العدد : ١٧٠٥٤ - الأحد ٠١ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٥٤ - الأحد ٠١ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

اطلالة

هالة كمال الدين

halakamal99@hotmail.com

الأمن المعنوي

في‭ ‬جلسة‭ ‬جمعتني‭ ‬بعدد‭ ‬من‭ ‬الصديقات‭ ‬راحت‭ ‬إحداهن‭ ‬تحكي‭ ‬قصة‭ ‬الاحتيال‭ ‬الإلكتروني‭ ‬الذي‭ ‬تعرضت‭ ‬له‭ ‬ابنتها‭ ‬مؤخرا‭ ‬عبر‭ ‬استخدام‭ ‬بطاقتها‭ ‬الائتمانية‭ ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬شراء‭ ‬على‭ ‬النت‭ ‬بمبالغ‭ ‬كبيرة‭ ‬لا‭ ‬تعلم‭ ‬عنها‭ ‬شيئا،‭ ‬حيث‭ ‬اكتشفت‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الرسائل‭ ‬التي‭ ‬وصلت‭ ‬إليها‭ ‬على‭ ‬النقال‭ ‬الخاص‭ ‬بها‭.‬

هذه‭ ‬الواقعة‭ ‬للأسف‭ ‬الشديد‭ ‬باتت‭ ‬تتكرر‭ ‬بصورة‭ ‬مفزعة‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬الأخيرة‭ ‬وسيتواصل‭ ‬حدوثها‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬عصر‭ ‬انتشار‭ ‬البرمجيات‭ ‬الخبيثة‭ ‬التي‭ ‬تصاحب‭ ‬الاستخدام‭ ‬المتزايد‭ ‬للتقنيات‭ ‬الرقمية،‭ ‬وهي‭ ‬تستهدف‭ ‬الأفراد‭ ‬والشركات‭ ‬عبر‭ ‬طرق‭ ‬مختلفة‭ ‬مثل‭ ‬التصيد‭ ‬الاحتيالي‭ ‬والتثبيت‭ ‬غير‭ ‬المشروع‭ ‬للبرامج‭ ‬الضارة‭ ‬وتشفير‭ ‬البيانات‭ ‬بالفيروسات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬معالجتها‭ ‬إلا‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬دفع‭ ‬مبالغ‭ ‬مالية‭ ‬لقراصنة‭ ‬الإنترنت،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تكبد‭ ‬خسائر‭ ‬مادية‭ ‬فادحة،‭ ‬والأهم‭ ‬في‭ ‬رأيي‭ ‬المتواضع‭ ‬هو‭ ‬تلك‭ ‬الخسائر‭ ‬المعنوية‭ ‬التي‭ ‬تتعلق‭ ‬بالسمعة‭ ‬وبالتشهير‭ ‬وبالافتراءات‭ ‬وبالتلفيقات‭ ‬التي‭ ‬يدفع‭ ‬البعض‭ ‬ثمنها‭ ‬من‭ ‬صحته‭ ‬النفسية‭ ‬والعصبية‭.‬

مؤخرا‭ ‬توقع‭ ‬تقرير‭ ‬حديث‭ ‬لشركة‭ ‬مارش‭ ‬ماكلينان‭ ‬ومجموعة‭ ‬زيوريخ‭ ‬للتأمين‭ ‬ارتفاع‭ ‬الكلفة‭ ‬العالمية‭ ‬للجرائم‭ ‬الالكترونية‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬24‭ ‬تريليون‭ ‬دولار‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2027،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬كانت‭ ‬8‭.‬5‭ ‬تريليونات‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2022،‭ ‬مؤكدا‭ ‬أهمية‭ ‬تسليط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬الحاجة‭ ‬الماسة‭ ‬إلى‭ ‬مستويات‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬مشاركة‭ ‬القطاعين‭ ‬العام‭ ‬والخاص‭ ‬بهدف‭ ‬تعزيز‭ ‬مرونة‭ ‬المجتمع‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬وقوع‭ ‬حوادث‭ ‬أمن‭ ‬إلكتروني‭ ‬كارثية‭.‬

وقد‭ ‬أشار‭ ‬التقرير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬مدفوعات‭ ‬برامج‭ ‬الفدية‭ ‬بلغت‭ ‬رقما‭ ‬قياسيا‭ ‬يفوق‭ ‬المليار‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬الماضي،‭ ‬موضحا‭ ‬أن‭ ‬المهاجمين‭ ‬يستخدمون‭ ‬أساليب‭ ‬متطورة‭ ‬بشكل‭ ‬متزايد‭ ‬لاختراق‭ ‬الأنظمة‭ ‬واستغلال‭ ‬التقدم‭ ‬التكنولوجي‭ ‬مثل‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬التوليدي‭.‬

وشدد‭ ‬التقرير‭ ‬الذي‭ ‬حمل‭ ‬عنوان‭ ‬‮«‬ردم‭ ‬فجوة‭ ‬الحماية‭ ‬من‭ ‬المخاطر‭ ‬الإلكترونية‮»‬‭ ‬على‭ ‬الحاجة‭ ‬الملحة‭ ‬إلى‭ ‬حلول‭ ‬مبتكرة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬رأب‭ ‬الهوة‭ ‬بين‭ ‬المخاطر‭ ‬والتأمين‭ ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬الاحتيال‭ ‬الإلكتروني‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬قدرات‭ ‬خارقة،‭ ‬بل‭ ‬إلى‭ ‬خبرات‭ ‬تقنية‭ ‬غاية‭ ‬في‭ ‬البساطة‭ ‬والسهولة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تزايد‭ ‬استخدام‭ ‬الهجمات‭ ‬الرقمية‭ ‬للأدوات‭ ‬المتطورة‭ ‬المتاحة‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬الاجرامي‭ ‬الافتراضي‭ ‬على‭ ‬الإنترنت،‭ ‬وانقطاع‭ ‬الخدمات‭ ‬السحابية‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬واسع‭.‬

لا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬البحرين‭ ‬تعتبر‭ ‬إحدى‭ ‬الدول‭ ‬الرائدة‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬لتكنولوجيا‭ ‬المعلومات‭ ‬التي‭ ‬تواكب‭ ‬التطورات‭ ‬التقنية‭ ‬الرقمية‭ ‬وذلك‭ ‬بفضل‭ ‬الجهود‭ ‬المبذولة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المركز‭ ‬الوطني‭ ‬للأمن‭ ‬السيبراني‭ ‬الذي‭ ‬أنشئ‭ ‬عام‭ ‬2020،‭ ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬هذا‭ ‬الابتكار‭ ‬المتواصل‭ ‬للاحتيال‭ ‬بات‭ ‬الأمن‭ ‬المادي‭ ‬صعب‭ ‬المنال،‭ ‬والأصعب‭ ‬منه‭ ‬الأمن‭ ‬المعنوي،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يتطلب‭ ‬نشرا‭ ‬أوسع‭ ‬لما‭ ‬يعرف‭ ‬بالثقافة‭ ‬السيبرانية‭ ‬وصولا‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬ولو‭ ‬متواضعة‭ ‬من‭ ‬الأمان‭ ‬الإلكتروني‭. ‬

إقرأ أيضا لـ"هالة كمال الدين"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا