يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
كيان صهيوني لا يستحق الوجود
عرضت في مقال سابق للتحليل المطول الذي كتبه الكاتب والمفكر البريطاني ديفيد هيرست وتوصل فيه إلى نتيجة أن الصهاينة والكيان الإسرائيلي سيكون مصيرهم في النهاية هو نفس مصير الصليبيين.
بالإضافة إلى الحيثيات التي قدمها تأكيدا لوجهة نظره وعرضت لها في المقال السابق، يتطرق في تحليله إلى واحد من أهم الجوانب التي تعزز النتيجة التي توصل إليها.
هذا الجانب يتعلق برأيه فيما يحدث في العالم اليوم من عملية تاريخية لنزع الشرعية عن المشروع الصهيوني والكيان الإسرائيلي.
يقول هيرست إن العالم يقوم اليوم بعملية مراجعة للمشروع الصهيوني برمته وللكيان الإسرائيلي ويقوم بعملية لنزع الشرعية عنه.
العالم وصل إلى هذه القناعة في رأيه على ضوء ما يجري في غزة وعدم الالتزام بأي قواعد للأخلاق أو القانون الدولي وما أظهرته الحرب من وحشية.
كما أنه توصل إلى هذه القناعة بعد أن اكتشف أوجه التشابه الكثيرة جدا بين المشروع الصهيوني والكيان الإسرائيلي والصليبيين.
يقول إن الولايات المتحدة الأمريكية هي الضامن الأول لبقاء الكيان الصهيوني، فقد تكفلت بضمان تفوقه العسكري النوعي على كل الدول العربية مجتمعة بغض النظر عن كيفية استخدامه لهذه الأسلحة. كما أن الولايات المتحدة دأبت على أن تستخدم تلقائيا حق الفيتو في مجلس الأمن حماية لإسرائيل حتى ضد القرارات التي تحتوي على انتقادات طفيفة لإسرائيل في الأمم المتحدة.
وفي رأي الكاتب أن هذا الوضع يتغير اليوم في العالم. يقول: «إذا كانت إسرائيل ملزمة بالعيش بحد السيف كدولة، كما صرح نتنياهو، فلن تتمكن من تصميم هذا السيف والحفاظ عليه واستخدامه بفعالية من دون دعم ورضا واشنطن والغرب. تمامًا كما لم يتمكن الصليبيون في العصور الوسطى من القيام بذلك بدون دعم ورضا البابوية والعالم المسيحي».
لهذا يعتبر هذا التحول في النظرة العالمية، وحتى في الغرب، تطورا خطيرا بالنسبة إلى إسرائيل ويعتبرونه تهديدا وجوديا. ويضيف: «من الواضح أن أقرب أصدقاء إسرائيل يبادرون بتحذيرها، فهذا الكيان «المحبب والمدلل لدى الغرب» يجازف بالتحول إلى كيان «منبوذ».
ويقول: «بناءً على القيم الحديثة، ستكون لدى الولايات المتحدة والغرب مبررات أقوى من تلك التي كانت لدى البابوية والعالم المسيحي في العصور الوسطى عندما تخليا عن الصليبيين بناءً على قيمهم».
يتساءل ديفيد هيرست في النهاية:
«متى سيتم وضع المشروع الصهيوني تحت المجهر والحكم عليه بعد قبوله لفترة طويلة؟ كما تنبأ وايزمان عندما قال قد يأتي الوقت الذي يحكم فيه العالم على هذا المشروع، حتى لو تأخر ذلك بعد عقود من الإشارات إليه. هل سيدرك العالم أخيرًا، عندما يستفيق من غفوته، ما قدمه هؤلاء على الأرض وعلى الناس في المنطقة بعد ثلاثة أرباع قرن من تلك اللحظة التي تنبأ فيها وايزمان بأن العالم سيحكم على إسرائيل؟ وهل سينأى بنفسه عن الدولة أو يتبرأ منها، تاركا لها المصير الذي أصبح واضحًا؟
كما نرى الكاتب والمفكر البريطاني بحديثه عن عملية «نزع الشرعية» عن المشروع الصهيوني والكيان الصهيوني في العالم اليوم، فهو يقصد أن العالم يقترب يوما بعد يوم من قناعة مؤداها أن هذا الكيان الصهيوني لا يستحق الوجود وأنه سيلقى نفس مصير الصليبيين.
ما عرضت له هو بعض الجوانب الأساسية فقط من هذا التحليل المطول.
يجب أن ننبه هنا إلى أن حديث هيرست وغيره عن نهاية المشروع الصهيوني والكيان الصهيوني حديث لا يتعلق بنهاية وشيكة، ولكنه حديث عن عملية تاريخية طويلة لا أحد يستطيع أن يجزم الى متى ستمتد.
كما يجب أن ننبه إلى أن هذا الحديث في الغرب ومن جانب مفكرين ومحللين كثيرين عن زوال الكيان الصهيوني ومصيره الذي يتوقعونه لا ينبغي أبدا أن يكون بالنسبة إلينا في الدول العربية مدعاة للتقليل من شأن الخطر الصهيوني أو للاستكانة والتراخي في مواجهته.
بالعكس، وبسبب هذا الخطر الذي يعتبرونه وجوديا ليس أمامهم سوى التوغل في الوحشية والإبادة والعدوان إلى أقصى حدود الهمجية. يحدث هذا في غزة اليوم ومن الممكن أن يمتد مستقبلا إلى دول عربية أخرى. على هذا الأساس يجب أن يبني العرب حساباتهم في مواجهة الخطر الصهيوني.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك