العدد : ١٦٩٠١ - الاثنين ٠١ يوليو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٥ ذو الحجة ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٩٠١ - الاثنين ٠١ يوليو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٥ ذو الحجة ١٤٤٥هـ

قضايا و آراء

تحركات الكونجرس الأمريكي ضد «الجنائية الدولية» لحماية إسرائيل

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

السبت ٢٩ يونيو ٢٠٢٤ - 02:00

طوال‭ ‬فترة‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬أظهر‭ ‬المشرعون‭ ‬الأمريكيون‭ ‬من‭ ‬الحزبين‭ ‬الجمهوري‭ ‬والديمقراطي،‭ ‬دعمهم‭ ‬الثابت‭ ‬والقوي‭ ‬لإسرائيل‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬استشهاد‭ ‬عشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬وتسبب‭ ‬القصف‭ ‬والاحتلال‭ ‬في‭ ‬وقوع‭ ‬كارثة‭ ‬إنسانية‭ ‬مدمرة‭ ‬وصفها‭ ‬مسؤولو‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬ومنظمات‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬مثل‭ ‬منظمة‭ ‬العفو‭ ‬الدولية،‭ ‬بأنها‭ ‬كارثة‭ ‬ذات‭ ‬أبعاد‭ ‬هائلة؛‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬الدعم‭ ‬لم‭ ‬يتغير‭. ‬وبدلاً‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬ومع‭ ‬تقدم‭ ‬الجهود‭ ‬الرامية‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬المساءلة‭ ‬الدولية‭ ‬عن‭ ‬جرائم‭ ‬الحرب‭ ‬المرتكبة‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬أمام‭ ‬محكمتي‭ ‬العدل‭ ‬الدولية،‭ ‬والجنائية‭ ‬الدولية،‭ ‬لجأ‭ ‬أعضاء‭ ‬الكونجرس‭ ‬إلى‭ ‬تهديد‭ ‬الأخيرة‭ ‬بفرض‭ ‬عقوبات‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬لإسكات‭ ‬الانتقادات‭ ‬الموجهة‭ ‬لإسرائيل‭.‬

وأثار‭ ‬قرار‭ ‬كريم‭ ‬خان،‭ ‬المدعي‭ ‬العام‭ ‬للجنائية‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬مايو‭ ‬2024،‭ ‬بإصدار‭ ‬أوامر‭ ‬اعتقال‭ ‬دولية‭ ‬بحق‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو،‭ ‬ووزير‭ ‬دفاعه،‭ ‬يوآف‭ ‬غالانت،‭ ‬بسبب‭ ‬ارتكابهما‭ ‬جرائم‭ ‬حرب‭ ‬بحق‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬غضب‭ ‬الجمهوريين‭ ‬بالكونجرس،‭ ‬الذين‭ ‬ردوا‭ ‬بإصدار‭ ‬تهديدات‭ ‬مباشرة‭ ‬ليس‭ ‬ضد‭ ‬خان‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬أيضًا‭ ‬ضد‭ ‬القانونيين‭ ‬في‭ ‬المحكمة‭. ‬وفي‭ ‬أوائل‭ ‬يونيو،‭ ‬صوت‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬الأمريكي‭ ‬بأغلبية‭ ‬كبيرة‭ ‬لتمرير‭ ‬تشريع‭ ‬يقوده‭ ‬الجمهوريون‭ ‬لفرض‭ ‬عقوبات‭ ‬على‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬احتمالية‭ ‬رفض‭ ‬مجلس‭ ‬الشيوخ‭ ‬الذي‭ ‬يسيطر‭ ‬عليه‭ ‬الديمقراطيون،‭ ‬تمرير‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬القوانين‭ ‬لمعاقبة‭ ‬محكمة‭ ‬مستقلة‭ ‬لجرأتها‭ ‬على‭ ‬التحقيق‭ ‬في‭ ‬جرائم‭ ‬حرب‭ ‬اقترفتها‭ ‬حليفة‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة؛‭ ‬يظل‭ ‬حديث‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬مع‭ ‬أعضاء‭ ‬الكونجرس،‭ ‬بمن‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الجمهوريون،‭ ‬لتعقيد‭ ‬عمل‭ ‬المحكمتين‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية،‭ ‬والعدل‭ ‬الدولية،‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يثير‭ ‬اهتمام‭ ‬القانونيين‭ ‬والحقوقيين،‭ ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬واشنطن،‭ ‬لطالما‭ ‬أعلنت‭ ‬نفسها‭ ‬حامية‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والقانون‭ ‬الدولي؛‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬ارتكبته‭ ‬إسرائيل‭ ‬ضد‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬هي‭ ‬جرائم‭ ‬حرب‭ ‬موثقة‭.‬

ومنذ‭ ‬قيامها،‭ ‬قدمت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬لإسرائيل‭ ‬مساعدات‭ ‬اقتصادية‭ ‬وعسكرية‭ ‬بقيمة‭ ‬310‭ ‬مليارات‭ ‬دولار،‭ ‬مما‭ ‬يجعلها‭ ‬أكبر‭ ‬متلق‭ ‬للمساعدات‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1948‭. ‬وأضاف‭ ‬جوناثان‭ ‬ماسترز،‭ ‬وويل‭ ‬ميرو،‭ ‬من‭ ‬مجلس‭ ‬العلاقات‭ ‬الخارجية،‭ ‬أنه‭ ‬وبموافقة‭ ‬الكونجرس،‭ ‬تعهد‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض،‭ ‬بتزويد‭ ‬إسرائيل‭ ‬بتمويل‭ ‬عسكري‭ ‬بقيمة‭ ‬3,8‭ ‬مليارات‭ ‬دولار‭ ‬حتى‭ ‬عام‭ ‬2028‭ ‬على‭ ‬الأقل‭. ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬2024‭ ‬قفز‭ ‬هذا‭ ‬الرقم‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬12,5‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭. ‬

ومنذ‭ ‬أكتوبر2023،‭ ‬تم‭ ‬توثيق‭ ‬استخدم‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬للأسلحة‭ ‬الأمريكية‭ ‬لمهاجمة‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأهداف‭ ‬المدنية،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬المدارس،‭ ‬والمستشفيات،‭ ‬والمساجد،‭ ‬والكنائس‭ ‬ومراكز‭ ‬اللاجئين‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬اعتراف‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬بأنه‭ ‬من‭ ‬المرجح‭ ‬استخدام‭ ‬ذخائر‭ ‬أمريكية‭ ‬في‭ ‬جرائم‭ ‬حرب‭ ‬إسرائيلية؛‭ ‬فقد‭ ‬أقر‭ ‬مجلسا‭ ‬النواب‭ ‬والشيوخ‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬مشاريع‭ ‬قوانين‭ ‬التمويل‭ ‬العسكري،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬مليارات‭ ‬الدولارات‭ ‬لقوات‭ ‬الاحتلال‭.‬

ونظرا‭ ‬إلى‭ ‬ضخامة‭ ‬كتلة‭ ‬المشرعين‭ ‬المؤيدين‭ ‬لإسرائيل‭ ‬داخل‭ ‬الكونجرس،‭ ‬والذين‭ ‬دأبوا‭ ‬على‭ ‬دعم‭ ‬الهجوم‭ ‬العسكري‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬المأساة‭ ‬الإنسانية‭ ‬التي‭ ‬تسبب‭ ‬فيها؛‭ ‬فمن‭ ‬غير‭ ‬المستغرب‭ ‬رفض‭ ‬هذه‭ ‬الكتلة‭ ‬نفسها‭ ‬قرار‭ ‬خان،‭ ‬بإصدار‭ ‬أمر‭ ‬اعتقال‭ ‬بحق‭ ‬نتنياهو،‭ ‬وغالانت،‭ ‬للمثول‭ ‬أمام‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية‭. ‬وحتى‭ ‬قبل‭ ‬إعلان‭ ‬هذا‭ ‬القرار،‭ ‬بعث‭ ‬12‭ ‬من‭ ‬كبار‭ ‬الجمهوريين‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الشيوخ،‭ ‬من‭ ‬بينهم‭ ‬توم‭ ‬كوتون،‭ ‬من‭ ‬أركنساس،‭ ‬وتيد‭ ‬كروز‭ ‬من‭ ‬تكساس،‭ ‬وماركو‭ ‬روبيو،‭ ‬وريك‭ ‬سكوت‭ ‬من‭ ‬فلوريدا،‭ ‬وميتش‭ ‬ماكونيل،‭ ‬زعيم‭ ‬الأقلية‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الشيوخ،‭ ‬برسالة‭ ‬تهديد‭ ‬إلى‭ ‬المدعي‭ ‬العام‭ ‬شخصيًا‭ ‬وأفراد‭ ‬عائلته‭ ‬ومعاونيه‭ ‬بالعقوبات‭ ‬وتجميد‭ ‬الأصول‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬إذا‭ ‬مضى‭ ‬قُدما‭ ‬بطلب‭ ‬أوامر‭ ‬الاعتقال،‭ ‬وختموا‭ ‬تلك‭ ‬الرسالة‭ ‬بإنذار‭ ‬لقد‭ ‬تم‭ ‬تحذيرك‭.‬

وعليه،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬غريبا‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬عدم‭ ‬رضوخ‭ ‬المحكمة،‭ ‬للتهديد‭ ‬إلى‭ ‬إثارة‭ ‬حملة‭ ‬ضدها‭ ‬ومحاولة‭ ‬فرض‭ ‬عقوبات‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬قِبَل‭ ‬أعضاء‭ ‬مؤيدين‭ ‬لإسرائيل‭ ‬داخل‭ ‬الكونجرس‭. ‬وفي‭ ‬مشروع‭ ‬قانون‭ ‬للسنة‭ ‬المالية‭ ‬2025‭ ‬والذي‭ ‬أصدرته‭ ‬لجنة‭ ‬الاعتمادات‭ ‬بمجلس‭ ‬النواب‭ ‬في‭ ‬أوائل‭ ‬يونيو‭ ‬2024‭ -‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬3‭.‬3‭ ‬مليارات‭ ‬دولار‭ ‬من‭ ‬التمويل‭ ‬العسكري‭ ‬الممنوح‭ ‬لإسرائيل‭- ‬دعا‭ ‬التشريع‭ ‬إلى‭ ‬حظر‭ ‬التمويل‭ ‬الأمريكي‭ ‬لوكالة‭ ‬الأونروا،‭ ‬والمحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية،‭ ‬ومحكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية،‭ ‬وكذلك‭ ‬لجنة‭ ‬التحقيق‭ ‬التابعة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬ضد‭ ‬إسرائيل‭. ‬

واستمرارا،‭ ‬ففي‭ ‬الرابع‭ ‬من‭ ‬يونيو،‭ ‬أصدر‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬القرار‭ ‬رقم‭ ‬8282،‭ ‬الذي‭ ‬يسعى‭ ‬كما‭ ‬أوضح‭ ‬إيثان‭ ‬ماير‭ ‬ريتش،‭ ‬من‭ ‬المركز‭ ‬العربي‭ ‬واشنطن‭ ‬دي‭ ‬سي،‭ ‬إلى‭ ‬فرض‭ ‬عقوبات‭ ‬على‭ ‬الأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬تعتبرهم‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬ساعدوا‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬جهد‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية،‭ ‬للتحقيق‭ ‬والاعتقال‭ ‬والتحقيق‭ ‬أو‭ ‬مقاضاة‭ ‬شخص‭ ‬محمي،‭ ‬في‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬خان،‭ ‬ومعاونيه‭ ‬من‭ ‬القانونيين‭. ‬وأشاد‭ ‬جمهوريون‭ ‬بارزون‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الشيوخ؛‭ ‬بمن‭ ‬فيهم‭ ‬كروز،‭ ‬وكوتون،‭ ‬وروبيو،‭ ‬بهذا‭ ‬التشريع،‭ ‬وأكدوا‭ ‬التزامهم‭ ‬بـ«إسرائيل‭ ‬اليوم‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬غداً‭.‬

وفي‭ ‬هجوم‭ ‬مستهدف‭ ‬آخر‭ ‬ضد‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية،‭ ‬أرسل‭ ‬كوتون،‭ ‬وسكوت،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬مشرعين‭ ‬جمهوريين‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الشيوخ،‭ ‬أمثال‭ ‬مايك‭ ‬براون‭ ‬من‭ ‬ولاية‭ ‬إنديانا،‭ ‬وجي‭ ‬دي‭ ‬فانس‭ ‬من‭ ‬أوهايو؛‭ ‬في‭ ‬الخامس‭ ‬من‭ ‬يونيو،‭ ‬رسالة‭ ‬إلى‭ ‬المدعي‭ ‬العام‭ ‬الأمريكي‭ ‬ميريك‭ ‬جارلاند،‭ ‬يحثونه‭ ‬فيها‭ ‬على‭ ‬التحقيق‭ ‬مع‭ ‬خان‭ ‬لاتهامه‭ -‬وفق‭ ‬زعمهم‭- ‬بانتهاك‭ ‬القانون‭ ‬الأمريكي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬دعم‭ ‬الإرهاب‭ ‬واستهدافه‭ ‬لمسؤولين‭ ‬إسرائيليين،‭ ‬كما‭ ‬زعموا‭ ‬أن‭ ‬اتهامات‭ ‬المحكمة‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬دليل،‭ ‬مشيرين‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬تنسيق‭ ‬واسع‭ ‬النطاق‭ ‬بين‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية‭ ‬وحماس‭.‬

ولم‭ ‬يكتف‭ ‬أعضاء‭ ‬الكونجرس‭ ‬بتقديم‭ ‬تشريع‭ ‬يخلط‭ ‬بين‭ ‬انتقاد‭ ‬سياسات‭ ‬إسرائيل‭ ‬ومزاعم‭ ‬معاداة‭ ‬السامية‭ ‬ويتجه‭ ‬عن‭ ‬قصد‭ ‬نحو‭ ‬فرض‭ ‬قوانين‭ ‬تنطوي‭ ‬على‭ ‬ممارسة‭ ‬أقسى‭ ‬أنواع‭ ‬التمييز‭ ‬ضد‭ ‬اللاجئين‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬بل‭ ‬حذرت‭ ‬لجنة‭ ‬مكافحة‭ ‬التمييز‭ ‬الأمريكية‭ ‬العربية‭ (‬ADC‭)‬،‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬قانون‭ ‬التوعية‭ ‬بمعاداة‭ ‬السامية،‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬إقراره‭ ‬بأغلبية‭ ‬390‭ ‬صوتًا،‭ ‬مقابل‭ ‬21‭ ‬صوتا‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬الأمريكي‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬مايو‭ ‬2024،‭ ‬يخلط‭ ‬بشكل‭ ‬خطير‭ ‬بين‭ ‬انتقاد‭ ‬إسرائيل،‭ ‬والتحيز‭ ‬ضد‭ ‬اليهود،‭ ‬ومعاداة‭ ‬السامية‭. ‬

وفي‭ ‬تناقض‭ ‬واضح،‭ ‬قدم‭ ‬النائب‭ ‬الجمهوري‭ ‬اليميني‭ ‬المتطرف‭ ‬مات‭ ‬جيتس،‭ ‬من‭ ‬فلوريدا،‭ ‬القرار‭ ‬رقم‭ ‬8629‭ ‬‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يُسمى‭ ‬بـقانون‭ ‬حماية‭ ‬المناطق‭ ‬الأمريكية‭ ‬من‭ ‬الهجرة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬والذي‭ ‬يفرض‭ ‬حظرًا‭ ‬لمدة‭ ‬عامين‭ ‬على‭ ‬المهاجرين‭ ‬المحتملين‭ ‬من‭ ‬فلسطين‭ ‬إلى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬أنه‭ -‬وفقًا‭ ‬له‭- ‬يعتبر‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬خطيرين‭ ‬جدًا،‭ ‬بحيث‭ ‬لا‭ ‬يُسمح‭ ‬لهم‭ ‬بدخول‭ ‬البلاد،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬اللاجئون‭ ‬المدنيون‭ ‬الذين‭ ‬نزحوا‭ ‬بسبب‭ ‬الهجمات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬باستخدام‭ ‬القنابل‭ ‬أمريكية‭ ‬الصنع‭.‬

وبالتزامن‭ ‬مع‭ ‬محاولات‭ ‬معاقبة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية؛‭ ‬بدا‭ ‬تملق‭ ‬كبار‭ ‬الساسة‭ ‬الأمريكيين‭ ‬للقادة‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬واضحا؛‭ ‬حيث‭ ‬تمت‭ ‬دعوة‭ ‬نتنياهو‭ -‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬ارتكابه‭ ‬انتهاكات‭ ‬خطيرة‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي‭- ‬من‭ ‬قبل‭ ‬هيئة‭ ‬تشريعية‭ ‬مستقلة؛‭ ‬لإلقاء‭ ‬كلمة‭ ‬أمام‭ ‬جلسة‭ ‬مشتركة‭ ‬للكونجرس‭ ‬في‭ ‬24‭ ‬يوليو‭ ‬القادم،‭ ‬وتحديدا‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬رئيسي‭ ‬مجلسي‭ ‬النواب‭ ‬والشيوخ‭. ‬وفي‭ ‬تناقض‭ ‬صارخ‭ ‬مع‭ ‬الاتهامات‭ ‬التي‭ ‬طرحها‭ ‬خان،‭ ‬كتب‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬مايك‭ ‬جونسون،‭ ‬وزعيم‭ ‬الأقلية‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الشيوخ‭ ‬ميتش‭ ‬ماكونيل،‭ ‬إلى‭ ‬نتنياهو‭ ‬معربين‭ ‬عن‭ ‬أملهما‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يشاركا‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬رؤيتها‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬ومكافحة‭ ‬الإرهاب،‭ ‬وإرساء‭ ‬سلام‭ ‬عادل‭ ‬ودائم‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬غالبية‭ ‬المشرعين‭ ‬المؤيدين‭ ‬لإسرائيل‭ ‬في‭ ‬واشنطن،‭ ‬ينتمون‭ ‬إلى‭ ‬الحزب‭ ‬الجمهوري،‭ ‬فإن‭ ‬هناك‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬الأعضاء‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬البارزين‭ ‬يدافعون‭ ‬أيضًا‭ ‬عن‭ ‬الانتهاكات‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬ويرحبون‭ ‬بنتنياهو‭ ‬لإلقاء‭ ‬كلمة‭ ‬أمام‭ ‬مجلسهم‭. ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬هؤلاء‭ ‬زعيم‭ ‬الأغلبية‭ ‬الديمقراطية‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الشيوخ‭ ‬تشاك‭ ‬شومر،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬دعوته‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬2024‭ ‬إلى‭ ‬إجراء‭ ‬انتخابات‭ ‬إسرائيلية‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الإطاحة‭ ‬بـ‭ ‬نتنياهو،‭ ‬معترفا‭ ‬بأن‭ ‬بقاءه‭ ‬بمنصبه‭ ‬السياسي‭ ‬سمح‭ ‬له‭ ‬بأن‭ ‬يكون‭ ‬له‭ ‬الأولوية‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬حماية‭ ‬مصالح‭ ‬إسرائيل‭ ‬ذاتها‭. ‬ولأن‭ ‬هذا‭ ‬النائب‭ ‬تحديدا‭ ‬بدا‭ ‬مستعدًا‭ ‬للغاية،‭ ‬لغض‭ ‬الطرف‭ ‬عن‭ ‬الخسائر‭ ‬المدنية‭ ‬الدامية‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬أصر‭ ‬في‭ ‬يونيو‭ ‬2024‭ ‬على‭ ‬انضمامه‭ ‬إلى‭ ‬الدعوة‭ ‬المقدمة‭ ‬لنتنياهو‭ ‬للقدوم‭ ‬إلى‭ ‬واشنطن،‭ ‬مؤكدا‭ ‬أن‭ ‬علاقة‭ ‬بلاده‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‭ ‬متينة،‭ ‬وتتجاوز‭ ‬حدود‭ ‬أي‭ ‬شخصية‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬رئيس‭ ‬وزراء‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬قوله‭.‬

في‭ ‬مقابل‭ ‬ذلك،‭ ‬رفض‭ ‬هذه‭ ‬الدعوة‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الساسة‭ ‬الأمريكيين‭. ‬وانتقد‭ ‬السيناتور‭ ‬كريس‭ ‬هولين،‭ ‬وهو‭ ‬ديمقراطي‭ ‬وسطي،‭ ‬ممثل‭ ‬عن‭ ‬ولاية‭ ‬ماريلاند،‭ ‬وعضو‭ ‬بارز‭ ‬في‭ ‬لجنة‭ ‬العلاقات‭ ‬الخارجية‭ ‬بمجلس‭ ‬الشيوخ،‭ ‬الدعوة،‭ ‬متسائلاً‭ ‬عن‭ ‬سبب‭ ‬رغبة‭ ‬واشنطن‭ ‬في‭ ‬مكافأة‭ ‬رئيس‭ ‬وزراء‭ ‬يتباهى‭ ‬بمناشدات‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬له‭ ‬بوقف‭ ‬الحرب‭ ‬والتهدئة‭. ‬كما‭ ‬عارضها‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المشرعين،‭ ‬وتعهدوا‭ ‬بمقاطعة‭ ‬ظهور‭ ‬نتنياهو،‭ ‬تحت‭ ‬أروقة‭ ‬الكونجرس‭ ‬احتجاجًا‭ ‬على‭ ‬حرب‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬ورفض‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬اتخاذ‭ ‬إجراءات‭ ‬ذات‭ ‬معنى‭ ‬لإنهاء‭ ‬الصراع‭ ‬برمته‭. ‬

وأعلن‭ ‬النائب‭ ‬الديمقراطي‭ ‬في‭ ‬الكونجرس‭ ‬عن‭ ‬ولاية‭ ‬كاليفورنيا،‭ ‬رو‭ ‬خانا،‭ ‬عدم‭ ‬حضوره‭ ‬لهذا‭ ‬الحدث‭ ‬الذي‭ ‬اعتبره‭ ‬بمثابة‭ ‬محاضرة‭ ‬أحادية‭ ‬التوجه،‭ ‬وذهب‭ ‬السيناتور‭ ‬عن‭ ‬ولاية‭ ‬فيرمونت‭ ‬والمرشح‭ ‬الديمقراطي‭ ‬السابق‭ ‬للرئاسة‭ ‬بيرني‭ ‬ساندرز،‭ ‬إلى‭ ‬أبعد‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬وصف‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بأنه‭ ‬مجرم‭ ‬حرب،‭ ‬ولا‭ ‬ينبغي‭ ‬دعوته‭ ‬إلى‭ ‬واشنطن‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬يرفض‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬داخل‭ ‬الكونجرس‭ ‬حضور‭ ‬الاستماع‭ ‬لتصريحات‭ ‬نتنياهو،‭ ‬فقد‭ ‬أوضحت‭ ‬كاترينا‭ ‬سمعان،‭ ‬وميشيل‭ ‬ستين،‭ ‬من‭ ‬شبكة‭ ‬سي‭ ‬إن‭ ‬إن،‭ ‬أن‭ ‬إرسال‭ ‬وفد‭ ‬من‭ ‬الحزبين‭ ‬بقيادة‭ ‬الديمقراطي‭ ‬ستيني‭ ‬هوير،‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‭ ‬مسبقًا‭ ‬مفاده‭ ‬إظهار‭ ‬دعم‭ ‬ملحوظ‭ ‬لقوات‭ ‬الاحتلال‭ ‬في‭ ‬استمرار‭ ‬حربها‭ ‬على‭ ‬غزة‭. ‬ويوضح‭ ‬هذا‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬كتلة‭ ‬الدعم‭ ‬لإسرائيل‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬قوية‭ ‬للغاية،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬حجم‭ ‬الغضب‭ ‬الدولي‭ ‬المناهض‭ ‬للحرب‭ ‬على‭ ‬القطاع‭.‬

وتفسر‭ ‬هذه‭ ‬الضغوط‭ ‬السياسية‭ ‬أيضًا‭ ‬سبب‭ ‬قيام‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ -‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬إعلان‭ ‬معارضتها‭ ‬لإصدار‭ ‬عقوبات‭ ‬ضد‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية‭- ‬باسترضاء‭ ‬المشرعين‭ ‬المؤيدين‭ ‬لإسرائيل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تبني‭ ‬مشاعر‭ ‬مشتركة‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬منع‭ ‬المحكمة‭ ‬من‭ ‬محاسبة‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬القادة‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬جراء‭ ‬قراراتهم‭ ‬وأفعالهم‭. ‬وعلقت‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬بأنها‭ ‬على‭ ‬استعداد‭ ‬للعمل‭ ‬مع‭ ‬أعضاء‭ ‬الكونجرس،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الجمهوريون،‭ ‬حول‭ ‬سبل‭ ‬منع‭ ‬المحكمة‭ ‬من‭ ‬أداء‭ ‬واجباتها‭ ‬والتحقيق‭ ‬بشأن‭ ‬انتهاكات‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬إسرائيل‭.‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬بعض‭ ‬أعضاء‭ ‬الكونجرس‭ ‬الأمريكي‭ ‬الذين‭ ‬اتخذوا‭ ‬موقفًا‭ ‬أخلاقيًا‭ ‬متضامنًا‭ ‬مع‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬مثل‭ ‬بيرني‭ ‬ساندرز،‭ ‬الذي‭ ‬أعلن‭ ‬أن‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية،‭ ‬والعدل‭ ‬الدولية،‭ ‬على‭ ‬حق‭ ‬في‭ ‬التحقيق‭ ‬في‭ ‬الجرائم‭ ‬المرتكبة‭ ‬خلال‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬والأراضي‭ ‬المحتلة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الهيئتين‭ ‬التشريعيتين‭ ‬في‭ ‬واشنطن‭ ‬تضمّان‭ ‬أغلبية‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬السياسيين‭ ‬الذين‭ ‬يرفضون‭ ‬هذا‭ ‬الموقف،‭ ‬بل‭ ‬ويفضلون‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬تزويد‭ ‬إسرائيل‭ ‬بالدعم‭ ‬العسكري‭ ‬والاقتصادي‭ ‬الذي‭ ‬تطلبه‭.‬

ومع‭ ‬أن‭ ‬أغلبية‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬الأمريكي‭ ‬الآن‭ ‬تعارض‭ ‬استمرار‭ ‬الحرب‭ ‬وتتعاطف‭ ‬أكثر‭ ‬مع‭ ‬معاناة‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬المحاصرين‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬فإن‭ ‬قيام‭ ‬كبار‭ ‬المشرعين‭ ‬الأمريكيين‭ ‬بدعوة‭ ‬نتنياهو‭ ‬للتحدث‭ ‬في‭ ‬واشنطن‭ ‬يعكس‭ ‬مدى‭ ‬عدم‭ ‬توافق‭ ‬هؤلاء‭ ‬الساسة‭ ‬مع‭ ‬آراء‭ ‬ناخبيهم،‭ ‬كما‭ ‬يظهر‭ ‬ذلك‭ ‬رفضهم‭ ‬التمسك‭ ‬والالتزام‭ ‬بالمعايير‭ ‬والمبادئ‭ ‬التي‭ ‬لطالما‭ ‬طالبت‭ ‬بها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬الدول‭ ‬والحكومات‭ ‬الأخرى‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا