زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
ليست جلافة ولا هي لطافة
أدرك تماما أن مقالاتي الصحفية التي تنشر باسم زاوية غائمة أو زاوية منفرجة أو زاوية حادة أو زاوية معكوسة، لا تحمل سمة سياسية أو ثقافية معينة، بل إن كثيرين يعتبرونها «شخصانية» أي أنني كثيرا ما أتناول فيها أمورا شخصية وعائلية، ولكن ليس من باب التطبيل للنفس، بل بطرح نفسي وعائلتي كرموز اجتماعية، وبحمد الله لا أعتبر نفسي شخصا في أهمية أبوبكر البغدادي أو حتى عمرو دياب، أو حتى شعبان عبدالرحيم، بل أقصد إنني، وخاصة في القضايا الاجتماعية أفضفض عن هموم خاصة، (ذات إسقاطات عامة)، وقد اكتسبت هذه العادة من الكتابة في الصحف الخليجية، فلأنني مقيم في المنطقة منذ العصر العثماني، فإن معارفي فيها كثيرون، ومن ثم فإن بعض مقالاتي في صحفها تكون أحيانا شخصانية للغاية.
مثلا عندما أعرف أنني سألزم سرير المستشفى «لوعكة طارئة لم تمهله طويلا»!! فإنني أكتب بوضوح قائلا: يا ويل من لا يزورني في المستشفى. ويا ظلام ليل من يزورني هناك بعد 10 مساء وقبل 10 صباحا. وأعلن بكل بجاحة أنني أتشاءم من الورود، لأنني أراها على الشاشات موضوعة على القبور، ومن ثم فإن من يأتيني في المستشفى حاملا باقة ورد سيتعرض لمعاملة باردة وسخيفة. وبالتالي فمن المستحسن وضع قيمة باقة الورد تحت مخدة سريري في المستشفى.
قبل يوم من حلول شهر رمضان الفضيل المنصرم كتبت في صفحتي في فيسبوك قائلا إن برنامج عائلتي في رمضان وشوال وذي القعدة ونيسان ورأس السنة ومؤخرتها، «سيم سيم»، لا تغيير فيه، وإنني لا أرحب بالزيارات في أوقات متأخرة من الليل، (يعني بعد التاسعة والنصف ليلا)، وكانت النتيجة إيجابية، فقد تلقيت العديد من المكالمات الهاتفية: كنا نريد أن نزوركم لنبارك لكم الشهر، ولكنك كتبت قائلا إن زيارتكم بعد التاسعة والنصف مساء ممنوعة، بينما برنامجنا المسائي في رمضان يبدأ بعد الحادية عشرة ليلا!!
يحسب من يقولون لي ذلك أنني سأحس بالذنب لخروجي عن البدعة الاجتماعية التي تجعل من رمضان شهرا للخروج عن مألوف مواقيت وآداب التزاور والتواصل!! والذين عاتبوني هاتفيا بأسلوب غير مباشر كانوا في منتهى الذوق واللطف، مقارنة بمن قرروا زيارتنا في وقت مبكر من المساء (لأننا نعرف أنكم تنامون مبكرين)، ثم يجلسون يتكلمون في الفاضي والمليان حتى منتصف الليل أو بعده بقليل أو كثير!! وقلت مرارا إنني ضد قتل الوقت، لأنني أدرك أن الوقت الذي هو الزمن الذي يقودنا إلى القبور.
قد يرى بعضكم في كلامي هذا جلافة وقلة ذوق! ومع هؤلاء البعض، بعض الحق، فقد نشأنا جميعا على مجاملة الآخرين على حساب ارتباطاتنا والتزاماتنا المهنية الرسمية والاجتماعية. ولكنني بكل صراحة «تعبت»، ولم أعد أتردد في ممارسة ما يعتبره البعض ومن بينهم زوجتي جلافة، فعندما يتصل بي شخص ما ليقول إنه سيزورني في الساعة كذا، فإنني قد أطلب منه بكل ذوق أن يؤجل زيارته إلى وقت آخر لأنني «مرتبط»، أو «مرهق»، وبات معظم من يعرفونني جيدا يتقبلون مثل تلك الأعذار عن طيب خاطر لأنهم يعرفون «معزَّتهم» عندي، ويعرفون أنني لا أجامل في أمور معينة، ولكن يبلغني أحيانا أن فلانا قال: كنا نريد زيارة جعفر ولكنه طردنا أو منعنا! والله المسألة ليس فيها طرد أو منع، وأنا لا أزور أحدا دون سابق «موعد» ولا أدخل بيت شخص (إلا للعزاء الطارئ والمفاجئ) بعد التاسعة مساء. وإذا وجدت الشخص الذي أزوره كاشخا متأنقا مما يوحي بأنه كان على وشك الخروج من بيته، فإنني أرغمه على الصوم لأنني أرفض الجلوس عنده فيحلف بالطلاق أن أجلس فأتمسك بالرفض.. فيكون أمامه خيار الصوم تفاديا للطلاق.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك