يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
محمد صفوة الباري ورحمته
في كل عام حين تحل ذكرى ميلاد رسولنا الأعظم، احرص على الاستماع الى القصيدة البديعة «نهج البردة» التي كتبها أمير الشعراء احمد شوقي في مدح الرسول والتي تؤديها ام كلثوم أداء ملحميا آسرا.
في كل مرة أستمع فيها إلى القصيدة أتوقف كثيرا عند قول شوقي «محمد صفوة الباري ورحمته»، فأحسب أنه من أجمل وأفضل ما قيل في مدح الرسول وفي تبيان مكانته السامية.
نعم.. محمد هو صفوة الخلق.. هو سيد الخلق، فقد اختاره الله رسولا لأكمل واتم وآخر الديانات الإسلام، وأراده الله قدوة للبشر، وأسبغ عليه أجمل وأرقى الخصال.
ومحمد أرسله الله «رحمة للعالمين»، أي لجميع خلق الله.
وحين نحتفل بميلاد رسولنا الأعظم فنحن نحتفل بكل هذه القيم والمبادئ والمعاني العظيمة التي جسدها الرسول وبشر بها الإسلام.
وحين شنوا في الغرب حملة الإساءة للرسول الكريم عبر الرسوم المتحركة التي اعتبر قادتهم أنها تندرج في إطار حرية التعبير، فانهم فعلوا هذا لأنهم يعلمون مكانته العظيمة ويعلمون القوة التي يتحلى بها المسلمون بحبهم للرسول وتعلقهم به.
فعلوا هذا في إطار حربهم على الإسلام الممتدة منذ عقود، وهي حرب ذات طابع استراتيجي هدفها تحطيم الدول العربية والإسلامية ومصادر قوتها.
قبل سنوات طويلة، وتحديدا في 24 مايو عام 2002، وفي ذكرى مولد الرسول كتبت مقالا عنوانه «أمة محمد بخير»، حين قرأته وجدت أنه أفضل ما أعيد نشره اليوم. وهذا هو نصه.
كل عام وأنتم بخير.
اليوم يوم بهجة وفرح.. كيف لا، وفي يوم مثل هذا عمّ النور العالم. كيف لا، وفي يوم مثل هذا وُلد سيد الخلق الرسول الأعظم. ويوم مولده، كان إيذانا بمولد أمة هي خير أمة أخرجت للناس.. أمة محمد.. أمة الإسلام.
.. أمة حملت للبشرية أعظم الديانات، علمت البشرية أنبل القيم وأسمى المبادئ.
.. أمة محمد اليوم غاضبة، لكنها أبدا ليست يائسة، ولا هي عاجزة.
الأمة غاضبة، وهي تواجه حملة همجية شرسة.. حملة تشنها قوى لا علاقة لها بالحضارة ولا بالقيم الإنسانية. حملة لا تستهدف فقط دول وشعوب أمة الإسلام، بل تستهدف الإسلام ذاته.
قوى الجهل والعنصرية والتخلف الحضاري تتكالب اليوم على الإسلام وأمة الإسلام وتريد أن تفرض عليها الحصار تحت دعوى «الإرهاب».. تريد أن تنزع منها أي مصدر للقوة.
ما كان لهذه القوى أن تفعل ذلك لولا أنها تدرك القوة الرهيبة الكامنة في الإسلام، وفي أمة الإسلام.
والأمة في مواجهة الهجمة الشرسة ليست يائسة ولا هي عاجزة.
كيف تكون يائسة أو عاجزة، ولها في محمد قدوة ومثل أعلى؟.. كيف تكون يائسة أو عاجزة ولها في الإسلام حصن وملاذ ومأوى؟
نعم، الأمة في حالة ضعف، لكنها صامدة وليس في نيتها الخنوع لقوى الإرهاب والبطش.. والصمود سر من أسرار أمة محمد.
يقول عباس محمود العقاد: «صمود القوة الإسلامية في أحوال الضعف عجيب كانتصارها في أحوال الشدة والسطوة».
قوى الإرهاب والبطش تستطيع أن تعتدي على دول.. وتدمر.. وتقتل أبرياء، لكنها لا تستطيع أن تنزع سلاح الصمود من أبناء الأمة.
يقول العقاد: «مهما تكن السياسة فالعقيدة أثبت منها. ومهما تكن الدولة فالأمة هي الباقية، وإذا بقي الإسلام والمؤمنون به على هدى وبصيرة فلا خطر عليه من أقوياء اليوم ولا من أقوياء الغد المجهول».
نعم، لا خوف على الإسلام ولا على أمة الإسلام من أقوياء وهمج اليوم والغد.
فيا رسول الله.. يا درة الخلق، ويا أعظم من أنجبته البشرية.. الأمة بخير.
اليوم، أمة محمد ليست أمة «غالبة»، لكنها أمة «صامدة». وغدا بإذن الله ستكون «غالبة» من جديد.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك