العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

اضحك مع المخابرات الأمريكية

عندما‭ ‬قرأت‭ ‬هذا‭ ‬الخبر‭ ‬قلت‭ ‬فورا‭: ‬هذه‭ ‬نكتة‭. ‬وهي‭ ‬بالفعل‭ ‬كذلك‭.‬

يقول‭ ‬الخبر‭ ‬إن‭ ‬مسئولا‭ ‬بالمخابرات‭ ‬الأمريكية‭ ‬صرح‭ ‬بأن‭ ‬المخابرات‭ ‬لاحظت‭ ‬أن‭ ‬روسيا‭ ‬بدأت‭ ‬محاولاتها‭ ‬للتأثير‭ ‬على‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2024‭. ‬

وذكر‭ ‬ان‭ ‬روسيا‭ ‬تحاول‭ ‬‮«‬تشويه‭ ‬سمعة‭ ‬سياسيين‭ ‬محددين‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬تحاول‭ ‬تقليل‭ ‬أو‭ ‬تعطيل‭ ‬قدرة‭ ‬واشنطن‭ ‬على‭ ‬اجراء‭ ‬الانتخابات‭.‬

قبل‭ ‬تصريح‭ ‬هذا‭ ‬المسئول‭ ‬كانت‭ ‬مديرة‭ ‬المخابرات‭ ‬الوطنية‭ ‬الأمريكية‭ ‬أفريل‭ ‬هاينز‭ ‬قد‭ ‬قالت‭ ‬ان‭ ‬مخابرات‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تعتبر‭ ‬روسيا‭ ‬التهديد‭ ‬الأجنبي‭ ‬الأخطر‭ ‬على‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬المقبلة‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الصين‭ ‬وإيران‭. ‬وذكرت‭ ‬خلال‭ ‬جلسة‭ ‬استماع‭ ‬بمجلس‭ ‬الشيوخ‭ ‬إن‭ ‬‮«‬روسيا‭ ‬تظل‭ ‬التهديد‭ ‬الأجنبي‭ ‬الأكثر‭ ‬نشاطاً‭ ‬وخطراً‭ ‬على‭ ‬انتخاباتنا‮»‬‭.‬

اما‭ ‬عن‭ ‬خطة‭ ‬روسيا‭ ‬وأهدافها‭ ‬من‭ ‬التدخل‭ ‬في‭ ‬الانتخابات،‭ ‬فقد‭ ‬حددتها‭ ‬مديرة‭ ‬المخابرات‭ ‬الوطنية‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭:‬

1‭- ‬تقويض‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬المؤسسات‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الأمريكية‭.‬

2-‭ ‬مفاقمة‭ ‬الانقسامات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والسياسية‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭.‬

وقالت‭ ‬إن‭ ‬‮«‬روسيا‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬جهاز‭ ‬نفوذ‭ ‬متعدد‭ ‬الوسائط‭ ‬واسع‭ ‬النطاق‭ ‬يشمل‭ ‬أجهزة‭ ‬المخابرات،‭ ‬والجهات‭ ‬الفاعلة‭ ‬السيبرانية،‭ ‬ووسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الحكومية،‭ ‬والوسطاء،‭ ‬ومتصيدي‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‮»‬‭.‬

ما‭ ‬قاله‭ ‬مسئول‭ ‬المخابرات‭ ‬ورئيسة‭ ‬المخابرات‭ ‬الوطنية‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬النحو‭ ‬مضحك‭ ‬فعلا‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬حديثا‭ ‬جادا‭.‬

القضية‭ ‬ليست‭ ‬ان‭ ‬روسيا‭ ‬أو‭ ‬غيرها‭ ‬تريد‭ ‬التدخل‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬أم‭ ‬لا‭. ‬القضية‭ ‬انه‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬ان‭ ‬يتدخل‭ ‬أصلا،‭ ‬فأي‭ ‬أهداف‭ ‬قد‭ ‬يريد‭ ‬تحقيقها‭ ‬عبر‭ ‬هذا‭ ‬التدخل‭ ‬يحققها‭ ‬الأمريكيون‭ ‬أنفسهم‭ ‬أصلا‭.‬

لا‭ ‬معنى‭ ‬مثلا‭ ‬لأن‭ ‬يقال‭ ‬إن‭ ‬روسيا‭ ‬تريد‭ ‬عبر‭ ‬تدخلها‭ ‬تشويه‭ ‬سمعة‭ ‬ساسة‭ ‬أمريكيين‭.‬

ما‭ ‬الذي‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬يفعله‭ ‬أي‭ ‬بلد‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬لتشويه‭ ‬سمعة‭ ‬الساسة‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬أكثر‭ ‬مما‭ ‬يحدث‭ ‬اليوم‭ ‬ومما‭ ‬يفعله‭ ‬هؤلاء‭ ‬الساسة‭ ‬أنفسهم؟

يكفي‭ ‬ان‭ ‬نتأمل‭ ‬هذا‭ ‬السيرك‭ ‬المنصوب‭ ‬حاليا،‭ ‬وهذه‭ ‬الدراما‭ ‬الهزلية‭ ‬التي‭ ‬يلعب‭ ‬دور‭ ‬البطولة‭ ‬فيها‭ ‬ساسة‭ ‬أمريكا‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بمرشحي‭ ‬الرئاسة‭ ‬الأمريكية‭. ‬كل‭ ‬ساسة‭ ‬حزب‭ ‬كبير‭ ‬مثل‭ ‬الحزب‭ ‬الديمقراطي‭ ‬لا‭ ‬يعرفون‭ ‬ماذا‭ ‬يفعلون‭ ‬بالضبط‭ ‬مع‭ ‬رئيس‭ ‬يطالب‭ ‬الكثيرون‭ ‬بتنحيته‭ ‬عن‭ ‬سباق‭ ‬الرئاسة‭ ‬بسبب‭ ‬مشاكله‭ ‬الصحية‭ ‬وهفواته‭ ‬اليومية‭ ‬المضحكة‭.. ‬لا‭ ‬يعرفون‭ ‬هل‭ ‬يستمر‭ ‬ولا‭ ‬كيف‭ ‬يمكن‭ ‬إقناعه‭ ‬بالتنحي‭. ‬بالمقابل‭ ‬ترامب‭ ‬المرشح‭ ‬الجمهوري‭ ‬ليس‭ ‬فوق‭ ‬مستوى‭ ‬الشبهات‭ ‬فيما‭ ‬يخص‭ ‬سمعته‭ ‬بعد‭ ‬المحاكم‭ ‬التي‭ ‬عقدت‭ ‬له‭.‬

هؤلاء‭ ‬الساسة‭ ‬العاجزون‭ ‬الضائعون،‭ ‬من‭ ‬يستطيع‭ ‬ان‭ ‬يشوه‭ ‬سمعتهم‭ ‬اكثر‭ ‬من‭ ‬هذا؟‭.‬

اما‭ ‬عن‭ ‬اتهام‭ ‬روسيا‭ ‬أو‭ ‬الصين‭ ‬أو‭ ‬غيرها‭ ‬بالعمل‭ ‬على‭ ‬تقويض‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬المؤسسات‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬فهذه‭ ‬نكتة‭ ‬أيضا‭. ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬المؤسسات‭ ‬الأمريكية‭ ‬وفي‭ ‬النظام‭ ‬السياسي‭ ‬الأمريكي‭ ‬برمته‭ ‬تقوضت‭ ‬منذ‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‭.‬

‭ ‬الأمريكيون‭ ‬أنفسهم‭ ‬هم‭ ‬الذين‭ ‬فقدوا‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسات‭. ‬سواء‭ ‬تعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بمؤسسة‭ ‬الأحزاب،‭ ‬أو‭ ‬مؤسسة‭ ‬الرئاسة،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬المؤسسة‭ ‬القضائية،‭ ‬يكفي‭ ‬ان‭ ‬نتابع‭ ‬ما‭ ‬يكتبه‭ ‬الخبراء‭ ‬والمحللون‭ ‬الأمريكيون،‭ ‬وما‭ ‬تظهره‭ ‬استطلاعات‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬كي‭ ‬نعرف‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬حد‭ ‬وصلت‭ ‬عدم‭ ‬الثقة‭ ‬العامة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسات،‭ ‬وفي‭ ‬كفاءة‭ ‬النظام‭ ‬السياسي‭ ‬الأمريكي‭ ‬كله‭.‬

واما‭ ‬عن‭ ‬الانقسامات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والسياسية‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬واتهام‭ ‬روسيا‭ ‬بالعمل‭ ‬على‭ ‬مفاقمتها،‭ ‬فلقد‭ ‬وصلت‭ ‬هذه‭ ‬الانقسامات‭ ‬حدا‭ ‬خطيرا‭ ‬إلى‭ ‬الدرجة‭ ‬التي‭ ‬أصبح‭ ‬فيها‭ ‬عشرات‭ ‬المحللين‭ ‬الأمريكيين‭ ‬يتحدثون‭ ‬عن‭ ‬احتمالات‭ ‬اندلاع‭ ‬حرب‭ ‬أهلية،‭ ‬وإلى‭ ‬حد‭ ‬ان‭ ‬بدأت‭ ‬ولايات‭ ‬تتحدث‭ ‬عن‭ ‬مطالبات‭ ‬بالاستقلال‭. ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬الخطير‭ ‬الذي‭ ‬وصلت‭ ‬اليه‭ ‬الانقسامات‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬حدث‭ ‬لأسباب‭ ‬وعوامل‭ ‬داخلية‭ ‬لا‭ ‬علاقة‭ ‬لأي‭ ‬أحد‭ ‬في‭ ‬الخارج‭ ‬بها‭.‬

على‭ ‬ضوء‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬يصبح‭ ‬امرا‭ ‬مضحكا‭ ‬ان‭ ‬تتحدث‭ ‬المخابرات‭ ‬الأمريكية‭ ‬عن‭ ‬تدخلات‭ ‬خارجية‭ ‬تستهدف‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬أو‭ ‬تدمير‭ ‬سمعة‭ ‬أمريكا‭ ‬ومؤسساتها‭.‬

نقول‭ ‬هذا‭ ‬لأن‭ ‬أمريكا‭ ‬دأبت‭ ‬طوال‭ ‬العقود‭ ‬الماضية‭ ‬على‭ ‬اتهام‭ ‬دولنا‭ ‬العربية‭ ‬ودول‭ ‬العالم‭ ‬الأخرى‭ ‬بأنها‭ ‬تتهرب‭ ‬من‭ ‬مواجهة‭ ‬مشاكلها‭ ‬وازماتها‭ ‬الداخلية‭ ‬بإلقاء‭ ‬المسئولية‭ ‬على‭ ‬الخارج‭ ‬والتدخلات‭ ‬الخارجية‭.‬

اليوم،‭ ‬المخابرات‭ ‬الأمريكية‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تفعل‭ ‬هذا‭ ‬بالضبط‭. ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬المواجهة‭ ‬الصريحة‭ ‬لأزمات‭ ‬أمريكا‭ ‬الداخلية‭ ‬المتفاقمة‭ ‬يريدون‭ ‬القاء‭ ‬اللوم‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬أجنبية‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا