يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
عصر الهمجية والانحطاط الكامل
هذا واحد من أهم المقالات التي نشرتها الصحافة الغربية مؤخرا.
المقال يلخص بشكل بليغ الحال الذي وصل إليه عالم اليوم. يجب أن نتأمل ما جاء به جيدا.
المقال للكاتبة البريطانية نسرين مالك، ونشرته صحيفة «الجارديان» البريطانية تحت عنوان «إرهاب جديد يبشر بعصر من الانحطاط الأخلاقي الكامل».
الكاتبة تتوقف عند الاحتفاء الغريب من الكونجرس الأمريكي بنتنياهو وخطابه، واعتبرت أن هذا الحدث يحمل معاني خطيرة كثيرة ويُعد «إيذانا
بمرحلة جديدة من الحرب في غزة، لا توجد فيها خطوطٌ حمراء».
الكاتبة البريطانية تعتبر أن هذا التطور وما فعله الكونجرس وما يجري في غزة هو تجسيد للعصر الذي نعيش فيه وما وصل إليه حال عالمنا اليوم.
وتوقفت في هذا السياق عند جوانب أربعة.
أولا: تقول إن «محو إسرائيل المستمر للعائلات والمنازل والثقافة والبنية الأساسية للفلسطينيين من دون نهاية، بات جزءا من حياة الفلسطينيين في غزة». وتقول إن الحياة البشرية لم يعد لها قدسية ولم يعد هناك أي حائل دون إنهائها. هذا بالضبط في تقدير الكاتبة هو ما تعنيه الهمجية.
ثانيا: إنه رغم هذا والهمجية التي نشهدها، فإن القانون الدولي وقرارات المحاكم الدولية لم يعد لها معنى ولا أحد يهتم بها ولم تعد تفيد الفلسطينيين في شيء.
تقول إن «قرارات محكمة العدل والجنائية الدولية في محاولة للحفاظ على القواعد الهشّة للقانون الدولي والإنساني وإنفاذها، لم تعد تمثل أي أهمية تذكر بالنسبة إلى أهل غزة الذين لا يدركون ما يحدث وهم يحاولون تفادي القنابل، والبحث عن الطعام، واستخراج جثث قتلاهم».
ثالثا: نتيجة لكل هذا، تمعن إسرائيل في عدوانها وفي تحديها للعالم والقانون الدولي من دون رادع. وتقول الكاتبة إن حلفاء إسرائيل بدورهم يدينون الأحكام القضائية، بل يقومون «بتشويه سمعة أعداد كبيرة ممن لا يرغبون سوى في وقف القتل». الرسالة التي يوجهونها من وراء هذا في رأي الكاتبة هي «تعوّدوا على ذلك!»، أي تعودوا على هذه الجرائم وعلى أن القانون الدولي وأحكام المحاكم الدولية ليس لها أي قيمة.. هذا هو عالم اليوم الذي يجب التعود عليه.
رابعا: في المحصلة النهائية ونتيجة لكل ما سبق، فإن القناعة التي يتم ترسيخها مروعة وتتلخص في أن «هناك جماعات معينة من الناس يمكن قتلها، وأن من المعقول والضروري أن يموتوا مقابل الحفاظ على نظام سياسي مبني على عدم المساواة في الحياة البشرية».
وتضيف إلى هذا أن استرخاص حياة الفلسطينيين على هذا النحو وأنهم يستحقون القتل يعني فصل القانون والأخلاق إلى عالمين: عالم يعيش فيه من يستحق الحرية بعيدا عن الجوع والخوف والاضطهاد، وعالم ثانٍ لبشر لا يستحقون أيًّا من هذا».
هكذا كما نرى، لخصت الكاتبة البريطانية بشكل بليغ طبيعة العالم الذي نعيش فيه اليوم.. عالم انحدر إلى هاوية سحيقة من الهمجية والانحطاط الكامل.. عالم لا مكان فيه لقانون أو أي قيمة أو أخلاق إنسانية.. عالم الكلمة فيه للهمج القتلة السفاحين، ولا أحد يردعهم.
هذا عالم سنعيش في ظله فترة طويلة قادمة. ذلك أنه لا يمكن أن يتغير إلا إذا حدث انقلابٌ في ميزان القوى العالمية، وانتهى عصر سيطرة الغرب على النظام العالمي.. الغرب بكل قيمه الفاسدة وانحطاطه الأخلاقي وتدميره للعدالة ومؤسسات العدالة الدولية.. سنعيش في ظل هذا العالم إلى أن يقوم نظام عالمي جديد أكثر عدلا وإنسانية.
ويعني كل هذا، أن دول وشعوب العالم عليها أن تعتمد على قوتها الذاتية وإرادتها الخاصة دفاعا عن مصالحها من دون انتظار أي إنصاف دولي.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك