يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
تذكير بجذور العنصرية والوحشية الصهيونية
كتبت من قبل أن حرب الابادة الصهيونية لغزة بكل ما ارتبط بها من جرائم وفظائع أحدثت تحولا كبيرا في اهتمامات كثير من الباحثين والمحللين الغربيين. وشهدت الأشهر الماضية صدور عدد كبير جدا من الأبحاث والتقارير والتحليلات تعيد قراءة تاريخ الصراع العربي الصهيوني وتاريخ الصهيونية، قراءة موضوعية منصفة في أغلب الأحوال.
متابعة هذه الأبحاث والتقارير وما تطرحه المفروض ان يحظى بالاهتمام والمتابعة من جانبنا نحن العرب.
في هذا السياق قرأت مؤخرا تحليلا له أهمية كبيرة لأستاذ امريكي. التحليل كتبه مايكل شوالبي، وهو أستاذ علم اجتماع وباحث امريكي.
التحليل يناقش قضية جوهرية هي الدعم المطلق من جانب أمريكا لإسرائيل، والذي يعتبره الباحث أمرا شاذا ولا يمكن أن يكون مقبولا على اعتبار انه دعم لنظام عنصري وحشي. يقول: «ان مليارات الدولارات من أموال دافعي الضرائب الأمريكيين تذهب إلى بلد لا يُتهم بالعنصرية فحسب، بل إنه تأسس على أسس عنصرية، ولا يزال يمارس نظام الفصل العنصري، ويطلق قادته منذ عقود تصريحات علنية عنصرية بلا خجل». ويضيف: إنَّ العنصرية الإسرائيلية ضد الفلسطينيين تُشكِّل مثالاً صارخاً على نزع الصفة الإنسانية التي «تنطوي عليها العنصرية والوحشية القاتلة».
ويناقش الباحث بالتفصيل مظاهر وجذور العنصرية والوحشية الصهيونية.
يقول ان «العنصرية الإسرائيلية كانت واضحة للعيان في نظر العالم، بدءاً من أعلى مستويات الحكومة إلى وحدات الجيش الميدانية، مبيناً أن هذه التعبيرات عن العنصرية الضارية كانت محل اهتمام محكمة العدل الدولية، التي اعتبرتها دليلاً على نية الإبادة الجماعية».
ورغم هذا يستغرب الباحث من ان هذه العنصرية والوحشية ليست ذات أهمية بالنسبة للسياسيين الأمريكيين، ويحاولون التقليل من شأنها.
يقول الباحث ان أنصار إسرائيل في أمريكا يدّعون ان هذه المواقف والتصريحات العنصرية الوحشية الاسرائيلية ماهي الا رد فعل لهجوم السابع من أكتوبر. ويعتبر ان هذا ادعاء غير صحيح على الاطلاق.
يقول الباحث ان حقيقة الأمر هي ان العنصرية ضد الفلسطينيين لم تبدأ في عام 2023، ولم تبدأ مع قيام إسرائيل، بل انها تسبق تأسيس اسرائيل.
للتدليل على هذا يذكر الباحث بما قاله تيودور هرتزل، أحد المهندسين الرئيسيين للصهيونية السياسية، في أواخر القرن التاسع عشر من ان العرب الأصليين في فلسطين بدائيون ومتخلفون. ويضيف «أن الصهاينة الأوائل الآخرين اختلفوا في مدى توقعهم لمقاومة العرب لتشكيل دولة يهودية في فلسطين، ولكنهم جميعاً قبلوا المبدأ القائل إن ما يريده السكان الأصليون في نهاية المطاف لا يهم».
بعبارة أخرى يدلل الباحث على ان العنصرية والوحشية هي جزء اصيل من الصهيونية والمشروع الصهيوني منذ انطلاق الحركة الصهيونية ومخططات احتلال فلسطين في القرن التاسع عشر وحتى اليوم.
يقول: «إن ما يجعل الصهيونية عنصرية هو افتراضاتها الضمنية بأن رغبات اليهود لها الأولوية على رغبات الفلسطينيين في تقرير مصيرهم، والعنصرية المعادية للفلسطينيين تساعد في إضفاء الشرعية على هذه الأفكار».
ويضيف الباحث الى هذا ان هذه العنصرية والوحشية «تزداد قوة عندما يتم الاستشهاد بها، كما يفعل نتنياهو وغيره من الزعماء الإسرائيليين، لتبرير العنف والإذلال اليومي الذي يفرضه نظام الفصل العنصري».
كما نرى، هذا الأستاذ والباحث الأمريكي يحاول ان يوقظ الأمريكيين على حقيقة الكيان الإسرائيلي، وكيف ان ما يشهده العالم اليوم من عنصرية ووحشية وحرب إبادة ضد الشعب الفلسطيني هو جزء اصيل متجذر في الصهيونية والفكر الصهيوني.
بعبارة أخرى، ينبه الأمريكيين إلى أن حرب إبادة غزة الحالية بكل وحشيتها تندرج في إطار استراتيجية صهيونية ثابتة وممتدة.
ولكي يبقى السؤال الذي يطرحه الكاتب وهو جوهر تحليله: لماذا اذن تؤيد أمريكا كل هذه العنصرية والوحشية الإسرائيلية؟
للحديث بقية بإذن الله.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك