يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
هذه العربدة الإيرانية.. إلى متى؟!
تحدثت أمس عن الانتخابات البرلمانية الإيرانية الأخيرة وكيف أنها كشفت، من بين أمور أخرى كثيرة، كيف أن النظام الإيراني هو في الحقيقة نظام بلا شرعية شعبية يفتقد التأييد والدعم الشعبي لمواقفه وسياساته ولمؤسساته بشكل عام.
أود أن أتوقف بالإضافة إلى هذا عند جانب آخر. النظام الإيراني ظل عبر السنوات الطويلة الماضية يتحدث بكثير جدا من التهويل عن قدراته العسكرية الضاربة وصواريخه ومسيراته القادرة على الوصول إلى أي مكان في المنطقة وتهديد أي دولة عربية، والقادرة على تدمير الكيان الصهيوني وأعداء إيران عموما. لكن الذي حدث مع الهجوم الذي شنه النظام الإيراني مؤخرا على الكيان الصهيوني أن العالم اكتشف مدى المبالغة والتهويل من القدرات العسكرية.
في أي سياق نثير هذه المسألة اليوم؟.
علينا أن نتأمل هذا. النظام الإيراني نظام لا شعبية له.. شعبه يكرهه عموما.. هذا نظام لا يملك قدرات عسكرية خرافية لا يمكن مواجهتها كما يزعم. لكن هذا النظام يعربد في دولنا العربية بلا رادع.
نعلم جميعا إلى أي حد وصلت العربدة الإيرانية في دولنا العربية.
لنتأمل فقط ما يلي:
إيران دمرت بالمعنى الحرفي للكلمة مجتمعات أربع دول عربية هي العراق، ولبنان، وسوريا، واليمن، وأغرقتها في الطائفية وحاولت وتحاول تدمير مجتمعات عربية أخرى.
إيران دمرت مؤسسات الدولة في هذه الدول العربية الأربع بحيث أصبحت عاجزة ومشلولة ولا تستطيع اتخاذ أي قرار وطني مستقل، وبحيث إن الدولة بالمعنى المفهوم المتعارف عليه لم تعد موجودة في هذه الدول الأربع.
إيران أحكمت فعليا قبضتها على مقدرات هذه الدول بالسلاح والعنف والإرهاب عبر عشرات المليشيات المسلحة العميلة لها التي أنشأتها وتمولها وتسلحها. أصبحت هذه المليشيات هي الحاكم الفعلي في هذه الدول بالنيابة عن إيران ولخدمة مصالحها.
إيران استباحت الساحة العربية وتستخدم القضايا العربية لتعزيز مشروعها الطائفي التوسعي في المنطقة العربية. ولهذا يمثل عدوانها على هذا النحو تهديدا جسيما للأمن القومي العربي برمته.
السؤال هو: كيف تمكنت إيران من أن تحتل دولا عربية وتعيث فيها تدميرا على هذا النحو؟.
هذا أمر حين نتأمله نجده غريبا جدا على ضوء ما ذكرناه من ضعف النظام الإيراني في الداخل وافتقاده التأييد الشعبي، وفي ضوء المبالغات في قدراته العسكرية.
السبب ببساطة هو ضعف الدول العربية وعدم امتلاكها الإرادة الحقيقية للدفاع عن الأمن القومي العربي.
الدول العربية لا تمتلك أي استراتيجية فعلية لحماية الأمن العربي، ولحماية الدول العربية، ولا تمتلك إرادة لردع إيران ووضع حد للخطر الذي تمثله هي وعملاؤها على دولنا ومجتمعاتنا.
هذا أمر معيب جدا. معيب جدا أن تكون الدول العربية بكل إمكانياتها وقدراتها عاجزة في مواجهة النظام الإيراني على هذا النحو.
من المعيب جدا أن تصمت الدول العربية عن احتلال إيراني فعلي لأربع من دولنا وتتعامل مع هذا كأنه أمر عادي ومقبول.
إذا لم تحزم الدول أمرها وتقرر ردع النظام الإيراني، فإن خطره لن يتوقف عند ما حل بالدول العربية اليوم، وإنما سيمتد هذا الخطر إلى دول أخرى ولن يقف عند حد. واليوم مثلا تتحدث تقارير عن تخطيط إيران لمد نفوذها للسودان والسيطرة على مقدراته كما فعلت في الدول العربية الأربع الأخرى.
آن للدول العربية أن تتوقف عن الرهان على أمريكا أو أي دولة غربية لردع إيران. هذا لن يحدث. هذه الدول متواطئة أصلا مع النظام الإيراني ومن مصلحتها هي أيضا أن تتدمر الدول والمجتمعات العربية.
آن الأوان لأن تقرر الدول العربية مواجهة الخطر الإيراني وإنهائه بقدراتها وإمكانياتها الجماعية ووفق استراتيجية عربية للدفاع عن دولنا ومجتمعاتنا.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك