يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
إدارة بايدن التائهة الأسيرة
عندما امتنعت أمريكا عن التصويت على قرار مجلس الأمن الذي يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة ولم تستخدم الفيتو الأمر الذي أتاح صدور القرار، اعتبر الكثيرون في العالم أن هذا تطور إيجابي وبمثابة تحول في الموقف الأمريكي.
بغض النظر عن الأسباب التي دفعت أمريكا إلى اتخاذ قرار الامتناع عن التصويت، الأمر المؤكد أن هذه الخطوة كان من شأنها مبدئيا أن تحسن ولو قليلا من صورة الإدارة الأمريكية التي لطخها الدعم الأعمى اللامحدود واللامشروط لحرب الإبادة الصهيونية في غزة.
لكن العجيب حقا، هو ما حدث بعد ذلك وما فعلته إدارة بايدن وهو ما نسف أي تأثير إيجابي لهذه الخطوة.
كما نعرف الكيان الصهيوني استشاط غضبا مما فعلته أمريكا بامتناعها عن التصويت وسماحها بصدور القرار وألغى زيارة مقررة لوفد إلى أمريكا كنوع من العقاب.
اتضح بداية أن سر غضب الكيان الصهيوني أن أمريكا أطلعته مسبقا على نص القرار وأنه طلب منها استخدام الفيتو، لكنه صدم عندما لم تمتثل لأوامره وامتنعت عن التصويت. الكيان الصهيوني يتصرف على اعتبار أنه هو الذي يقرر لأمريكا ما تفعله وما لا تفعله وأي قرار يجب أن تتخذ.
المهم هو ما فعله المسؤولون الأمريكيون بعد رد فعل الكيان الصهيوني وانتقاده لأمريكا.
المسؤولون الأمريكيون كما ظهر من تصريحاتهم أصابتهم حالة من الخوف وسارعوا بتقديم ما يشبه الاعتذارات الصريحة للكيان الصهيوني، وما قالوه يجب تسجيله والتوقف عنده مطولا، فهو كلام خطير.
بداية أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية أنها «لم تخلص إلى أن إسرائيل تنتهك القانون الدولي». هذا يعني ببساطة أن كل جرائم الإبادة التي يرتكبها الكيان الصهيوني في غزة ليست انتهاكا للقانون الدولي، أي أنها في عرف أمريكا مشروعة.
الناطق باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي سارع من جانبه وأعرب عن استغرابه الشديد من استياء إسرائيل بعد امتناع أمريكا عن التصويت على قرار مجلس الأمن. أما سبب استغرابه فإنه وعلى عكس ما قد يتصور الإسرائيليون فإن ما فعلته أمريكا «لا يمثل أي تغيير في الموقف السياسي الأمريكي» كما قال.
هذا الكلام معناه المباشر أنه لا توجد كما يشاع خلافات بين أمريكا والكيان الصهيوني، وأن أمريكا لم يتغير موقفها المتمثل في تقديم الدعم اللامشروط للكيان الصهيوني في كل ما يرتكبه من جرائم حرب وإبادة.
أما أهم وأخطر ما قاله الناطق باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي فهو أن قرار مجلس الأمن «غير ملزم». أي أن القرار بلا قيمة وأن الكيان الصهيوني بمقدوره ببساطة أن يتجاهله تماما. وكي يوضح الأمر أكثر قال إن قرار مجلس الأمن: «ليس له أي تأثير على إسرائيل وقدرة إسرائيل على قتال حماس».
الذي قاله هذا المسؤول الأمريكي يعني ببساطة أن الكيان الصهيوني لديه تفويض أمريكي وتأييد كامل كي يمضي قدما في ارتكاب كل جرائم الإبادة في غزة وألا يلقي بالا لأي موقف أممي.
دعك من أن ما قاله المسئولون الأمريكيون على هذا النحو يمثل احتقارا للقانون الدولي ولإرادة المجتمع الدولي كما عبر عنها قرار مجلس الأمن، المهم أن هذا هو موقف إدارة بايدن من إبادة غزة بشكل صريح وسافر.
إدارة بايدن تبدو تائهة تماما ولا تعرف ماذا تفعل. من جانب هناك خوف شديد من انقلاب الرأي العام الأمريكي على بايدن بسبب موقفه هذا من إبادة غزة، الأمر الذي يمكن أن يحرمه من الرئاسة في الانتخابات القادمة. والإدارة تريد أن توحي بانها تختلف مع الكيان الصهيوني أو أن موقفها يتغير، لكن هذه المحاولة سرعان ما تنهار وتفشل وتجد الإدارة نفسها مجبرة على الافصاح عن حقيقة موقفها على نحو ما حدث بعد قرار مجلس الأمن.
وحقيقة موقفها انها مع الإبادة الصهيونية قلبا وقالبا وستظل داعمة للكيان الصهيوني مهما فعل ومهما ارتكب من جرائم.
إدارة بايدن تبدو عمليا أسيرة للكيان الصهيوني ومخططاته الإرهابية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك