العدد : ١٦٨٣٧ - الأحد ٢٨ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٣٧ - الأحد ٢٨ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ شوّال ١٤٤٥هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

إدارة بايدن التائهة الأسيرة

عندما‭ ‬امتنعت‭ ‬أمريكا‭ ‬عن‭ ‬التصويت‭ ‬على‭ ‬قرار‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الذي‭ ‬يدعو‭ ‬إلى‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬ولم‭ ‬تستخدم‭ ‬الفيتو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬أتاح‭ ‬صدور‭ ‬القرار،‭ ‬اعتبر‭ ‬الكثيرون‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬تطور‭ ‬إيجابي‭ ‬وبمثابة‭ ‬تحول‭ ‬في‭ ‬الموقف‭ ‬الأمريكي‭.‬

بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬الأسباب‭ ‬التي‭ ‬دفعت‭ ‬أمريكا‭ ‬إلى‭ ‬اتخاذ‭ ‬قرار‭ ‬الامتناع‭ ‬عن‭ ‬التصويت،‭ ‬الأمر‭ ‬المؤكد‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬مبدئيا‭ ‬أن‭ ‬تحسن‭ ‬ولو‭ ‬قليلا‭ ‬من‭ ‬صورة‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬التي‭ ‬لطخها‭ ‬الدعم‭ ‬الأعمى‭ ‬اللامحدود‭ ‬واللامشروط‭ ‬لحرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الصهيونية‭ ‬في‭ ‬غزة‭.‬

لكن‭ ‬العجيب‭ ‬حقا،‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬وما‭ ‬فعلته‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬نسف‭ ‬أي‭ ‬تأثير‭ ‬إيجابي‭ ‬لهذه‭ ‬الخطوة‭.‬

كما‭ ‬نعرف‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬استشاط‭ ‬غضبا‭ ‬مما‭ ‬فعلته‭ ‬أمريكا‭ ‬بامتناعها‭ ‬عن‭ ‬التصويت‭ ‬وسماحها‭ ‬بصدور‭ ‬القرار‭ ‬وألغى‭ ‬زيارة‭ ‬مقررة‭ ‬لوفد‭ ‬إلى‭ ‬أمريكا‭ ‬كنوع‭ ‬من‭ ‬العقاب‭.‬

اتضح‭ ‬بداية‭ ‬أن‭ ‬سر‭ ‬غضب‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬أن‭ ‬أمريكا‭ ‬أطلعته‭ ‬مسبقا‭ ‬على‭ ‬نص‭ ‬القرار‭ ‬وأنه‭ ‬طلب‭ ‬منها‭ ‬استخدام‭ ‬الفيتو،‭ ‬لكنه‭ ‬صدم‭ ‬عندما‭ ‬لم‭ ‬تمتثل‭ ‬لأوامره‭ ‬وامتنعت‭ ‬عن‭ ‬التصويت‭. ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬يتصرف‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أنه‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يقرر‭ ‬لأمريكا‭ ‬ما‭ ‬تفعله‭ ‬وما‭ ‬لا‭ ‬تفعله‭ ‬وأي‭ ‬قرار‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تتخذ‭.‬

المهم‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬فعله‭ ‬المسؤولون‭ ‬الأمريكيون‭ ‬بعد‭ ‬رد‭ ‬فعل‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬وانتقاده‭ ‬لأمريكا‭.‬

المسؤولون‭ ‬الأمريكيون‭ ‬كما‭ ‬ظهر‭ ‬من‭ ‬تصريحاتهم‭ ‬أصابتهم‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الخوف‭ ‬وسارعوا‭ ‬بتقديم‭ ‬ما‭ ‬يشبه‭ ‬الاعتذارات‭ ‬الصريحة‭ ‬للكيان‭ ‬الصهيوني،‭ ‬وما‭ ‬قالوه‭ ‬يجب‭ ‬تسجيله‭ ‬والتوقف‭ ‬عنده‭ ‬مطولا،‭ ‬فهو‭ ‬كلام‭ ‬خطير‭.‬

بداية‭ ‬أعلنت‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬أنها‭ ‬‮«‬لم‭ ‬تخلص‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬تنتهك‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‮»‬‭. ‬هذا‭ ‬يعني‭ ‬ببساطة‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬جرائم‭ ‬الإبادة‭ ‬التي‭ ‬يرتكبها‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬ليست‭ ‬انتهاكا‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي،‭ ‬أي‭ ‬أنها‭ ‬في‭ ‬عرف‭ ‬أمريكا‭ ‬مشروعة‭.‬

الناطق‭ ‬باسم‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬الأمريكي‭ ‬جون‭ ‬كيربي‭ ‬سارع‭ ‬من‭ ‬جانبه‭ ‬وأعرب‭ ‬عن‭ ‬استغرابه‭ ‬الشديد‭ ‬من‭ ‬استياء‭ ‬إسرائيل‭ ‬بعد‭ ‬امتناع‭ ‬أمريكا‭ ‬عن‭ ‬التصويت‭ ‬على‭ ‬قرار‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭. ‬أما‭ ‬سبب‭ ‬استغرابه‭ ‬فإنه‭ ‬وعلى‭ ‬عكس‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يتصور‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬فإن‭ ‬ما‭ ‬فعلته‭ ‬أمريكا‭ ‬‮«‬لا‭ ‬يمثل‭ ‬أي‭ ‬تغيير‭ ‬في‭ ‬الموقف‭ ‬السياسي‭ ‬الأمريكي‮»‬‭ ‬كما‭ ‬قال‭. ‬

هذا‭ ‬الكلام‭ ‬معناه‭ ‬المباشر‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬كما‭ ‬يشاع‭ ‬خلافات‭ ‬بين‭ ‬أمريكا‭ ‬والكيان‭ ‬الصهيوني،‭ ‬وأن‭ ‬أمريكا‭ ‬لم‭ ‬يتغير‭ ‬موقفها‭ ‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬الدعم‭ ‬اللامشروط‭ ‬للكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يرتكبه‭ ‬من‭ ‬جرائم‭ ‬حرب‭ ‬وإبادة‭.‬

أما‭ ‬أهم‭ ‬وأخطر‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬الناطق‭ ‬باسم‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬الأمريكي‭ ‬فهو‭ ‬أن‭ ‬قرار‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬‮«‬غير‭ ‬ملزم‮»‬‭. ‬أي‭ ‬أن‭ ‬القرار‭ ‬بلا‭ ‬قيمة‭ ‬وأن‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬بمقدوره‭ ‬ببساطة‭ ‬أن‭ ‬يتجاهله‭ ‬تماما‭. ‬وكي‭ ‬يوضح‭ ‬الأمر‭ ‬أكثر‭ ‬قال‭ ‬إن‭ ‬قرار‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭: ‬‮«‬ليس‭ ‬له‭ ‬أي‭ ‬تأثير‭ ‬على‭ ‬إسرائيل‭ ‬وقدرة‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬قتال‭ ‬حماس‮»‬‭.‬

الذي‭ ‬قاله‭ ‬هذا‭ ‬المسؤول‭ ‬الأمريكي‭ ‬يعني‭ ‬ببساطة‭ ‬أن‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬لديه‭ ‬تفويض‭ ‬أمريكي‭ ‬وتأييد‭ ‬كامل‭ ‬كي‭ ‬يمضي‭ ‬قدما‭ ‬في‭ ‬ارتكاب‭ ‬كل‭ ‬جرائم‭ ‬الإبادة‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬وألا‭ ‬يلقي‭ ‬بالا‭ ‬لأي‭ ‬موقف‭ ‬أممي‭.‬

دعك‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬المسئولون‭ ‬الأمريكيون‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النحو‭ ‬يمثل‭ ‬احتقارا‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي‭ ‬ولإرادة‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬كما‭ ‬عبر‭ ‬عنها‭ ‬قرار‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن،‭ ‬المهم‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬موقف‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬من‭ ‬إبادة‭ ‬غزة‭ ‬بشكل‭ ‬صريح‭ ‬وسافر‭.‬

إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬تبدو‭ ‬تائهة‭ ‬تماما‭ ‬ولا‭ ‬تعرف‭ ‬ماذا‭ ‬تفعل‭. ‬من‭ ‬جانب‭ ‬هناك‭ ‬خوف‭ ‬شديد‭ ‬من‭ ‬انقلاب‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬الأمريكي‭ ‬على‭ ‬بايدن‭ ‬بسبب‭ ‬موقفه‭ ‬هذا‭ ‬من‭ ‬إبادة‭ ‬غزة،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يحرمه‭ ‬من‭ ‬الرئاسة‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬القادمة‭. ‬والإدارة‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬توحي‭ ‬بانها‭ ‬تختلف‭ ‬مع‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬موقفها‭ ‬يتغير،‭ ‬لكن‭ ‬هذه‭ ‬المحاولة‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬تنهار‭ ‬وتفشل‭ ‬وتجد‭ ‬الإدارة‭ ‬نفسها‭ ‬مجبرة‭ ‬على‭ ‬الافصاح‭ ‬عن‭ ‬حقيقة‭ ‬موقفها‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬بعد‭ ‬قرار‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭.‬

وحقيقة‭ ‬موقفها‭ ‬انها‭ ‬مع‭ ‬الإبادة‭ ‬الصهيونية‭ ‬قلبا‭ ‬وقالبا‭ ‬وستظل‭ ‬داعمة‭ ‬للكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬مهما‭ ‬فعل‭ ‬ومهما‭ ‬ارتكب‭ ‬من‭ ‬جرائم‭.‬

إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬تبدو‭ ‬عمليا‭ ‬أسيرة‭ ‬للكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬ومخططاته‭ ‬الإرهابية‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا