يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
من أجل أجيالنا القادمة
هذا تعبير لجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة يجب التوقف عنده مطولا.
نعني ما قاله جلالته في المؤتمر الصحفي مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي من أنه يجب الالتزام بتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه، وإن تنفيذه قد آن أوانه «كي تنال أجيالنا القادمة حقها من العيش الكريم والحياة الآمنة».
هذا العبارة لجلالة الملك بليغة تجسد تفكيرا حكيما بعيد المدى.
بالطبع جلالة الملك قال هذا في سياق الحديث عن التحديات التي تواجهها الأمة العربية والعمل المشترك في الوقت الحاضر وما يجب اتخاذه والاتفاق عليه من مواقف وإجراءات عربية في مواجهة هذا الوضع.
في هذا السياق، إذا تأملنا هذه العبارة جيدا فسوف نجد أنها تنطوي على معانٍ كبرى هي على النحو التالي:
1 – إن الوضع العربي الحالي وما تواجهه الدول العربية من تحديات جسيمة لم يعد يحتمل عدم اتخاذ مواقف وإجراءات عملية تحمي الأمة وعدم الالتزام بما يتم الاتفاق عليه.
2 – إن القضية ليست مجرد الاتفاق على مواقف معينة أو على إجراءات محددة في حد ذاته. المهم هو تنفيذ ما يتم الاتفاق عليه.
3 – إن القيادات العربية يجب أن تدرك أنها تتحمل اليوم مسئولية تاريخية جسيمة في التعامل مع ما تواجهه الأمة العربية في الوقت الحاضر. هذه المسئولية لا تحتِّمها فقط ضرورة مواجهة التحديات الحالية وحماية الأمة العربية وإنما تحتِّمها بنفس القدر من الأهمية وربما أكثر المسئولية التاريخية تجاه الأجيال العربية القادمة. هذه الأجيال التي من حقها أن نؤمِّن لها حياة كريمة وآمنة.
كي نفهم هذه المعانيَ لما قاله جلالة الملك لا بد أن نضعها في سياق الموضوعات والقضايا التي بحثها جلالته مع الرئيس المصري، وأيضا مع العاهل الأردني.
كان في مقدمة القضايا التي بحثها جلالة الملك جهود وقف إطلاق النار في غزة والعمل على إنهاء مأساة أهلنا الفلسطينيين في القطاع، وأيضا ضرورة الدفع عربيا في اتجاه منح الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة وفي مقدمتها دولته المستقلة.
ومن القضايا المهمة التي بحثها جلالته ضرورة العمل على وقف التصعيد في المنطقة والحيلولة دون اتساع الصراع، الأمر الذي من شأنه تقويض أمن واستقرار كل دول المنطقة.
ومن أهم القضايا على الإطلاق التي بحثها جلالة الملك ضرورة تعزيز العمل العربي المشترك والارتقاء يه بحيث تتمكن الدول العربية من مواجهة التحديات الجسيمة التي تواجه الأمة العربية في الوقت الحاضر.
بطبيعة الحال من المفهوم أن مباحثات جلالة الملك ركزت على هذه القضايا من منطلق المسئولية التي تتحملها البحرين باستضافة القمة العربية القادمة.
جلالة الملك كرئيس للقمة العربية حريص على العمل منذ الآن على ضمان نجاح القمة. جلالته يدرك أن هذه من أخطر القمم العربية بحكم الظروف التي تعقد في ظلها، وبحكم الآمال الشعبية العربية الكبيرة المعلقة على القمة.
القمة تعقد في ظل أخطار وجودية بمعنى الكلمة تواجهها الأمة العربية. ومواجهة هذه الأخطار وحماية الأمة العربية يتطلب أقصى درجات الالتزام وأعلى مستويات العمل العربي المشترك.
المعيار الأساسي لنجاح القمة لن يكون في صدور مواقف أو بيانات نظرية إنشائية، وإنما في الاتفاق على خطوات وإجراءات عملية عربية مشتركة والالتزام بتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه. وهذا بالضبط هو المعنى الأساسي الذي أكده جلالة الملك.
وحين يضع جلالة الملك هذه المهمة الجسيمة الملقاة على عاتق القمة العبية في سياق حتمية ضمان حق الأجيال العربية القادمة في العيش الكريم والحياة الآمنة، فإنما يريد جلالته أن ينبه إلى الأهمية التاريخية الحاسمة للعمل العربي المشترك العملي والجاد لمواجهة التحديات الراهنة.
من أجل الأجيال العربية القادمة نتمنى أن تكون القمة العربية في البحرين بداية لصحوة عربية ولعهد جديد من قدرة الأمة على مواجهة التحديات والأخطار وحماية دولنا وشعوبنا في الحاضر والمستقبل.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك