العدد : ١٦٩٧٠ - الأحد ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٧٠ - الأحد ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

جرائم تعذيب المعتقلين والأسرى الفلسطينيين وصمت العالم

بقلم: تالا ناصر

السبت ٢٠ يوليو ٢٠٢٤ - 02:00

عملت‭ ‬سلطات‭ ‬الاحتلال،‭ ‬منذ‭ ‬بدْء‭ ‬العدوان‭ ‬الشامل‭ ‬على‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬على‭ ‬فرْض‭ ‬عزل‭ ‬تام‭ ‬وشامل‭ ‬بحق‭ ‬الأَسرى‭ ‬والمعتقَلين‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬إذ‭ ‬منعت‭ ‬منذ‭ ‬اللحظة‭ ‬الأولى‭ ‬زيارات‭ ‬المحامين‭ ‬واللجنة‭ ‬الدولية‭ ‬للصليب‭ ‬الأحمر،‭ ‬وبالتزامن‭ ‬مع‭ ‬ذلك،‭ ‬بدأت‭ ‬تمارس‭ ‬القمع‭ ‬والضرب‭ ‬والترهيب‭ ‬والتعذيب‭ ‬وسوء‭ ‬المعاملة‭ ‬بحق‭ ‬كل‭ ‬أسير‭ ‬ومعتقَل‭ ‬فلسطيني‭ ‬داخل‭ ‬السجون‭. ‬ورافقت‭ ‬هذه‭ ‬العمليات‭ ‬محاولات‭ ‬إذلال‭ ‬وتركيع‭ ‬للأَسرى‭ ‬عبْر‭ ‬تجريدهم‭ ‬من‭ ‬ملابسهم‭ ‬وضرْبهم‭ ‬وهم‭ ‬عراة،‭ ‬وذلك‭ ‬بصورة‭ ‬متعمدة‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬إدارة‭ ‬مصلحة‭ ‬السجون‭ ‬والقوات‭ ‬الخاصة‭ ‬التابعة‭ ‬لها،‭ ‬إذ‭ ‬أرادت‭ ‬فرْض‭ ‬تدابير‭ ‬انتقامية‭ ‬وعقابية‭ ‬تعسفية‭ ‬بحق‭ ‬المعتقَلين‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬ضوابط‭ ‬قانونية‭ ‬أو‭ ‬قضائية‭.‬

وفي‭ ‬السياق‭ ‬نفسه،‭ ‬بدأت‭ ‬السلطات‭ ‬أيضاً‭ ‬تنفّذ‭ ‬حملات‭ ‬اعتقال‭ ‬واسعة،‭ ‬هدفها‭ ‬الأساسي‭ ‬انتقامي،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬محاولات‭ ‬إسكات‭ ‬للصوت‭ ‬الفلسطيني‭ ‬المنتفض‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬المتواصلة‭ ‬بحق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭. ‬ولأن‭ ‬الاحتلال‭ ‬يسعى‭ ‬لِزَجِّ‭ ‬أكبر‭ ‬قدر‭ ‬من‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬وراء‭ ‬القضبان،‭ ‬فإنه‭ ‬يستخدم‭ ‬أسهل‭ ‬وسيلة‭ ‬ممكنة‭ ‬لفعل‭ ‬ذلك،‭ ‬أَلَا‭ ‬وهي‭ ‬الاعتقال‭ ‬الإداري؛‭ ‬إذ‭ ‬يقبع‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬3400‭ ‬معتقَل‭ ‬إداري‭ ‬في‭ ‬سجون‭ ‬الاحتلال‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تقديم‭ ‬أي‭ ‬تُهَمٍ‭ ‬بحقهم،‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬إجراءات‭ ‬قانونية‭ ‬للمحاكمة‭. ‬كما‭ ‬تنتهج‭ ‬سلطات‭ ‬الاحتلال‭ ‬سياسة‭ ‬اعتقال‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬على‭ ‬خلفية‭ ‬تُهَمٍ‭ ‬تتعلق‭ ‬بـ«التحريض‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‮»‬،‭ ‬إذ‭ ‬اعتقلت‭ ‬عشرات‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬بعد‭ ‬7‭ ‬أكتوبر،‭ ‬وقدّمت‭ ‬بحقهم‭ ‬لوائح‭ ‬اتهام‭ ‬بـ«التحريض‭ ‬على‭ ‬الإرهاب‮»‬،‭ ‬وهي‭ ‬أيضاً‭ ‬وسيلة‭ ‬أُخرى‭ ‬تستخدمها‭ ‬السلطات‭ ‬لِزَجِّ‭ ‬أكبر‭ ‬قدر‭ ‬من‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬السجون‭ ‬لممارستهم‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬حرية‭ ‬الرأي‭ ‬والتعبير،‭ ‬وقد‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬حدّ‭ ‬اعتقال‭ ‬امرأتَين‭ ‬فلسطينيتَين‭ ‬تحمل‭ ‬كل‭ ‬واحدة‭ ‬منهما‭ ‬جنينا‭ ‬في‭ ‬أحشائها،‭ ‬وذلك‭ ‬بحجة‭ ‬نشْر‭ ‬منشورات‭ ‬على‭ ‬صفحاتهما‭ ‬الشخصية،‭ ‬تحت‭ ‬ادعاء‭ ‬أنها‭ ‬تشكّل‭ ‬تحريضاً‭ ‬على‭ ‬‮«‬الإرهاب‮»‬،‭ ‬وكل‭ ‬هذه‭ ‬الممارسات‭ ‬تأتي‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬لترهيب‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬وثنيه‭ ‬عن‭ ‬ممارسة‭ ‬حقوقه‭ ‬الأساسية‭.‬

ولم‭ ‬تكتفِ‭ ‬سلطات‭ ‬الاحتلال‭ ‬بهذا‭ ‬وحسب،‭ ‬بل‭ ‬أيضاً‭ ‬أظهرت‭ ‬‮«‬وجهها‭ ‬الحقيقي‮»‬‭ ‬عبر‭ ‬تعذيب‭ ‬المعتقَلين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬بصورة‭ ‬هستيرية،‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬تمارس‭ ‬التعذيب‭ ‬الممنهج‭ ‬بكل‭ ‬أشكاله‭ ‬بحق‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬منذ‭ ‬سنة‭ ‬1948،‭ ‬إلاّ‭ ‬إنها‭ ‬صعّدت‭ ‬من‭ ‬ممارستها،‭ ‬وبصورة‭ ‬جماعية،‭ ‬خلال‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬المتواصلة‭. ‬وما‭ ‬أعنيه‭ ‬هنا‭ ‬بالوجه‭ ‬الحقيقي‭ ‬للاحتلال‭ ‬أنه‭ ‬يقوم‭ ‬بممارسة‭ ‬التعذيب‭ ‬الجماعي‭ ‬بحق‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬علناً،‭ ‬وبسلطاته‭ ‬الثلاث‭: ‬التشريعية،‭ ‬والتنفيذية،‭ ‬والقضائية،‭ ‬وذلك‭ ‬لتكريس‭ ‬ممارسة‭ ‬جريمة‭ ‬التعذيب‭ ‬وإضفاء‭ ‬الشرعية‭ ‬على‭ ‬مرتكبيه‭. ‬فمن‭ ‬جهة،‭ ‬تقوم‭ ‬الجهات‭ ‬التشريعية‭ ‬بالتعديل‭ ‬على‭ ‬القوانين‭ ‬والأوامر‭ ‬العسكرية‭ ‬لفرْض‭ ‬عزل‭ ‬تام‭ ‬على‭ ‬المعتقَلين‭ ‬من‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬والمصنَفين‭ ‬كـ«مقاتلين‭ ‬غير‭ ‬شرعيين‮»‬‭ ‬بِمَنْعِهِم‭ ‬من‭ ‬لقاء‭ ‬محاميهم‭ ‬مدة‭ ‬6‭ ‬أشهر‭ ‬متواصلة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬عدم‭ ‬قدرة‭ ‬المحامين‭ ‬على‭ ‬لقاء‭ ‬المعتقَلين‭ ‬وتوثيق‭ ‬جرائم‭ ‬التعذيب‭ ‬الممارَسة‭ ‬بحقهم‭. ‬أمّا‭ ‬السلطة‭ ‬التنفيذية،‭ ‬والمتمثلة‭ ‬في‭ ‬جنود‭ ‬الجيش‭ ‬وضباطه،‭ ‬وضباط‭ ‬الشاباك‭ ‬والاستخبارات،‭ ‬وقوات‭ ‬مصلحة‭ ‬السجون،‭ ‬فَهُم‭ ‬المسؤولون‭ ‬عن‭ ‬ارتكاب‭ ‬جرائم‭ ‬التعذيب‭ ‬وسوء‭ ‬المعاملة‭ ‬بحق‭ ‬المعتقَلين‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬سواء‭ ‬أكان‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬السجون‭ ‬التابعة‭ ‬لإدارة‭ ‬مصلحة‭ ‬السجون،‭ ‬أم‭ ‬في‭ ‬المعسكرات‭ ‬التابعة‭ ‬للجيش،‭ ‬أم‭ ‬في‭ ‬مراكز‭ ‬التحقيق‭ ‬المتعددة‭ ‬التابعة‭ ‬لجهاز‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الإسرائيلي‭ (‬الشاباك‭). ‬وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالسلطة‭ ‬القضائية‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬المحاكم‭ ‬العسكرية‭ ‬والمحاكم‭ ‬المدنية‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬فإنها‭ ‬تعمل‭ ‬بصورة‭ ‬ممنهجة‭ ‬على‭ ‬تمديد‭ ‬توقيف‭ ‬المعتقَلين‭ ‬الذين‭ ‬تعرضوا‭ ‬للتعذيب‭ ‬وسوء‭ ‬المعاملة،‭ ‬وتعقد‭ ‬جلسات‭ ‬غيابية‭ ‬للمعتقَلين‭ ‬غير‭ ‬القادرين‭ ‬على‭ ‬حضور‭ ‬الجلسة‭ ‬بسبب‭ ‬وضعهم‭ ‬الصحي‭ ‬الصعب‭ ‬نتيجة‭ ‬للتعذيب‭ ‬الذي‭ ‬تعرضوا‭ ‬له‭.‬

وكل‭ ‬جرائم‭ ‬التعذيب‭ ‬هذه‭ ‬تمارَس‭ ‬في‭ ‬العلن،‭ ‬وحين‭ ‬نقول‭ ‬‮«‬في‭ ‬العلن‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬يعني‭ ‬في‭ ‬المفهوم‭ ‬القانوني‭ ‬أن‭ ‬سلطات‭ ‬الاحتلال‭ ‬تقدّم‭ ‬الدليل‭ ‬الواضح‭ ‬ضد‭ ‬نفسها‭. ‬وليست‭ ‬المقاطع‭ ‬التي‭ ‬ينشرها‭ ‬جنود‭ ‬جيش‭ ‬الاحتلال‭ ‬وضباطه‭ ‬وهم‭ ‬يمارسون‭ ‬التعذيب‭ ‬وسوء‭ ‬المعاملة‭ ‬بحق‭ ‬المعتقَلين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬إلاّ‭ ‬دليلاً‭ ‬على‭ ‬تمتُع‭ ‬الاحتلال‭ ‬بثقافة‭ ‬الإفلات‭ ‬من‭ ‬العقاب‭. ‬وما‭ ‬كان‭ ‬يمارسه‭ ‬سابقاً‭ ‬من‭ ‬تعذيب‭ ‬بحق‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬تحت‭ ‬غطاء‭ ‬قضائي‭ ‬وقانوني،‭ ‬أصبح‭ ‬يُمارَس‭ ‬الآن‭ ‬أمام‭ ‬كاميرات‭ ‬هواتف‭ ‬الجنود،‭ ‬ويُنشر‭ ‬على‭ ‬مرأى‭ ‬ومسمع‭ ‬من‭ ‬العالم‭ ‬أجمع،‭ ‬ولقد‭ ‬نشروا‭ ‬العشرات‭ ‬من‭ ‬مقاطع‭ ‬الفيديوهات‭ ‬والصور‭ ‬وهم‭ ‬يقومون‭ ‬بضرْب‭ ‬المعتقَلين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬وتعذيبهم‭ ‬وإذلالهم،‭ ‬وتعمّدوا‭ ‬نشْر‭ ‬معظم‭ ‬المقاطع‭ ‬للمعتقَلين‭ ‬وهم‭ ‬عُراة،‭ ‬وقاموا‭ ‬بالاستهزاء‭ ‬بهم،‭ ‬وأجبروهم‭ ‬على‭ ‬حمْل‭ ‬العَلَم‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬ووضْع‭ ‬أغاني‭ ‬باللغة‭ ‬العبرية‭ ‬مع‭ ‬رقص‭ ‬الجنود‭ ‬حولهم‭ ‬وَهُم‭ ‬مقيدو‭ ‬الأيدي‭ ‬ومعصوبو‭ ‬الأعين،‭ ‬كما‭ ‬نشروا‭ ‬مقاطع‭ ‬لسحْل‭ ‬المعتقَلين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬وهم‭ ‬مقيَّدون،‭ ‬مع‭ ‬ضرْبهم‭ ‬على‭ ‬الوجه‭ ‬والرأس‭ ‬ببساطير‭ ‬الجنود،‭ ‬وكلّها‭ ‬مقاطع‭ ‬فظيعة‭ ‬جداً‭ ‬تُظهر‭: ‬أولاً،‭ ‬إجرام‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬عبْر‭ ‬تفاخُره‭ ‬بارتكاب‭ ‬التعذيب‭ ‬من‭ ‬جانب،‭ ‬وثانياً،‭ ‬الحصانة‭ ‬التي‭ ‬يتمتع‭ ‬بها‭ ‬جنوده‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬آخر‭. ‬فتصوير‭ ‬مشاهد‭ ‬لتعذيب‭ ‬المعتقَلين‭ ‬ونشْرها‭ ‬يشكّل‭ ‬دليلاً‭ ‬ربما‭ ‬يقدَّم‭ ‬ضد‭ ‬مرتكبيه‭ ‬إلى‭ ‬المحاكمة‭ ‬والإدانة،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإنه‭ ‬لم‭ ‬يأبه‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬مرتكبي‭ ‬هذه‭ ‬الجرائم‭ ‬لهذه‭ ‬الأدلة،‭ ‬ولم‭ ‬تأتِ‭ ‬ثقة‭ ‬الجنود‭ ‬هذه‭ ‬من‭ ‬فراغ،‭ ‬إنما‭ ‬أتت‭ ‬نتيجة‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬الحصانة‭ ‬التي‭ ‬تمتَّعوا‭ ‬بها،‭ ‬والإفلات‭ ‬الدائم‭ ‬من‭ ‬العقاب‭ ‬على‭ ‬الجرائم‭ ‬التي‭ ‬ارتكبوها‭. ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬غياب‭ ‬كامل‭ ‬للمساءلة،‭ ‬وانتظار‭ ‬صدور‭ ‬أوامر‭ ‬الاعتقال‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬المحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية‭ ‬بحق‭ ‬قادة‭ ‬الاحتلال،‭ ‬تبقى‭ ‬هذه‭ ‬الأدلّة‭ ‬شاهدة‭ ‬على‭ ‬تقاعُس‭ ‬العالم‭ ‬أجمع‭ ‬عن‭ ‬محاسبة‭ ‬منظومة‭ ‬الاحتلال‭ ‬على‭ ‬جرائمها‭ ‬الفظيعة‭.‬

وفي‭ ‬ظل‭ ‬حالة‭ ‬العجز‭ ‬التي‭ ‬تخيّم‭ ‬على‭ ‬شعور‭ ‬أي‭ ‬محامٍ‭ ‬يدافع‭ ‬عن‭ ‬الأسرى‭ ‬والمعتقَلين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬بسبب‭ ‬جرائم‭ ‬الاحتلال‭ ‬بحقهم،‭ ‬فإن‭ ‬تلقّي‭ ‬المعلومات‭ ‬بشأن‭ ‬مصيرهم‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الصحف‭ ‬العبرية‭ ‬يفاقم‭ ‬هذه‭ ‬الحالة؛‭ ‬إذ‭ ‬إنه‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬العزْل‭ ‬الشامل‭ ‬الذي‭ ‬تفرضه‭ ‬سلطات‭ ‬الاحتلال‭ ‬بحق‭ ‬المعتقَلين،‭ ‬ومنْع‭ ‬المحامين‭ ‬من‭ ‬التواصل‭ ‬وزيارة‭ ‬المعتقَلين‭ ‬من‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬مدة‭ ‬7‭ ‬أشهر،‭ ‬فإننا‭ ‬ننتظر‭ ‬صدور‭ ‬المقالات‭ ‬عن‭ ‬الصحف‭ ‬العبرية‭ ‬لنتبلّغ‭ ‬باستشهاد‭ ‬معتقَل‭ ‬آخر‭ ‬داخل‭ ‬سجون‭ ‬ومعسكرات‭ ‬الاحتلال،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تمكُّننا‭ ‬من‭ ‬معرفة‭ ‬أي‭ ‬معلومة‭ ‬بشأنه‭: ‬اسمه،‭ ‬أو‭ ‬أوضاع‭ ‬استشهاده،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يثير‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الفوضى‭ ‬تعمّ‭ ‬كل‭ ‬بيت‭ ‬فلسطيني‭.‬

لقد‭ ‬استشهد‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬36‭ ‬معتقلاً‭ ‬فلسطينياً‭ ‬داخل‭ ‬معسكرات‭ ‬الجيش‭ ‬التي‭ ‬افتُتحت‭ ‬منذ‭ ‬أكتوبر‭ ‬لِزَجِّ‭ ‬المعتقَلين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬من‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬ومئات‭ ‬المفقودين‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬تنتظر‭ ‬عائلاتهم‭ ‬جملة‭ ‬واحدة‭ ‬فقط‭: ‬‮«‬بيّن‭ ‬معنا‭.. ‬ابنك‭ ‬معتقَل‮»‬‭ ‬لتلتقط‭ ‬أنفاسها‭ ‬وتعود‭ ‬إلى‭ ‬خيمتها‭ ‬القائمة‭ ‬تحت‭ ‬القصف‭ ‬والدمار‭. ‬أمّا‭ ‬الجملة‭ ‬التي‭ ‬تفطر‭ ‬القلب‭ ‬وتلعثم‭ ‬لسان‭ ‬ناطقها،‭ ‬فهي‭: ‬‮«‬للأسف‭.. ‬ردولنا‭ ‬خبر،‭ ‬ابنك‭ ‬مش‭ ‬موجود‭ ‬بين‭ ‬المعتقلين‮»‬،‭ ‬لتعود‭ ‬العائلة‭ ‬إلى‭ ‬البحث‭ ‬بين‭ ‬حطام‭ ‬منزلها،‭ ‬وتحت‭ ‬ردم‭ ‬بيتها،‭ ‬وفي‭ ‬المستشفيات،‭ ‬والشوارع،‭ ‬عن‭ ‬جثمان‭ ‬ربما‭ ‬يكون‭ ‬للابن‭ ‬المفقود‭ ‬الذي‭ ‬ظُنَّ‭ ‬أنه‭ ‬معتقل‭.‬

فبعد‭ ‬8‭ ‬أشهر‭ ‬من‭ ‬الإخفاء‭ ‬القسري‭ ‬الممارَس‭ ‬بحق‭ ‬معتقَلي‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬بدأت‭ ‬سلطات‭ ‬الاحتلال‭ ‬التجاوب‭ ‬مع‭ ‬مطالبات‭ ‬المحامين‭ ‬بالكشف‭ ‬عن‭ ‬مصير‭ ‬المعتقَلين‭ ‬وأماكن‭ ‬وجودهم،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬تمكُّن‭ ‬المحامين‭ ‬من‭ ‬معرفة‭ ‬مصير‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المعتقَلين،‭ ‬فإن‭ ‬هناك‭ ‬عدداً‭ ‬من‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬يبقى‭ ‬في‭ ‬عداد‭ ‬المفقودين،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يضاعف‭ ‬الألم‭ ‬لدى‭ ‬عائلاتهم‭ ‬وأحبائهم،‭ ‬ويعود‭ ‬بنا‭ ‬إلى‭ ‬ذاكرة‭ ‬النكبة‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تتوقف‭ ‬يوماً‭.‬

هذا‭ ‬هو‭ ‬حال‭ ‬مئات‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬القابعين‭ ‬تحت‭ ‬التعذيب‭ ‬المستمر‭ ‬والمتواصل،‭ ‬والذين‭ ‬يواجهون‭ ‬أبشع‭ ‬منظومة‭ ‬استعمارية‭ ‬عرفها‭ ‬التاريخ،‭ ‬مع‭ ‬تواطؤ‭ ‬العالم‭ ‬كلّه‭ ‬في‭ ‬جرائم‭ ‬التعذيب‭ ‬التي‭ ‬ترتكبها‭ ‬سلطات‭ ‬الاحتلال‭ ‬في‭ ‬العلن‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬محاسبة‭. ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬شاهدناه‭ ‬أو‭ ‬سمعناه‭ ‬بشأن‭ ‬التعذيب‭ ‬الذي‭ ‬تعرّض‭ ‬له‭ ‬المعتقلون‭ ‬الفلسطينيون،‭ ‬وخصوصاً‭ ‬معتقلي‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬هو‭ ‬قشة‭ ‬في‭ ‬كومة‭ ‬حكايات‭ ‬فظيعة‭ ‬ستَظْهَرُ‭ ‬فَوْرَ‭ ‬وقْف‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬القائمة‭.‬

 

{‭ ‬مؤسسة‭ ‬الضمير‭ ‬لرعاية‭ ‬الأسير‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا