‬ويتضح‭ ‬كذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬انخفاض‭ ‬معدلات‭ ‬الغياب،‭ ‬وتراجع‭ ‬طلب‭ ‬الانتقال‭ ‬إلى‭ ‬بيئات‭ ‬عمل‭ ‬أخرى‭ ‬للكفاءات‭ ‬الوطنية،‭ ‬كذلك‭ ‬فإن‭ ‬لمستويات‭ ‬الضغوط‭ ‬النفسية‭ ‬والراحة‭ ‬النفسية‭ ‬بين‭ ‬الموظفين‭ ‬أثرًا‭ ‬واضحًا‭ ‬في‭ ‬تدنى‭ ‬إنتاجية‭ ‬ومعدل‭ ‬الإنجاز‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬بيئة‭ ‬عمل‭ ‬تفتقر‭ ‬الى‭ ‬مراقبة‭ ‬الصحة‭ ‬النفسية‭ ‬والجسدية‭ ‬لموظفيها‭. ‬ويمكن‭ ‬دمج‭ ‬هذه‭ ‬الطرق‭ ‬لخلق‭ ‬صورة‭ ‬شاملة‭ ‬عن‭ ‬تأثير‭ ‬القيادة‭ ‬الخضراء‭ ‬على‭ ‬إنتاجية‭ ‬الموظفين،‭ ‬ويمكن‭ ‬للمؤسسات‭ ‬أن‭ ‬تتعرف‭ ‬على‭ ‬الفوائد‭ ‬الحقيقية‭ ‬لتبني‭ ‬ممارسات‭ ‬القيادة‭ ‬الخضراء‭ ‬وتحسين‭ ‬البيئة‭ ‬العامة‭ ‬للعمل‭. ‬ودليل‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬دراسات‭ ‬تشير‭ ‬الى‭ ‬بيئة‭ ‬العمل‭ ‬غير‭ ‬الصحية،‭ ‬والظروف‭ ‬المؤثرة‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬على‭ ‬الصحة‭ ‬العقلية‭ ‬للموظفين‭. ‬ولأهمية‭ ‬الموضوع‭ ‬أظهرت‭ ‬النتائج‭ ‬الأخيرة‭ ‬من‭ ‬استطلاع‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬لعام‭ ‬2023‭ ‬الذي‭ ‬أجرته‭ ‬جمعية‭ ‬علم‭ ‬النفس‭ ‬الأمريكية‭ ‬مدى‭ ‬انتشار‭ ‬بيئة‭ ‬العمل‭ ‬السامة‭ ‬وعواقبها‭. ‬حيث‭ ‬يعاني‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬1‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬5‭ (‬22%‭) ‬من‭ ‬العمال‭ ‬من‭ ‬انعكاسات‭ ‬سلبية‭ ‬على‭ ‬صحتهم‭ ‬العقلية‭ ‬خلال‭ ‬العمل‭.‬

وكما‭ ‬يشير‭ ‬الهدف‭ (‬8‭) ‬‮«‬الذي‭ ‬يتعلق‭ ‬بالعمل‭ ‬اللائق‭ ‬ونمو‭ ‬الاقتصاد‭ ‬وهو‭ ‬أحد‭ ‬اهداف‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬السبعة‭ ‬عشر‭ ‬التي‭ ‬وضعتها‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2015‭. ‬الصياغة‭ ‬الرسمية‭ ‬للهدف‭ ‬8‭ ‬هي‭: ‬‮«‬تعزيز‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬المطّرد‭ ‬والشامل‭ ‬للجميع‭ ‬والمستدام،‭ ‬والعمالة‭ ‬الكاملة‭ ‬والمنتجة،‭ ‬وتوفير‭ ‬العمل‭ ‬اللائق‭ ‬للجميع‮»‬‭. ‬يُقاس‭ ‬التقدم‭ ‬نحو‭ ‬الأهداف‭ ‬ويُرصد‭ ‬ويُقيّم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬17‭ ‬مؤشرًا‮»‬‭ ‬ويتضمن‭ ‬الهدف‭ ‬8‭ ‬من‭ ‬أهداف‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬12‭ ‬غايةً‭ ‬يجب‭ ‬تحقيقها‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2030‭. ‬بعض‭ ‬هذه‭ ‬الغايات‭ ‬لعام‭ ‬2030،‭ ‬وبعضها‭ ‬لعام‭ ‬2020‭. ‬تشمل‭ ‬الغايات‭ ‬العشر‭ ‬الأولى‭ ‬‮«‬غايات‭ ‬النتائج‮»‬‭: ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬المستدام،‭ ‬والتنويع‭ ‬والابتكار‭ ‬والتطوير‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الإنتاجية‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬وتعزيز‭ ‬السياسات‭ ‬لدعم‭ ‬خلق‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭ ‬وتنمية‭ ‬المشروعات،‭ ‬وتحسين‭ ‬كفاءة‭ ‬الموارد‭ ‬في‭ ‬الاستهلاك‭ ‬والإنتاج،‭ ‬والعمالة‭ ‬الكاملة‭ ‬وتوفير‭ ‬العمل‭ ‬اللائق‭ ‬بتوزيع‭ ‬متساوٍ‭ ‬للأجور،‭ ‬وتعزيز‭ ‬تشغيل‭ ‬الشباب‭ ‬وتعليمهم‭ ‬وتدريبهم،‭ ‬وإنهاء‭ ‬العبودية‭ ‬الحديثة‭ ‬والاتجار‭ ‬وعمالة‭ ‬الأطفال،‭ ‬وحماية‭ ‬حقوق‭ ‬العمال‭ ‬وتعزيز‭ ‬بيئات‭ ‬العمل‭ ‬الآمنة،‭ ‬وتعزيز‭ ‬السياحة‭ ‬المفيدة‭ ‬والمستدامة،‭ ‬والوصول‭ ‬الشامل‭ ‬إلى‭ ‬الخدمات‭ ‬المصرفية‭ ‬والتأمين‭ ‬والخدمات‭ ‬المالية‭. ‬هناك‭ ‬بالإضافة‭ ‬الى‭ ‬ما‭ ‬سبق،‭ ‬غايتان‭ ‬تتعلقان‭ ‬‮«‬بوسائل‭ ‬الإنجاز‮»‬‭: ‬زيادة‭ ‬المعونة‭ ‬لدعم‭ ‬التجارة،‭ ‬وتطوير‭ ‬استراتيجية‭ ‬عالمية‭ ‬لتوظيف‭ ‬الشباب‮»‬‭.‬

وختام‭ ‬القول‭ ‬بأن‭ ‬تطوير‭ ‬القيادة‭ ‬الخضراء‭ ‬والاستدامة‭ ‬في‭ ‬بيئات‭ ‬العمل‭ ‬يعتبر‭ ‬أمرًا‭ ‬حيويا‭ ‬في‭ ‬عصرنا‭ ‬الحاضر؛‭ ‬لذا‭ ‬فإننا‭ ‬نرى‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬مؤسسات‭ ‬مملكتنا‭ ‬الحبيبية‭ ‬تسعى‭ ‬جاهدة‭ ‬لتحقيق‭ ‬تقدم‭ ‬حقيقي‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬استدامة‭ ‬بيئة‭ ‬العمل‭ ‬وجودتها،‭ ‬حيثً‭ ‬إن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬القيادات‭ ‬الوطنية‭ ‬تعمل‭ ‬جاهدة‭ ‬على‭ ‬إيجاد‭ ‬حلول‭ ‬مستدامة‭ ‬للمشكلات‭ ‬وتقييمها‭ ‬وتقويمها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬اقتلاعها‭ ‬من‭ ‬جذورها‭ ‬وعدم‭ ‬الاكتفاء‭ ‬بمعالجة‭ ‬الأغراض‭ ‬الناتجة‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬المشكلة،‭ ‬ولديها‭ ‬إيمان‭ ‬وطني‭ ‬بمبدأ‭ ‬العدالة‭ ‬المهنية،‭ ‬والتغيير‭ ‬في‭ ‬المؤسسة‭ ‬كضرورة‭ ‬لتجديد‭ ‬الحياة‭ ‬الوظيفية‭ ‬والوصول‭ ‬الى‭ ‬مستويات‭ ‬أفضل‭ ‬تحقق‭ ‬تطلعات‭ ‬موظفيه،‭ ‬ونلاحظ‭ ‬أن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬القادة‭ ‬يمتلكون‭ ‬فكرًا‭ ‬تنظيميا‭ ‬وحرصًا‭ ‬على‭ ‬تمكين‭ ‬جميع‭ ‬موظفيهم‭ ‬من‭ ‬القدرات‭ ‬المهنية‭ ‬اللازمة‭ ‬لتحقيق‭ ‬أهدافهم‭. ‬وكما‭ ‬هو‭ ‬متبع‭ ‬في‭ ‬المؤسسات‭ ‬الحكومية‭ ‬بشكل‭ ‬كبير،‭ ‬وهو‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬تزويد‭ ‬جميع‭ ‬الموظفين‭ ‬بحسب‭ ‬الاحتياجات‭ ‬المهنية‭ ‬لوظائفهم‭ ‬بالتدريب‭ ‬والتعليم‭ ‬حول‭ ‬ممارسات‭ ‬الاستدامة‭ ‬المعرفية‭ ‬والتطبيقية‭ ‬اللازمة،‭ ‬وعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يشمل‭ ‬ذلك‭ ‬ورش‭ ‬العمل‭ ‬والندوات‭ ‬والموارد‭ ‬عبر‭ ‬الإنترنت‭ ‬التي‭ ‬تركز‭ ‬على‭ ‬أحدث‭ ‬المستجدات‭ ‬لوضع‭ ‬موظفيها‭ ‬على‭ ‬درجات‭ ‬الاستحقاق‭ ‬الوظيفي‭. ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا