زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
عندما لا ينفع البنج.....
قبل أن أحكي لكم عن معاناة شخص عربي على كرسي أسنان، أود أن أقول كلاما أعتبره مهما عن طب الأسنان، أخذا في الاعتبار انني ربما أعربت عن خوفي من كرسي الأسنان أكثر من عشرين مرة في مقالاتي هنا، بل اعترفت انه من فرط خوفي ذاك فإنه لم يحدث لي أن صادقت طبيب أسنان رغم ان عددا كبيرا منهم زملاء دراسة أو أبناء منطقتي، والكلام الذي أود أن أقوله هو أنني صرت حريصا في السنوات الأخيرة على مراجعة عيادة أسنان مرتين في السنة حتى دون أن أشكو من أي ألم او خلل فيها، وذلك بعد ان علمت ان الفم واللثة معبران لأمراض خطرة تقع ضمن تخصص أطباء آخرين، أي أن زيارة طبيب الاسنان قد تغنيك عن مراجعة أطباء آخرين.
والحكاية تتعلق بطبيب الأسنان م. ف. مصطفى، الذي أتاه المواطن س وهو يعاني من ألم رهيب في ضرس ملتهب، وتقرر خلع الضرس، وقام الدكتور مصطفى بحقن س بالمخدر (البنج) ولكن ما ان شرع في خلخلة الضرس حتى صاح س متألما، فوضع الدكتور الكلابات، وحقن س ببنج إضافي، ثم جدد محاولة خلع الضرس ولكن س أصدر صرخة بقوة 7 درجات على مقياس ريختر، بدليل ان الكماشات والزرديات والنكاشات والحفارات المرعبة التي توجد في حافة كرسي الأسنان، الذي يذكرني بكرسي الإعدام الكهربائي عند الأمريكان، سقطت أرضا، ولكن ما ضايق الدكتور درش هو أن بعض المرضى الذين كانوا ينتظرون دورهم تسللوا خارجين من العيادة (ومن المعروف أن معظمنا لا يلجأ إلى طبيب الأسنان إلا بعد خراب مالطة. وبعد ان يسبب التلف في الأسنان آلاما لا تطاق).
قال الدكتور: أمري لله، نعطيك حقنة بنج ثالثة.. وقد كان.. بالمناسبة هناك أمر كنت أجهله عن البنج المستخدم في عمليات الأسنان، فقد خضعت ذات مرة لعلاج عصب في ضرس لي تالف في مستوصف في العاصمة السعودية الرياض، وكالعادة كنت أرتعد من الخوف حتى قبل الجلوس على كرسي الإعدام، ولكن الطبيب طمأنني بأنني لن أحس بأي ألم أثناء «قتل العصب».. قلت له إنني أعرف ان قتل العصب تحت التخدير مؤلم مثل قطع الأذن بدون بنج، ولكنه قال: اصبر وشوف.. وحقنني بالبنج وصبرت وشفت... والله غفوت فترة قصيرة (يعني رحت في نومة خفيفة) وهو يقوم بالتنقيب عن النفط في ضرسي، لأنني لم أحسّ بأيّ ألم رغم أنه كان يدخل أشياء تشبه المسامير في تجويف ضرسي التالف و»يسوط» فيه كمن يطبخ الثريد. سألته: لماذا لم أحس بالألم، بينما أكاد أبكي أثناء عمليات حشو الضرس حتى بعد ثلاث حقن من البنج، فشرح لي ان بنجا عن بنج «يفرِق»، بمعنى أن هناك بنجا عالي التكلفة وقوي المفعول وهناك بنج من فصيلة خطب السياسيين العرب مفعوله وقتي ويستخدمه الكثير من أطباء الأسنان من باب ضغط المصروفات! بنج يابان وبنج تايوان.
نعود الى الدكتور مصطفى الذي ما إن صرخ س بعد حقنة البنج الثالثة، وطفش كل المرضى، حتى................ حاول ان تخمن ماذا فعل؟ وجه لكمة للمريض الذي ما إن سقط أرضا حتى انهال عليه الدكتور بالشلوت، «وفين يوجعك»، وضربه في أجزاء جسمه التي لم يحقنها بأي بنج، وهو يصيح: عايز تخرب بيتي يا ابن ال...، صرفت عليك بنج ينوم فيل، وانت تبكي مثل النسوان وتطفش الزبائن؟ وخرج س من العيادة وضرسه أسوأ حالا وأضلاعه مكسورة وعضلات صدره وبطنه مهتكة. وأبشركم بأن عيادة مصطفى مغلقة لأنه في المخفر بتهمة تسبيب الأذى الجسيم.
يعني في العالم العربي تصادر الحكومات وأطباء الأسنان حقّنا في الصراخ، نتألم من الجوع وتصرخ مصاريننا، فتكمشنا السلطات الأمنية، لأننا نفتري على الحكومة الكذب. والله حرام! يعني كي تكون في السليم أيها العربي الأبي يجب أن تكون من الدواجن، وان تبتسم ببلاهة، بل يستحسن أن تعيد إحياء موال: بالروح والدم نفديك يا قاهر الغمّ (وقل في سرّك: بالدم والروح إلهي بكرة تروح).
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك