العدد : ١٦٩٧٨ - الاثنين ١٦ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٣ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٧٨ - الاثنين ١٦ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٣ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

الضفة الغربية المحتلة في مواجهة التهجير

بقلم: رامي رشيد

الخميس ٠٥ سبتمبر ٢٠٢٤ - 02:00

أطلقت‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬والعدوان‭ ‬والأبارتهايد‭ ‬يوم‭ ‬الأربعاء‭ ‬الماضي‭ ‬28‭ ‬أغسطس‭ ‬2024م‭ ‬عمليتها‭ ‬العسكرية‭ ‬الواسعة‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬المحتلة‭ ‬التي‭ ‬أطلقت‭ ‬عليها‭ ‬اسم‭ ‬‮«‬مخيمات‭ ‬الصيف‮»‬،‭ ‬واستهدفت‭ ‬بها‭ ‬‮«‬مخيم‭ ‬جنين‮»‬‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬جنين‭ ‬ومخيمي‭ ‬‮«‬طولكرم‮»‬‭ ‬و«نور‭ ‬شمس‮»‬‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬طولكرم‭ ‬وكذلك‭ ‬مخيم‭ ‬‮«‬الفارعة‮»‬‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬طوباس‭ ‬الفلسطينية‭ ‬ومخيمي‭ ‬‮«‬بلاطة‮»‬‭ ‬و«عين‭ ‬الماء‮»‬‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬نابلس‭. ‬

في‭ ‬اجتياحه‭ ‬الهمجي‭ ‬للمخيمات‭ ‬الفلسطينية‭ ‬شمال‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬جرف‭ ‬جيش‭ ‬الاحتلال‭ ‬الشوارع‭ ‬ودمر‭ ‬محطات‭ ‬الكهرباء‭ ‬وآبار‭ ‬المياه‭ ‬وهدم‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المنازل‭ ‬جزئيًا‭ ‬وطالب‭ ‬السكان‭ ‬بإخلاء‭ ‬منازلهم‭ ‬مؤقتًا،‭ ‬والمؤقت‭ ‬دائم‭ ‬في‭ ‬عرف‭ ‬الاحتلال،‭ ‬وأقام‭ ‬الجيش‭ ‬نقاطًا‭ ‬عسكرية‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬تحولت‭ ‬إلى‭ ‬مراكز‭ ‬تحقيق‭ ‬وتعذيب‭ ‬للفلسطينيين‭.‬

يهدف‭ ‬جيش‭ ‬الاحتلال‭ ‬من‭ ‬اجتياحه‭ ‬المخيمات‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬المحتلة‭ ‬إلى‭ ‬تدمير‭ ‬المخيمات‭ ‬الشاهدة‭ ‬على‭ ‬النكبة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬والمخيم‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬يذكر‭ ‬العالم‭ ‬بحق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬بالعودة‭ ‬إلى‭ ‬أرضه‭ ‬التي‭ ‬طرد‭ ‬منها‭ ‬بالقوة‭ ‬عام‭ ‬1948م،‭ ‬وهناك‭ ‬هدف‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬روح‭ ‬المقاومة‭ ‬المتجذرة‭ ‬في‭ ‬المخيمات‭ ‬والهدف‭ ‬الحقيقي‭ ‬للاحتلال‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬تهجير‭ ‬سكان‭ ‬المخيمات‭.‬

سبق‭ ‬عملية‭ ‬الاجتياح‭ ‬لمخيمات‭ ‬شمال‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬المحتلة‭ ‬مطالبة‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬‮«‬إسرائيل‭ ‬كاتس‮»‬‭ ‬بتنفيذ‭ ‬أمر‭ ‬إخلاء‭ ‬لسكان‭ ‬المخيمات‭ ‬مقدمة‭ ‬لتهجيرهم‭ ‬القسري‭ ‬واستكمالاً‭ ‬لحرب‭ ‬الإبادة‭ ‬التي‭ ‬تشنها‭ ‬دولة‭ ‬الكيان‭ ‬على‭ ‬الشعب‭ ‬العربي‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭.‬

ومن‭ ‬أهداف‭ ‬العملية‭ ‬العسكرية‭ ‬الواسعة‭ ‬التي‭ ‬يشارك‭ ‬بها‭ ‬15‭ ‬ألف‭ ‬جندي‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬التشكيلات‭ ‬العسكرية‭ ‬فصل‭ ‬المدن‭ ‬الفلسطينية‭ ‬عن‭ ‬بعضها‭ ‬بعضا‭ ‬ومنع‭ ‬تواصلها‭ ‬الجغرافي‭ ‬ومحاولة‭ ‬إبعاد‭ ‬هذه‭ ‬المدن‭ ‬عن‭ ‬مدن‭ ‬الداخل‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الملاصقة‭ ‬لها‭ ‬حدوديًا‭ ‬بإقامة‭ ‬المستوطنات‭ ‬الجديدة‭ ‬وإعادة‭ ‬إحياء‭ ‬المستوطنات‭ ‬التي‭ ‬فككت‭ ‬منذ‭ ‬أعوام‭ ‬بأمر‭ ‬المحكمة‭ ‬العليا‭ ‬وبالحواجز‭ ‬العسكرية‭ ‬التي‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬700‭ ‬حاجز‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬المحتلة‭. ‬

يتزامن‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬الفعل‭ ‬مع‭ ‬منع‭ ‬العمال‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬من‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬أماكن‭ ‬عملهم‭ ‬في‭ ‬الداخل‭ ‬الفلسطيني‭ ‬ونصب‭ ‬حواجز‭ ‬حديدية‭ ‬على‭ ‬مداخل‭ ‬القرى‭ ‬والمدن‭ ‬الفلسطينية‭ ‬تغلق‭ ‬وتفتح‭ ‬بأمر‭ ‬الجيش،‭ ‬وإخلاء‭ ‬يد‭ ‬المستوطنين‭ ‬المسلحين‭ ‬لممارسة‭ ‬أعمال‭ ‬العربدة‭ ‬والقتل‭ ‬للمواطنين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬بحماية‭ ‬كاملة‭ ‬من‭ ‬جيش‭ ‬الاحتلال‭!‬

علينا‭ ‬عدم‭ ‬الاستهانة‭ ‬بما‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬المحتلة،‭ ‬فحرب‭ ‬الإبادة‭ ‬تجري‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬والهدف‭ ‬هو‭ ‬ضم‭ ‬وتهويد‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬المحتلة‭ ‬ومدينة‭ ‬القدس‭. ‬في‭ ‬يوم‭ ‬9‭ ‬أغسطس‭ ‬2024م‭ ‬اقتحم‭ ‬وزير‭ ‬الأمن‭ ‬الداخلي‭ ‬‮«‬بن‭ ‬غفير‮»‬‭ ‬المسجد‭ ‬الاقصى‭ ‬المبارك‭ ‬هو‭ ‬ولفيف‭ ‬من‭ ‬الوزراء‭ ‬وأعضاء‭ ‬الكنيست‭ ‬والحاخامات‭ ‬وأكد‭ ‬أن‭ ‬الأقصى‭ ‬هو‭ ‬‮«‬جبل‭ ‬الهيكل‮»‬‭ ‬وأقدس‭ ‬مكان‭ ‬عند‭ ‬اليهود‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬يدرج‭ ‬كأحد‭ ‬أهم‭ ‬الأماكن‭ ‬المقدسة‭ ‬اليهودية،‭ ‬ومارس‭ ‬هو‭ ‬ومن‭ ‬معه‭ ‬الصلوات‭ ‬التلمودية‭ ‬والتوراتية‭ ‬فردية‭ ‬وجماعية‭ ‬ومارسوا‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬طقوس‭ ‬إحياء‭ ‬الهيكل‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬‮«‬السجود‭ ‬الملحمي‮»‬،‭ ‬وكلنا‭ ‬شاهدنا‭ ‬هذا‭ ‬الفعل‭ ‬على‭ ‬شاشات‭ ‬التلفزة‭ ‬وكم‭ ‬أصبنا‭ ‬بالمرارة‭ ‬والحنق‭ ‬لما‭ ‬يجري‭!‬

وزيادة‭ ‬في‭ ‬التصعيد،‭ ‬أعلن‭ ‬الوزير‭ ‬المنفلت‭ ‬‮«‬بن‭ ‬غفير‮»‬‭ ‬يوم‭ ‬الإثنين‭ ‬26‭ ‬أغسطس‭ ‬2024م‭ ‬أنه‭ ‬سيعمل‭ ‬على‭ ‬بناء‭ ‬كنيس‭ ‬يهودي‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬الأقصى‭ ‬هادفًا‭ ‬إلى‭ ‬نزع‭ ‬تمام‭ ‬القدسية‭ ‬الإسلامية‭ ‬عن‭ ‬المسجد‭ ‬الأقصى‭ ‬المبارك‭ ‬وإجبار‭ ‬العالم‭ ‬على‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الأقصى‭ ‬كمقدس‭ ‬مشترك‭ ‬إسلامي‭ ‬يهودي‭ ‬كخطوة‭ ‬أولى‭ ‬متقدمة‭ ‬على‭ ‬درب‭ ‬التهويد‭ ‬الكامل‭ ‬للأقصى‭!‬

ويخرج‭ ‬علينا‭ ‬وزير‭ ‬التراث‭ ‬الصهيوني‭ ‬‮«‬إلياهو‮»‬‭ ‬صاحب‭ ‬التصريح‭ ‬المروع‭ ‬بضرورة‭ ‬ضرب‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬بالقنبلة‭ ‬النووية‭ ‬بداية‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬القطاع،‭ ‬الذي‭ ‬تبعه‭ ‬بتصريح‭ ‬آخر‭ ‬طالب‭ ‬فيه‭ ‬بقتل‭ ‬الأسرى‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬يصرح‭ ‬بأن‭ ‬وزارته‭ ‬ستعمل‭ ‬على‭ ‬تنظيم‭ ‬رحلات‭ ‬وجولات‭ ‬تلمودية‭ ‬وتوراتية‭ ‬في‭ ‬الأقصى‭ ‬لعشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬اليهود‭ ‬والسياح‭ ‬الأجانب‭ ‬تقدم‭ ‬لهم‭ ‬السردية‭ ‬والرواية‭ ‬اليهودية‭ ‬التلمودية‭ ‬والتوراتية‭!‬

هل‭ ‬تصريحات‭ ‬ثلاثة‭ ‬وزراء‭ ‬في‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الفاشية‭ ‬تأتي‭ ‬صدفة؟‭ ‬لا،‭ ‬إنها‭ ‬حكومة‭ ‬فاشية‭ ‬بامتياز‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬ضم‭ ‬ما‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬وتهويد‭ ‬القدس‭ ‬وتهجير‭ ‬الشعب‭ ‬العربي‭ ‬الفلسطيني‭ ‬حيث‭ ‬أمكن‭ ‬بالعمل‭ ‬على‭ ‬تدمير‭ ‬كل‭ ‬مقومات‭ ‬الحياة‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬المحتلة‭ ‬وقطاع‭ ‬غزة‭!‬

وتأتينا‭ ‬نقطة‭ ‬ضوء‭ ‬من‭ ‬المجمع‭ ‬الأكليروسي‭ ‬المقدس‭ ‬وهو‭ ‬مكون‭ ‬من‭ ‬رؤساء‭ ‬الكنائس‭ ‬المسيحية‭ ‬المجتمعين‭ ‬بدعوة‭ ‬من‭ ‬الفاتيكان‭ ‬ويعلن‭ ‬المجمع‭ ‬الأكليروسي‭ ‬بصوت‭ ‬عال‭ ‬أنه‭ ‬ليس‭ ‬ممكنا‭ ‬استخدام‭ ‬مفهوم‭ ‬أرض‭ ‬الميعاد‭ ‬كأساس‭ ‬لتبرير‭ ‬عودة‭ ‬اليهود‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‭ ‬وتهجير‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬من‭ ‬وطنهم،‭ ‬ومبررات‭ ‬احتلال‭ ‬إسرائيل‭ ‬لأرض‭ ‬فلسطين‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تستند‭ ‬إلى‭ ‬الكتب‭ ‬المقدسة‭ ‬الموجهة‭ ‬إلى‭ ‬فلسطين‭ ‬ولتبرير‭ ‬عودة‭ ‬اليهود‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‭!‬

الشعب‭ ‬العربي‭ ‬الفلسطيني‭ ‬متجذر‭ ‬فوق‭ ‬ثرى‭ ‬وطنه،‭ ‬وسيبقى‭ ‬يناضل‭ ‬بكل‭ ‬الوسائل‭ ‬التي‭ ‬كفلتها‭ ‬له‭ ‬الشرائع‭ ‬السماوية‭ ‬والقوانين‭ ‬الدولية‭ ‬لتحرير‭ ‬وطنه‭ ‬وإقامة‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المستقلة‭ ‬وعاصمتها‭ ‬القدس،‭ ‬ولن‭ ‬ننكسر‭ ‬ولن‭ ‬نهزم‭ ‬وسنحقق‭ ‬حلمنا‭ ‬بالحرية‭ ‬مهما‭ ‬طال‭ ‬الزمن‭.‬

 

{‭ ‬كاتب‭ ‬فلسطيني‭ ‬مقيم‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا