يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
انتفاضة طلاب الجامعات الأمريكية
الانتفاضة التي تشهدها الجامعات الأمريكية هذه الأيام حدث كبير مهم يجب أن نتوقف عنده.
على نحو ما نتابع على امتداد الفترة الماضية تشتعل كل جامعات أمريكا تقريبا بحركة الاحتجاجات تأييدا لفلسطين وانتقادا للكيان الصهيوني. الحركة تتخذ شكل المظاهرات العارمة والاعتصامات وبيانات الاحتجاج.. وهكذا.
الحركة الطلابية الحالية هي امتداد لتاريخ طويل من انتفاضات الجامعات الأمريكية منذ الانتفاض ضد التمييز العنصري ودعم حركة الحقوق المدنية وحتى حركة الاحتجاجات الطلابية الكبرى ضد حرب فيتنام، وتواصلت هذه الحركات دفاعا عن قضايا كثيرة.
من المشاهد التاريخية التي لا تنسى ما حدث في جامعة هارفارد في نوفمبر 1966 في إطار حركة الاحتجاج على حرب فيتنام حين منع الطلاب وزير الدفاع روبرت ماكنامارا من مغادرة الحرم الجامعي وأجبروه على النزول من سيارته، ورفعوه على غطاء محرك السيارة المكشوفة كي يجيب عن أسئلة الجمهور حول الحرب.
والانتفاضة الحالية هي الأكبر على الإطلاق منذ الاحتجاج على حرب فيتنام.
كما هو معروف الذي دفع طلاب الجامعات الأمريكية إلى الانتفاض اليوم شناعة الجرائم الصهيونية في حرب إبادة غزة، والموقف الأمريكي الداعم بلا شروط للكيان الصهيوني والذي يعد مشاركة فعلية في هذه الحرب والجرائم.
على ضوء هذا، الطلاب الأمريكيون يرفعون في احتجاجاتهم مطالب محددة على رأسها أربعة مطالب:
1 – الوقف الفوري لحرب الإبادة في غزة وإنقاذ الشعب الفلسطيني مما يواجهه من جرائم ويعانيه من مآسٍ.
2 – مطالبة الإدارة الأمريكية بتغيير موقفها بوقف المساعدات والأسلحة للكيان الصهيوني وممارسة الضغط عليه لوقف الحرب.
3 – منح الحرية للشعب الفلسطيني بشكل عام وتمكينه من الاستقلال والتحرر من الاحتلال.
4 – والطلاب يطرحون مطلبا أساسيا خاصا بجامعاتهم يتمثل في المطالبة بالكشف عن الشركات التي تدعم الجامعات ماليا وهي في نفس الوقت ضالعة في توريد السلاح ودعم الكيان الصهيوني عموما، وقطع العلاقات مع هذه الشركات والمؤسسات.
كما نرى هذه المطالب التي يطرحها الطلاب هي في الحقيقة مطالب كل الشعوب في العالم اليوم التي تتابع شناعة الجرائم الصهيونية في غزة وما حل بالشعب الفلسطيني من إبادة.
حركة الطلاب في الجامعات الأمريكية هي حركة سلمية تلجأ إلى الأساليب السلمية فقط للتعبير عن آرائها ومطالبها.
والطلاب في حركتهم يؤكدون جوانب ومعاني كثيرة لها أهمية خاصة في مقدمتها أنهم ليسوا معادين للسامية كما يردد البعض، وإنما يرفضون ما تفعله حكومة الاحتلال الصهيوني وما ترتكبه من جرائم. ويؤكدون أيضا أنهم يرفضون الكراهية والعنف، وأنهم يدافعون عن القيم والمبادئ الأمريكية في حرية التعبير والاحتجاج والعدالة وهي القيم التي يضمنها الدستور الأمريكي.
هذه الانتفاضة الطلابية في جامعات أمريكا لها أهمية كبرى. الطلاب في مطالبهم يعبرون عن الضمير الإنساني العالمي اليوم وعن أنبل قيم الحرية والعدالة والإنسانية ورفض الظلم.
الأمر المؤكد أن هذه الانتفاضة لها دور حاسم في تشكيل الرأي العام الأمريكي وفي دفعه إلى تبني القيم الإنسانية والمواقف العادلة في مواجهة أبشع حرب إبادة للشعب الفلسطيني. والانتفاضة لها تأثير عالمي خاصة أنها بدأت تنتقل إلى طلاب الجامعات في فرنسا ودول أوروبية أخرى.
المأمول أن تكون هذه الانتفاضة عاملا أساسيا لوقف حرب الإبادة وإيقاظ العالم على الحتمية التاريخية لإنصاف الشعب الفلسطيني.
على امتداد التاريخ المعاصر كان لحركات الطلاب وانتفاضاتهم في الجامعات دور حاسم في حدوث تغييرات إيجابية كبرى. حدث هذا في كثير من دول العالم. ولهذا الأمل كبير في أن يكون لهذه الحركة اليوم تأثير حاسم في وقف الجرائم البشعة في غزة وإنصاف الشعب الفلسطيني.
للحديث بقية بإذن الله.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك