العدد : ١٦٩٧٠ - الأحد ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٧٠ - الأحد ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

كيان صهيوني لا يستحق الوجود

عرضت‭ ‬في‭ ‬مقال‭ ‬سابق‭ ‬للتحليل‭ ‬المطول‭ ‬الذي‭ ‬كتبه‭ ‬الكاتب‭ ‬والمفكر‭ ‬البريطاني‭ ‬ديفيد‭ ‬هيرست‭ ‬وتوصل‭ ‬فيه‭ ‬إلى‭ ‬نتيجة‭ ‬أن‭ ‬الصهاينة‭ ‬والكيان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬سيكون‭ ‬مصيرهم‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬هو‭ ‬نفس‭ ‬مصير‭ ‬الصليبيين‭.‬

بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الحيثيات‭ ‬التي‭ ‬قدمها‭ ‬تأكيدا‭ ‬لوجهة‭ ‬نظره‭ ‬وعرضت‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬المقال‭ ‬السابق،‭ ‬يتطرق‭ ‬في‭ ‬تحليله‭ ‬إلى‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬الجوانب‭ ‬التي‭ ‬تعزز‭ ‬النتيجة‭ ‬التي‭ ‬توصل‭ ‬إليها‭.‬

هذا‭ ‬الجانب‭ ‬يتعلق‭ ‬برأيه‭ ‬فيما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬عملية‭ ‬تاريخية‭ ‬لنزع‭ ‬الشرعية‭ ‬عن‭ ‬المشروع‭ ‬الصهيوني‭ ‬والكيان‭ ‬الإسرائيلي‭.‬

يقول‭ ‬هيرست‭ ‬إن‭ ‬العالم‭ ‬يقوم‭ ‬اليوم‭ ‬بعملية‭ ‬مراجعة‭ ‬للمشروع‭ ‬الصهيوني‭ ‬برمته‭ ‬وللكيان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬ويقوم‭ ‬بعملية‭ ‬لنزع‭ ‬الشرعية‭ ‬عنه‭.‬

العالم‭ ‬وصل‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬القناعة‭ ‬في‭ ‬رأيه‭ ‬على‭ ‬ضوء‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬وعدم‭ ‬الالتزام‭ ‬بأي‭ ‬قواعد‭ ‬للأخلاق‭ ‬أو‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬وما‭ ‬أظهرته‭ ‬الحرب‭ ‬من‭ ‬وحشية‭.‬

كما‭ ‬أنه‭ ‬توصل‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬القناعة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬اكتشف‭ ‬أوجه‭ ‬التشابه‭ ‬الكثيرة‭ ‬جدا‭ ‬بين‭ ‬المشروع‭ ‬الصهيوني‭ ‬والكيان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬والصليبيين‭.‬

يقول‭ ‬إن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬هي‭ ‬الضامن‭ ‬الأول‭ ‬لبقاء‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني،‭ ‬فقد‭ ‬تكفلت‭ ‬بضمان‭ ‬تفوقه‭ ‬العسكري‭ ‬النوعي‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬مجتمعة‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬كيفية‭ ‬استخدامه‭ ‬لهذه‭ ‬الأسلحة‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬دأبت‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تستخدم‭ ‬تلقائيا‭ ‬حق‭ ‬الفيتو‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬حماية‭ ‬لإسرائيل‭ ‬حتى‭ ‬ضد‭ ‬القرارات‭ ‬التي‭ ‬تحتوي‭ ‬على‭ ‬انتقادات‭ ‬طفيفة‭ ‬لإسرائيل‭ ‬في‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭.‬

وفي‭ ‬رأي‭ ‬الكاتب‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬يتغير‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬العالم‭. ‬يقول‭: ‬‮«‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬إسرائيل‭ ‬ملزمة‭ ‬بالعيش‭ ‬بحد‭ ‬السيف‭ ‬كدولة،‭ ‬كما‭ ‬صرح‭ ‬نتنياهو،‭ ‬فلن‭ ‬تتمكن‭ ‬من‭ ‬تصميم‭ ‬هذا‭ ‬السيف‭ ‬والحفاظ‭ ‬عليه‭ ‬واستخدامه‭ ‬بفعالية‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬دعم‭ ‬ورضا‭ ‬واشنطن‭ ‬والغرب‭. ‬تمامًا‭ ‬كما‭ ‬لم‭ ‬يتمكن‭ ‬الصليبيون‭ ‬في‭ ‬العصور‭ ‬الوسطى‭ ‬من‭ ‬القيام‭ ‬بذلك‭ ‬بدون‭ ‬دعم‭ ‬ورضا‭ ‬البابوية‭ ‬والعالم‭ ‬المسيحي‮»‬‭.‬

لهذا‭ ‬يعتبر‭ ‬هذا‭ ‬التحول‭ ‬في‭ ‬النظرة‭ ‬العالمية،‭ ‬وحتى‭ ‬في‭ ‬الغرب،‭ ‬تطورا‭ ‬خطيرا‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‭ ‬ويعتبرونه‭ ‬تهديدا‭ ‬وجوديا‭. ‬ويضيف‭: ‬‮«‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬أقرب‭ ‬أصدقاء‭ ‬إسرائيل‭ ‬يبادرون‭ ‬بتحذيرها،‭ ‬فهذا‭ ‬الكيان‭ ‬‮«‬المحبب‭ ‬والمدلل‭ ‬‏لدى‭ ‬الغرب‮»‬‭ ‬يجازف‭ ‬بالتحول‭ ‬إلى‭ ‬كيان‭ ‬‮«‬منبوذ‮»‬‏‭.‬

ويقول‭: ‬‮«‬بناءً‭ ‬على‭ ‬القيم‭ ‬الحديثة،‭ ‬ستكون‭ ‬لدى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والغرب‭ ‬مبررات‭ ‬أقوى‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬لدى‭ ‬البابوية‭ ‬والعالم‭ ‬المسيحي‭ ‬في‭ ‬العصور‭ ‬الوسطى‭ ‬عندما‭ ‬تخليا‭ ‬عن‭ ‬الصليبيين‭ ‬بناءً‭ ‬على‭ ‬قيمهم‮»‬‭.‬

‭ ‬يتساءل‭ ‬ديفيد‭ ‬هيرست‭ ‬في‭ ‬النهاية‭:‬

‮«‬متى‭ ‬سيتم‭ ‬وضع‭ ‬المشروع‭ ‬الصهيوني‭ ‬تحت‭ ‬المجهر‭ ‬والحكم‭ ‬عليه‭ ‬بعد‭ ‬قبوله‭ ‬لفترة‭ ‬طويلة؟‭ ‬كما‭ ‬تنبأ‭ ‬وايزمان‭ ‬عندما‭ ‬قال‭ ‬قد‭ ‬يأتي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يحكم‭ ‬فيه‭ ‬العالم‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬المشروع،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬تأخر‭ ‬ذلك‭ ‬بعد‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬الإشارات‭ ‬إليه‭. ‬هل‭ ‬سيدرك‭ ‬العالم‭ ‬أخيرًا،‭ ‬عندما‭ ‬يستفيق‭ ‬من‭ ‬غفوته،‭ ‬ما‭ ‬قدمه‭ ‬هؤلاء‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬وعلى‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬بعد‭ ‬ثلاثة‭ ‬أرباع‭ ‬قرن‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬اللحظة‭ ‬التي‭ ‬تنبأ‭ ‬فيها‭ ‬وايزمان‭ ‬بأن‭ ‬العالم‭ ‬سيحكم‭ ‬على‭ ‬إسرائيل؟‭ ‬وهل‭ ‬سينأى‭ ‬بنفسه‭ ‬عن‭ ‬الدولة‭ ‬أو‭ ‬يتبرأ‭ ‬منها،‭ ‬تاركا‭ ‬لها‭ ‬المصير‭ ‬الذي‭ ‬أصبح‭ ‬واضحًا؟

كما‭ ‬نرى‭ ‬الكاتب‭ ‬والمفكر‭ ‬البريطاني‭ ‬بحديثه‭ ‬عن‭ ‬عملية‭ ‬‮«‬نزع‭ ‬الشرعية‮»‬‭ ‬عن‭ ‬المشروع‭ ‬الصهيوني‭ ‬والكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬اليوم،‭ ‬فهو‭ ‬يقصد‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬يقترب‭ ‬يوما‭ ‬بعد‭ ‬يوم‭ ‬من‭ ‬قناعة‭ ‬مؤداها‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬لا‭ ‬يستحق‭ ‬الوجود‭ ‬وأنه‭ ‬سيلقى‭ ‬نفس‭ ‬مصير‭ ‬الصليبيين‭.‬

ما‭ ‬عرضت‭ ‬له‭ ‬هو‭ ‬بعض‭ ‬الجوانب‭ ‬الأساسية‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬التحليل‭ ‬المطول‭.‬

‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬ننبه‭ ‬هنا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬حديث‭ ‬هيرست‭ ‬وغيره‭ ‬عن‭ ‬نهاية‭ ‬المشروع‭ ‬الصهيوني‭ ‬والكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬حديث‭ ‬لا‭ ‬يتعلق‭ ‬بنهاية‭ ‬وشيكة،‭ ‬ولكنه‭ ‬حديث‭ ‬عن‭ ‬عملية‭ ‬تاريخية‭ ‬طويلة‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يجزم‭ ‬الى‭ ‬متى‭ ‬ستمتد‭.‬

كما‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬ننبه‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الحديث‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬ومن‭ ‬جانب‭ ‬مفكرين‭ ‬ومحللين‭ ‬كثيرين‭ ‬عن‭ ‬زوال‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬ومصيره‭ ‬الذي‭ ‬يتوقعونه‭ ‬لا‭ ‬ينبغي‭ ‬أبدا‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلينا‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬مدعاة‭ ‬للتقليل‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬الخطر‭ ‬الصهيوني‭ ‬أو‭ ‬للاستكانة‭ ‬والتراخي‭ ‬في‭ ‬مواجهته‭.‬

بالعكس،‭ ‬وبسبب‭ ‬هذا‭ ‬الخطر‭ ‬الذي‭ ‬يعتبرونه‭ ‬وجوديا‭ ‬ليس‭ ‬أمامهم‭ ‬سوى‭ ‬التوغل‭ ‬في‭ ‬الوحشية‭ ‬والإبادة‭ ‬والعدوان‭ ‬إلى‭ ‬أقصى‭ ‬حدود‭ ‬الهمجية‭. ‬يحدث‭ ‬هذا‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬اليوم‭ ‬ومن‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬يمتد‭ ‬مستقبلا‭ ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬عربية‭ ‬أخرى‭. ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الأساس‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يبني‭ ‬العرب‭ ‬حساباتهم‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الخطر‭ ‬الصهيوني‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا