الرأي الثالث
محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
دعوهم يفرحوا.. العيد للجميع
في أول أيام عيد الفطر المبارك، ذهبت إلى مجمع تجاري، كبير وجديد.. شاهدت أن معظم الناس فيه من الزوار والمقيمين، من الجاليات الخليجية والعربية والآسيوية وغيرها.. سعدت كثيرا بحجم الإقبال، وعمليات الشراء، وطوابير الانتظار عند المطاعم، ودور السينما، ومراكز الترفيه.. هذه الحيوية الإيجابية تنعش السوق، وتحرك السياحة، وتنمي الاقتصاد.
حينما تذهب مع أسرتك إلى «دبي مول» في الإمارات، وعندما تزور «مجمع الأفنيوز» في الكويت، أو تتجول في منطقة الحسين بالقاهرة، ولحظة سفرك إلى لندن وزيارة حديقة «الهايد بارك» مثلا وغيرها.. تشاهد أن معظم الزوار، ومن ينعش الأسواق والمطاعم، والفنادق والحدائق، هم من الأجانب والسياح.. لا يخرج أحد هناك ليقول: «الأجانب ترسو البلد»، أو أن «الآسيويين يضايقوننا في المجمعات».. لا ذنب لهؤلاء إن كان بعض أهل البلد لا يستثمرون ولا يستغلون ما هو موجود من مرافق وخدمات، وشواطئ ومجمعات، أو أن يحجموا عن الذهاب إلى المتنزهات، ويفضلوا المقاهي والأماكن الأقل ازدحاما.
لذلك، فإن التسارع في بث وتناقل «أخبار وصور» أفراد من «جالية آسيوية» مثلا، يقومون بممارسة الفرحة والسعادة والبهجة في العيد والمناسبات، ومن ثم كتابة التعليقات المسيئة عليها، عبر مواقع التواصل الاجتماعي «السوشيل ميديا»، فيه من التعصب والتحامل، ونوع من العنصرية المرفوضة، وهي ليست من شيم وأخلاق أهل البحرين الكرام، المعروف عنهم وعن طبائعهم الحميدة، الأصيلة والراسخة، الانفتاح والتعايش، وقبول الآخر والتسامح، والتنوع والتعددية.
إن كان بعض أفراد من أي جالية «آسيوية مثلا» يقومون بتجاوز القانون والخروج عن الآداب والذوق العام، فهناك جهات مختصة، وقانون يحتكم إليه الجميع، ولا يجوز أن ينصّب البعض نفسه «مقيّما» للناس، ويفرض عليهم شكل فرحتهم وابتهاجهم، طالما التزموا بالقانون والثقافة العامة.
الأعياد للجميع، وكذلك هي المناسبات الوطنية، حينما يشارك فيها أفراد من الجاليات المقيمة عندنا، برفع صورة وطنية، أو علم مملكة البحرين، أو رقصة جماعية فلكورية من ثقافتهم، هي نوع من الشراكة والفرحة.. فلماذا يريد البعض أن تكون فرحة الأعياد والمناسبات فقط لأهل البلد دون سواهم؟ لماذا هذه الانتقائية، ومن ثم ممارسة الإسقاطات غير الأخلاقية التي تمتزج بأمور سياسية؟ لماذا نرفض «فرحة» هؤلاء في العيد والمناسبات في بلادنا، ونحن نقوم بالفرحة في بلادهم، ونتسابق لتصوير المهرجانات والكرنفالات عندهم وننشرها على هواتفنا؟؟
هل شاهدت يوما أن جمهور نادي برشلونة من المواطنين الإسبان طردوا مشجعا خليجيا من المدرجات لأنه لا يحمل الجنسية الإسبانية؟ هل حصل أن رفض الجمهور الإنجليزي لنادي ليفربول فرحة مشجع -عربيا كان أو مسلما- جالس بينهم بحجة أنه غير انجليزي..؟؟
المجتمع البحريني -منذ القدم- يعتز ويفتخر باحترام حقوق الانسان، ولا تمييز فيه بين الأجناس والأعراق والألوان، انطلاقا من قيم إسلامية، ومبادئ إنسانية، وثوابت وطنية، وطبائع أخلاقية.. وما يقوم به البعض من رفض «فرحة وبهجة» الوافدين والمقيمين في الأعياد والمناسبات يخالف كل ذلك، ويجعل المجتمع «طاردا» للزوار والسياح.
يقول أرسطو: (العقل الضيق.. يقود صاحبه دائما إلى التعصب).. البلدان تتقدم بالتنوع.. والأوطان تبنى بالتسامح.. والمجتمعات تستمر بالتعايش.. والبشرية تنمو بقبول الآخر.. والحضارة تقوم على احترام الناس.. والدول تزدهر بالتعددية.. دعوهم يفرحوا.. فالعيد للجميع.. والوطن للجميع.. والقانون فوق الجميع.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك