العدد : ١٦٩٠٦ - السبت ٠٦ يوليو ٢٠٢٤ م، الموافق ٣٠ ذو الحجة ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٩٠٦ - السبت ٠٦ يوليو ٢٠٢٤ م، الموافق ٣٠ ذو الحجة ١٤٤٥هـ

قضايا و آراء

تراجع القيادة الغربية يُهدد مصداقيتها على الساحة الدولية

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الخميس ٠٤ يوليو ٢٠٢٤ - 02:00

قبل‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬أصدر‭ ‬‮«‬فلاديمير‭ ‬بوتين‮»‬،‭ ‬أمره‭ ‬بشن‭ ‬حرب‭ ‬على‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬أعرب‭ ‬المعلقون‭ ‬الغربيون‭ ‬عن‭ ‬قلقهم‭ ‬إزاء‭ ‬الضعف‭ ‬الواضح‭ ‬في‭ ‬قيادات‭ ‬‮«‬الولايات‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬و«المملكة‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬و‮«‬أوروبا‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬لم‭ ‬يتمكنوا‭ ‬من‭ ‬ردعه‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭. ‬ووصف‭ ‬‮«‬ليام‭ ‬كولينز‮»‬‭ ‬من‭ ‬‮«‬مؤسسة‭ ‬أمريكا‭ ‬الجديدة‮»‬،‭ ‬و«فرانك‭ ‬سوبتشاك‮»‬‭ ‬من‭ ‬‮«‬أكاديمية‭ ‬ويست‭ ‬بوينت‮»‬،‭ ‬تحركات‭ ‬‮«‬إدارة‭ ‬بايدن‮»‬،‭ ‬قبل‭ ‬الحرب‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬واهنة‭ ‬وغير‭ ‬كافية‮»‬‭. ‬وأشار‭ ‬‮«‬هنري‭ ‬كيسنجر‮»‬،‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكي‭ ‬الأسبق،‭ ‬قبل‭ ‬وفاته‭ ‬بعام،‭ ‬إلى‭ ‬إخفاقات‭ ‬هذه‭ ‬الإدارة،‭ ‬معربًا‭ ‬عن‭ ‬أسفه‭ ‬لغياب‭ ‬شخصيات‭ ‬‮«‬قوية‮»‬‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الغربية‭.‬

وبخلاف‭ ‬القادة‭ ‬البارزين‭ ‬في‭ ‬الماضي،‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬مارغريت‭ ‬تاتشر‮»‬،‭ ‬رئيسة‭ ‬وزراء‭ ‬بريطانيا،‭ ‬و«كونراد‭ ‬أديناور‮»‬،‭ ‬مستشار‭ ‬ألمانيا،‭ ‬و«شارل‭ ‬ديغول‮»‬،‭ ‬رئيس‭ ‬فرنسا،‭ ‬الذين‭ ‬لم‭ ‬يقتصر‭ ‬نفوذهم‭ ‬على‭ ‬شؤون‭ ‬القارة‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬امتد‭ ‬إلى‭ ‬الساحة‭ ‬الدولية؛‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬سيمون‭ ‬تيسدال‮»‬‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬الجارديان‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬إيمانويل‭ ‬ماكرون‮»‬،‭ ‬رئيس‭ ‬فرنسا،‭ ‬و«أولاف‭ ‬شولتز‮»‬،‭ ‬مستشار‭ ‬ألمانيا،‭ ‬و«بوريس‭ ‬جونسون‮»‬،‭ ‬رئيس‭ ‬وزراء‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬‭ ‬آنذاك‭ ‬‭ ‬أظهروا‭ ‬ضعفهم،‭ ‬وافتقارهم‭ ‬للإلهام،‭ ‬وانعدام‭ ‬الثقة‭.‬

وتعليقًا‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬كتبه‭ ‬‮«‬تيسدال‮»‬،‭ ‬حول‭ ‬حاجة‭ ‬الغرب‭ ‬إلى‭ ‬رجال‭ ‬دولة‭ ‬‮«‬صادقين‮»‬،‭ ‬و«جديرين‭ ‬بالثقة»؛‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬ردع‭ ‬أمثال‭ ‬‮«‬بوتين‮»‬،‭ ‬كشفت‭ ‬حرب‭ ‬غزة‭ ‬في‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023‭ ‬عن‭ ‬وقوف‭ ‬هذه‭ ‬الحكومات‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬القمع‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬والدمار‭ ‬الواسع‭ ‬النطاق‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬وهو‭ ‬الموقف‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يتغير‭ ‬رغم‭ ‬سلسلة‭ ‬الانتقادات‭ ‬من‭ ‬جماعات‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬وإدانات‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬والإجراءات‭ ‬القانونية‭ ‬المستمرة‭ ‬ضد‭ ‬حكومة‭ ‬‮«‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‮»‬،‭ ‬بتهمة‭ ‬ارتكاب‭ ‬‮«‬جرائم‭ ‬حرب‮»‬،‭ ‬أمام‭ ‬محكمتي‭ ‬‮«‬العدل‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬و«الجنائية‭ ‬الدولية‮»‬‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬لايزال‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬،‭ ‬زائرًا‭ ‬مُرحبًا‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬العواصم‭ ‬الغربية‭. ‬ولهذا‭ ‬السبب،‭ ‬اتهم‭ ‬‮«‬بليز‭ ‬مالي‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬معهد‭ ‬كوينسي‭ ‬لفن‭ ‬الحكم‭ ‬المسؤول‮»‬،‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬خانت‭ ‬بشكل‭ ‬صارخ‮»‬،‭ ‬التزامها‭ ‬‮«‬الظاهري‭ ‬بحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والقانون‭ ‬الدولي‮»‬،‭ ‬مشيرًا‭ ‬إلى‭ ‬تناقض‭ ‬تعاملها‭ ‬مع‭ ‬حرب‭ ‬غزة،‭ ‬مقارنة‭ ‬بمواقفها‭ ‬بشأن‭ ‬حالة‭ ‬أوكرانيا‭.‬

وبالمثل،‭ ‬ارتكب‭ ‬‮«‬ماكرون‮»‬،‭ ‬و«شولتز‮»‬،‭ ‬ورئيس‭ ‬وزراء‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬‮«‬ريشي‭ ‬سوناك‮»‬،‭ ‬ورئيسة‭ ‬المفوضية‭ ‬الأوروبية‭ ‬‮«‬أورسولا‭ ‬فون‭ ‬دير‭ ‬لاين‮»‬،‭ ‬نفس‭ ‬الإخفاقات‭ ‬الجسيمة‭ ‬في‭ ‬القيادة‭ ‬الأخلاقية‭ ‬والسياسية‭. ‬وتؤكد‭ ‬المقارنات‭ ‬مع‭ ‬أسلافهم‭ ‬مدى‭ ‬الانحدار‭ ‬الحاد‭ ‬الذي‭ ‬شهدته‭ ‬القيادة‭ ‬العالمية‭ ‬الغربية‭ ‬في‭ ‬العقود‭ ‬الأخيرة‭.‬

ونظرًا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الولايات‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬تعتبر‭ ‬القاطرة‭ ‬السياسية،‭ ‬والدبلوماسية،‭ ‬والاقتصادية،‭ ‬والعسكرية‭ ‬الأولى‭ ‬للغرب،‭ ‬فلا‭ ‬يُستغرب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬مثال‭ ‬الحنكة‭ ‬السياسية‭ ‬الذي‭ ‬يظهره‭ ‬رئيسها،‭ ‬هو‭ ‬المعيار‭ ‬الذي‭ ‬يتبعه‭ ‬الآخرون،‭ ‬لكن‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬،‭ ‬افتقد‭ ‬الغرب‭ ‬ذلك‭ ‬المثال‭ ‬طوال‭ ‬فترة‭ ‬وجوده‭. ‬وبعد‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬القرارات‭ ‬السياسية‭ ‬غير‭ ‬المدروسة‭ ‬لسلفه‭ ‬‮«‬دونالد‭ ‬ترامب‮»‬،‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬ستيفن‭ ‬ليفينغستون‮»‬‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬واشنطن‭ ‬بوست‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬دخل‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬في‭ ‬يناير2021؛‭ ‬بهدف‭ ‬‮«‬إعادة‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬لبلاده‭ ‬إلى‭ ‬مسارها‭ ‬المعهود‮»‬،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إعادة‭ ‬الانضمام‭ ‬إلى‭ ‬المعاهدات،‭ ‬والعودة‭ ‬إلى‭ ‬التحالفات،‭ ‬وبالتالي‭ ‬‮«‬استعادة‭ ‬مكانتها‭ ‬عالميًا‮»‬‭.‬

ومع‭ ‬اقترابه‭ ‬من‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬المقبلة‭ ‬في‭ ‬نوفمبر‭ ‬2024،‭ ‬لم‭ ‬تتحقق‭ ‬هذه‭ ‬الطموحات،‭ ‬ويرجع‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول‭ ‬إلى‭ ‬أخطائه‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الجسيمة‭. ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬رفض‭ ‬‮«‬ستيفن‭ ‬والت‮»‬‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬‮«‬هارفارد‮»‬‭ ‬مؤخرًا‭ ‬‮«‬عدم‭ ‬كياسة‮»‬‭ ‬التصرفات‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬الخارج،‭ ‬أوضح‭ ‬‮«‬ستيفان‭ ‬ثيل‮»‬‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬فورين‭ ‬بوليسي‮»‬،‭ ‬كيف‭ ‬كان‭ ‬القرار‭ ‬الأحادي‭ ‬الجانب‭ ‬بسحب‭ ‬القوات‭ ‬الأمريكية‭ ‬من‭ ‬أفغانستان‭ ‬في‭ ‬2021،‭ ‬بمثابة‭ ‬‮«‬كارثة‮»‬،‭ ‬مشيرًا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬تركيز‭ ‬الرئيس‭ ‬المبكر‭ ‬على‭ ‬الديمقراطية‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬قد‭ ‬تعرض‭ ‬للخطر‭ ‬منذ‭ ‬ذلك‭ ‬الحين؛‭ ‬بسبب‭ ‬تجاهله‭ ‬للحقائق‭ ‬الجيوسياسية‮»‬‭.‬

وأدى‭ ‬عدم‭ ‬استجابة‭ ‬المسؤولين‭ ‬الغربيين‭ ‬للحرب‭ ‬التي‭ ‬شنتها‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬إلى‭ ‬تأجيج‭ ‬الانتقادات‭ ‬ضدهم‭ ‬واتهامهم‭ ‬بـ«الافتقار‭ ‬إلى‭ ‬القيادة‭ ‬الأخلاقية‮»‬،‭ ‬و«الحنكة‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬أوقات‭ ‬الأزمات‮»‬،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬تعارض‭ ‬قراراتهم‭ ‬السياسية‭ ‬مع‭ ‬الآراء‭ ‬الواضحة‭ ‬لمواطنيهم‭. ‬ففي‭ ‬‮«‬المملكة‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬يؤيد‭ ‬69%‭ ‬من‭ ‬البريطانيين‭ ‬وقفًا‭ ‬فوريًا‭ ‬لإطلاق‭ ‬النار،‭ ‬ويتعاطف‭ ‬29%‭ ‬مع‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬مقارنة‭ ‬بتعاطف‭ ‬16%‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‭. ‬أما‭ ‬في‭ ‬‮«‬الولايات‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬55%‭ ‬من‭ ‬الأمريكيين‭ ‬يرفضون‭ ‬الهجمات‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬بينما‭ ‬يدعمها‭ ‬36%‭ ‬فقط،‭ ‬وهو‭ ‬تغيير‭ ‬ملحوظ‭ ‬عن‭ ‬نوفمبر‭ ‬2023،‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬النسب‭ (‬50%‭ ‬تأييدًا،‭ ‬و45%‭ ‬معارضة‭). ‬

وفي‭ ‬أوروبا،‭ ‬ارتفع‭ ‬تأييد‭ ‬فرض‭ ‬عقوبات‭ ‬على‭ ‬إسرائيل‭ ‬إلى‭ ‬65%‭ ‬في‭ ‬إيطاليا،‭ ‬و51%‭ ‬في‭ ‬فرنسا،‭ ‬و50%‭ ‬في‭ ‬ألمانيا‭. ‬ورغم‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬البيانات‭ ‬تسجل‭ ‬بأغلبية‭ ‬كبيرة‭ ‬رأي‭ ‬الشعوب‭ ‬الغربية‭ ‬ضد‭ ‬حرب‭ ‬إسرائيل،‭ ‬وتعاطفهم‭ ‬مع‭ ‬الفلسطينيين؛‭ ‬فقد‭ ‬كتب‭ ‬‮«‬مالي‮»‬،‭ ‬عن‭ ‬استمرار‭ ‬رؤساء‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬والمملكة‭ ‬المتحدة،‭ ‬وفرنسا،‭ ‬وألمانيا،‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬في‭ ‬السماح‭ ‬لإسرائيل‭ ‬بتدمير‭ ‬غزة‭ ‬‮«‬دون‭ ‬رادع‮»‬،‭ ‬مما‭ ‬أسفر‭ ‬عن‭ ‬استشهاد‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬37‭ ‬ألف‭ ‬مدني‭.‬

وفي‭ ‬ظل‭ ‬الانقسام‭ ‬الواضح‭ ‬بين‭ ‬الأجيال‭ ‬وبشكل‭ ‬خاص‭ ‬بين‭ ‬الشباب‭ ‬والمواطنين‭ ‬الأكبر‭ ‬سنا‭ ‬في‭ ‬وجهات‭ ‬نظرهم‭ ‬بشأن‭ ‬موقف‭ ‬الغرب‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬فمن‭ ‬الجدير‭ ‬بالملاحظة‭ ‬كيف‭ ‬تجاهل‭ ‬القادة،‭ ‬الناخبين‭ ‬الأصغر‭ ‬سنا‭ ‬ودعموا‭ ‬الجهود‭ ‬الرامية‭ ‬إلى‭ ‬إسكات‭ ‬أصواتهم‭. ‬وردًا‭ ‬على‭ ‬حملات‭ ‬القمع‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬الشرطة‭ ‬ضد‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬السلمية‭ ‬المؤيدة‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬الجامعات‭ ‬بجميع‭ ‬أنحاء‭ ‬أمريكا،‭ ‬تحدث‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬،‭ ‬عن‭ ‬كيف‭ ‬‮«‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يسود‭ ‬النظام‮»‬،‭ ‬وذهب‭ ‬خليفته‭ ‬المحتمل‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض،‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أبعد‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬عبر‭ ‬زعمه‭ ‬بأن‭ ‬هؤلاء‭ ‬المتظاهرين‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬‮«‬ثورة‭ ‬راديكالية‮»‬،‭ ‬وتعهد‭ ‬بطردهم‭ ‬من‭ ‬مؤسساتهم‭ ‬التعليمية،‭ ‬متفاخرًا‭ ‬أيضًا‭ ‬بالطريقة‭ ‬التي‭ ‬سيعيد‭ ‬بها‭ ‬الحركة‭ ‬الداعمة‭ ‬لفلسطين‭ ‬‮«‬25‭ ‬أو‭ ‬30‭ ‬عامًا‭ ‬إلى‭ ‬الوراء‮»‬‭.‬

وتماشيا‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬الخطابات‭ ‬المروعة،‭ ‬وصفت‭ ‬وزيرة‭ ‬الداخلية‭ ‬البريطانية‭ ‬السابقة‭ ‬‮«‬سويلا‭ ‬برافرمان‮»‬،‭ ‬المظاهرات‭ ‬في‭ ‬بريطانيا‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬مسيرات‭ ‬كراهية‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬مايو‭ ‬أيضا‭ ‬استدعى‭ ‬‮«‬سوناك‮»‬،‭ ‬قادة‭ ‬الجامعات؛‭ ‬لتحذيرهم‭ ‬بضرورة‭ ‬‮«‬تحمل‭ ‬المسؤولية‭ ‬الكاملة‮»‬،‭ ‬أمام‭ ‬تجنب‭ ‬اندلاع‭ ‬الاحتجاجات،‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬قاد‭ ‬مئات‭ ‬من‭ ‬أعضاء‭ ‬هيئة‭ ‬التدريس،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬‮«‬أكسفورد‮»‬،‭ ‬و«كامبريدج‮»‬،‭ ‬لتوقيع‭ ‬رسائل‭ ‬مفتوحة؛‭ ‬تضامنا‭ ‬مع‭ ‬المحتجين‭ ‬المدافعين‭ ‬عن‭ ‬حقوق‭ ‬الفلسطينيين‭.‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬تزايدت‭ ‬الانتقادات‭ ‬الموجهة‭ ‬إلى‭ ‬القادة‭ ‬الغربيين‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬أخرى،‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬الأمن‭ ‬المناخي‮»‬‭. ‬ففي‭ ‬بريطانيا،‭ ‬يعتقد‭ ‬59%‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬أن‭ ‬القضايا‭ ‬البيئية‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬الأولويات‭ ‬الوطنية‭. ‬وأشار‭ ‬‮«‬تود‭ ‬ستيرن‮»‬‭ ‬‭ ‬المبعوث‭ ‬الخاص‭ ‬لتغير‭ ‬المناخ‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬‮«‬باراك‭ ‬أوباما‮»‬‭ ‬‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬رغم‭ ‬تقديم‭ ‬‮«‬حكومة‭ ‬سوناك‮»‬،‭ ‬نفسها‭ ‬كواحدة‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الرائدة‭ ‬في‭ ‬المفاوضات‭ ‬الدولية‭ ‬بشأن‭ ‬مكافحة‭ ‬تغيُّر‭ ‬المناخ،‭ ‬فقد‭ ‬اتبعت‭ ‬وتيرة‭ ‬بطيئة‭ ‬في‭ ‬اتخاذ‭ ‬إجراءات‭ ‬ذات‭ ‬مغزى،‭ ‬لتجنب‭ ‬التداعيات‭ ‬المناخية‭ ‬الكارثية‭ ‬طويلة‭ ‬الأجل‭. ‬وفي‭ ‬حالة‭ ‬الأمريكيين،‭ ‬أضاف‭ ‬‮«‬ستيرن‮»‬،‭ ‬أنه‭ ‬إذا‭ ‬أعيد‭ ‬انتخاب‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬،‭ ‬فمن‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬يتخلى‭ ‬عن‭ ‬الالتزام‭ ‬بالاتفاقيات‭ ‬المناخية‭ ‬المتعارف‭ ‬عليها‭ ‬للمرة‭ ‬الثانية،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬‮«‬مدمرا‭ ‬للغاية‮»‬‭ ‬للجهود‭ ‬العالمية،‭ ‬نظرًا‭ ‬لأن‭ ‬‮«‬الولايات‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬تعتبر‭ ‬‮«‬لاعباً‭ ‬كبيراً‭ ‬ومهماً‮»‬،‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬العمل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬حماية‭ ‬البيئة‭.‬

وحتى‭ ‬في‭ ‬الحالات‭ ‬التي‭ ‬ينحاز‭ ‬فيها‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬الغربي‭ ‬إلى‭ ‬عملية‭ ‬صنع‭ ‬القرار‭ ‬السياسي،‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬التفكير‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬طويل‭ ‬المدى‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬القادة‭ ‬الغربيين‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬‮«‬غائبا‮»‬‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الدعم‭ ‬الغربي‭ ‬لاستمرار‭ ‬مساعدة‭ ‬أوكرانيا‭ ‬في‭ ‬حربها‭ ‬ضد‭ ‬روسيا‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬مرتفعا‭ (‬72%‭ ‬من‭ ‬الأمريكيين‭ ‬يعتقدون‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الدعم‭ ‬مناسب‭ ‬نوعا‭ ‬ما،‭ ‬و65%‭ ‬من‭ ‬البريطانيين‭ ‬يؤيدون‭ ‬انضمام‭ ‬كييف‭ ‬إلى‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭)‬،‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬مالي‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬إدارة‭ ‬بايدن‮»‬،‭ ‬وحلفائها‭ ‬أظهروا‭ ‬‮«‬عدم‭ ‬الرغبة‭ ‬وعدم‭ ‬المقدرة‭ ‬على‭ ‬تحويل‭ ‬نهجهم‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬فكرة‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬القتال‮»‬،‭ ‬لحماية‭ ‬الديمقراطية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تحقيقها‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الوسائل‭ ‬العسكرية‭.‬

وتتضافر‭ ‬هذه‭ ‬الإخفاقات‭ ‬لتؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تقليص‭ ‬مصداقية‭ ‬القادة‭ ‬الغربيين‭ ‬على‭ ‬الصعيدين‭ ‬المحلي‭ ‬والدولي‭. ‬وأضر‭ ‬موقف‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬بمكانتها‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬أمام‭ ‬شركائها‭. ‬وأوضحت‭ ‬‮«‬جودي‭ ‬ديمبسي‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬مؤسسة‭ ‬كارنيجي‭ ‬للسلام‭ ‬الدولي‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬النفوذ‭ ‬الأوروبي‭ ‬وهيمنته‭ ‬على‭ ‬الشؤون‭ ‬الإقليمية‭ ‬تأثرا‭ ‬أيضًا‭ ‬بنفس‭ ‬الطريقة‭. ‬وتشير‭ ‬تقارير‭ ‬إعلامية‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬وحلفاءها‭ ‬‮«‬لا‭ ‬يستطيعون‭ ‬تبرير‭ ‬متطلبات‭ ‬فرض‭ ‬عقوبات‭ ‬على‭ ‬حماس؛‭ ‬بهدف‭ ‬خلق‭ ‬أجواء‭ ‬من‭ ‬السلام،‭ ‬وإعادة‭ ‬إرساء‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬حين‭ ‬عمل‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬‭ ‬على‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬خطته‭ ‬للسلام‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬الكشف‭ ‬عنها‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬مايو‭ ‬2024؛‭ ‬فقد‭ ‬دافع‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬عن‭ ‬‮«‬إسرائيل‮»‬،‭ ‬لتجنب‭ ‬المساءلة‭ ‬الدولية‭ ‬عن‭ ‬استشهاد‭ ‬المدنيين‭ ‬وتدمير‭ ‬المنازل‭ ‬والبنية‭ ‬التحتية،‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬استمرار‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬تزويد‭ ‬إسرائيل‭ ‬بالأسلحة‭ ‬والذخائر‭ ‬التي‭ ‬تستخدم‭ ‬في‭ ‬انتهاك‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬حيث‭ ‬بلغت‭ ‬قيمة‭ ‬ما‭ ‬قدمته‭ ‬أمريكا‭ ‬لإسرائيل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬300‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1948‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬مالي‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الولايات‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬فقدت‭ ‬‮«‬أي‭ ‬شرعية‭ ‬ومصداقية‭ ‬كانت‭ ‬تملكها‭ ‬سابقا‮»‬،‭ ‬وأن‭ ‬‮«‬معاييرها‭ ‬المزدوجة‮»‬،‭ ‬بخصوص‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬تُطبق‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬عادل‭ ‬بين‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬والفلسطينيين؛‭ ‬مما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬تقويض‭ ‬موقفها‭ ‬بخصوص‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭. ‬وبناءً‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬القرارات‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬يتخذها‭ ‬القادة‭ ‬الغربيون‭ ‬بهدف‭ ‬إرضاء‭ ‬جماعات‭ ‬المصالح‭ ‬والضغط‭ ‬القوية‭ ‬داخل‭ ‬واشنطن،‭ ‬تؤدي‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬تأثيرات‭ ‬استراتيجية‭ ‬كبيرة‮»‬،‭ ‬تؤثر‭ ‬سلبا‭ ‬على‭ ‬مصالح‭ ‬دول‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وغيرها‭. ‬ونتيجة‭ ‬لهذه‭ ‬الإخفاقات،‭ ‬أوضح‭ ‬أن‭ ‬‮«‬إدارة‭ ‬بايدن‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬تشمل‭ ‬شخصيات‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬بلينكن‮»‬،‭ ‬ومستشار‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬‮«‬جيك‭ ‬سوليفان‮»‬،‭ ‬قد‭ ‬‮«‬أضاعت‭ ‬فرصة‭ ‬لتغيير‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬تقديمها‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2021‭ ‬بعد‭ ‬مغادرة‭ ‬ترامب‭.‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬مع‭ ‬عدم‭ ‬رغبة‭ ‬القادة‭ ‬الغربيين‭ ‬في‭ ‬اتخاذ‭ ‬إجراءات‭ ‬حازمة‭ ‬بشأن‭ ‬القضايا‭ ‬الدولية،‭ ‬لا‭ ‬يُعَدُّ‭ ‬مفاجئًا‭ ‬أن‭ ‬يصبح‭ ‬المرشحون‭ ‬المتشددون‭ ‬في‭ ‬طليعة‭ ‬المشهد‭ ‬السياسي‭ ‬الغربي‭. ‬وقد‭ ‬فاز‭ ‬مرشحو‭ ‬التيارات‭ ‬اليمينية‭ ‬المتشددة‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬البرلمانية‭ ‬للاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬في‭ ‬يونيو‭ ‬2024‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬إدانته‭ ‬مؤخرًا‭ ‬بتزوير‭ ‬سجلات‭ ‬تجارية‭ ‬خاصة‭ ‬بالبيت‭ ‬الأبيض،‭ ‬فإن‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬،‭ ‬يتقدم‭ ‬حاليًا‭ ‬على‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬‭ ‬في‭ ‬استطلاعات‭ ‬الرأي‭. ‬وأشارت‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬نيويورك‭ ‬تايمز‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬47%‭ ‬من‭ ‬الأمريكيين‭ ‬قد‭ ‬أعربوا‭ ‬عن‭ ‬رغبتهم‭ ‬في‭ ‬التصويت‭ ‬للرجل‭ ‬الذي‭ ‬يقدم‭ ‬وعودًا‭ ‬انتخابية‭ ‬نارية،‭ ‬متعهدا‭ ‬بالانتقام‭ ‬من‭ ‬خصومه،‭ ‬ورفع‭ ‬السرية‭ ‬عن‭ ‬ملفات‭ ‬حساسة،‭ ‬وهو‭ ‬ترامب‭ ‬بلا‭ ‬شك‭. ‬

وبالنظر‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الوضع،‭ ‬ومع‭ ‬تهميش‭ ‬المخاوف‭ ‬والاهتمامات‭ ‬الخاصة‭ ‬بالجيل‭ ‬الجديد‭ ‬من‭ ‬القادة‭ ‬المعتدلين،‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬إقصائها‭ ‬من‭ ‬حسابات‭ ‬صنع‭ ‬القرار‭ ‬السياسي‭ ‬للقادة‭ ‬الحاليين‭ ‬ومستشاريهم،‭ ‬ستستغرق‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬وقتًا‭ ‬طويلاً‭ ‬للالتزام‭ ‬الفعلي‭ ‬بمبادئ‭ ‬دعم‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬بشكل‭ ‬يتوافق‭ ‬مع‭ ‬بقية‭ ‬العالم،‭ ‬مما‭ ‬يوحي‭ ‬بعدم‭ ‬وجود‭ ‬تغيير‭ ‬في‭ ‬الأفق‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا