يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
نحو حكومات مرنة.. واتصال مبتكر– 3
الأطفال.. الشباب.. المواهب.. كلمات سر المستقبل
صناعة محتوى الطفل مهمة وطنية نبيلة
من متابعاتي لجلسات المنتدى الدولي للاتصال الحكومي في الشارقة ومختلف أنشطته وما طرح فيها من أفكار وجرى من مناقشات، أستطيع القول انه في المحصلة النهائية كان هناك إجماع على ان مستقبل الدول والمجتمعات في ظل التطورات العاصفة في كل المجالات متوقف على مدى الاهتمام بالأطفال، والشباب، ومدى القدرة على اجتذاب المواهب. هذه هي كلمات السر في المستقبل.
أفكار كثيرة طرحت بهذا الخصوص سنعرض لأهمها.
أي محتوى للأطفال؟
شهد المنتدى الدولي للاتصال الحكومي أكثر من جلسة ناقشت قضايا الأطفال من زوايا عدة، لكن القضية الأكبر كانت قضية المحتوى الذي يقدم للأطفال، كيف يجب ان يكون، ومن المسؤول.. وهكذا. أفكار كثيرة طرحها الخبراء وطرحها الأطفال أنفسهم سنتوقف عندها.
في احدى الجلسات أثيرت قضية دور الذكاء الاصطناعي في محتوى الأطفال. في هذا الخصوص قالت إيناس يعقوب إنه لا يزال من غير الواضح تأثيره على عقل الطفل أو قدرته على استبدال الإبداع البشري. كما أكدت أهمية الرقابة الأسرية في اختيار المحتوى المناسب للأطفال وتجنب الاتجاه إلى محتوى غير هادف.
وفي الجلسة تم تأكيد أهمية دور الأسرة في اختيار المحتوى المناسب للأطفال وربطه بالعادات والتقاليد، وأن التنشئة السليمة تساعد الأهل في عملية الرقابة الذاتية. وأكد المشاركون أن التلفاز ومنصات المشاهدة تظل نوافذ للأطفال على عوالم جديدة، ما يؤكد أهمية الانتباه إلى نوعية المحتوى المقدم.
من اهم الجلسات عن الطفل جلسة بعنوان «مستقبل محتوى الطفل.. بين التنافسية والقيم الثقافية». في هذه الجلسة أكد خبراء إعلام وعلم نفس أن صناعة محتوى الطفل مهنة نبيلة لا تقل أهمية عن مهنة المعلمين والتربويين، لأنها قادرة على غرس القيم الإيجابية في نفوس الأطفال وتنمية مهاراتهم وقدراتهم، ومساعدتهم على اكتساب مهارات جديدة، كما أنها تسهم في حمايتهم من الظواهر السلبية المختلفة كالتنمر، والضغط، والتوتر، والإساءة.
الدكتورة فهدة باوزير أخصائي نفسي أول اكلينيكي تحدثت عن قدرة أفلام الكرتون والرسوم المتحركة على زرع القيم الإيجابية والأخلاقية في نفوس الأطفال، وتحفيزهم على الاستكشاف المعرفي والتفكير الطموح، والسعي إلى تحقيق الأهداف، وتنمية المهارات الشخصية والأكاديمية، وأكدت أهمية تحديد نوعية البرامج بطريقة تراعي المحتوى الجامع بين التعليم والترفيه من أجل فتح بوابة إلى عالم الخيال والإبداع، وضمان تسريع وتسهيل مهمة الأهل في تعليم أطفالهم كيفية اتخاذ قرارات واعية.
واستعرضت الدكتورة فهدة باوزير مجموعة من القيم والمهارات الإيجابية التي يمكن للأطفال تعلمها من خلال أفلام ومسلسلات الرسوم المتحركة، منها التمارين الرياضية والأكل الصحي، وتقنيات التنفس بطريقة سهلة ومبسطة، وأساسيات الإسعافات الأولية، والهدوء، وتنظيم الوقت، والروح الرياضية والصداقة، إلى جانب تنمية ملكة الخيال والإبداع والكتابة، وتطوير مهارات معينة يحتاج إليها الطفل لإثراء فكره، وسلوكياته، محذرة من الصدمات النفسية ومشاعر الخوف التي قد يتعرض لها الطفل جراء مشاهدة محتوى غير مناسب لفئته العمرية.
شادي شرايحة الشريك المؤسس والمدير التنفيذي في شركة «ديجيتيلز»، تحدث أيضا عن الأثر الكبير لأفلام ومسلسلات الرسوم المتحركة على الطفل، وقال ان كل صانع محتوى متخصص بمضمون الطفل عليه أن يدرك مسؤوليته، ولا سيما في ظل منافسة الكم الهائل من المحتوى العالمي الذي يتدفق إلى شاشاتنا ومنصاتنا، ولا سيما أن صناعة الأنيميشن هي صناعة ناشئة في الوطن العربي، وأشار إلى دراسة تبين أنه في عام 2019 وصل عدد الساعات التي يقضيها الطفل على وسائل التواصل الاجتماعي إلى 4.5 ساعات مقابل 5.5 ساعات يومياً في عام 2023.
وأكد شادي شرايحة أن صناع محتوى الطفل العربي الذي يفكرون في الربحية السريعة مخطئون، في ظل تحديات إنتاج محتوى قيّم يسرد قصصنا ويستعرض قيمنا، وهذا ما يبرز أهمية الفكر الاستراتيجي والتعاون بين المحطات وصناع محتوى الطفل لنكون قادرين على تقديم محتوى قيّم للأطفال بعيداً عن الأرباح السريعة لأن الأرباح ستأتي عاجلاً أو آجلاً إذا كان المحتوى مفيداً.
وحول التحديات التي تواجه صناع محتوى الطفل، صرح شرايحة بأن أبرزها يشمل تحقيق التوازن بين المحتوى الجاذب والرسالة التي نريد إيصالها، ضمن الفترة الزمنية التي يستطيع الطفل التركيز فيها، والنجاح في شد انتباهه، إلى جانب صناعة محتوى علمي دقيق ومتطور تكنولوجياً يواكب التقدم التقني والتكنولوجي الهائل، حيث تتوجه صناعة المحتوى العالمية المخصصة للطفل إلى استخدام الواقع المعزز ويتم فيها مسح الكود عن القصة فتظهر الشخصية وتبدأ برواية الحكاية.
وأعرب عن أمله تأسيس منصة قادرة على تقييم المحتوى من خلال مجموعة من الخبراء في الإعلام والتربية والتعليم وعلم النفس.
للأطفال رأي مهم
من اهم الجلسات في المنتدى على الاطلاق فيما يتعلق بقضايا الطفل جلسة حملت عنوان «محتوى الأطفال في التواصل الاجتماعي»
الأهمية الاستثنائية لهذه الجلسة ان الذين تحدثوا فيها هم الأطفال أنفسهم، وتحديدا 15 طفلاً من أعضاء مجلس «شورى أطفال الشارقة». الجلسة ناقشت تأثير المحتوى الرقمي على الأطفال في عصر التكنولوجيا المتسارعة، وعبروا عن آرائهم ومخاوفهم تجاه المحتوى الذي يتعرضون له بشكل يوميّ عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
في الجلسة تم طرح مجموعة تساؤلات مهمة ومحورية عن المحتوى الذي يستهلكه الطفل الإماراتي يومياً، حيث أجاب الأطفال المشاركون أن هذا المحتوى سلاح ذو حدين، فكما يمكن أن يزيد من وعي الطفل ويعرفه على عوالم جديدة لا يعرف عنها شيئاً، يمكن أن يغرس فيه الكثير من القيم المتناقضة مع قيم مجتمعنا العربي وتقاليده وعاداته. وأجمع الأطفال على ضرورة أن تأخذ الجهات المعنية احتياطاتها وتقوم بمراقبة المحتوى الذي ينشر للطفل، ويكون هناك إنتاج إعلامي ضخم يستهدف الأطفال واهتماماتهم، ويتفوق في جودته على المحتوى الأجنبي.
وفي الجلسة تم طرح سؤال: كيف يمكن صناعة محتوى جذاب للأطفال؟ وكانت ردود الأطفال ملهمة، فرأى مجموعة منهم أن أكثر شيء جاذب في المحتوى هو ألوانه الزاهية والإكثار من الرسوم المتحركة، ووضع موسيقى جذابة، ورأى آخرون أن القصص سهلة الفهم وذات الحبكة الواضحة تجذب الأطفال سريعاً، بالإضافة إلى ضرورة وجود شخصيات محببة يمكن التعلق بها، وأهمية تغذية مواقع التواصل الاجتماعي بالمحتوى التعليمي المشوق.
وفي نهاية الجلسة ناقش الأطفال الدور الذي يمكن أن تلعبه التكنولوجيا الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي في صناعة محتوى الأطفال، وإيجابيات هذه التكنولوجيا وسلبياتها، حيث أجمع معظمهم على الإيجابيات كالاستكشاف والتعلم من خلال ألعاب الواقع الافتراضي، وعن المخاطر كان معظم الحديث حول التعرض لمحتوى غير مناسب للطفل، ومسألة التنمر الإلكتروني وفقدان الخصوصية، والإدمان الرقمي، واقترحوا مجموعة حلول مدهشة، أهمها تقليل وقت الشاشة في اليوم، والابتعاد عنها تماماً قبل النوم بثلاث ساعات على الأقل، والرقابة الأسرية، والاشتراك في الأنشطة الاجتماعية المباشرة لتقليل الاحتكاك الرقمي الزائد.
قضايا الشباب
كما ذكرت الخبراء في المنتدى اعتبروا ان الاهتمام بالشباب أحد أكبر أعمدة المستقبل.
وعبر عدة جلسات أثيرت قضايا الشباب من جوانب عدة في مقدمتها:
1- الاهتمام بإعداد وتأهيل الشباب وتدريبهم كي يكونوا مواكبين للعصر في ظل التطورات المتسارعة في كل المجالات.
2- ضرورة تبني المواهب والمبدعين من الشباب واعطائهم اهتماما خاصا.
3- الاهتمام بتطوير التعليم على اعتبار انه حجر الزاوية في اعداد الشباب للمستقبل.
جون رينفورد الرئيس التنفيذي لشركة «ستروبري فيلدز» تحدث في المنتدى عن ضرورة تقديم محتوى تعليمي شامل حول دمج التفكير المنطقي مع التكنولوجيا، واستخدام تقنيات رسم الخرائط الذهنية، وتعزيز مهارات التفكير الإبداعي. وقال انه يجب «تعزيز مهارات التواصل وتزويد الأطفال والشباب بالأدوات اللازمة لاستخدام التكنولوجيا بطرق مفيدة وذات مغزى. كما شدد رينفورد على أهمية إدراج التفكير المنطقي في المناهج التعليمية من سن مبكرة، معتبراً أن هذا سيسهم في تحسين قدرات حل المشكلات، وإحداث ثورة في نظم التعليم، من جانبه أكد الخبير الاقتصادي جوستين لين في خطابٍ بعنوان «أينشتاين وفولتير للحكومات: بذور الموهبة تزدهر بالتعليم» أن الاستثمار في التعليم هو الاستثمار الأهم الذي يمكن لأي حكومة أن تقوم به. التعليم يسهم في تعزيز مواهب الإنسان، وهو عامل أساسي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، حيث يجعل الناس أكثر ابتكاراً، كما أنه يُقلّل من الفروقات في الدخل بين أفراد المجتمع لأنه يُمكّن الناس من الحصول على دخلٍ مناسب، بالإضافة إلى ذلك، يسهم التعليم في تحقيق الانسجام الاجتماعي والتضامن لأنه يجعل لدى المواطنين الوعي بأهمية مساعدة الآخرين، فهو ليس امتيازاً شخصياً ولكنه خيرٌ عام.
بدوره أشار رشيد يزمي بروفيسور ومهندس مغربي وعالم متخصص في علم المواد إلى أنّ التعليم يشكل حجر الزاوية في تكوين العقول المستقبلية، مؤكداً ضرورة تكييفه مع ما يتلاءم مع ثقافة الدول حتى يُحدِث التأثير المطلوب. وأضاف: «بسبب الاتجاهات التقنية الحديثة بات العديد من الشباب يعزفون عن التعليم بحجة أن تحقيق الربح المادي أصبح متاحاً عبر الإنترنت ولا داعي للتعليم، وهنا لا بدّ من التدخل لغرس قيمة التعليم واحترام القيم. ويُمكن أن ندعم ذلك من خلال استقطاب المواهب التي يمكنها نقل المعرفة للأطفال».
اجتذاب المواهب
اجتذاب المواهب قضية احتلت حيزا كبيرا من اهتمامات المنتدى، وذلك من منطلق أن استقطاب الأفراد الموهوبين والمتميزين أحد أهم عوامل النجاح وتحقيق التنمية المستدامة، وتعزيز النسيج الاجتماعي والاقتصادي للدول.
جلسة مهمة ناقشت قضية اجتذاب المواهب.
الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي وزير دولة للتجارة الخارجيّة، الوزير المكلّف باستقطاب واستبقاء المواهب والكفاءات، رئيس مجلس إدارة مؤسسة الإمارات للدواء قال إن ملف المواهب يعد حيوياً حيث أولت العديد من الدول أهمية لهذا الأمر في وقت مبكّر واستطاعت بناء اقتصادات كبرى بفضل هجرة العقول، مشيراً إلى أنّه عند تقييم أهم الدول في الوقت الراهن في هذا الملف تتصدّر الدول الغربيّة قائمة الأفضل عالمياً. وقال: «دولة الإمارات تأتي في المرتبة الـ22 عالمياً ولدينا خطّة استراتيجية واضحة ومتكاملة للوصول إلى قائمة أفضل 10 دول خلال السنوات السبع المقبلة، وقد بدأنا بذلك منذ 3 سنوات ونتبنى حوكمة هذا الملف حتى لا يكون عشوائياً».
بشكل عام أكد المتحدثون في الجلسة أهمية تبني الحكومات سياسات مرنة واستراتيجيات اتصال فعالة تسهم في جذب المواهب العالمية وتعزيز التنمية المستدامة، وجعل التعليم جزءاً مهماً في التنافسية العالمية على المواهب وتنمية القدرات المحلية، وضرورة إقناع أصحاب رؤوس الأموال بمميزات استقطاب المواهب وعدم الاكتفاء بالتوظيف فقط.
نادي الشارقة للصحافة.. حضور بارز وفاعل
نادي الشارقة للصحافة له حضور كبير فاعل في الساحة الإعلامية في الامارات. منذ ان تولت أسماء الجويعد منصب مدير النادي أطلق مبادرات كثيرة وقام بأنشطة متعددة لها أكبر الأكثر في الاهتمام بالصحفيين والنهوض بالصحافة.
النادي أطلق مبادرة «تواصل»، وهي معنية بتنظيم لقاءات منتظمة بين وسائل الاعلام والجهات الحكومية للتعرف على أي مشاكل او عقبات والعمل على حلها.
كما أطلق مبادرة «اثمار» والهدف منها تعزيز القدرات والمواهب الإعلامية وتستهدف خصوصا الجيل الجديد من 10 الى 17 عاما.
وينظم النادي ورش عمل ودورات تدريبية بشكل دائم للصحفيين.
ويصدر النادي دراسات إعلامية متخصصة.
في المنتدى الدولي للاتصال الحكومي الأخير، كان لنادي الشارقة للصحافة حضور مميز فاعل.
النادي نظم في أطار المنتدى 3 جلسات مهمة.
الجلسة الأولى بعنوان «السرد القصصي.. تواصل إنساني في عصر الرقمنة»، واستعرضت المتحدثات تجارب في الصحافة ووكالات الأنباء والعمل الإعلامي وأكدت أهمية بناء الثقة وتعزيز العلاقة بين الحكومة والمواطنين، والتحديات التي تواجه الحكومات في تطبيق السرد القصصي في الإعلام الرقمي، إلى جانب الرواية القصصية في حملات التسويق والإعلام، ودمج الإعلام التقليدي والرقمي لنشر الرواية الحكومية فيما يسمى بـ«الإعلام الهجين».
ونظم النادي ندوة بعنوان «الصحافة الروبوتية.. عندما تكتب الآلات الأخبار» بمشاركة عدد من المتحدثين، وشهدت نقاشا مفتوحا تناول أبعاد ازدياد استخدام الروبوتات والذكاء الاصطناعي في كتابة الأخبار، ودورها في تغيير شكل الصحافة التقليدية. وناقشت تأثير الصحافة الروبوتية على وظائف الصحفيين التقليديين، وعلى مهنة الصحافة والإبداع البشري، إلى جانب مستقبل الصحافة في ظل التطورات المستمرة في عالم الذكاء الاصطناعي.
ندوة اخرة نظمها النادي بعنوان «الإذاعة في عصر البودكاست: تكامل أم تنافس؟» استعرضت المناظرة طبيعة العلاقة بين البودكاست والإذاعة، وكيف يؤثر البودكاست على الإذاعة التقليدية، إلى جانب كيفية استفادة كل منهما من الآخر في تطوير آليات وتقنيات مخاطبة الجماهير، إلى جانب مدى موثوقية البودكاست كمصدر للمعلومات مقارنة بالإذاعة التقليدية، وأثر تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي على مستقبل البودكاست والإذاعة.
ونظم النادي ورشتين شهدتا اقبالا كبيرا. الأولى، ورشة «إدارة وإعداد البرامج التلفزيونية». والثانية ورشة «مهارات التقديم الإذاعي الناجح».
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك