العدد : ١٦٩٠١ - الاثنين ٠١ يوليو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٥ ذو الحجة ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٩٠١ - الاثنين ٠١ يوليو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٥ ذو الحجة ١٤٤٥هـ

قضايا و آراء

العرب وفرصة جديدة للاتجاه شرقا

بقلم: د. نبيل العسومي

السبت ٢٩ يونيو ٢٠٢٤ - 02:00

من‭ ‬المهم‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬بداية‭ ‬التحول‭ ‬العربي‭ ‬تدريجيا،‭ ‬ولو‭ ‬بخطوات‭ ‬بطيئة‭ ‬وبسيطة‭ ‬من‭ ‬وضع‭ ‬بيضهم‭ ‬كله‭ ‬في‭ ‬سلة‭ ‬الغرب‭ ‬إلى‭ ‬تقسيم‭ ‬هذا‭ ‬البيض‭ ‬على‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬سلة‭. ‬وقد‭ ‬شهدنا‭ ‬بوضوح‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2022‭ ‬إلى‭ ‬اليوم‭ ‬تحولات‭ ‬واضحة‭ ‬ومعلنة‭ ‬نحو‭ ‬التوجه‭ ‬شرقا‭ ‬إلى‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬روسيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬وجمهورية‭ ‬الصين‭ ‬الشعبية‭ ‬بوجه‭ ‬خاص،‭ ‬مما‭ ‬يتيح‭ ‬للعرب‭ ‬مرونة‭ ‬أكثر‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬وفي‭ ‬الضغوط‭ ‬التي‭ ‬تمارس‭ ‬ضدهم‭ ‬من‭ ‬قِبل‭ ‬القوى‭ ‬الغربية‭.‬

فاللقاءات‭ ‬على‭ ‬أعلى‭ ‬المستويات‭ ‬بين‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬القادة‭ ‬العرب‭ ‬وخاصة‭ ‬الخليجيين‭ ‬من‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬والمملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬ودولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬قد‭ ‬تكثفت‭ ‬خلال‭ ‬السنتين‭ ‬الماضيتين،‭ ‬كذلك‭ ‬المشاركات‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬المنتديات‭ ‬المهمة‭ ‬في‭ ‬مقدمتها‭ ‬المنتدى‭ ‬العربي‭ ‬الصيني‭ ‬الذي‭ ‬حضره‭ ‬حضرة‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ملك‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬المعظم،‭ ‬وكذلك‭ ‬منتدى‭ ‬سانت‭ ‬بيترسبورغ‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الذي‭ ‬افتتحه‭ ‬الرئيس‭ ‬الروسي‭ ‬فلاديمير‭ ‬بوتين‭ ‬بمشاركة‭ ‬39‭ ‬دولة‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬أرجاء‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬9‭ ‬دول‭ ‬عربية،‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬البحرين‭ ‬حاضرة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المنتدى‭ ‬المهم‭ ‬الذي‭ ‬ولى‭ ‬وجه‭ ‬هذه‭ ‬السنة‭ ‬نحو‭ ‬الشرق‭ ‬لكسر‭ ‬العزلة‭ ‬الغربية‭ ‬على‭ ‬روسيا،‭ ‬حيث‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬المنتدى‭ ‬فرصة‭ ‬كبيرة‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬لمناقشة‭ ‬القضايا‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والأمنية‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬فرصة‭ ‬كبيرة‭ ‬لعقد‭ ‬الصفقات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والتجارية‭ ‬الثنائية‭ ‬والجماعية‭ ‬فهو‭ ‬منتدى‭ ‬للاستثمار‭ ‬وليكون‭ ‬نافذة‭ ‬على‭ ‬التعاون‭ ‬الدولي‭ ‬خارج‭ ‬المركزية‭ ‬الأوروبية‭.‬

ومن‭ ‬المهم‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬المنتدى‭ ‬الروسي‭ ‬كما‭ ‬المنتدى‭ ‬العربي‭ ‬الصيني‭ ‬قد‭ ‬أسهموا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مداولاتهم‭ ‬وحواراتهم‭ ‬ولقاءاتهم‭ ‬في‭ ‬كسر‭ ‬العزلة‭ ‬عن‭ ‬روسيا‭ ‬التي‭ ‬حاول‭ ‬الغرب‭ ‬فرضها‭ ‬عليها‭ ‬وكانت‭ ‬مخرجاته‭ ‬الأساسية‭ ‬إيجابية،‭ ‬بحسب‭ ‬التقارير‭ ‬الغربية‭ ‬نفسها‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬حجم‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬والأموال‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬الاستعداد‭ ‬لاستثمارها‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الروسي‭ ‬وكذلك‭ ‬حجم‭ ‬الأموال‭ ‬التي‭ ‬عبرت‭ ‬روسيا‭ ‬عن‭ ‬استعدادها‭ ‬لاستثمارها‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬البلدان‭ ‬الخارجية‭ ‬في‭ ‬المنتدى،‭ ‬فإنه‭ ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬نتائجه‭ ‬النهائية‭ ‬كانت‭ ‬إيجابية‭ ‬ومبشرة‭ ‬ونافذة‭ ‬جديدة‭ ‬على‭ ‬التعاون‭ ‬الدولي‭ ‬خارج‭ ‬هيمنة‭ ‬وسيطرة‭ ‬الغرب‭ ‬الجماعي،‭ ‬كما‭ ‬يسميه‭ ‬الروس،‭ ‬مما‭ ‬يبشر‭ ‬بتقوية‭ ‬هذا‭ ‬المحور‭ ‬الذي‭ ‬سوف‭ ‬يكسر‭ ‬الاحتكار‭ ‬الغربي‭ ‬للاقتصاد‭ ‬العالمي‭.‬

ومن‭ ‬المهم‭ ‬أيضا‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬حجم‭ ‬الحضور‭ ‬والمشاركة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المنتدى‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬أهمية‭ ‬عن‭ ‬المنتديات‭ ‬المماثلة‭ ‬التي‭ ‬تنظمها‭ ‬الدول‭ ‬الغربية،‭ ‬حيث‭ ‬بلغ‭ ‬عدد‭ ‬المشاركين‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المنتدى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬10‭ ‬آلاف‭ ‬من‭ ‬بينهم‭ ‬رؤساء‭ ‬دول‭ ‬ووزراء‭ ‬بل‭ ‬شارك‭ ‬فيه‭ ‬45‭ ‬مسؤولا‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬بينهم‭ ‬وزير‭ ‬الطاقة‭ ‬السعودي‭ ‬ووزير‭ ‬التجارة‭ ‬العماني‭ ‬ووزير‭ ‬الصناعة‭ ‬والتجارة‭ ‬البحريني‭ ‬وعدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬المسؤولين‭ ‬من‭ ‬بلدان‭ ‬أخرى‭ ‬مثل‭ ‬الجزائر‭ ‬وجنوب‭ ‬إفريقيا‭ ‬والبرازيل‭ ‬والهند‭ ‬والصين‭.‬

إن‭ ‬هذا‭ ‬التشكل‭ ‬الجديد‭ ‬للعالم‭ ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬منتدى‭ ‬سانت‭ ‬بيترسبورغ‭ ‬ليس‭ ‬جديدا‭ ‬وليس‭ ‬الرد‭ ‬الأمثل‭ ‬على‭ ‬العزلة‭ ‬التي‭ ‬تحاول‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬فرضها‭ ‬على‭ ‬روسيا،‭ ‬فإنه‭ ‬أعطى‭ ‬الأمل‭ ‬بإمكانية‭ ‬بناء‭ ‬التعاون‭ ‬والاستثمار‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬جديدة‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬ضمنها‭ ‬الهيمنة‭ ‬ولا‭ ‬استعمار‭ ‬واستغلال‭ ‬للموارد‭. ‬وقد‭ ‬كانت‭ ‬الصفقات‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬التوقيع‭ ‬عليها‭ ‬هائلة،‭ ‬إذ‭ ‬استفادت‭ ‬منها‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬الاستهلاك‭ ‬من‭ ‬المواد‭ ‬الزراعية‭ ‬والقمح‭ ‬والزيوت‭ ‬النباتية‭ ‬والاستفادة‭ ‬أيضا‭ ‬من‭ ‬التعاون‭ ‬الصحي‭ ‬والعلمي‭ ‬ومختلف‭ ‬الجوانب‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬روسيا‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة‭ ‬على‭ ‬تطويرها‭ ‬مع‭ ‬أغلب‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬خارج‭ ‬الهيمنة‭ ‬الغربية‭ ‬التي‭ ‬تنعم‭ ‬بخيرات‭ ‬سكان‭ ‬العالم‭ ‬تقريبا‭.‬

إننا‭ ‬في‭ ‬الخلاصة‭ ‬نصل‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬بدأنا‭ ‬به‭ ‬هذا‭ ‬المقال‭ ‬وهو‭ ‬الحاجة‭ ‬الماسة‭ ‬إلى‭ ‬فك‭ ‬الحصار‭ ‬الغربي‭ ‬عن‭ ‬دولنا‭ ‬تماما،‭ ‬ولكن‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬ذلك‭ ‬أبدا‭ ‬أن‭ ‬دولنا‭ ‬سوف‭ ‬تنقلب‭ ‬على‭ ‬تعاونها‭ ‬أو‭ ‬اتفاقاتها‭ ‬المشتركة‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬الغربية،‭ ‬ولكن‭ ‬المقصود‭ ‬تحديدا‭ ‬هو‭ ‬تنويع‭ ‬الشراكات‭ ‬بشكل‭ ‬جدي‭ ‬مع‭ ‬مختلف‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬بما‭ ‬يمنح‭ ‬دولنا‭ ‬المرونة‭ ‬اللازمة‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬الاستثمار‭ ‬والتعاون‭ ‬الاقتصادي‭ ‬وما‭ ‬يمنح‭ ‬دولنا‭ ‬أيضا‭ ‬قوة‭ ‬أكبر‭ ‬وصمودا‭ ‬أكبر‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الضغوط‭ ‬الغربية‭ ‬التي‭ ‬تمارس‭ ‬على‭ ‬دولنا‭ ‬بحيث‭ ‬تصبح‭ ‬مختلف‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬مستفيدة‭ ‬من‭ ‬الشرق‭ ‬ومن‭ ‬الغرب‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء،‭ ‬لأن‭ ‬التجارب‭ ‬السابقة‭ ‬أثبتت‭ ‬مخاطر‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬جهة‭ ‬واحدة‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تنقلب‭ ‬عليك‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬لحظة‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا