يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
هذا هو جوهر القضية
تحدثت أمس عن الضجة التي تثيرها أمريكا والدول الأوروبية حول تقديم المساعدات لغزة جوا أو بحرا، وكيف تعكس تسترا على جرائم الكيان الصهيوني وهروبا من إجباره على وقف حرب التجويع الهمجية التي يشنها.
القضية لها أبعاد أخرى خطيرة.
نعلم أن المشروع الصهيوني في جوهره يقوم على إنكار أي حق للشعب الفلسطيني، بل الزعم بأنه لا يوجد شعب فلسطيني أصلا وهي تصريحات متكررة لقادة العدو منذ احتلال فلسطين حتى اليوم.
بعبارة أخرى يقوم المشروع الصهيوني في جوهره على اعتبار أنه لا توجد قضية اسمها القضية الفلسطينية أساسا، وأنها في أفضل الأحوال قضية أناس يستحقون مساعدة إنسانية.
بعبارة ثانية، في العقيدة الصهيونية أرض فلسطين بأكملها هي لليهود، وليس للفلسطينيين أي حق لا في أرض ولا في دولة مستقلة. ولهذا فإن المخطط الصهيوني الدائم هو إبادة الشعب الفلسطيني والعمل على تهجيره وطرده من أي أرض فلسطينية. وما يفعله العدو اليوم في غزة هو حلقة من حلقات هذا المخطط الثابت.
على ضوء هذا من السهل أن ندرك أن حديث أمريكا والدول الأوروبية عن المساعدات لغزة بهذا الشكل وفي هذا السياق يخدم بالضبط هذا المخطط الصهيوني.
أعني أن ما يجري اليوم هو محاولة تصوير القضية على أنها فقط قضية مساعدات إنسانية لأهل غزة، وأنها تنحصر في هذه الحدود.
بالطبع في ظل جريمة حرب التجويع الصهيونية وما يعانيه أهلنا في غزة، فإن قضية المساعدات لها أولوية كبرى، لكن هذا لا يعني أن المسألة أصبحت مجرد مسألة إنسانية لا أكثر ولا أقل على نحو ما يحاولون في الغرب تصويره.
بعبارة أخرى يحاولون تصوير القضية على أنه لو تم تقديم المساعدات الكافية للفلسطينيين في غزة، فقد انتهت الأزمة ولم تعد هناك مشكلة.
الدول العربية يجب أن تتنبه إلى هذا، ويجب أن تصر دوما وفي كل الأوقات على جوهر القضية وما يرتبه ذلك من مواقف وسياسات إقليمية ودولية.
وجوهر القضية يتلخص اليوم في ثلاثة جوانب كبرى:
1 - أن حرب الإبادة الهمجية التي يشنها الكيان الصهيوني يجب أن تتوقف فورا بلا أي تحفظات أو شروط. ليس مقبولا أن يحصل العدو على ثمن بعد كل الجرائم الإرهابية التي يرتكبها. هذا ما يحتمه القانون الإنساني الدولي وما تعبر عنه إرادة الشعوب في العالم كله.
2 - أن مجرمي الحرب والإبادة الصهاينة بعد كل هذه الجرائم التي ارتكبوها يجب أن يحاكموا على جرائمهم.
ليس هذا فحسب، بل إن هؤلاء المجرمين الصهاينة وكل من شاركهم في جرائمهم في الغرب يجب أن يتحملوا هم كلفة إعادة إعمار كل ما دمروه في غزة، وعودة كل أهل غزة إلى منازلهم ويجب أن يقدموا التعويضات لملايين الفلسطينيين في غزة ضحايا هذه الجرائم.
3 – أن الاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية يجب أن ينتهي، ويجب أن يحصل الشعب الفلسطيني على حقوقه كاملة وفي مقدمتها حقه في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
هذا هو جوهر القضية اليوم. وهذه هي الجوانب التي يجب أن تصر عليها الدول العربية من دون أي مواربة، ومن دون الدخول في متاهات الحديث الصهيوني الغربي المشبوه عما بعد حرب غزة.
هذه الجوانب الثلاثة هي من البديهيات وهي أبسط ما يحتمه الاحتكام إلى القانون الدولي.
الدول العربية يجب أن تدرك أنها لو فرطت اليوم في القضية وانساقت وراء المخططات الصهيونية الغربية فسوف تدفع ثمنا فادحا. الثمن لن يكون فقط المشاركة في تصفية جديدة للقضية الفلسطينية، ولكن سيكون تدشينا لحقبة جديدة من مخططات إبادة الأمة العربية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك