زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
ما عليك بالمستند يا عم أحمد
كلما تطرقت إلى أمر يتعلق بالزواج والطلاق تذكرت مقولتين طريفتين، أولاهما أن الزواج سبب رئيس للطلاق، فلولا الزواج لما كان هناك طلاق، وثانيتهما إنه إذا كانت 35% من الزيجات تنتهي بالطلاق، فإن 65% منها تنتهي بالوفاة، وعلى كل شخص أن «يُفاضل» بين الموت والطلاق.
ونعرج من تلك النقطة إلى أمور الغزل والحب العابر، وذلك الذي ينتهي بالزواج ثم الزيجات التي تنتهي بالطلاق، ونقول إنه أتى على الرجل العربي حين من الدهر دام قروناً، كان يقيس فيه جمال المرأة بالكيلو، فكلما كانت كثيرة الشحم واللحم كان نصيبها من شعر الغزل وفيرا، ويا سعد من شبهها شاعر مشهور بأنها تمشي الهوينا كالناقة (لو قلت ذلك لفتاة معاصرة لعصرت رقبتك حتى تعوج كرقبة الناقة، وأعتقد ان الشعراء الجاهليين كانوا يعانون من خلل في غدد التذوق، فيتغزلون بالمرأة التي تشبه البعير، ولم أقرأ لأحد منهم شعرا يشبه فيه الحبيبة بحصان مع أن الحصان أجمل من كل الغزلان.. دعك من الهجن)، وحظ الشابات من الغزل في الشعر أو في الأسواق أوفر من حظ المرأة المتقدمة في السن، رغم أن الأخيرة قد تكون أكثر جمالاً بحكم أنها كانت جميلة منذ مرحلتي الصبا والشباب، وجمال معظمهن يصمد في وجه عوامل التعرية والجفاف والتصحر.
وتصمد معظم الزيجات لأن التفاهم والمودة يحلان محل الغزل، فالزمن كفيل بتجريد المرأة من الخصر النحيف والخد الأسيل والعين الكحيلة والوجه الجميل، والقوام الممشوق يصبح (عاشق معشوق) كما نقول في السودان عن الشيء الذي يتم تركيبه وتجميعه عشوائيا، أما ما يفعله الزمن بالرجل فـ(خلوها مستورة)، والغريب في الأمر أنه في حكم النادر أن تسمع بامرأة نفرت من زوجها لأنه تكرش ووجهه تكرمش وجلده تخربش، في حين أن كل واحد من القراء يعرف رجلًا واحداً على الأقل تنكر لزوجته لأنه لا يعترف بدور عامل الزمن في تغيير الملامح، ويريد لنفسه زوجة (فُل أوتوماتيك من الوكالة).
قبل سنين عددا وقف السيد أحمد أمام محكمة الأسرة في عاصمة عربية طالباً الطلاق من زوجته. فسأله القاضي الشاب: ليه يا عم أحمد (عمره 65 سنة) تريد الطلاق بعد زواج دام 32 سنة؟ فأجاب الرجل: لأن زوجتي غشاشة وكذابة وضحكت علي! س: وكيف ضحكت عليك زوجتك؟ ج: عندما تزوجتها قدمت بطاقة شخصية تثبت أنها من مواليد عام 1940 وقبل أيام شرعت في استخراج بدل فاقد لشهادة ميلادها لاستكمال إجراءات رسمية، وفوجئت بأنها من مواليد 1924.. يعني أكبر مني بكذا سنة.. هنا قال له القاضي: إن القانون يقضي له بالطلاق لأن الزوجة قدمت معلومات كاذبة عند عقد القران، ولكنه اقترح عليهما مقابلة أخصائية اجتماعية لدى المحكمة، جلسا أمام الأخصائية التي فهمت أن عم أحمد لا يعيب على زوجته شيئاً سوى أنها أكبر منه سناً (كما اكتشف لاحقاً) وأن الزواج أسفر عن إنجاب ولدين. والولدان لم يقصرا، وأنجبا بدورهما خمسة عيال، أي أن عمو أحمد كان لديه وقتها خمسة أحفاد من الست التي قالت له عند الزواج أن عمرها 34 سنة، المهم أن أحمد أصر على الطلاق قائلاً: إنه لم يكن سيتزوج بها لو كان يعرف أنها أكبر منه ولو بيوم واحد!!
يعني لولا الشهادة (الزفت) تلك لعاش عم أحمد هانئ البال مع زوجته التي كان عمرها الفعلي عند الزواج خمسين سنة. يعني كانت في الخمسين ولكن شكلها كان يوحي بأنها في أول الثلاثينات كما هو مدون في البطاقة المزورة التي استخدمتها لعقد الزواج. يعني -مرة أخرى- عمر الزوجة الحقيقي كان ساعتها 80 سنة بالتمام والكمال، ولكن عمو أحمد كان يعتقد أنها في الـ62 أي أصغر منه بثلاث سنوات!! امرأة فلتة تلك التي تكون في الخمسين وتبدو وكأنها في أول الثلاثينات وتكون في الثمانين وتبدو وكأنها في أول الستينات! صح.. مالك وما تقوله الأوراق يا أحمد طالما أن شكلها غير مزور؟
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك