العدد : ١٦٩٧١ - الاثنين ٠٩ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٦ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٧١ - الاثنين ٠٩ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٦ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

تأهيل العيون الطبيعية يعزز تنمية السياحة المستدامة في البحرين

بقلم: د. فاطمة ناصر

الجمعة ٠٢ أغسطس ٢٠٢٤ - 02:00

قال‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭: ‬‮«‬وَجَعَلْنَاْ‭ ‬مِنَ‭ ‬المَاْءِ‭ ‬كُلَّ‭ ‬شَيْءٍ‭ ‬حَيٍّ‭ ‬أَفَلاْ‭ ‬يُؤْمِنُوْنَ‮»‬‭ ‬تؤكد‭ ‬أن‭ ‬الله‭ ‬خلق‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬حي‭ ‬من‭ ‬الماء‭. ‬وهذه‭ ‬حقيقة‭ ‬علمية‭ ‬مؤكدة،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬الماء‭ ‬هو‭ ‬المكون‭ ‬الرئيس‭ ‬لجميع‭ ‬الكائنات‭ ‬الحية،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الإنسان‭ ‬والحيوانات‭ ‬والنباتات،‭ ‬أما‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬السياحة،‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬الحقيقة‭ ‬القرآنية‭ ‬تعزز‭ ‬الدور‭ ‬الحيوي‭ ‬للمياه‭ ‬وتؤكد‭ ‬أهميتها‭ ‬في‭ ‬الحياة،‭ ‬حيثُ‭ ‬يمكننا‭ ‬استنتاج‭ ‬أن‭ ‬المياه‭ ‬هي‭ ‬أساس‭ ‬الحياة‭ ‬والوجود،‭ ‬وبذلك‭ ‬فهي‭ ‬أساس‭ ‬للسياحة‭ ‬والأنشطة‭ ‬السياحية‭ ‬المرتبطة‭ ‬به،‭ ‬وتأكيدًا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬حي‭ ‬مخلوق‭ ‬من‭ ‬الماء‭ ‬يعزز‭ ‬أهمية‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬المياه‭ ‬ونظافتها‭ ‬لاستدامة‭ ‬السياحة‭. ‬وأن‭ ‬إدراك‭ ‬هذه‭ ‬الحقيقة‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬احترام‭ ‬المياه‭ ‬واستخدامها‭ ‬بحكمة‭ ‬في‭ ‬التنمية‭ ‬السياحية؛‭ ‬إذا‭ ‬لا‭ ‬يمكننا‭ ‬الاستغناء‭ ‬عن‭ ‬الماء‭ ‬بتاتًا،‭ ‬لما‭ ‬تجتاحه‭ ‬أجسام‭ ‬الكائنات‭ ‬الحيّة‭ ‬بدءا‭ ‬بالإنسان،‭ ‬الذي‭ ‬يحتوي‭ ‬جسمه‭ ‬على‭ ‬60%‭ ‬منه‭ ‬من‭ ‬الماء،‭ ‬وكذلك‭ ‬الأمر‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬النباتات‭ ‬والحيوانات،‭ ‬حيث‭ ‬إنّ‭ ‬الكائنات‭ ‬الحيّة‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬الماء‭ ‬حتّى‭ ‬تستمر‭ ‬العمليّات‭ ‬الحيويّة‭ ‬على‭ ‬أتمّ‭ ‬وجه‮»‬‭.‬

لقد‭ ‬عرفت‭ ‬البحرين‭ ‬قديمًا‭ ‬بوجود‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬العيون‭ ‬والينابيع‭ ‬البرية‭ ‬الطبيعية‭ ‬ذات‭ ‬المياه‭ ‬العذبة،‭ ‬وقد‭ ‬ارتبطت‭ ‬المواقع‭ ‬التي‭ ‬توجد‭ ‬بها‭ ‬تلك‭ ‬العيون‭ ‬والينابيع‭ ‬الطبيعية‭ ‬بالازدهار‭ ‬الحضاري،‭ ‬وكانت‭ ‬سببًا‭ ‬لاستقرار‭ ‬السكان‭ ‬فيها‭ ‬واستمرارية‭ ‬حياتهم‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأرض‭ ‬الطبية،‭ ‬وتلبية‭ ‬احتياجاتهم‭ ‬المائية‭ ‬معتمدين‭ ‬بصورة‭ ‬أساسية‭ ‬على‭ ‬مياه‭ ‬العيون‭ ‬منذ‭ ‬استقرارهم‭ ‬حتى‭ ‬بداية‭ ‬العقد‭ ‬الثالث‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬العشرين،‭ ‬ويرجع‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬امتلاك‭ ‬البحرين‭ ‬طبقتين‭ ‬من‭ ‬المياه‭ ‬الجوفية،‭ ‬وطبقة‭ ‬المياه‭ ‬الجوفية‭ ‬طبقة‭ ‬صخرية‭ ‬رطبة‭ ‬من‭ ‬الصخور‭ ‬النفاذية‭ ‬المحملة‭ ‬بالمياه،‭ ‬وتعتمد‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬على‭ ‬هاتين‭ ‬الطبقتين‭ ‬كمصدر‭ ‬أساسي‭ ‬من‭ ‬مصادر‭ ‬المياه،‭ ‬وهما‭ ‬طبقة‭ ‬الدمام،‭ ‬وطبقة‭ ‬الرأس‭ ‬‭ ‬أم‭ ‬الرضمة،‭ ‬وهي‭ ‬طبقة‭ ‬غير‭ ‬قابلة‭ ‬للتجديد،‭ ‬ولذلك‭ ‬تزداد‭ ‬ملوحتها‭ ‬مع‭ ‬استنفاد‭ ‬المياه‭ ‬منها،‭ ‬ويتوقع‭ ‬أن‭ ‬تصل‭ ‬ملوحتها‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬الوقت‭ ‬إلى‭ ‬نفس‭ ‬درجة‭ ‬ملوحة‭ ‬البحر،‭ ‬أما‭ ‬طبقة‭ ‬الدمام‭ ‬فيعاد‭ ‬تغذيتها‭ ‬من‭ ‬المياه‭ ‬الجوفية‭ ‬بالمملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية،‭ ‬لذلك‭ ‬عدّ‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬هو‭ ‬مصدر‭ ‬المياه‭ ‬العذبة‭ ‬شبه‭ ‬المتجدد‭ ‬الوحيد‭ ‬بالمملكة‭.‬

تملك‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬تراثًا‭ ‬ثقافيًا‭ ‬شعبيا‭ ‬طبيعيا‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬تراث‭ ‬المياه‭ ‬الطبيعية‭ ‬والعيون‭ ‬والمناطق‭ ‬الزراعية‭ ‬المنتجة‭ ‬والسواحل‭ ‬الممتدة‭ ‬على‭ ‬طول‭ ‬الجزيرة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تسمى‭ ‬ساحل‭ ‬اللؤلؤ،‭ ‬حيثُ‭ ‬مثلت‭ ‬رحلات‭ ‬الناس‭ ‬قديمًا‭ ‬للعيون‭ ‬الطبيعية‭ ‬نوعًا‭ ‬متميزًا‭ ‬من‭ ‬السَياحة‭ ‬البيئية،‭ ‬وقد‭ ‬عرفت‭ ‬البحرين‭ ‬قديمًا‭ ‬بوجود‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬العيون‭ ‬الطبيعية‭ ‬البرية‭ ‬التي‭ ‬ارتبط‭ ‬الازدهار‭ ‬الحضاري‭ ‬التي‭ ‬عاشته‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬بمياهها‭ ‬العذبة،‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬المياه‭ ‬سببًا‭ ‬لاستقرار‭ ‬السكان‭ ‬فيها‭ ‬وكثرة‭ ‬النخيل‭ ‬والمنتجات‭ ‬الزراعية؛‭ ‬لذا‭ ‬فقد‭ ‬استمر‭ ‬الإنسان‭ ‬القديم‭ ‬الذي‭ ‬عاش‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأرض‭ ‬الطيبة‭ ‬في‭ ‬تلبية‭ ‬احتياجاته‭ ‬المائية‭ ‬معتمدًا‭ ‬بصورة‭ ‬أساسية‭ ‬على‭ ‬مياه‭ ‬العيون‭ ‬منذ‭ ‬استقراره‭ ‬حتى‭ ‬بداية‭ ‬العقد‭ ‬الثالث‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬العشرين،‭ ‬فكانت‭ ‬الأجزاء‭ ‬الشمالية‭ ‬من‭ ‬جزيرة‭ ‬البحرين‭ ‬هي‭ ‬موطن‭ ‬الحضارة‭ ‬والتجمعات‭ ‬السكانية‭ ‬نظرًا‭ ‬الى‭ ‬وفرة‭ ‬مصادر‭ ‬المياه‭ ‬فيها؛‭ ‬لذا‭ ‬فإن‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬تأهيل‭ ‬العيون‭ ‬والينابيع‭ ‬الطبيعية‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬سوف‭ ‬يسهم‭ ‬بالتأكيد‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الاستدامة‭ ‬بجميع‭ ‬أبعادها؛‭ ‬حيثُ‭ ‬إنه‭ ‬مما‭ ‬لا‭ ‬شك‭ ‬فيه‭ ‬أن‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬الاقتصادي‭ ‬تتطلب‭ ‬تحسين‭ ‬الظروف‭ ‬المعيشية‭ ‬للبشر‭ ‬بشكل‭ ‬لائق‭ ‬والكائنات‭ ‬الحية‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬إحداث‭ ‬زيادة‭ ‬في‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬استخدام‭ ‬الموارد‭ ‬الطبيعية‭ ‬التي‭ ‬تتجاوز‭ ‬قدرة‭ ‬كوكب‭ ‬الأرض‭ ‬على‭ ‬التحمل،‭ ‬وبالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الاستدامة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬فإنها‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬ضمانة‭ ‬إمداد‭ ‬كاف‭ ‬من‭ ‬المياه‭ ‬لاسـتخدامه‭ ‬فـي‭ ‬التنميـة‭ ‬الزراعيـة‭ ‬والصـناعية‭ ‬والسياحية‭.‬

لقد‭ ‬عمدت‭ ‬المؤسسات‭ ‬الحكومية‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬إلى‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬وضع‭ ‬خطط‭ ‬مستقبلية‭ ‬لإعادة‭ ‬تأهيل‭ ‬العيون‭ ‬والينابيع‭ ‬الطبيعية،‭ ‬وإيجاد‭ ‬أساليب‭ ‬متقدمة‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬ملف‭ ‬العيون‭ ‬الطبيعية‭ ‬بكفاءة‭ ‬وتحقيق‭ ‬أفضل‭ ‬استفادة‭ ‬ممكنة‭ ‬من‭ ‬العيون‭ ‬والينابيع‭ ‬الطبيعية،‭ ‬وقد‭ ‬أخذت‭ ‬وزارة‭ ‬شؤون‭ ‬البلديات‭ ‬والزراعة‭ ‬على‭ ‬عاتقها‭ ‬هذه‭ ‬المهمة‭ ‬وبدأت‭ ‬ببرنامج‭ ‬إعادة‭ ‬إحياء‭ ‬العيون‭ ‬التراثية،‭ ‬وذلك‭ ‬ضمن‭ ‬حرصها‭ ‬على‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬التراث‭ ‬العمراني‭ ‬والبيئي‭ ‬لمملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬وقد‭ ‬تم‭ ‬اختيار‭ ‬أهم‭ ‬العيون‭ ‬والينابيع‭ ‬الطبيعية‭ ‬اعتمادًا‭ ‬على‭ ‬تاريخها‭ ‬وجمالها‭ ‬وموقعها‭ ‬وإمكانية‭ ‬استغلالها‭ ‬أماكن‭ ‬سياحية‭ ‬وترفيهية‭. ‬وللعيون‭ ‬والينابيع‭ ‬الطبيعية‭ ‬حكايات‭ ‬لا‭ ‬تنسى‭ ‬في‭ ‬ذاكرة‭ ‬الشعب‭ ‬البحريني‭ ‬ويتم‭ ‬توارثها‭ ‬من‭ ‬الأجداد‭ ‬للأبناء،‭ ‬ومن‭ ‬أهمها‭ ‬العيون‭ ‬البرية‭ ‬التي‭ ‬تعد‭ ‬مصدرًا‭ ‬مهمًا‭ ‬من‭ ‬مصادر‭ ‬المياه‭ ‬قديمًا،‭ ‬ومنظرًا‭ ‬خلابًا‭ ‬يُبهج‭ ‬النفس‭ ‬ويبعث‭ ‬على‭ ‬الراحة‭ ‬والطمأنينة،‭ ‬ومن‭ ‬أشهرها‭ ‬عين‭ ‬عذاري‭ ‬التي‭ ‬تعدُ‭ ‬من‭ ‬أكبر‭ ‬الينابيع‭ ‬الطبيعية‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬العمق‭ ‬والاتساع،‭ ‬ولعين‭ ‬عذاري‭ ‬أهمية‭ ‬كبيرة‭ ‬بالنسبة‭ ‬للشعب‭ ‬البحريني‭ ‬منذ‭ ‬القدم‭ ‬فقد‭ ‬نظمت‭ ‬الأشعار‭ ‬والمواويل‭ ‬الشعبية‭ ‬بحقها،‭ ‬أيضًا‭ ‬هناك‭ ‬عدة‭ ‬أساطير‭ ‬قديمة‭ ‬نسجت‭ ‬حولها،‭ ‬كما‭ ‬تميزت‭ ‬هذه‭ ‬العين‭ ‬بظاهرة‭ ‬غريبة‭ ‬وهي‭ ‬أن‭ ‬ماءها‭ ‬يصل‭ ‬ليروي‭ ‬الأراضي‭ ‬والبساتين‭ ‬البعيدة،‭ ‬بينما‭ ‬النخيل‭ ‬والأراضي‭ ‬القريبة‭ ‬حول‭ ‬العين‭ ‬تعاني‭ ‬الجفاف،‭ ‬وبسبب‭ ‬تلك‭ ‬الظاهرة‭ ‬ظهر‭ ‬مثل‭ ‬شعبي‭ ‬يقول‭ ‬‮«‬عذاري‭ ‬تسقي‭ ‬البعيد‭ ‬وتترك‭ ‬القريب‮»‬،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬العيون‭ ‬كعين‭ ‬الحنينية‭ ‬في‭ ‬الرفاع‭ ‬وعين‭ ‬زيدان‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬القديم‭ ‬وعين‭ ‬السفاحية‭ ‬في‭ ‬جزيرة‭ ‬النبيه‭ ‬صالح،‭ ‬وعين‭ ‬سيادي‭ ‬في‭ ‬البسيتين‭ ‬وعراد،‭ ‬وعين‭ ‬الرحى‭ ‬في‭ ‬سترة،‭ ‬وعين‭ ‬الحكيم‭ ‬في‭ ‬شهركان،‭ ‬والأشهر‭ ‬لدى‭ ‬عامة‭ ‬الناس‭ ‬خاصة‭ ‬المنتشرة‭ ‬في‭ ‬الجزء‭ ‬الشمالي‭ ‬بالبحرين‭ ‬التي‭ ‬يبلغ‭ ‬عددها‭ ‬25‭ ‬ينبوعًا‭ ‬طبيعيًا‭ ‬أو‭ ‬أكثر،‭ ‬كانت‭ ‬بمنزلة‭ ‬وجهات‭ ‬سياحية‭ ‬يقصدها‭ ‬السياح‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬مناطق‭ ‬البحرين،‭ ‬حيثُ‭ ‬كانت‭ ‬تمثل‭ ‬لهم‭ ‬أهمية‭ ‬ترفيهية‭ ‬وفسحا‭ ‬جماعية،‭ ‬وكانت‭ ‬لدى‭ ‬البعض‭ ‬وجهة‭ ‬للبحث‭ ‬عن‭ ‬العلاج‭ ‬الطبيعي‭ ‬من‭ ‬الامراض‭ ‬الجلدية‭ ‬والبعض‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬العلاج‭ ‬النفسي‭ ‬لما‭ ‬تمتلكه‭ ‬هذه‭ ‬الينابيع‭ ‬والعيون‭ ‬من‭ ‬قدسية‭ ‬خاصة‭ ‬بحسب‭ ‬وجهات‭ ‬النظر‭ ‬المتفاوتة‭ ‬آنذاك‭.‬

وضمن‭ ‬نتائج‭ ‬دراسة‭ ‬دكتوراه‭ ‬تمت‭ ‬دراستها‭ ‬حول‭ ‬مقومات‭ ‬السياحة‭ ‬البيئية‭ ‬لمملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬فقد‭ ‬تم‭ ‬استطلاع‭ ‬آراء‭ ‬عينات‭ ‬الدراسة‭ (‬ذوي‭ ‬الاختصاص‭ ‬والخبرات،‭ ‬المكاتب‭ ‬السياحية،‭ ‬الجمهور‭) ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬مدرجًا‭ ‬ضمن‭ ‬محور‭ ‬الإمكانات‭ ‬السياحية‭ ‬حول‭ ‬مساهمة‭ ‬العنصر‭ ‬الطبيعي‭ ‬في‭ ‬تنمية‭ ‬السياحة‭ ‬البيئية‭ ‬‮«‬العيون‭ ‬والمياه‭ ‬الجوفية‮»‬‭ ‬ضمن‭ ‬قائمة‭ ‬سبعة‭ ‬عناصر‭ ‬طبيعية‭ ‬أساسية‭ ‬تم‭ ‬اعتمادها‭ ‬للدراسة،‭ ‬فقد‭ ‬جاءت‭ ‬بحسب‭ ‬رأي‭ ‬الجمهور‭ ‬في‭ ‬المرتبة‭ ‬الخامسة،‭ ‬وبالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الخبراء‭ ‬فقد‭ ‬جاءت‭ ‬في‭ ‬المرتبة‭ ‬الأخيرة‭. ‬أما‭ ‬بحسب‭ ‬رؤية‭ ‬عينة‭ ‬المكاتب‭ ‬السياحية‭ ‬في‭ ‬المملكة،‭ ‬فقد‭ ‬جاءت‭ ‬كذلك‭ ‬في‭ ‬المرتبة‭ ‬الاخيرة،‭ ‬ويدل‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬تراجع‭ ‬هذا‭ ‬العنصر‭ ‬الطبيعي‭ ‬المهم‭ ‬في‭ ‬التأثير‭ ‬على‭ ‬تنمية‭ ‬السياحة‭ ‬في‭ ‬المملكة‭. ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬عمل‭ ‬تصاميم‭ ‬وخرائط‭ ‬لعدة‭ ‬عيون‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬بتوصية‭ ‬حول‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬اعادتها‭ ‬وإحيائها،‭ ‬وكذلك‭ ‬فقد‭ ‬تمت‭ ‬دراسة‭ ‬وتقييم‭ ‬أشهر‭ ‬العيون،‭ ‬منها‭ (‬عين‭ ‬عذاري‭ ‬وموقع‭ ‬عين‭ ‬الحنينية‭) ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬من‭ ‬أشهر‭ ‬المواقع‭ ‬السياحية‭ ‬الطبيعية‭ ‬الداخلية‭ ‬قديمًا‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬فاعليتها‭ ‬ومقوماتها،‭ ‬حيثُ‭ ‬لوحظ‭ ‬تراجع‭ ‬تقييمها‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الفاعلية‭ ‬ومقوماتها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬عينات‭ ‬الدراسة‭ ‬الرئيسة‭.‬

وختامًا،‭ ‬فإن‭ ‬مواصلة‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬إحياء‭ ‬ورقة‭ ‬تأهيل‭ ‬العيون‭ ‬والينابيع‭ ‬الطبيعية‭ ‬بالمملكة،‭ ‬سوف‭ ‬يسهم‭ ‬بشكل‭ ‬جذري‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة،‭ ‬حيثُ‭ ‬إن‭ ‬المجتمعات‭ ‬المحلية‭ ‬عمومًا‭ ‬وسكان‭ ‬الجزر‭ ‬خصوصًا‭ ‬تستفيد‭ ‬من‭ ‬التنوع‭ ‬في‭ ‬الموارد‭ ‬المائية‭ ‬بجميع‭ ‬أشكالها،‭ ‬إذ‭ ‬يزود‭ ‬هذا‭ ‬التنوع‭ ‬المجتمعات‭ ‬بدرجة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الاستقرار‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والمعيشي‭ ‬الذي‭ ‬يفوق‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬سائدا‭ ‬في‭ ‬المجتمعات‭ ‬التي‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬عدد‭ ‬محدود‭ ‬من‭ ‬الموارد،‭ ‬وبإمكاننا‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬تنمية‭ ‬الموارد‭ ‬المائية‭ ‬خاصة‭ ‬العيون‭ ‬الطبيعية‭ ‬وإحياءها‭ ‬اصطناعيًا‭ ‬لتأخذ‭ ‬طابعها‭ ‬التراثي‭ ‬السابق،‭ ‬ولتلعب‭ ‬دورًا‭ ‬إيجابيا‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬المجتمعات‭ ‬بواسطة‭ ‬أنشطة‭ ‬اقتصادية‭ ‬مجتمعية‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬زيادة‭ ‬الدخل‭ ‬الوطني‭ ‬وتوفير‭ ‬فرص‭ ‬عمل‭ ‬جديدة‭ ‬بواسطة‭ ‬الأنشطة‭ ‬السياحية‭ ‬المقامة‭ ‬في‭ ‬مواقع‭ ‬العيون‭ ‬والينابيع‭ ‬الطبيعية،‭ ‬التي‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬تنمية‭ ‬السياحة‭ ‬عمومًا‭ ‬والسياحة‭ ‬الداخلية‭ ‬بشكل‭ ‬خاص؛‭ ‬لذا‭ ‬فإننا‭ ‬بحاجة‭ ‬الى‭ ‬مبادرات‭ ‬نوعية‭ ‬متخصصة‭ ‬تنشر‭ ‬الوعي‭ ‬وتؤكد‭ ‬تنمية‭ ‬مواردنا‭ ‬الوطنية‭ ‬لتسهم‭ ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬البناء‭ ‬والتنمية‭ ‬المستدامة،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬أغلب‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تزدهر‭ ‬فيها‭ ‬السياحة‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬السياحة‭ ‬المائية‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬المسطحات‭ ‬المائية‭ ‬الداخلية‭ ‬كالينابيع‭ ‬والعيون‭ ‬والسواحل‭ ‬البحرية‭ ‬كعامل‭ ‬جذب‭ ‬سياحي‭ ‬مستدام‭.‬

 

{‭ ‬مختصة‭ ‬في‭ ‬فلسفة‭ ‬الدراسات‭ ‬البيئية‭ ‬وآليات‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا