العدد : ١٦٨٩٩ - السبت ٢٩ يونيو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ ذو الحجة ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٩٩ - السبت ٢٩ يونيو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ ذو الحجة ١٤٤٥هـ

قضايا و آراء

مـهـارات التـميـز الإداري والتـحسيـن المستمر لتطويـر أداء المـوظـف والمسـؤول (1)

بقلم: د. زكريا الخنجي

الأحد ٢٣ يونيو ٢٠٢٤ - 02:00

أن‭ ‬نتميز‭ ‬إداريًا‭ ‬ووظيفيًا،‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬يعني‭ ‬بكل‭ ‬بساطة‭ ‬أن‭ ‬نتفوق‭ ‬تنظيميا،‭ ‬بمعنى‭ ‬آخر‭ ‬أن‭ ‬نكون‭ ‬الأفضل‭ ‬تنظيميا‭ ‬بين‭ ‬المؤسسات،‭ ‬سواء‭ ‬المنافسة‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭.‬

والتميز‭ ‬ببساطة‭ ‬يعني‭ ‬عملية‭ ‬ممنهجة‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬أفضل‭ ‬النتائج‭ ‬وتحسين‭ ‬الأداء‭ ‬بشكل‭ ‬مستمر،‭ ‬وتتطلب‭ ‬اعتماد‭ ‬أساليب‭ ‬وأدوات‭ ‬محددة‭ ‬لتحقيق‭ ‬التفوق‭ ‬والتميز‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬جوانب‭ ‬العمل،‭ ‬وكذلك‭ ‬فإن‭ ‬إدارة‭ ‬التميز‭ ‬هي‭ ‬عملية‭ ‬شاملة‭ ‬تستهدف‭ ‬تحسين‭ ‬الأداء‭ ‬وتحقيق‭ ‬النتائج‭ ‬الممتازة‭ ‬في‭ ‬المؤسسات،‭ ‬وتعتمد‭ ‬هذه‭ ‬العملية‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬استراتيجيات‭ ‬مبتكرة‭ ‬واستخدام‭ ‬أدوات‭ ‬فعالة‭ ‬لتحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬الجودة‭ ‬والكفاءة‭ ‬والتفوق،‭ ‬وترتكز‭ ‬إدارة‭ ‬التميز‭ ‬على‭ ‬فهم‭ ‬احتياجات‭ ‬العملاء‭ ‬وتوقعاتهم،‭ ‬وتسعى‭ ‬لتقديم‭ ‬منتجات‭ ‬وخدمات‭ ‬ممتازة‭ ‬تفوق‭ ‬تلك‭ ‬المقدمة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المنافسين‭.‬

يقول‭ ‬علي‭ ‬شاهين‭ ‬في‭ ‬ورقته‭ (‬إدارة‭ ‬الجودة‭ ‬الشاملة‭ ‬وأنظمتها‭ ‬في‭ ‬نجاح‭ ‬المنظمة‭ ‬والمنتج‭) ‬التي‭ ‬نشرت‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ (‬العلوم‭ ‬الإنسانية‭ ‬والإدارية‭) ‬إن‭ ‬التميز‭ ‬مطلب‭ ‬حيوي‭ ‬للحياة‭ ‬المعاصرة،‭ ‬والمستقبلية،‭ ‬وبه‭ ‬نضمن‭ ‬جودة‭ ‬الأداء،‭ ‬ورقي‭ ‬النواتج،‭ ‬ومن‭ ‬خلاله‭ ‬نتمكن‭ ‬من‭ ‬الحكم‭ ‬على‭ ‬أداء‭ ‬الأفراد‭. ‬وإذا‭ ‬كان‭ ‬تجويد‭ ‬العمل‭ ‬والوصول‭ ‬به‭ ‬إلى‭ ‬التميز‭ ‬مطلب‭ ‬حياتي‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬فإنه‭ ‬ألزم‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬التربوي‭ ‬هو‭ ‬السبيل‭ ‬المضمون‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬الريادة‭ ‬والرقي‭ ‬المجتمعي‭.‬

ويعتبر‭ ‬إدارة‭ ‬التميز‭ ‬من‭ ‬المداخل‭ ‬الإدارية‭ ‬المهمة‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬الأداء‭ ‬المؤسسي،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬بعد‭ ‬‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬الموضوعات‭ ‬الإدارية‭ ‬الحديثة‭ ‬القادرة‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬المزايا‭ ‬التنافسية‭ ‬والتطوير‭ ‬الدائم‭ ‬وسط‭ ‬بيئة‭ ‬الأعمال‭ ‬التي‭ ‬تتميز‭ ‬بالتغيرات‭ ‬السريعة‭ ‬والمتلاحقة‭.‬

ولعلنا‭ ‬وجدنا‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المنهجيات‭ ‬والطرق‭ ‬والأساليب‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬استخدامها‭ ‬لتنفيذ‭ ‬وتطوير‭ ‬التميز‭ ‬الإداري‭ ‬والتنظيمي‭ ‬في‭ ‬المؤسسات،‭ ‬منها‭ ‬بعض‭ ‬الأنظمة‭ ‬الأمريكية‭ ‬والأوربية‭ ‬والسنغافورية‭ ‬واليابانية‭ ‬وغيرها،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬شرح‭ ‬طويل،‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬كل‭ ‬طريقة‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬مقال‭ ‬قائم‭ ‬بذاته،‭ ‬وهذا‭ ‬صعب،‭ ‬لذلك‭ ‬وجدنا‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬المناسب‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الجزء‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬المقال‭ ‬أن‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬بعض‭ ‬الأمور‭ ‬أو‭ ‬القواعد‭ ‬الأساسية‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬التفكير‭ ‬فيها‭ ‬قبل‭ ‬البدء‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬وتحقيق‭ ‬التميز‭ ‬الإداري‭ ‬والتنظيمي‭ ‬في‭ ‬المؤسسات،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نستعرض‭ ‬بعضًا‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬المنهجيات‭ ‬وما‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭. ‬

إلا‭ ‬أنه‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬معلومًا‭ ‬أن‭ ‬التميز‭ ‬الإداري‭ ‬والتنظيمي‭ ‬ليس‭ ‬هو‭ ‬الهدف‭ ‬النهائي،‭ ‬وإنما‭ ‬الهدف‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬التميز‭ ‬الإداري‭ ‬والتنظيمي‭ ‬هو‭ ‬تحقيق‭ ‬التفوق‭ ‬التنظيمي‭ ‬والمؤسسي‭ ‬والذي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تحقيقه‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تطوير‭ ‬أداء‭ ‬الموظف‭ ‬والمسؤول،‭ ‬لذلك‭ ‬فإنه‭ ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول‭ ‬نحتاج‭ ‬إلى‭ ‬التميز‭ ‬الإداري‭ ‬والتنظيمي‭ ‬والذي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬بالطرق‭ ‬التالية‭:‬

إيجاد‭ ‬المسؤول‭ ‬الإداري‭ ‬القائد؛‭ ‬قلنا‭ ‬عدة‭ ‬مرات،‭ ‬وربما‭ ‬قال‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬علماء‭ ‬الإدارة‭ ‬إن‭ ‬المؤسسات‭ ‬لا‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬مسؤول‭ ‬إداري‭ ‬فقط،‭ ‬وإنما‭ ‬هي‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬مسؤول‭ ‬إداري‭ ‬قائد،‭ ‬بمعنى‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هذا‭ ‬المسؤول‭ ‬يتمتع‭ ‬بالذكاء‭ ‬الإداري،‭ ‬والذي‭ ‬يوازن‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬مهنته‭ ‬كمسؤول‭ ‬ووظيفته‭ ‬كقائد،‭ ‬ففي‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭ ‬يمارس‭ ‬صلاحياته‭ ‬ويتصرف‭ ‬كمسؤول‭ ‬إداري؛‭ ‬يعاقب‭ ‬ويكافئ‭ ‬ويطالب‭ ‬الموظفين‭ ‬بإنجاز‭ ‬المهام‭ ‬وما‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬وفي‭ ‬أحيان‭ ‬أخرى‭ ‬يحاول‭ ‬أن‭ ‬يتواصل‭ ‬مع‭ ‬الموظفين‭ ‬ويشعر‭ ‬بهم‭ ‬وبمشاكلهم‭ ‬وأن‭ ‬يحدد‭ ‬معهم‭ ‬الأهداف‭ ‬ويسعى‭ ‬معهم‭ ‬لتنفيذ‭ ‬تحقيق‭ ‬تلك‭ ‬الأهداف،‭ ‬فقد‭ ‬وجدنا‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬المسؤولين‭ ‬يجلس‭ ‬في‭ ‬مكتبه‭ ‬المكيف‭ ‬ويطالب‭ ‬الموظفين‭ ‬بتحقيق‭ ‬بعض‭ ‬الأعمال‭ ‬في‭ ‬مواقع‭ ‬العمل‭ ‬البعيدة،‭ ‬ولا‭ ‬يحاول‭ ‬أن‭ ‬يفهم‭ ‬طبيعة‭ ‬العمل‭ ‬وكيفية‭ ‬تحقيقه،‭ ‬وعندما‭ ‬يتأخر‭ ‬العمل‭ ‬بسبب‭ ‬أو‭ ‬لآخر‭ ‬فإنه‭ ‬يقوم‭ ‬بتوبيخهم‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬بمعاقبتهم،‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬وجدنا‭ ‬بعض‭ ‬المسؤولين‭ ‬الذين‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬يبادر‭ ‬بأخذ‭ ‬زمام‭ ‬الأمور،‭ ‬ويبدأ‭ ‬بنفسه‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬اليدوي،‭ ‬مما‭ ‬يشجع‭ ‬بقية‭ ‬الموظفين‭ ‬على‭ ‬العمل‭.‬

البناء‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬للمؤسسة؛‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬العمل‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬هذا‭ ‬البناء،‭ ‬فالعمل‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬للمؤسسة‭ ‬رؤية‭ ‬ورسالة‭ ‬وأهداف‭ ‬طويلة‭ ‬وقصيرة‭ ‬المدى،‭ ‬وبرنامج‭ ‬عمل‭ ‬بنيت‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأهداف،‭ ‬بمعنى‭ ‬أن‭ ‬تعمل‭ ‬المؤسسة‭ ‬وفق‭ ‬المنهجية‭ ‬المؤسسية‭ ‬وليست‭ ‬العشوائية‭. ‬إن‭ ‬وجود‭ ‬هذا‭ ‬البناء‭ ‬في‭ ‬المؤسسة‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬سريان‭ ‬الشعور‭ ‬بالرضا‭ ‬والسعادة‭ ‬بين‭ ‬الموظفين‭ ‬من‭ ‬طرف،‭ ‬والثقة‭ ‬المتبادلة‭ ‬بين‭ ‬الموظف‭ ‬والمسؤول‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬آخر،‭ ‬ليس‭ ‬ذلك‭ ‬فحسب‭ ‬وإنما‭ ‬في‭ ‬التنظيم‭ ‬الهرمي‭ ‬تصل‭ ‬الثقة‭ ‬إلى‭ ‬رأس‭ ‬الهرم‭ ‬وفي‭ ‬الإدارة‭ ‬العليا‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬أساسًا‭ ‬جزء‭ ‬أساسي‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الهرم،‭ ‬فرأس‭ ‬الهرم‭ ‬لا‭ ‬يمكنه‭ ‬أن‭ ‬يعمل‭ ‬بمعزل‭ ‬عن‭ ‬القاعدة،‭ ‬وكذلك‭ ‬فإن‭ ‬القاعدة‭ ‬لا‭ ‬يمكنها‭ ‬أن‭ ‬تعمل‭ ‬بالجودة‭ ‬المطلوبة‭ ‬إلا‭ ‬بوجود‭ ‬رأس‭ ‬هرم‭ ‬متفهم‭ ‬وقيادي‭.‬

الحوكمة؛‭ ‬قلنا‭ ‬في‭ ‬مقال‭ ‬سابق‭ ‬إن‭ ‬الحوكمة‭ ‬تعني‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬القوانين‭ ‬والقواعد‭ ‬والإجراءات‭ ‬التي‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬الجودة‭ ‬والتميز‭ ‬في‭ ‬الأداء‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬اختيار‭ ‬الأساليب‭ ‬الصحيحة‭ ‬والفعّالة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إدارة‭ ‬المؤسسة‭ ‬وتحقيق‭ ‬أهدافها،‭ ‬بمعنى‭ ‬اتباع‭ ‬نظام‭ ‬معين‭ ‬للتحكم‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬الأطراف‭ ‬الأساسية‭ ‬التي‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬أداء‭ ‬المؤسسة،‭ ‬مما‭ ‬يُساعد‭ ‬على‭ ‬تنظيم‭ ‬العمل‭ ‬وتحديد‭ ‬المسؤوليات‭ ‬لتحقيق‭ ‬الأهداف‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل‭. ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬بصورة‭ ‬عامة‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬لدى‭ ‬المؤسسة‭ ‬حتى‭ ‬تحقق‭ ‬التميز‭ ‬الإداري‭ ‬والتنظيمي‭ ‬قواعد‭ ‬ومبادئ‭ ‬واضحة‭ ‬وشفافة‭ ‬لضمان‭ ‬المراقبة‭ ‬والعدالة‭ ‬والشفافية‭. ‬فلا‭ ‬يمكن‭ ‬تحقيق‭ ‬العدالة‭ ‬والمؤسسة‭ ‬تمارس‭ ‬الازدواجية‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬بين‭ ‬الموظفين،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬تحقيق‭ ‬الشفافية‭ ‬والمؤسسة‭ ‬لا‭ ‬تقوم‭ ‬بتوزيع‭ ‬الأدوار‭ ‬والمسؤوليات‭ ‬وفق‭ ‬الكفاءات‭ ‬المهنية‭ ‬والعلمية‭ ‬وإنما‭ ‬تقوم‭ ‬بتوزيعها‭ ‬وفق‭ ‬الأهواء‭ ‬والمصاهرة‭.‬

خدمة‭ ‬العملاء؛‭ ‬قلنا‭ ‬عدة‭ ‬مرات،‭ ‬أنه‭ ‬عندما‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬العملاء‭ ‬فإننا‭ ‬نتكلم‭ ‬عن‭ ‬نوعين‭ ‬من‭ ‬العملاء؛‭ ‬العملاء‭ ‬الداخلون‭ ‬والعملاء‭ ‬الخارجون،‭ ‬والعملاء‭ ‬الداخلون‭ ‬هم‭ ‬الموظفون،‭ ‬والعملاء‭ ‬الخارجون‭ ‬هم‭ ‬العملاء‭ ‬الذي‭ ‬يتعاملون‭ ‬مع‭ ‬المؤسسة‭ ‬من‭ ‬خارج‭ ‬المؤسسة‭. ‬وجدنا‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬المؤسسات‭ ‬تهتم‭ ‬اهتمامًا‭ ‬منقطع‭ ‬النظير‭ ‬بالعميل‭ ‬الخارجي‭ ‬فتوفر‭ ‬له‭ ‬كل‭ ‬المتطلبات‭ ‬التي‭ ‬يحتاج‭ ‬إليها‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يفكر‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬احتياج‭ ‬إليها،‭ ‬وكذلك‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬توفر‭ ‬له‭ ‬كل‭ ‬المتطلبات‭ ‬حتى‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يحتاجها،‭ ‬ولكنها‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬تنسى‭ ‬الموظف‭ ‬الذي‭ ‬يعيش‭ ‬في‭ ‬المؤسسة،‭ ‬فيشعر‭ ‬بالإهمال‭ ‬بل‭ ‬وفي‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان‭ ‬بالظلم‭ ‬والإهانة‭ ‬والتهميش،‭ ‬لذلك‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬الموظف‭ ‬الذي‭ ‬يعيش‭ ‬هذا‭ ‬التهميش‭ ‬فإنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬بأي‭ ‬حال‭ ‬من‭ ‬الأحوال‭ ‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬بخدمة‭ ‬العميل‭ ‬الخارجي‭ ‬أيًا‭ ‬كان‭ ‬طلبه،‭ ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬فشل‭ ‬المؤسسة‭ ‬يكون‭ ‬واضحًا‭ ‬للعيان،‭ ‬ومن‭ ‬الحتمية‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسة‭ ‬لن‭ ‬تتمكن‭ ‬من‭ ‬التميز‭ ‬الإداري‭ ‬والتنظيمي،‭ ‬لذلك‭ ‬فإنه‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬أن‭ ‬نفكر‭ ‬في‭ ‬طرفي‭ ‬المعادلة،‭ ‬فعندما‭ ‬يشعر‭ ‬الموظف‭ ‬بالسعادة‭ ‬والرضا‭ ‬الوظيفي‭ ‬فإنه‭ ‬سوف‭ ‬يسعد‭ ‬العميل‭ ‬الخارجي‭ ‬فتتحقق‭ ‬المعادلة‭ ‬المطلوبة‭.‬

منهجية‭ ‬التقييم‭ ‬والتقويم؛‭ ‬من‭ ‬حق‭ ‬المؤسسة‭ ‬أنها‭ ‬تقوم‭ ‬بعمليات‭ ‬المراجعة‭ ‬وتقييم‭ ‬الأداء‭ ‬بصورة‭ ‬عامة‭ ‬وأداء‭ ‬الموظفين‭ ‬والإداريين‭ ‬وكل‭ ‬من‭ ‬يعمل‭ ‬ضمن‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسة،‭ ‬وكذلك‭ ‬من‭ ‬حقها‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬بعملية‭ ‬تقويم‭ ‬لكل‭ ‬أداء‭ ‬يقل‭ ‬مستواه‭ ‬عن‭ ‬المستوى‭ ‬المرجو،‭ ‬وهذا‭ ‬لا‭ ‬خلاف‭ ‬فيه‭. ‬ولكن‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نفهم‭ ‬أمرين‭ ‬حول‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭: ‬أحدهما،‭ ‬أن‭ ‬عملية‭ ‬التقييم‭ ‬والتقويم‭ ‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬يكونا‭ ‬سيفًا‭ ‬مسلطًا‭ ‬على‭ ‬رقاب‭ ‬الموظفين‭ ‬والمسؤولين‭ ‬يستخدمها‭ ‬المسؤول‭ ‬الإداري‭ ‬بطريقة‭ ‬مستفزة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إهانة‭ ‬البشر‭ ‬وإخضاعهم‭ ‬وابتزازهم،‭ ‬وإنما‭ ‬هي‭ ‬تستخدم‭ ‬بهدف‭ ‬تطوير‭ ‬العمل‭ ‬المؤسسي‭ ‬من‭ ‬ناحية،‭ ‬وثانيهما،‭ ‬أن‭ ‬الموظف‭ ‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬يشعر‭ ‬أن‭ ‬التقييم‭ ‬والتقويم‭ ‬ما‭ ‬هما‭ ‬إلا‭ ‬مصيدة‭ ‬تحاول‭ ‬به‭ ‬المؤسسة‭ ‬أن‭ ‬تتصيد‭ ‬عليه‭ ‬الأخطاء‭ ‬حتى‭ ‬تحاسبه‭ ‬وتقضي‭ ‬على‭ ‬طموحاته‭ ‬وتفكيره‭ ‬الإبداعي،‭ ‬لذلك‭ ‬فإن‭ ‬عملية‭ ‬التقييم‭ ‬والتقويم‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تتم‭ ‬وفق‭ ‬منظومة‭ ‬منهجية‭ ‬ووفق‭ ‬دراسات‭ ‬واضحة‭ ‬وشفافة‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يشعر‭ ‬أحد‭ ‬أنه‭ ‬مقصود‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أقصاءه‭ ‬أو‭ ‬تهميشه‭. ‬وكذلك‭ ‬فإن‭ ‬على‭ ‬المؤسسة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تكتشف‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬هاتين‭ ‬العمليتين‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬قصور‭ ‬في‭ ‬الأداء‭ ‬العام‭ ‬فإنه‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬تضع‭ ‬برنامج‭ ‬لتطوير‭ ‬الأداء‭ ‬المؤسسة‭ ‬لجميع‭ ‬الذي‭ ‬يحتاجون‭ ‬إلى‭ ‬تطوير‭ ‬الأداء‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التدريب‭ ‬والتعليم‭.‬

منهاج‭ ‬الاستدامة؛‭ ‬نعرف‭ ‬أن‭ ‬الاستدامة‭ ‬تعني‭ ‬بقاء‭ ‬التميز‭ ‬واستمراره‭ ‬في‭ ‬أداء‭ ‬المؤسسة‭ ‬وأداء‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬المؤسسة‭ ‬من‭ ‬موظفين‭ ‬ومسؤولين‭. ‬فربما‭ ‬قامت‭ ‬مؤسسة‭ ‬ما‭ ‬بالعمل‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬النقاط‭ ‬السابقة‭ ‬الذكر،‭ ‬لكنها‭ ‬بعد‭ ‬عدة‭ ‬سنوات‭ ‬وجدت‭ ‬نفسها‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬البقاء‭ ‬والاستمرار‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬التميز،‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬المؤسسات‭ ‬قامت‭ ‬بالتغلب‭ ‬عليها‭ ‬ودفعت‭ ‬بها‭ ‬نحو‭ ‬قاع‭ ‬السلم‭ ‬في‭ ‬منظومة‭ ‬التميز‭ ‬الإداري‭ ‬والوظيفي‭ ‬والمؤسسي،‭ ‬وربما‭ ‬يقول‭ ‬أحدنا‭ ‬إن‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬طبيعي،‭ ‬ونحن‭ ‬نقول‭ ‬كذلك،‭ ‬إذ‭ ‬ربما‭ ‬ينخفض‭ ‬مؤشر‭ ‬الأداء‭ ‬لدى‭ ‬مؤسستك‭ ‬فتنزل‭ ‬درجة‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬درجتين‭ ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬الأمر‭ ‬الطبيعي،‭ ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬الطبيعي‭ ‬أن‭ ‬يلغى‭ ‬وجودك‭ ‬ويتم‭ ‬تهديد‭ ‬بقائه‭ ‬في‭ ‬منظومة‭ ‬المتميزين‭. ‬لذلك‭ ‬فإن‭ ‬على‭ ‬المؤسسات‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬وفق‭ ‬منظومة‭ ‬التميز‭ ‬الإداري‭ ‬والتنظيمي‭ ‬أن‭ ‬تفكر‭ ‬في‭ ‬الاستدامة،‭ ‬وتعمل‭ ‬وفق‭ ‬ذلك،‭ ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬البناء‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬وبقية‭ ‬الأمور‭ ‬التي‭ ‬ذكرت‭ ‬سابقًا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تبنى‭ ‬وفق‭ ‬منظومة‭ ‬الاستدامة،‭ ‬وإلا‭ ‬فإنه‭ ‬لا‭ ‬داع‭ ‬للتفكير‭ ‬في‭ ‬التميز‭ ‬الإداري‭ ‬والتنظيمي‭ ‬من‭ ‬الأساس‭.‬

التحسين‭ ‬المستمر؛‭ ‬نعلم‭ ‬اليوم‭ ‬ماذا‭ ‬يعني‭ ‬مفهوم‭ ‬التحسين‭ ‬المستمر‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬المؤسسات‭ ‬التي‭ ‬تحاول‭ ‬أن‭ ‬تحقق‭ ‬التميز‭ ‬الإداري‭ ‬والتنظيمي،‭ ‬وهذا‭ ‬موضوع‭ ‬سنتحدث‭ ‬فيه‭ ‬لاحقًا،‭ ‬ولكن‭ ‬الذي‭ ‬أود‭ ‬أن‭ ‬أقوله‭ ‬هنا‭ ‬أنه‭ ‬ينبغي‭ ‬على‭ ‬المسؤول‭ ‬الإداري‭ ‬القائد‭ ‬والمؤسسات‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬وفق‭ ‬هذه‭ ‬المنظومة‭ ‬أو‭ ‬الراغبة‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬تضع‭ ‬في‭ ‬تفكيرها‭ ‬منهجية‭ ‬التحسين‭ ‬المستمر‭ (‬الكايزن‭)‬،‭ ‬وأن‭ ‬تنشر‭ ‬لا‭ ‬بل‭ ‬وتزرع‭ ‬ثقافة‭ ‬التحسين‭ ‬المستمر‭ ‬بين‭ ‬كل‭ ‬موظفي‭ ‬المؤسسة‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مستوى‭ ‬كانوا،‭ ‬لأن‭ ‬هذه‭ ‬المنهجية‭ ‬ستسهم‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬المؤسسة‭ ‬بصورة‭ ‬منهجية‭ ‬تصاعدية‭ ‬لا‭ ‬يشعر‭ ‬بها‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬يعايشها‭ ‬ويرغب‭ ‬بالفعل‭ ‬في‭ ‬التطوير‭ ‬والتغيير،‭ ‬والتميز‭ ‬الإداري‭ ‬والتنظيمي‭.‬

هذه‭ ‬بعض‭ ‬القواعد‭ ‬التي‭ ‬وجدنا‭ ‬أن‭ ‬تسهم‭ ‬بطريقة‭ ‬أو‭ ‬بأخرى‭ ‬في‭ ‬التميز،‭ ‬ولنا‭ ‬لقاء‭ ‬آخر‭.‬

‭ ‬Zkhunji@hotmail‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا