العدد : ١٦٩٧٠ - الأحد ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٧٠ - الأحد ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

التنويع الاقتصادي في البحرين.. خيار لا بديل عنه

بقلم: د. أسعد حمود السعدون

الجمعة ١٩ يوليو ٢٠٢٤ - 02:00

يعد‭ ‬التنويع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬بمملكة‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬مقدمة‭ ‬السياسات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬التي‭ ‬يركز‭ ‬عليها‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬المعظم‭ ‬في‭ ‬خطبه‭ ‬وتوجيهاته‭ ‬إلى‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬وإلى‭ ‬الفعاليات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬في‭ ‬البلاد،‭ ‬منطلقا‭ ‬من‭ ‬حقيقة‭ ‬لا‭ ‬جدال‭ ‬فيها‭ ‬وهي‭ ‬أن‭ ‬التنويع‭ ‬مصدر‭ ‬قوة‭ ‬للمجتمع‭ ‬في‭ ‬الحاضر‭ ‬والمستقبل‭ ‬من‭ ‬ناحية،‭ ‬ومن‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى‭ ‬ان‭ ‬التنويع‭ ‬يفعل‭ ‬القطاعات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الوطنية‭ ‬ويسهم‭ ‬في‭ ‬جعل‭ ‬المحتوى‭ ‬المحلي‭ ‬عنصرا‭ ‬مهما‭ ‬في‭ ‬تكوين‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الاجمالي،‭ ‬كما‭ ‬يمكن‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬عبارة‭ ‬التنويع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬من‭ ‬عدة‭ ‬زوايا،‭ ‬فمن‭ ‬زاوية‭ ‬الدخل‭ ‬يعني‭ ‬تنوع‭ ‬مصادر‭ ‬الدخل،‭ ‬ومن‭ ‬زاوية‭ ‬الانتاج‭ ‬فهو‭ ‬يشمل‭ ‬تنوع‭ ‬المشروعات‭ ‬المنتجة،‭ ‬ومن‭ ‬زاوية‭ ‬التشغيل‭ ‬فإن‭ ‬التنويع‭ ‬يوفر‭ ‬فرصا‭ ‬وظيفية‭ ‬متنوعة،‭ ‬ومن‭ ‬زاوية‭ ‬الأمن‭ ‬الاقتصادي‭ ‬فإن‭ ‬التنويع‭ ‬يعد‭ ‬صمام‭ ‬الأمن‭ ‬للأمن‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬ومن‭ ‬ناحية‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬فإن‭ ‬التنويع‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬ترسيخها‭ ‬عبر‭ ‬خلق‭ ‬مصالح‭ ‬مشتركة‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬والشركات‭ ‬الأجنبية‭. ‬وعموما‭ ‬فإن‭ ‬سياسات‭ ‬التنويع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬ستقود‭ ‬إلى‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الاستقرار‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاجتماعي‭. ‬وهو‭ ‬للبحرين‭ ‬خيار‭ ‬لا‭ ‬بديل‭ ‬عنه،‭ ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬إنتاجها‭ ‬النفطي‭ ‬محدود‭ ‬من‭ ‬ناحية،‭ ‬ومن‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى‭ ‬أنها‭ ‬تمتلك‭ ‬تنوعا‭ ‬في‭ ‬الموارد‭ ‬غير‭ ‬المستغلة‭ ‬بشكل‭ ‬يناسب‭ ‬أهميتها‭ ‬وإمكاناتها‭ ‬على‭ ‬الاستدامة‭ ‬والعطاء،‭ ‬ومن‭ ‬ناحية‭ ‬ثالثة‭ ‬تمتلك‭ ‬موارد‭ ‬بشرية‭ ‬ذات‭ ‬وعي‭ ‬استثماري‭ ‬عريق،‭ ‬وكفاءة‭ ‬علمية،‭ ‬وقدرات‭ ‬إنتاجية‭ ‬عالية‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المجالات،‭ ‬ومن‭ ‬ناحية‭ ‬رابعة‭ ‬تمتلك‭ ‬علاقات‭ ‬اقتصادية‭ ‬وسمعة‭ ‬طيبة‭ ‬في‭ ‬اوساط‭ ‬المستثمرين‭ ‬بمختلف‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬بيئتها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والتحتية‭ ‬والسياسية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬مرحبة‭ ‬ومهيأة‭ ‬لاستقبال‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الأجنبية‭ ‬أيًّا‭ ‬كان‭ ‬نوعها‭. ‬كما‭ ‬انها‭ ‬وفرت‭ ‬مناطق‭ ‬صناعية‭ ‬ولوجستية‭ ‬متطورة،‭ ‬وبنية‭ ‬تحتية‭ ‬تكنولوجية‭ ‬حديثة،‭ ‬وتشهد‭ ‬تحولا‭ ‬رقميا‭ ‬شاملا‭ ‬لمختلف‭ ‬القطاعات‭ ‬الحكومية‭ ‬والخاصة،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬انتشار‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الجامعات‭ ‬متنوعة‭ ‬التخصصات‭ ‬فيها،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فإن‭ ‬فرص‭ ‬التنويع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬متاحة‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬وبما‭ ‬يقود‭ ‬إلى‭ ‬بناء‭ ‬اقتصادي‭ ‬حديث‭ ‬ومتجدد‭ ‬ومستدام‭. ‬ويوفر‭ ‬التنويع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬فرصا‭ ‬وقدرات‭ ‬اضافية‭ ‬على‭ ‬الانطلاق‭ ‬بنسق‭ ‬ديناميكي‭ ‬متواصل‭ ‬يعزز‭ ‬من‭ ‬قدرات‭ ‬البلاد‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬الصدمات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والمالية‭ ‬والتقنية،‭ ‬ويوسع‭ ‬من‭ ‬قاعدة‭ ‬المهارات‭ ‬الوطنية،‭ ‬ويتيح‭ ‬فرصا‭ ‬متنوعة‭ ‬لريادة‭ ‬الأعمال،‭ ‬ويسهم‭ ‬في‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬الطاقات‭ ‬المادية‭ ‬والبشرية‭ ‬المعطلة،‭ ‬ويوفر‭ ‬فرصا‭ ‬وظيفية‭ ‬لمختلف‭ ‬التخصصات‭ ‬والمهارات‭ ‬المتاحة‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تجارب‭ ‬التنويع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬المعتمدة‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬تطلبت‭ ‬إنفاقا‭ ‬كبيرا‭ ‬ومتنوعا،‭ ‬فإن‭ ‬خصوصية‭ ‬مساحة‭ ‬البحرين‭ ‬وموقعها‭ ‬كجزيرة‭ ‬وسط‭ ‬الخليج‭ ‬العربي،‭ ‬جعل‭ ‬التنويع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬فيها‭ ‬أمرا‭ ‬طبيعيا‭ ‬مرتبطا‭ ‬بالبيئة‭ ‬عبر‭ ‬التاريخ،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬ان‭ ‬هذا‭ ‬الموقع‭ ‬جعل‭ ‬منها‭ ‬نافذة‭ ‬حيوية‭ ‬للمستثمرين‭ ‬الذين‭ ‬يستهدفون‭ ‬بمنتجاتهم‭ ‬وخدماتهم‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬خصوصا‭ ‬والدول‭ ‬العربية‭ ‬عموما‭. ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬السياسات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الحكيمة‭ ‬التي‭ ‬اعتمدتها‭ ‬المملكة‭ ‬بشكل‭ ‬مبكر،‭ ‬منها‭ ‬الانفتاح‭ ‬على‭ ‬المؤسسات‭ ‬المالية‭ ‬والمصرفية‭ ‬العربية‭ ‬والاجنبية،‭ ‬وتسهيل‭ ‬إقامتها‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬حتى‭ ‬بلغت‭ ‬اكبر‭ ‬مساهم‭ ‬في‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي،‭ ‬بنسبة‭ (‬18.1%‭) ‬خلال‭ ‬الربع‭ ‬الثالث‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2023م‭. ‬وعموما‭ ‬فقد‭ ‬بلغت‭ ‬نسبة‭ ‬مساهمة‭ ‬الناتج‭ ‬غير‭ ‬النفطي‭ ‬حوالي‭ (‬83.6%‭) ‬من‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬الحقيقي‭ ‬في‭ ‬الربع‭ ‬الثالث‭ ‬من‭ ‬2023‭ ‬م‭. ‬وقد‭ ‬أكد‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬في‭ ‬حديثه‭ ‬السامي‭ ‬بجلسة‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬التي‭ ‬عقدت‭ ‬برئاسة‭ ‬جلالته‭ ‬بتاريخ‭ ‬الثامن‭ ‬من‭ ‬يوليو‭ ‬الجاري‭ ‬‮«‬ضرورة‭ ‬متابعة‭ ‬المشاريع‭ ‬التنموية‭ ‬الكبرى‭ ‬وأن‭ ‬يعود‭ ‬اثرها‭ ‬بشكل‭ ‬إيجابي‭ ‬على‭ ‬خير‭ ‬ونماء‭ ‬المواطنين‭ ‬وخلق‭ ‬الفرص‭ ‬الواعدة‭ ‬أمامهم‮»‬‭. ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬سبق‭ ‬أن‭ ‬أصدر‭ ‬قرار‭ ‬الرخصة‭ ‬الذهبية‭ ‬للمشاريع‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الوطنية‭ ‬والأجنبية‭ ‬العاملة‭ ‬في‭ ‬المملكة،‭ ‬بتاريخ‭ ‬الثالث‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬أبريل‭ ‬عام‭ ‬2023م‭  ‬والذي‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬جذب‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الكبيرة‭ ‬والنوعية‭ ‬إلى‭ ‬البلاد،‭ ‬عبر‭ ‬تقديم‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الحوافز‭ ‬والخدمات‭ ‬لها،‭ ‬مثل‭ ‬منح‭ ‬الأولوية‭ ‬في‭ ‬تخصيص‭ ‬الأراضي‭ ‬الاستثمارية،‭ ‬والأولوية‭ ‬لتوصيلات‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬والمرافق،‭ ‬وتقديم‭ ‬دعم‭ ‬خاص‭ ‬في‭ ‬الخدمات‭ ‬الحكومية‭ ‬مثل‭ ‬أنظمة‭ ‬‮«‬سجلات‮»‬،‭ ‬و«بنايات‮»‬‭ ‬وغيرها،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬خدمات‭ ‬صندوق‭ ‬العمل‭ ‬‮«‬تمكين‮»‬،‭ ‬وبنك‭ ‬البحرين‭ ‬للتنمية،‭ ‬ومراجعة‭ ‬القوانين‭ ‬أو‭ ‬اللوائح‭ ‬الحكومية‭ ‬بما‭ ‬ييسر‭ ‬عمل‭ ‬المشروعات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬إذا‭ ‬لزم‭ ‬الأمر‭. ‬ليمثل‭ ‬اضافة‭ ‬نوعية‭ ‬لسياسات‭ ‬التنويع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬حيث‭ ‬يعد‭ ‬أحد‭ ‬القرارات‭ ‬المهمة‭ ‬التي‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬التنويع‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬الذي‭ ‬نجم‭ ‬عنه‭ ‬ضخ‭ ‬تسعة‭ ‬مشاريع‭ ‬كبرى‭ ‬لاستثمارات‭ ‬بلغت‭ ‬نحو‭ (‬2.4‭) ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬وجيزة‭ ‬من‭ ‬تنفيذ‭ ‬القرار،‭ ‬ويتوقع‭ ‬انها‭ ‬ستسهم‭ ‬بتوفير‭ (‬3000‭) ‬فرصة‭ ‬عمل‭. ‬ومن‭ ‬المحتمل‭ ‬أنها‭ ‬ستقود‭ ‬إلى‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الإقليمية‭ ‬والعالمية‭ ‬في‭ ‬البحرين‭. ‬حفظ‭ ‬الله‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬المعظم‭ ‬وولي‭ ‬عهده‭ ‬الأمين‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬الموقر،‭ ‬وأعانهما‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬أهدافهما‭ ‬السامية‭ ‬الكريمة‭ ‬في‭ ‬الارتقاء‭ ‬بالوطن‭ ‬شعبا‭ ‬ومنجزات‭ ‬وطموحات‭ ‬الشعب‭.‬

{‭ ‬أكاديمي‭ ‬وخبير‭ ‬اقتصادي

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا