العدد : ١٦٨٣٦ - السبت ٢٧ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ١٨ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٣٦ - السبت ٢٧ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ١٨ شوّال ١٤٤٥هـ

قضايا و آراء

«الفيتو» الأمريكي.. استحقاق ضد «الحق الإنساني»!

بقلم: د. أسعد عبدالرحمن

الأحد ١٧ مارس ٢٠٢٤ - 02:00

على‭ ‬مدى‭ ‬العقود‭ ‬الخمسة‭ ‬الماضية،‭ ‬استخدمت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬‮«‬حق‭ ‬النقض‭ ‬‭ ‬الفيتو‮»‬‭ (‬53‭) ‬مرة‭ ‬ضد‭ ‬قرارات‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬حماية‭ ‬لإسرائيل‭. ‬ويعود‭ ‬لجوء‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬إلى‭ ‬حق‭ ‬النقض‭ ‬لصالح‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني،‭ ‬لأول‭ ‬مرة،‭ ‬إلى‭ ‬عام‭ ‬1972،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬مشروع‭ ‬قرار‭ ‬تضمن‭ ‬شكوى‭ ‬بشأن‭ ‬اعتداء‭ ‬ذلك‭ ‬‮«‬الكيان‮»‬‭ ‬على‭ ‬لبنان‭. ‬ثم‭ ‬توالى‭ ‬الاستخدام‭ ‬الأمريكي‭ ‬للفيتو‭ ‬لدعم‭ ‬‮«‬الكيان‮»‬‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬العقود‭ ‬الخمسة‭ ‬الماضية،‭ ‬ولعل‭ ‬أبرزها‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬26‭ ‬يونيو‭ ‬1976،‭ ‬ضد‭ ‬مشروع‭ ‬قرار‭ ‬يؤكد‭ ‬حقوق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬غير‭ ‬القابلة‭ ‬للتصرف‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬المصير،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬العودة‭ ‬والاستقلال‭ ‬الوطني‭ ‬والسيادة‭ ‬في‭ ‬فلسطين،‭ ‬طبقاً‭ ‬لميثاق‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭.‬

أما‭ ‬وقائع‭ ‬مرحلة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬7‭ ‬أكتوبر2023،‭ ‬فتؤكد‭ ‬إصرار‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬موقفها‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬‮«‬الكيان‮»‬‭. ‬فلقد‭ ‬استخدمت‭ ‬للمرة‭ ‬الثالثة‭ (‬الفيتو‭) ‬بمجلس‭ ‬الأمن‭ ‬منذ‭ ‬بدء‭ ‬الإبادة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الجماعية‭ ‬لسكان‭ ‬‮«‬قطاع‭ ‬غزة‮»‬،‭ ‬فوقفت‭ ‬ضد‭ ‬مشاريع‭ ‬قرارات‭ ‬تدعو‭ ‬إلى‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬في‭ ‬‮«‬القطاع‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬الأسبوع‭ ‬قبل‭ ‬الماضي‭ ‬تحديداً،‭ ‬حصل‭ ‬مشروع‭ ‬قرار‭ ‬قدمته‭ ‬الجزائر‭ (‬يدعو‭ ‬إلى‭ ‬وقف‭ ‬‮«‬فوري‮»‬‭ ‬لإطلاق‭ ‬النار‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬لأسباب‭ ‬إنسانية‭) ‬على‭ ‬تأييد‭ (‬13‭) ‬عضوا‭ ‬من‭ ‬أصل‭ (‬15‭)‬،‭ ‬فيما‭ ‬عارضته‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬باستخدام‭ (‬الفيتو‭) ‬وامتنعت‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬عن‭ ‬التصويت‭!‬

المتابع‭ ‬لما‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬واشنطن‭ ‬تجاه‭ ‬تل‭ ‬أبيب،‭ ‬يدرك‭ ‬تماماً‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬تيارات‭ ‬سياسية‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬تسعى‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬نفوذها‭ ‬وصلاحياتها‭ ‬للضغط‭ ‬على‭ ‬صناع‭ ‬القرار‭ ‬لتوفير‭ ‬‮«‬درع‭ ‬دبلوماسي‮»‬‭ ‬يحمي‭ ‬انتهاكات‭ ‬الدولة‭ ‬الصهيونية‭ ‬وفق‭ ‬قاعدة‭: ‬‮«‬انصر‭ ‬أخاك‭ ‬ظالما‭ ‬أو‮…‬‭ ‬ظالما‭ ‬أيضاً‮»‬‭.‬

كما‭ ‬تقوم‭ ‬هذه‭ ‬التيارات‭ ‬بتقديم‭ ‬دعمها‭ ‬الى‭ ‬‮«‬إسرائيل‮»‬‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬الحروب‭ ‬التي‭ ‬تشنها‭ ‬سواء،‭ ‬سياسيا‭ ‬أو‭ ‬عسكريا‭ ‬أو‭ ‬اقتصاديا‭. ‬ومما‭ ‬يجدر‭ ‬ذكره،‭ ‬وبحسب‭ ‬بيانات‭ ‬‮«‬الوكالة‭ ‬الأمريكية‭ ‬للتنمية‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬بلغت‭ ‬المساعدات‭ ‬الإجمالية‭ ‬المقدمة‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬للكيان‭ ‬الصهيوني‭ (‬فيما‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬1946‭ ‬و2023‭) ‬إلى‭ (‬260‭) ‬مليار‭ ‬دولار‭. ‬

وفي‭ ‬النطاق‭ ‬السياسي،‭ ‬لطالما‭ ‬حرصت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬تهيئة‭ ‬الغطاء‭ ‬اللازم‭ ‬للكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬وتبرير‭ ‬اعتداءاته،‭ ‬سواء‭ ‬داخل‭ ‬فلسطين‭ ‬أم‭ ‬خارجها‭. ‬فهي‭ ‬تسعى‭ ‬دائما‭ ‬إلى‭ ‬توفير‭ ‬المناخ‭ ‬الآمن‭ ‬للكيان،‭ ‬ولا‭ ‬تمانع‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬سلاح‭ ‬‮«‬حق‭ ‬النقض‮»‬‭ ‬لإبعاده‭ ‬عن‭ ‬الإدانة‭ ‬العالمية‭. ‬وحقاً،‭ ‬أصبح‭ ‬الفيتو‭ ‬الأمريكي‭ ‬بمثابة‭ ‬تصريح‭ ‬واضحٍ‭ ‬بإطلاق‭ ‬النار‭ ‬لقتل‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬حماية‭ ‬‮«‬إسرائيل‮»‬‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬مساءلة‭ ‬دولية،‭ ‬بل‭ ‬ومنع‭ ‬أي‭ ‬نجاح‭ ‬لمساعي‭ ‬تحقيق‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

وفي‭ ‬الخلاصة،‭ ‬استخدمت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ (‬الفيتو‭) ‬دعما‭ ‬للكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬النقض‭ ‬ضد‭ ‬السلام،‭ ‬وضد‭ ‬العدالة،‭ ‬وضد‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬وضد‭ ‬كل‭ ‬مبدأ‭ ‬من‭ ‬مبادئ‭ ‬ميثاق‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬التي‭ ‬تزعم‭ ‬أنها‭ ‬تدعمه‭.‬

فلقد‭ ‬تحول‭ ‬‮«‬حق‭ ‬الفيتو‮»‬‭ ‬أمريكياً‭ ‬الى‭ ‬استحقاق‭ ‬يشهر‭ ‬دائماً‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬‮«‬الحق‭ ‬الإنساني‮»‬،‭ ‬وبات‭ ‬سلاحاً‭ ‬فاجراً‭ ‬ضد‭ ‬منظومة‭ ‬القيم‭ ‬الأخلاقية‭ ‬الإنسانية،‭ ‬وأيضاً‭ ‬ضد‭ ‬مجموعة‭ ‬نصوص‭ ‬ومعاني‭ ‬الشرعية‭ ‬الدولية،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬الجرائم‭ ‬التي‭ ‬ارتكبتها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬نفسها‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬ونقصد‭ ‬‮«‬الجرائم‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية‮»‬‭ ‬التي‭ ‬ارتكبتها‭ ‬أمريكا‭ ‬وحدها،‭ ‬أو‭ ‬ارتكبتها‭ ‬عبر‭ ‬وكلائها‭ ‬وعلى‭ ‬رأسهم‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭. ‬هذا‭ ‬‮«‬الكيان‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬أصبح‭ ‬مجرد‭ ‬تابع‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬أقلها‭ ‬طوال‭ ‬أشهر‭ ‬العدوان‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬إذ‭ ‬بات‭ ‬واضحاً‭ ‬أن‭ ‬الجيش‭ ‬الأمريكي‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬يدرب‭ ‬ويفتح‭ ‬خزائن‭ ‬أسلحته‭ ‬ويمول‭ ‬ويحرك‭ ‬أساطيله‭ ‬ويحمي‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬بينما‭ ‬يلقي‭ ‬فتات‭ ‬الطعام‭ ‬للفلسطينيين،‭ ‬ولدى‭ ‬بلاده‭ ‬كل‭ ‬أوراق‭ ‬الحرب؟‭!‬

وطالما‭ ‬أن‭ ‬‮«‬إسرائيل‮»‬‭ ‬متهمة‭ ‬بارتكاب‭ ‬إبادة‭ ‬جماعية‭ ‬فيجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬إلى‭ ‬جانبها‭ ‬في‭ ‬قفص‭ ‬الاتهام،‭ ‬طبعاً‭ ‬إن‭ ‬هي‭ ‬لم‭ ‬تسارع‭ ‬إلى‭ ‬تغيير‭ ‬موقفها‭ ‬العدواني‭ ‬الراهن،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬نأمله‮…‬‭ ‬لكننا‭ ‬لا‭ ‬نتوقعه‭!‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا