العدد : ١٦٩٧٠ - الأحد ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٧٠ - الأحد ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

ليست جلافة ولا هي لطافة

أدرك‭ ‬تماما‭ ‬أن‭ ‬مقالاتي‭ ‬الصحفية‭ ‬التي‭ ‬تنشر‭ ‬باسم‭ ‬زاوية‭ ‬غائمة‭ ‬أو‭ ‬زاوية‭ ‬منفرجة‭ ‬أو‭ ‬زاوية‭ ‬حادة‭ ‬أو‭ ‬زاوية‭ ‬معكوسة،‭ ‬لا‭ ‬تحمل‭ ‬سمة‭ ‬سياسية‭ ‬أو‭ ‬ثقافية‭ ‬معينة،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬كثيرين‭ ‬يعتبرونها‭ ‬‮«‬شخصانية‮»‬‭ ‬أي‭ ‬أنني‭ ‬كثيرا‭ ‬ما‭ ‬أتناول‭ ‬فيها‭ ‬أمورا‭ ‬شخصية‭ ‬وعائلية،‭ ‬ولكن‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬التطبيل‭ ‬للنفس،‭ ‬بل‭ ‬بطرح‭ ‬نفسي‭ ‬وعائلتي‭ ‬كرموز‭ ‬اجتماعية،‭ ‬وبحمد‭ ‬الله‭ ‬لا‭ ‬أعتبر‭ ‬نفسي‭ ‬شخصا‭ ‬في‭ ‬أهمية‭ ‬أبوبكر‭ ‬البغدادي‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬عمرو‭ ‬دياب،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬شعبان‭ ‬عبدالرحيم،‭ ‬بل‭ ‬أقصد‭ ‬إنني،‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬القضايا‭ ‬الاجتماعية‭ ‬أفضفض‭ ‬عن‭ ‬هموم‭ ‬خاصة،‭ (‬ذات‭ ‬إسقاطات‭ ‬عامة‭)‬،‭ ‬وقد‭ ‬اكتسبت‭ ‬هذه‭ ‬العادة‭ ‬من‭ ‬الكتابة‭ ‬في‭ ‬الصحف‭ ‬الخليجية،‭ ‬فلأنني‭ ‬مقيم‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬منذ‭ ‬العصر‭ ‬العثماني،‭ ‬فإن‭ ‬معارفي‭ ‬فيها‭ ‬كثيرون،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬فإن‭ ‬بعض‭ ‬مقالاتي‭ ‬في‭ ‬صحفها‭ ‬تكون‭ ‬أحيانا‭ ‬شخصانية‭ ‬للغاية‭.‬

مثلا‭ ‬عندما‭ ‬أعرف‭ ‬أنني‭ ‬سألزم‭ ‬سرير‭ ‬المستشفى‭ ‬‮«‬لوعكة‭ ‬طارئة‭ ‬لم‭ ‬تمهله‭ ‬طويلا‮»‬‭!! ‬فإنني‭ ‬أكتب‭ ‬بوضوح‭ ‬قائلا‭: ‬يا‭ ‬ويل‭ ‬من‭ ‬لا‭ ‬يزورني‭ ‬في‭ ‬المستشفى‭. ‬ويا‭ ‬ظلام‭ ‬ليل‭ ‬من‭ ‬يزورني‭ ‬هناك‭ ‬بعد‭ ‬10‭ ‬مساء‭ ‬وقبل‭ ‬10‭ ‬صباحا‭. ‬وأعلن‭ ‬بكل‭ ‬بجاحة‭ ‬أنني‭ ‬أتشاءم‭ ‬من‭ ‬الورود،‭ ‬لأنني‭ ‬أراها‭ ‬على‭ ‬الشاشات‭ ‬موضوعة‭ ‬على‭ ‬القبور،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬فإن‭ ‬من‭ ‬يأتيني‭ ‬في‭ ‬المستشفى‭ ‬حاملا‭ ‬باقة‭ ‬ورد‭ ‬سيتعرض‭ ‬لمعاملة‭ ‬باردة‭ ‬وسخيفة‭. ‬وبالتالي‭ ‬فمن‭ ‬المستحسن‭ ‬وضع‭ ‬قيمة‭ ‬باقة‭ ‬الورد‭ ‬تحت‭ ‬مخدة‭ ‬سريري‭ ‬في‭ ‬المستشفى‭.‬

قبل‭ ‬يوم‭ ‬من‭ ‬حلول‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬الفضيل‭ ‬المنصرم‭ ‬كتبت‭ ‬في‭ ‬صفحتي‭ ‬في‭ ‬فيسبوك‭ ‬قائلا‭ ‬إن‭ ‬برنامج‭ ‬عائلتي‭ ‬في‭ ‬رمضان‭ ‬وشوال‭ ‬وذي‭ ‬القعدة‭ ‬ونيسان‭ ‬ورأس‭ ‬السنة‭ ‬ومؤخرتها،‭ ‬‮«‬سيم‭ ‬سيم‮»‬،‭ ‬لا‭ ‬تغيير‭ ‬فيه،‭ ‬وإنني‭ ‬لا‭ ‬أرحب‭ ‬بالزيارات‭ ‬في‭ ‬أوقات‭ ‬متأخرة‭ ‬من‭ ‬الليل،‭ (‬يعني‭ ‬بعد‭ ‬التاسعة‭ ‬والنصف‭ ‬ليلا‭)‬،‭ ‬وكانت‭ ‬النتيجة‭ ‬إيجابية،‭ ‬فقد‭ ‬تلقيت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المكالمات‭ ‬الهاتفية‭: ‬كنا‭ ‬نريد‭ ‬أن‭ ‬نزوركم‭ ‬لنبارك‭ ‬لكم‭ ‬الشهر،‭ ‬ولكنك‭ ‬كتبت‭ ‬قائلا‭ ‬إن‭ ‬زيارتكم‭ ‬بعد‭ ‬التاسعة‭ ‬والنصف‭ ‬مساء‭ ‬ممنوعة،‭ ‬بينما‭ ‬برنامجنا‭ ‬المسائي‭ ‬في‭ ‬رمضان‭ ‬يبدأ‭ ‬بعد‭ ‬الحادية‭ ‬عشرة‭ ‬ليلا‭!! ‬

يحسب‭ ‬من‭ ‬يقولون‭ ‬لي‭ ‬ذلك‭ ‬أنني‭ ‬سأحس‭ ‬بالذنب‭ ‬لخروجي‭ ‬عن‭ ‬البدعة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬التي‭ ‬تجعل‭ ‬من‭ ‬رمضان‭ ‬شهرا‭ ‬للخروج‭ ‬عن‭ ‬مألوف‭ ‬مواقيت‭ ‬وآداب‭ ‬التزاور‭ ‬والتواصل‭!! ‬والذين‭ ‬عاتبوني‭ ‬هاتفيا‭ ‬بأسلوب‭ ‬غير‭ ‬مباشر‭ ‬كانوا‭ ‬في‭ ‬منتهى‭ ‬الذوق‭ ‬واللطف،‭ ‬مقارنة‭ ‬بمن‭ ‬قرروا‭ ‬زيارتنا‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬مبكر‭ ‬من‭ ‬المساء‭ (‬لأننا‭ ‬نعرف‭ ‬أنكم‭ ‬تنامون‭ ‬مبكرين‭)‬،‭ ‬ثم‭ ‬يجلسون‭ ‬يتكلمون‭ ‬في‭ ‬الفاضي‭ ‬والمليان‭ ‬حتى‭ ‬منتصف‭ ‬الليل‭ ‬أو‭ ‬بعده‭ ‬بقليل‭ ‬أو‭ ‬كثير‭!! ‬وقلت‭ ‬مرارا‭ ‬إنني‭ ‬ضد‭ ‬قتل‭ ‬الوقت،‭ ‬لأنني‭ ‬أدرك‭ ‬أن‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬الزمن‭ ‬الذي‭ ‬يقودنا‭ ‬إلى‭ ‬القبور‭.‬

قد‭ ‬يرى‭ ‬بعضكم‭ ‬في‭ ‬كلامي‭ ‬هذا‭ ‬جلافة‭ ‬وقلة‭ ‬ذوق‭! ‬ومع‭ ‬هؤلاء‭ ‬البعض،‭ ‬بعض‭ ‬الحق،‭ ‬فقد‭ ‬نشأنا‭ ‬جميعا‭ ‬على‭ ‬مجاملة‭ ‬الآخرين‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬ارتباطاتنا‭ ‬والتزاماتنا‭ ‬المهنية‭ ‬الرسمية‭ ‬والاجتماعية‭. ‬ولكنني‭ ‬بكل‭ ‬صراحة‭ ‬‮«‬تعبت‮»‬،‭ ‬ولم‭ ‬أعد‭ ‬أتردد‭ ‬في‭ ‬ممارسة‭ ‬ما‭ ‬يعتبره‭ ‬البعض‭ ‬ومن‭ ‬بينهم‭ ‬زوجتي‭ ‬جلافة،‭ ‬فعندما‭ ‬يتصل‭ ‬بي‭ ‬شخص‭ ‬ما‭ ‬ليقول‭ ‬إنه‭ ‬سيزورني‭ ‬في‭ ‬الساعة‭ ‬كذا،‭ ‬فإنني‭ ‬قد‭ ‬أطلب‭ ‬منه‭ ‬بكل‭ ‬ذوق‭ ‬أن‭ ‬يؤجل‭ ‬زيارته‭ ‬إلى‭ ‬وقت‭ ‬آخر‭ ‬لأنني‭ ‬‮«‬مرتبط‮»‬،‭ ‬أو‭ ‬‮«‬مرهق‮»‬،‭ ‬وبات‭ ‬معظم‭ ‬من‭ ‬يعرفونني‭ ‬جيدا‭ ‬يتقبلون‭ ‬مثل‭ ‬تلك‭ ‬الأعذار‭ ‬عن‭ ‬طيب‭ ‬خاطر‭ ‬لأنهم‭ ‬يعرفون‭ ‬‮«‬معزَّتهم‮»‬‭ ‬عندي،‭ ‬ويعرفون‭ ‬أنني‭ ‬لا‭ ‬أجامل‭ ‬في‭ ‬أمور‭ ‬معينة،‭ ‬ولكن‭ ‬يبلغني‭ ‬أحيانا‭ ‬أن‭ ‬فلانا‭ ‬قال‭: ‬كنا‭ ‬نريد‭ ‬زيارة‭ ‬جعفر‭ ‬ولكنه‭ ‬طردنا‭ ‬أو‭ ‬منعنا‭! ‬والله‭ ‬المسألة‭ ‬ليس‭ ‬فيها‭ ‬طرد‭ ‬أو‭ ‬منع،‭ ‬وأنا‭ ‬لا‭ ‬أزور‭ ‬أحدا‭ ‬دون‭ ‬سابق‭ ‬‮«‬موعد‮»‬‭ ‬ولا‭ ‬أدخل‭ ‬بيت‭ ‬شخص‭ (‬إلا‭ ‬للعزاء‭ ‬الطارئ‭ ‬والمفاجئ‭) ‬بعد‭ ‬التاسعة‭ ‬مساء‭. ‬وإذا‭ ‬وجدت‭ ‬الشخص‭ ‬الذي‭ ‬أزوره‭ ‬كاشخا‭ ‬متأنقا‭ ‬مما‭ ‬يوحي‭ ‬بأنه‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬وشك‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬بيته،‭ ‬فإنني‭ ‬أرغمه‭ ‬على‭ ‬الصوم‭ ‬لأنني‭ ‬أرفض‭ ‬الجلوس‭ ‬عنده‭ ‬فيحلف‭ ‬بالطلاق‭ ‬أن‭ ‬أجلس‭ ‬فأتمسك‭ ‬بالرفض‭.. ‬فيكون‭ ‬أمامه‭ ‬خيار‭ ‬الصوم‭ ‬تفاديا‭ ‬للطلاق‭.‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا