يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
البيان الحكومي والمسؤولية الوطنية
لابد أن نتوقف بكثير من التأمل والتقدير أمام البيان الذي ألقاه وزير شؤون مجلسي الشورى والنواب غانم بن فضل البوعينين باسم الحكومة أمام مجلس النواب في جلسته الأخيرة.
هذا البيان يضع النقاط فوق الحروف ويغلق باب الجدل في قضايا لا يجوز الجدل فيها أصلا. وأهم ما فيه أنه ينبه إلى ما تقتضيه مصلحة البحرين اليوم من مسؤولية وطنية.
كما نعلم البيان جاء تعليقا على تصريحات ومطالب أطلقها بعض النواب أثناء جلسة سابقة للمجلس حول «سجناء الرأي» و«تبييض السجون» و«عودة المهجرين» وما شابه ذلك.
البيان أكد عددا من الجوانب أو بالأحرى الحقائق التي من المفروض أن تكون بديهية يعلمها الكل هي باختصار شديد:
1 - انه لا يوجد في النظام التشريعي البحريني ما يُعرف بـ«جريمة الرأي»، إذ أن حرية الرأي والتعبير مكفولة دستوريا وقانونيا.
2 - لا يوجد في البحرين «سجناء رأي» والقول بهذا يتناقض مع المبادئ الوطنية.
3 - انه ليس مقبولا أبدا اعتبار مرتكبي جرائم العنف والإرهاب والتخابر ومحاولة قلب نظام الحكم بأنهم سجناء رأي.
4 - ان من يرددون مثل هذا الكلام ويرفعون مثل هذه المطالب ينتهكون مبدأ سيادة القانون ومبدأ الفصل بين السلطات، ويتطاولون على القضاء المستقل.
5 - ان الذين فروا إلى الخارج من وجه العدالة عن جرائم ارتكبوها لا يمكن وصفهم بالمبعدين أو المهجرين.
تذكير البيان الحكومي بهذه الحقائق الوطنية والدستورية والقانونية هو في جانب أساسي منه كما ذكرت تنبيه إلى ما يجب أن يتحلى به الكل في المجتمع، وعلى رأسهم النواب، من مسؤولية وطنية تحتمها مصلحة الوطن.
قمة عدم الإحساس بالمسؤولية الوطنية ومن أخطر ما يكون أن يعطي أحد، أي أحد، مبررا أو ذريعة أو عذرا لجرائم كبرى ارتكبت بحق الوطن. وهي ليست أي جرائم عادية. هي جرائم عنف وإرهاب وتخريب ومحاولة قلب نظام الحكم وتخابر مع دول وقوى أجنبية.
نفهم أن تفعل هذا قوى ومنظمات أجنبية معادية للبحرين وتتآمر عليها وتتبنى أجندات مشبوهة تستهدف البلاد، لكن لا يمكن أن نفهم أن تخرج أي جهة أو فرد في المجتمع ليردد هذا الكلام ويتبنى مثل هذا الموقف.
ترديد مثل هذا الكلام ورفع مثل هذه المطالب يقدم للعالم صورة خاطئة عن البحرين والأوضاع الدستورية والحقوقية فيها على عكس الواقع، ويسهم في الحملة الظالمة التي تشنها جهات وقوى خارجية مشبوهة على البلاد.
والأخطر من هذا أن مواقف البعض ومطالباته على هذا النحو وبهذه التعبيرات يعني مباشرة تشجيعا للقوى المخربة والمتآمرة على البحرين على معاودة ارتكاب مثل هذه الجرائم معتقدة أن وراءها سندا نيابيا أو سياسيا أو مجتمعيا.
وعلى أي حال بمناسبة ما جرى وما ورد بالبيان الحكومي، نرى من المهم التنبيه إلى جوانب اساسية من المفروض أن يكون الكل على وعي بها، في مقدمتها ما يلي:
أولا: البحرين مرت بتجربة مريرة في عام 2011 بمحاولة الانقلاب الطائفي الغادرة. وقد تجاوزت البحرين هذه التجربة بحكمة قيادتها ورشدها وبتكاتف الشعب.
من الخطأ الوطني الجسيم نسيان هذه التجربة أو التهوين من شأن ما شهدته البلاد أو غض النظر عن الدروس الكبرى التي يجب أن يتعلمها الكل مما جرى.
وإذا كان نسيان دروس التجربة خطأ وطني جسيم، فإنها جريمة كبرى أن يحاول البعض إضفاء نوع من الشرعية على ما جرى أو محاولة إعادة خطابها التخريبي بأثر رجعي.
ثانيا: ان الأوضاع والتطورات والظروف الحالية الخطيرة التي تشهدها المنطقة تحتم اتخاذ موقف وطني مسؤول من الكل.
ليس هذا وقت المزايدات ولا وقت التطرف في المطالب.
الظروف الحالية بأبعادها الخطيرة التي يعلمها الكل تجعل من الأمن والاستقرار أولوية كبرى لا تسبقها أي أولوية أخرى.
وتحقيق الأمن والاستقرار مسؤولية الكل في المجتمع وليس مسؤولية الدولة وحدها.
ثالثا: ان أبواب الإصلاح والتغيير لم تكن يوما مغلقة في البحرين.
منذ أن أطلق جلالة الملك المشروع الإصلاحي الكبير وجلالته يؤكد دوما أن المشروع مفتوح على أي اصلاح وتغيير بشرط أن يأتي محصلة للتوافق الوطني.
وليس مقبولا تحت دعوى أو ذريعة الإصلاح طرح مطالب ورفع شعارات تناقض الثوابت الوطنية ودستور وقوانين البلاد، وتثير البلبلة والفوضى في المجتمع.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك