العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

هذه العربدة الإيرانية.. إلى متى؟!

تحدثت‭ ‬أمس‭ ‬عن‭ ‬الانتخابات‭ ‬البرلمانية‭ ‬الإيرانية‭ ‬الأخيرة‭ ‬وكيف‭ ‬أنها‭ ‬كشفت،‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬أمور‭ ‬أخرى‭ ‬كثيرة،‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬نظام‭ ‬بلا‭ ‬شرعية‭ ‬شعبية‭ ‬يفتقد‭ ‬التأييد‭ ‬والدعم‭ ‬الشعبي‭ ‬لمواقفه‭ ‬وسياساته‭ ‬ولمؤسساته‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭.‬

أود‭ ‬أن‭ ‬أتوقف‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬عند‭ ‬جانب‭ ‬آخر‭. ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬ظل‭ ‬عبر‭ ‬السنوات‭ ‬الطويلة‭ ‬الماضية‭ ‬يتحدث‭ ‬بكثير‭ ‬جدا‭ ‬من‭ ‬التهويل‭ ‬عن‭ ‬قدراته‭ ‬العسكرية‭ ‬الضاربة‭ ‬وصواريخه‭ ‬ومسيراته‭ ‬القادرة‭ ‬على‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬مكان‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬وتهديد‭ ‬أي‭ ‬دولة‭ ‬عربية،‭ ‬والقادرة‭ ‬على‭ ‬تدمير‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬وأعداء‭ ‬إيران‭ ‬عموما‭. ‬لكن‭ ‬الذي‭ ‬حدث‭ ‬مع‭ ‬الهجوم‭ ‬الذي‭ ‬شنه‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬مؤخرا‭ ‬على‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬اكتشف‭ ‬مدى‭ ‬المبالغة‭ ‬والتهويل‭ ‬من‭ ‬القدرات‭ ‬العسكرية‭.‬

في‭ ‬أي‭ ‬سياق‭ ‬نثير‭ ‬هذه‭ ‬المسألة‭ ‬اليوم؟‭.‬

علينا‭ ‬أن‭ ‬نتأمل‭ ‬هذا‭. ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬نظام‭ ‬لا‭ ‬شعبية‭ ‬له‭.. ‬شعبه‭ ‬يكرهه‭ ‬عموما‭.. ‬هذا‭ ‬نظام‭ ‬لا‭ ‬يملك‭ ‬قدرات‭ ‬عسكرية‭ ‬خرافية‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬مواجهتها‭ ‬كما‭ ‬يزعم‭. ‬لكن‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬يعربد‭ ‬في‭ ‬دولنا‭ ‬العربية‭ ‬بلا‭ ‬رادع‭.‬

نعلم‭ ‬جميعا‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬حد‭ ‬وصلت‭ ‬العربدة‭ ‬الإيرانية‭ ‬في‭ ‬دولنا‭ ‬العربية‭.‬

لنتأمل‭ ‬فقط‭ ‬ما‭ ‬يلي‭:‬

إيران‭ ‬دمرت‭ ‬بالمعنى‭ ‬الحرفي‭ ‬للكلمة‭ ‬مجتمعات‭ ‬أربع‭ ‬دول‭ ‬عربية‭ ‬هي‭ ‬العراق،‭ ‬ولبنان،‭ ‬وسوريا،‭ ‬واليمن،‭ ‬وأغرقتها‭ ‬في‭ ‬الطائفية‭ ‬وحاولت‭ ‬وتحاول‭ ‬تدمير‭ ‬مجتمعات‭ ‬عربية‭ ‬أخرى‭.‬

إيران‭ ‬دمرت‭ ‬مؤسسات‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬الأربع‭ ‬بحيث‭ ‬أصبحت‭ ‬عاجزة‭ ‬ومشلولة‭ ‬ولا‭ ‬تستطيع‭ ‬اتخاذ‭ ‬أي‭ ‬قرار‭ ‬وطني‭ ‬مستقل،‭ ‬وبحيث‭ ‬إن‭ ‬الدولة‭ ‬بالمعنى‭ ‬المفهوم‭ ‬المتعارف‭ ‬عليه‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬موجودة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬الأربع‭.‬

إيران‭ ‬أحكمت‭ ‬فعليا‭ ‬قبضتها‭ ‬على‭ ‬مقدرات‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬بالسلاح‭ ‬والعنف‭ ‬والإرهاب‭ ‬عبر‭ ‬عشرات‭ ‬المليشيات‭ ‬المسلحة‭ ‬العميلة‭ ‬لها‭ ‬التي‭ ‬أنشأتها‭ ‬وتمولها‭ ‬وتسلحها‭. ‬أصبحت‭ ‬هذه‭ ‬المليشيات‭ ‬هي‭ ‬الحاكم‭ ‬الفعلي‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬بالنيابة‭ ‬عن‭ ‬إيران‭ ‬ولخدمة‭ ‬مصالحها‭.‬

إيران‭ ‬استباحت‭ ‬الساحة‭ ‬العربية‭ ‬وتستخدم‭ ‬القضايا‭ ‬العربية‭ ‬لتعزيز‭ ‬مشروعها‭ ‬الطائفي‭ ‬التوسعي‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭. ‬ولهذا‭ ‬يمثل‭ ‬عدوانها‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النحو‭ ‬تهديدا‭ ‬جسيما‭ ‬للأمن‭ ‬القومي‭ ‬العربي‭ ‬برمته‭.‬

السؤال‭ ‬هو‭: ‬كيف‭ ‬تمكنت‭ ‬إيران‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تحتل‭ ‬دولا‭ ‬عربية‭ ‬وتعيث‭ ‬فيها‭ ‬تدميرا‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النحو؟‭.‬

هذا‭ ‬أمر‭ ‬حين‭ ‬نتأمله‭ ‬نجده‭ ‬غريبا‭ ‬جدا‭ ‬على‭ ‬ضوء‭ ‬ما‭ ‬ذكرناه‭ ‬من‭ ‬ضعف‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬في‭ ‬الداخل‭ ‬وافتقاده‭ ‬التأييد‭ ‬الشعبي،‭ ‬وفي‭ ‬ضوء‭ ‬المبالغات‭ ‬في‭ ‬قدراته‭ ‬العسكرية‭.‬

السبب‭ ‬ببساطة‭ ‬هو‭ ‬ضعف‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬وعدم‭ ‬امتلاكها‭ ‬الإرادة‭ ‬الحقيقية‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬العربي‭.‬

الدول‭ ‬العربية‭ ‬لا‭ ‬تمتلك‭ ‬أي‭ ‬استراتيجية‭ ‬فعلية‭ ‬لحماية‭ ‬الأمن‭ ‬العربي،‭ ‬ولحماية‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬ولا‭ ‬تمتلك‭ ‬إرادة‭ ‬لردع‭ ‬إيران‭ ‬ووضع‭ ‬حد‭ ‬للخطر‭ ‬الذي‭ ‬تمثله‭ ‬هي‭ ‬وعملاؤها‭ ‬على‭ ‬دولنا‭ ‬ومجتمعاتنا‭.‬

هذا‭ ‬أمر‭ ‬معيب‭ ‬جدا‭. ‬معيب‭ ‬جدا‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬بكل‭ ‬إمكانياتها‭ ‬وقدراتها‭ ‬عاجزة‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النحو‭.‬

من‭ ‬المعيب‭ ‬جدا‭ ‬أن‭ ‬تصمت‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬عن‭ ‬احتلال‭ ‬إيراني‭ ‬فعلي‭ ‬لأربع‭ ‬من‭ ‬دولنا‭ ‬وتتعامل‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬كأنه‭ ‬أمر‭ ‬عادي‭ ‬ومقبول‭.‬

إذا‭ ‬لم‭ ‬تحزم‭ ‬الدول‭ ‬أمرها‭ ‬وتقرر‭ ‬ردع‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني،‭ ‬فإن‭ ‬خطره‭ ‬لن‭ ‬يتوقف‭ ‬عند‭ ‬ما‭ ‬حل‭ ‬بالدول‭ ‬العربية‭ ‬اليوم،‭ ‬وإنما‭ ‬سيمتد‭ ‬هذا‭ ‬الخطر‭ ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭ ‬ولن‭ ‬يقف‭ ‬عند‭ ‬حد‭. ‬واليوم‭ ‬مثلا‭ ‬تتحدث‭ ‬تقارير‭ ‬عن‭ ‬تخطيط‭ ‬إيران‭ ‬لمد‭ ‬نفوذها‭ ‬للسودان‭ ‬والسيطرة‭ ‬على‭ ‬مقدراته‭ ‬كما‭ ‬فعلت‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬الأربع‭ ‬الأخرى‭.‬

آن‭ ‬للدول‭ ‬العربية‭ ‬أن‭ ‬تتوقف‭ ‬عن‭ ‬الرهان‭ ‬على‭ ‬أمريكا‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬دولة‭ ‬غربية‭ ‬لردع‭ ‬إيران‭. ‬هذا‭ ‬لن‭ ‬يحدث‭. ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬متواطئة‭ ‬أصلا‭ ‬مع‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬ومن‭ ‬مصلحتها‭ ‬هي‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬تتدمر‭ ‬الدول‭ ‬والمجتمعات‭ ‬العربية‭.‬

آن‭ ‬الأوان‭ ‬لأن‭ ‬تقرر‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬مواجهة‭ ‬الخطر‭ ‬الإيراني‭ ‬وإنهائه‭ ‬بقدراتها‭ ‬وإمكانياتها‭ ‬الجماعية‭ ‬ووفق‭ ‬استراتيجية‭ ‬عربية‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬دولنا‭ ‬ومجتمعاتنا‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا