العدد : ١٦٩٧١ - الاثنين ٠٩ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٦ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٧١ - الاثنين ٠٩ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٦ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

حسنا فعلت الحكومة!!

بقلم: د. نبيل العسومي

الأحد ٠٤ أغسطس ٢٠٢٤ - 02:00

حسنا‭ ‬فعلت‭ ‬الحكومة‭ ‬الموقرة‭ ‬بإبداء‭ ‬تحفظها‭ ‬على‭ ‬قانون‭ ‬مشروع‭ ‬بقانون‭ ‬مقدم‭ ‬من‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬ضم‭ ‬النواب‭ ‬والشوريين‭ ‬إلى‭ ‬حساب‭ ‬التأمين‭ ‬ضد‭ ‬التعطل‭ ‬بما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬صرف‭ ‬إعانة‭ ‬التعطل‭ ‬للنواب‭ ‬والشوريين‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يتم‭ ‬تجديد‭ ‬عضويتهم‭ ‬في‭ ‬السلطة‭ ‬التشريعية‭.‬

وبغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬المبررات‭ ‬المقنعة‭ ‬التي‭ ‬أوردتها‭ ‬الحكومة‭ ‬في‭ ‬ردها‭ ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬الموافقة‭ ‬على‭ ‬مشروع‭ ‬القانون‭ ‬سوف‭ ‬يترتب‭ ‬عليها‭ ‬زيادة‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬مصروفات‭ ‬صندوق‭ ‬التأمين‭ ‬الاجتماعي‭ ‬ضد‭ ‬التعطل‭ ‬بإضافة‭ ‬فئة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬المستفيدين،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬سيؤدي‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬الأعباء‭ ‬وسوء‭ ‬الأوضاع‭ ‬المالية‭ ‬لهذا‭ ‬الصندوق‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬الرد‭ ‬الحكومي‭ ‬الذي‭ ‬اتخذ‭ ‬طابعا‭ ‬تقنيا‭ ‬ومحاسبيا،‭ ‬فإن‭ ‬هنالك‭ ‬ثلاث‭ ‬نقاط‭ ‬نرى‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬التوقف‭ ‬عندها‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭:‬

الأولى‭: ‬إن‭ ‬النواب‭ ‬والشوريين‭ ‬ليسوا‭ ‬موظفين‭ ‬في‭ ‬السلطة‭ ‬التشريعية‭ ‬وعندما‭ ‬تنتهي‭ ‬دوراتهم‭ ‬التشريعية‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬أنهم‭ ‬فصلوا‭ ‬من‭ ‬الوظيفة،‭ ‬فالسلطة‭ ‬التشريعية‭ ‬هي‭ ‬سلطة‭ ‬اعتبارية،‭ ‬والذي‭ ‬يصلها‭ ‬سواء‭ ‬بالانتخاب‭ ‬أو‭ ‬التعيين‭ ‬يؤدي‭ ‬مهمة‭ ‬ورسالة‭ ‬تشريعية‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬المجتمع‭ ‬وتمنح‭ ‬له‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المكافآت‭ ‬مقابل‭ ‬ما‭ ‬بذله‭ ‬من‭ ‬جهد‭ ‬وعمل‭ ‬لصالح‭ ‬المجتمع،‭ ‬ولذلك‭ ‬فإن‭ ‬النظرة‭ ‬التوظيفية‭ ‬التشريعية‭ ‬بهذه‭ ‬الصورة‭ ‬يقلل‭ ‬من‭ ‬شأنها،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬النائب‭ ‬بهذه‭ ‬الصورة‭ ‬يقلل‭ ‬من‭ ‬صفته،‭ ‬فالعمل‭ ‬في‭ ‬المؤسسة‭ ‬التشريعية‭ ‬هو‭ ‬عمل‭ ‬سياسي‭ ‬بالدرجة‭ ‬الأولى‭ ‬وتطوعي،‭ ‬وإذا‭ ‬كان‭ ‬النائب‭ ‬يحصل‭ ‬على‭ ‬مكافاة‭ ‬مالية‭ ‬مجزية‭ ‬فلا‭ ‬يجب‭ ‬النظر‭ ‬إليها‭ ‬على‭ ‬انها‭ ‬مهمة‭ ‬في‭ ‬شركة‭ ‬أو‭ ‬مؤسسة‭ ‬ولا‭ ‬يجب‭ ‬النظر‭ ‬اليها‭ ‬على‭ ‬انها‭ ‬راتب،‭ ‬مما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬المطالبات‭ ‬غير‭ ‬المنطقية‭.‬

ثانيا‭: ‬إن‭ ‬النائب‭ ‬هو‭ ‬موظف‭ ‬عادي‭ ‬مثله‭ ‬مثل‭ ‬سائر‭ ‬الموظفين‭ ‬عندما‭ ‬يغادر‭ ‬مكانه‭ ‬في‭ ‬السلطة‭ ‬التشريعية‭ ‬يصبح‭ ‬خاضعا‭ ‬للقوانين‭ ‬السارية‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬قانون‭ ‬التعطل‭ ‬فلا‭ ‬حاجة‭ ‬لأن‭ ‬يتم‭ ‬إصدار‭ ‬قانون‭ ‬خاص‭ ‬بالنواب‭ ‬والشوريين،‭ ‬فلا‭ ‬يعقل‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬فئة‭ ‬من‭ ‬الفئات‭ ‬تطالب‭ ‬بإصدار‭ ‬قانون‭ ‬خاص‭ ‬بها‭  ‬مع‭ ‬العلم‭ ‬أن‭ ‬النائب‭ ‬أو‭ ‬الشوري‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬أصبح‭ ‬عاطلا‭ ‬عن‭ ‬العمل،‭ ‬وهو‭ ‬نادر‭ ‬جدا،‭ ‬فإن‭ ‬القوانين‭ ‬السارية‭ ‬يستطيع‭ ‬الاستفادة‭ ‬منها‭ ‬لأن‭ ‬الأسس‭ ‬الفنية‭ ‬التي‭ ‬نظمت‭ ‬نظام‭ ‬التأمين‭ ‬الاجتماعي‭ ‬الذي‭ ‬يندرج‭ ‬تحت‭ ‬نظام‭ ‬التأمين‭ ‬ضد‭ ‬التعطل‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬الدراسة‭ ‬الاكتوارية‭ ‬التي‭ ‬تحدد‭ ‬درجة‭ ‬الخطر،‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬فإن‭ ‬المخاطر‭ ‬تهدد‭ ‬هذا‭ ‬الصندوق‭ ‬إذا‭ ‬اضفنا‭ ‬إليه‭ ‬فئة‭ ‬كهذه‭ ‬جديدة‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬منطقي‭ ‬وغير‭ ‬ضروري‭.‬

الثالث‭: ‬إننا‭ ‬لو‭ ‬فرضنا‭ ‬أن‭ ‬نائبا‭ ‬أو‭ ‬شوريا‭ ‬وجد‭ ‬نفسه‭ ‬متعطلا‭ ‬بعد‭ ‬خروجه‭ ‬من‭ ‬الهيئة‭ ‬التشريعية،‭ ‬فإنه‭ ‬يستفيد‭ ‬بالضرورة‭ ‬من‭ ‬نظام‭ ‬التعطل،‭ ‬لكنه‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يخضع‭ ‬بالضرورة‭ ‬لقواعده‭ ‬المعلومة‭ ‬لأنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تمييزه‭ ‬عن‭ ‬سائر‭ ‬المواطنين‭ ‬في‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المنظومة‭ ‬أو‭ ‬تعرض‭ ‬عليه‭ ‬الوظائف،‭ ‬فإذا‭ ‬لم‭ ‬تعجبه‭ ‬فإنه‭ ‬يصبح‭ ‬غير‭ ‬مستفيد‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬المنظومة‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬تعويض‭ ‬مؤقت‭ ‬للعمال‭ ‬العاطلين‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬أو‭ ‬الذين‭ ‬فقدوا‭ ‬أعمالهم‭ ‬أو‭ ‬وظائفهم‭. ‬ولمساعدة‭ ‬العاطلين‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬الذين‭ ‬ينتظرون‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الوظيفة‭ ‬المناسبة‭ ‬وخصوصا‭ ‬ان‭ ‬فلسفة‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الدعم‭ ‬المؤقت‭ ‬لضمان‭ ‬الاستقرار‭ ‬وتوفير‭ ‬حد‭ ‬أدنى‭ ‬من‭ ‬الدعم‭ ‬المالي،‭ ‬وهي‭ ‬بذلك‭ ‬ليست‭ ‬معونة‭ ‬ثابتة‭ ‬تصرف‭ ‬للمتعطل‭.‬

يضاف‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬النقاط‭ ‬الثلاث‭ ‬السابقة،‭ ‬إن‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬موفقا‭ ‬لأنه‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬الموافقة‭ ‬عليه‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تضم‭ ‬إليه‭ ‬فئات‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬نوع‭ ‬أعضاء‭ ‬المجالس‭ ‬البلدية‭ ‬الذين‭ ‬سيطالبون‭ ‬بالضرورة‭ ‬بنفس‭ ‬هذا‭ ‬الاعتبار،‭ ‬وعليه‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬تقديم‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الظروف‭ ‬التي‭ ‬يتطلع‭ ‬فيها‭ ‬المواطن‭ ‬إلى‭ ‬دور‭ ‬مهم‭ ‬وبارز‭ ‬للسلطة‭ ‬التشريعية‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬التشريع‭ ‬أو‭ ‬الرقابة،‭ ‬فمن‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬ينظر‭ ‬إليه‭ ‬كونه‭ ‬مشروعا‭ ‬ذاتيا‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬المصلحة‭ ‬العامة،‭ ‬ولذلك‭ ‬فإن‭ ‬الحكومة‭ ‬حسنا‭ ‬فعلت‭ ‬عندما‭ ‬تحفظت‭ ‬عليه‭ ‬خصوصا‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬المعاناة‭ ‬السابقة‭ ‬لميزانية‭ ‬الدولة‭ ‬بسبب‭ ‬تقاعد‭ ‬النواب‭ ‬والشوريين‭ ‬السابقين‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا