يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
.. ونحن ندفع الثمن
سؤال مهم: ما الثمن الذي حصلت عليه إيران وحصل عليه الكيان الصهيوني مقابل الاشتراك في تنفيذ مسرحية الهجوم والهجوم المضاد؟
القضية أنه اتضح أن هذه العملية برمتها كانت مرتبة وفق تفاهمات بين إيران وأمريكا والكيان الصهيوني، مباشرة أو بشكل غير مباشر عبر وسطاء لا يهم. تفاهم مؤداه أن تشن إيران هجومها من دون أن يؤدي إلى أي خسائر مادية أو بشرية لدى الكيان الصهيوني. وهذا ما حدث بالفعل، ثم جاء الفصل الثاني من المسرحية بالهجوم الذي شنه الكيان الصهيوني على أصفهان ولم يؤد أيضا إلى أي خسائر حتى أن تقارير ذكرت أن الصاروخ الذي أطلق لم يكن به مواد متفجرة. انتهت المسرحية بإعلان إيران والكيان الصهيوني أن المسألة انتهت وكل طرف حقق ما يريد.
بالطبع لم يكن من الممكن أن توافق إيران على هذا الترتيب والتفاهم من دون أن تحصل على الثمن المناسب. ونفس الشيء بالنسبة إلى الكيان الصهيوني. ما هذا الثمن إذن؟
طبعا لا أحد يتحدث عن هذا الموضوع على الإطلاق. لكن من السهل معرفة هذا الثمن.
بالنسبة إلى إيران من المؤكد أنها حصلت على تنازلات عدة من أمريكا.
تنازلات تتعلق بالبرنامج النووي الإيراني والصمت عنه، على الرغم من أن التقارير الدولية تؤكد قرب قدرة إيران على امتلاك السلاح النووي. وتنازلات تتعلق بالعقوبات المفروضة على إيران وغض النظر عنها. وتنازلات تتعلق بدور إيران الإرهابي التخريبي هي والقوى العميلة لها في المنطقة. وكل هذا حدث بالفعل ونلاحظ الصمت الأمريكي عن كل هذه الأمور.
أما بالنسبة إلى الكيان الصهيوني فمن السهل أيضا معرفة الثمن الذي حصل عليه.
قيل بالفعل إنه في مقابل تجاوب الكيان الصهيوني مع هذه التفاهمات فإنه حصل على تعهد من الإدارة الأمريكية بإعطاء ضوء أخضر باجتياح رفح، الأمر الذي يعني موافقة على مجازر مروعة متوقعة. والأمر المؤكد أن الكيان الصهيوني حصل على تعهدات باستمرار تدفق الأسلحة والمساعدات الأمريكية التي تمكنه من مواصلة حرب الإبادة. وهذا مكسب مهم على ضوء الغضب الواسع في أمريكا والمطالبات المتزايدة على المستويات الرسمية والشعبية بوقف إمداد الكيان الصهيوني بالأسلحة بعد كل جرائم حرب إبادة غزة. كما أن الكيان الصهيوني طالب بالتأكيد بتخفيف حدة الانتقادات الأمريكية التي كانت قد تصاعدت في الفترة الماضية والمطالبات بوضع حد للحرب وبوقف الجرائم ضد الفلسطينيين.
وغير هذا حصل العدو الصهيوني على ثمن مباشر تمثل في تراجع الاهتمام السياسي والإعلامي العالمي بحرب إبادة غزة، وعودة التعاطف والتأييد من جانب الدول الغربية في مواجهة ما اعتبروه تهديدات إيرانية مباشرة.
اما بالنسبة إلى الإدارة الأمريكية ففي مقابل التنازلات التي قدمتها للطرفين تجنبت التصعيد في المنطقة والدخول في أزمات كبرى مع قرب انتخابات الرئاسة وخصوصا مع التقارير الكثيرة عن تراجع حظوظ بايدن بسبب حرب إبادة غزة والتطورات في المنطقة عموما.
هكذا كما نرى اتفقت إرادة الأطراف الثلاثة على التفاهم حول هذا السيناريو الذي تم تنفيذه بنجاح، والكل حصل على الثمن الذي يريد وخرج سعيدا راضيا.
نحن العرب الذين ندفع الثمن. ندفع الثمن من مصالحنا وسيادة دولنا. ندفعه بالعدوان الإيراني الدائم على الأراضي العربية عبر مليشيات إيران العميلة التي تحكم قبضتها على مقدرات دول عربية. ندفعه بدماء أهلنا في غزة التي تسيل في حرب الإبادة. ندفعه بهذا التواطؤ الغربي مع القوى المعادية للدول العربية.. وهكذا.
لم تكن هذه هي المرة الأولى، ولن تكون المرة الأخيرة التي تحدث فيها مثل هذه التوافقات والتفاهمات على حسابنا. سيتكرر هذا كثيرا حتى تقرر الدول العربية أن تنتفض وتواجه أعداء الأمة والمتآمرين على دولنا.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك