العدد : ١٧٠٨٠ - الجمعة ٢٧ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٦ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨٠ - الجمعة ٢٧ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٦ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

وماذا عن حق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن نفسه؟

بقلم: د. رمزي بارود

الخميس ٢٩ فبراير ٢٠٢٤ - 02:00

في‭ ‬شهر‭ ‬فبراير‭ ‬2024م،‭ ‬كان‭ ‬المستشار‭ ‬الألماني‭ ‬أولاف‭ ‬شولتز‭ ‬في‭ ‬واشنطن‭ ‬في‭ ‬زيارة‭ ‬رسمية،‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬العمل‭ ‬بشكل‭ ‬مشترك‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬‮«‬للتأكد‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬لديها‭ ‬ما‭ ‬تحتاجه‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬نفسها‮»‬‭.‬

إذا‭ ‬صدر‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬التصريح‭ ‬بعد‭ ‬وقت‭ ‬قصير‭ ‬من‭ ‬عملية‭ ‬‮«‬طوفان‭ ‬الأقصى‮»‬‭ ‬في‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬2024م،‭ ‬فيمكن‭ ‬للمرء‭ ‬أن‭ ‬يعرف‭ ‬منطقه،‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬الانحياز‭ ‬المتأصل‭ ‬المعروف‭ ‬لدى‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬واشنطن‭ ‬وبرلين‭ ‬تجاه‭ ‬إسرائيل‭.‬

لكن‭ ‬البيان‭ ‬والزيارة‭ ‬تم‭ ‬إجراؤهما‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬الـ125‭ ‬لواحدة‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬عمليات‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬دموية‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬الحديث‭.‬

وقد‭ ‬تم‭ ‬تسليط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬الغرض‭ ‬من‭ ‬الزيارة‭ ‬في‭ ‬مؤتمر‭ ‬صحفي‭ ‬عقده‭ ‬المتحدث‭ ‬باسم‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬جون‭ ‬كيربي،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬اعترف‭ ‬بعد‭ ‬ساعات‭ ‬بأن‭ ‬إسرائيل‭ ‬تجاوزت‭ ‬‮«‬الحدود‮»‬‭ ‬في‭ ‬ردها‭ ‬على‭ ‬هجوم‭ ‬حماس‭ ‬في‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭.‬

إذا‭ ‬كان‭ ‬قتل‭ ‬وجرح‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬100‭ ‬ألف‭ ‬مدني،‭ ‬والعدد‭ ‬في‭ ‬ازدياد،‭ ‬هو‭ ‬النسخة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬النفس،‭ ‬فإن‭ ‬كلاً‭ ‬من‭ ‬شولتز‭ ‬وبايدن‭ ‬قاما‭ ‬بعمل‭ ‬رائع‭ ‬في‭ ‬ضمان‭ ‬حصول‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬تحتاجه‭ ‬لتحقيق‭ ‬مهمتها‭ ‬الدموية‭.‬

لكن‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬من‭ ‬يحق‭ ‬له‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬النفس،‭ ‬إسرائيل‭ ‬أم‭ ‬فلسطين؟

في‭ ‬زيارتي‭ ‬الأخيرة‭ ‬لمستشفى‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬دول‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬والتي‭ ‬ظلت‭ ‬سرية‭ ‬كشرط‭ ‬مسبق‭ ‬لزيارتي،‭ ‬شهدت‭ ‬أحد‭ ‬أفظع‭ ‬المشاهد‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يراها‭ ‬أي‭ ‬شخص‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭. ‬عشرات‭ ‬من‭ ‬الأطفال‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬بلا‭ ‬أطراف،‭ ‬بعضهم‭ ‬مازال‭ ‬يقاتل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬حياته،‭ ‬وبعضهم‭ ‬مصاب‭ ‬بحروق‭ ‬بالغة‭ ‬والبعض‭ ‬الآخر‭ ‬في‭ ‬غيبوبة‭.‬

أولئك‭ ‬الذين‭ ‬تمكنوا‭ ‬من‭ ‬استخدام‭ ‬أيديهم‭ ‬قاموا‭ ‬برسم‭ ‬الأعلام‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وعلقوها‭ ‬على‭ ‬الجدران‭ ‬بجانب‭ ‬أسرّتهم‭ ‬في‭ ‬المستشفى‭. ‬ارتدى‭ ‬البعض‭ ‬قمصان‭ ‬‮«‬سبونج‭ ‬بوب‮»‬‭ ‬والبعض‭ ‬الآخر‭ ‬قبعات‭ ‬عليها‭ ‬شخصيات‭ ‬ديزني‭. ‬لقد‭ ‬كانوا‭ ‬أنقياء،‭ ‬وأبرياء،‭ ‬وفلسطينيين‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭.‬

قام‭ ‬اثنان‭ ‬من‭ ‬الأطفال‭ ‬بإظهار‭ ‬علامة‭ ‬النصر‭ ‬بمجرد‭ ‬أن‭ ‬قلنا‭ ‬وداعًا‭. ‬أراد‭ ‬الأطفال‭ ‬الصغار‭ ‬أن‭ ‬ينقلوا‭ ‬إلى‭ ‬العالم‭ ‬أنهم‭ ‬يظلون‭ ‬أقوياء‭ ‬وأنهم‭ ‬يعرفون‭ ‬بالضبط‭ ‬من‭ ‬هم‭ ‬ومن‭ ‬أين‭ ‬أتوا‭.‬

كان‭ ‬الأطفال‭ ‬أصغر‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يدركوا‭ ‬السياق‭ ‬القانوني‭ ‬والسياسي‭ ‬لمشاعرهم‭ ‬القوية‭ ‬تجاه‭ ‬وطنهم‭.‬

لقد‭ ‬أكد‭ ‬قرار‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬رقم‭ ‬3236‭ (‬التاسع‭ ‬والعشرون‭) ‬‮«‬حق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬غير‭ ‬القابل‭ ‬للتصرف‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ (..)‬،‭ ‬والحق‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬المصير،‭ (‬و‭) ‬الحق‭ ‬في‭ ‬الاستقلال‭ ‬الوطني‭ ‬والسيادة‭ ‬الوطنية‮»‬‭.‬

ربما‭ ‬تكون‭ ‬عبارة‭ ‬‮«‬حق‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬المصير‮»‬‭ ‬هي‭ ‬العبارة‭ ‬الأكثر‭ ‬تكرارًا‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بفلسطين‭ ‬والنضال‭ ‬الفلسطيني‭ ‬منذ‭ ‬إنشاء‭ ‬منظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭.‬

وفي‭ ‬يوم‭ ‬26‭ ‬يناير‭ ‬2024م،‭ ‬أكدت‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬أيضًا‭ ‬ما‭ ‬نعرفه‭ ‬بالفعل،‭ ‬وهو‭ ‬أن‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬هم‭ ‬‮«‬مجموعة‭ ‬قومية‭ ‬أو‭ ‬إثنية‭ ‬أو‭ ‬عنصرية‭ ‬أو‭ ‬دينية‮»‬‭ ‬متميزة‭.‬

إن‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأطفال‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬المصابين‭ ‬لا‭ ‬يحتاجون‭ ‬إلى‭ ‬لغة‭ ‬قانونية‭ ‬أو‭ ‬شعارات‭ ‬سياسية‭ ‬لتحديد‭ ‬مكان‭ ‬وجودهم‭. ‬إن‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬العيش‭ ‬دون‭ ‬خوف‭ ‬من‭ ‬الإبادة،‭ ‬ودون‭ ‬قنابل،‭ ‬ودون‭ ‬احتلال‭ ‬عسكري‭ ‬هو‭ ‬حق‭ ‬طبيعي،‭ ‬لا‭ ‬يتطلب‭ ‬أي‭ ‬حجج‭ ‬قانونية‭ ‬وغير‭ ‬منزعج‭ ‬من‭ ‬العنصرية‭ ‬أو‭ ‬خطاب‭ ‬الكراهية‭ ‬أو‭ ‬الدعاية‭.‬

ولكن‭ ‬من‭ ‬المؤسف‭ ‬أننا‭ ‬لا‭ ‬نعيش‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬يسوده‭ ‬المنطق‭ ‬السليم،‭ ‬بل‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬من‭ ‬الأنظمة‭ ‬القانونية‭ ‬والسياسية‭ ‬المقلوبة‭ ‬رأسا‭ ‬على‭ ‬عقب‭ ‬والتي‭ ‬وجدت‭ ‬لتلبية‭ ‬احتياجات‭ ‬الأقوياء‭ ‬فقط‭.‬

في‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬الموازي،‭ ‬يشعر‭ ‬شولتز‭ ‬بالقلق‭ ‬إزاء‭ ‬قدرة‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬‮«‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬نفسها‮»‬‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬السكان‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬المحاصرين،‭ ‬الذين‭ ‬يتضورون‭ ‬جوعا‭ ‬وينزفون،‭ ‬لكنهم‭ ‬غير‭ ‬قادرين‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬أي‭ ‬قدر‭ ‬ملموس‭ ‬من‭ ‬العدالة‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬لإسرائيل‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬نفسها‭.‬

ومن‭ ‬الناحية‭ ‬المنطقية،‭ ‬لا‭ ‬ينبغي‭ ‬لأولئك‭ ‬الذين‭ ‬ينفذون‭ ‬أعمال‭ ‬العدوان‭ ‬أن‭ ‬يطالبوا‭ ‬ضحاياهم‭ ‬بالامتناع‭ ‬عن‭ ‬الرد‭.‬

لقد‭ ‬وقع‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬ضحية‭ ‬الاستعمار‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬والاحتلال‭ ‬العسكري‭ ‬والفصل‭ ‬العنصري‭ ‬والحصار‭ ‬والآن‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭. ‬ولذلك‭ ‬فإن‭ ‬قيام‭ ‬إسرائيل‭ ‬بتفعيل‭ ‬المادة‭ ‬51‭ ‬من‭ ‬الفصل‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬ميثاق‭ ‬منظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬يعد‭ ‬استهزاء‭ ‬بالقانون‭ ‬الدولي‭.‬

أما‭ ‬المادة‭ ‬51،‭ ‬التي‭ ‬كثيراً‭ ‬ما‭ ‬تستخدمها‭ ‬القوى‭ ‬العظمى‭ ‬لتبرير‭ ‬حروبها‭ ‬وتدخلاتها‭ ‬العسكرية،‭ ‬فقد‭ ‬تم‭ ‬تصميمها‭ ‬بروح‭ ‬قانونية‭ ‬مختلفة‭ ‬تماماً‭.‬

وتحظر‭ ‬المادة‭ ‬2‭ (‬4‭) ‬من‭ ‬الفصل‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬ميثاق‭ ‬منظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬‮«‬التهديد‭ ‬باستعمال‭ ‬القوة‭ ‬أو‭ ‬استخدامها‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‮»‬‭. ‬كما‭ ‬‮«‬يدعو‭ ‬جميع‭ ‬الأعضاء‭ ‬إلى‭ ‬احترام‭ ‬سيادة‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى‭ ‬وسلامتها‭ ‬الإقليمية‭ ‬واستقلالها‭ ‬السياسي‮»‬‭. ‬

وبما‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬تنتهك‭ ‬المادة‭ ‬2‭ (‬4‭)‬،‭ ‬فلا‭ ‬يحق‭ ‬لها‭ ‬ببساطة‭ ‬تفعيل‭ ‬المادة‭ ‬51‭. ‬

وفي‭ ‬شهر‭ ‬نوفمبر‭ ‬2012م،‭ ‬تم‭ ‬الاعتراف‭ ‬بفلسطين‭ ‬كدولة‭ ‬مراقبة‭ ‬في‭ ‬منظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭. ‬وهي‭ ‬أيضًا‭ ‬عضو‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬لا‭ ‬يحصى‭ ‬من‭ ‬المعاهدات‭ ‬الدولية،‭ ‬وتعترف‭ ‬بها‭ ‬139‭ ‬دولة‭ ‬من‭ ‬أصل‭ ‬193‭ ‬عضوًا‭ ‬في‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭.‬

وحتى‭ ‬لو‭ ‬قبلنا‭ ‬الحجة‭ ‬القائلة‭ ‬بأن‭ ‬ميثاق‭ ‬منظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لا‭ ‬ينطبق‭ ‬إلا‭ ‬على‭ ‬الأعضاء‭ ‬الكاملين‭ ‬في‭ ‬منظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬فلا‭ ‬يزال‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬ترسيخ‭ ‬حق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬النفس‭.‬

وفي‭ ‬عام‭ ‬1960،‭ ‬ضمن‭ ‬إعلان‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬رقم‭ ‬1594‭ ‬الاستقلال‭ ‬للدول‭ ‬والشعوب‭ ‬المستعمرة،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يناقش‭ ‬حق‭ ‬المستعمر‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬القوة،‭ ‬فإنه‭ ‬أدان‭ ‬استخدام‭ ‬القوة‭ ‬ضد‭ ‬حركات‭ ‬التحرير‭.‬

وفي‭ ‬عام‭ ‬1964،‭ ‬صوتت‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬لمنظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لصالح‭ ‬القرار‭ ‬رقم‭ ‬2105،‭ ‬الذي‭ ‬اعترف‭ ‬بشرعية‭ ‬‮«‬نضال‮»‬‭ ‬الدول‭ ‬المستعمرة‭ ‬لممارسة‭ ‬حقها‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬المصير‭.‬

وفي‭ ‬عام‭ ‬1973،‭ ‬أصدرت‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬لمنظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬القرار‭ ‬رقم‭ ‬38‭/‬17‭ ‬لعام‭ ‬1983‭. ‬وكانت‭ ‬اللغة‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬واضحة‭ ‬لا‭ ‬لبس‭ ‬فيها؛‭ ‬للشعب‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬النضال‭ ‬ضد‭ ‬السيطرة‭ ‬الأجنبية‭ ‬الاستعمارية‭ ‬بكل‭ ‬الوسائل‭ ‬الممكنة،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الكفاح‭ ‬المسلح‭.‬

إن‭ ‬نفس‭ ‬الديناميكيات‭ ‬التي‭ ‬حكمت‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬أيامها‭ ‬الأولى‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬مستمرة‭ ‬حتى‭ ‬يومنا‭ ‬هذا،‭ ‬حيث‭ ‬تستمر‭ ‬الدول‭ ‬الغربية،‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تمثل‭ ‬الجزء‭ ‬الأكبر‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬القوى‭ ‬الاستعمارية‭ ‬في‭ ‬الماضي،‭ ‬في‭ ‬منح‭ ‬نفسها‭ ‬احتكار‭ ‬استخدام‭ ‬القوة‭.‬

وعلى‭ ‬العكس‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬يصر‭ ‬الجنوب‭ ‬العالمي،‭ ‬الذي‭ ‬عانى‭ ‬تحت‭ ‬نير‭ ‬تلك‭ ‬الأنظمة‭ ‬الغربية،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬له‭ ‬أيضًا‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬نفسه‭ ‬ضد‭ ‬التدخل‭ ‬الأجنبي‭ ‬والاستعمار‭ ‬والاحتلال‭ ‬العسكري‭ ‬والفصل‭ ‬العنصري‭.‬

وبينما‭ ‬كان‭ ‬شولتز‭ ‬في‭ ‬واشنطن‭ ‬لمناقشة‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الطرق‭ ‬لقتل‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬قدمت‭ ‬دولة‭ ‬نيكاراغوا‭ ‬طلبًا‭ ‬رسميًا‭ ‬للانضمام‭ ‬إلى‭ ‬جنوب‭ ‬إفريقيا‭ ‬في‭ ‬جهودها‭ ‬الرامية‭ ‬إلى‭ ‬محاسبة‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬جريمة‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬في‭ ‬غزة‭.‬

ومن‭ ‬المثير‭ ‬للاهتمام‭ ‬كيف‭ ‬يواصل‭ ‬المستعمرون‭ ‬والدول‭ ‬التي‭ ‬عانت‭ ‬من‭ ‬الاستعمار‭ ‬بناء‭ ‬العلاقات‭ ‬والتضامن‭ ‬حول‭ ‬نفس‭ ‬المبادئ‭ ‬القديمة‭. ‬ومرة‭ ‬أخرى‭ ‬يرتفع‭ ‬الجنوب‭ ‬العالمي‭ ‬تضامناً‭ ‬مع‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬يواصل‭ ‬الشمال،‭ ‬مع‭ ‬بعض‭ ‬الاستثناءات،‭ ‬دعم‭ ‬القمع‭ ‬الإسرائيلي‭.‬

قبل‭ ‬أن‭ ‬أغادر‭ ‬المستشفى‭ ‬مباشرة،‭ ‬أعطاني‭ ‬طفل‭ ‬جريح‭ ‬صورة‭ ‬رسمها،‭ ‬حيث‭ ‬تظهر‭ ‬فيها‭ ‬عدة‭ ‬صور‭ ‬متداخلة‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬الطفل‭ ‬الصغير‭ ‬يصنع‭ ‬تسلسلاً‭ ‬زمنيًا‭ ‬للأحداث‭ ‬التي‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬إصابته‭: ‬خيمة‭ ‬بداخلها‭ ‬جندي‭ ‬إسرائيلي‭ ‬يطلق‭ ‬النار‭ ‬على‭ ‬فلسطيني؛‭ ‬قضبان‭ ‬السجن،‭ ‬ووالده‭ ‬بالداخل،‭ ‬وأخيراً‭ ‬مقاتل‭ ‬فلسطيني‭ ‬يحمل‭ ‬العلم‭.‬

{ أكاديمي‭ ‬وكاتب‭ ‬فلسطيني

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا