العدد : ١٦٨٣٧ - الأحد ٢٨ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٣٧ - الأحد ٢٨ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ شوّال ١٤٤٥هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

ما عليك بالمستند يا عم أحمد

كلما‭ ‬تطرقت‭ ‬إلى‭ ‬أمر‭ ‬يتعلق‭ ‬بالزواج‭ ‬والطلاق‭ ‬تذكرت‭ ‬مقولتين‭ ‬طريفتين،‭ ‬أولاهما‭ ‬أن‭ ‬الزواج‭ ‬سبب‭ ‬رئيس‭ ‬للطلاق،‭ ‬فلولا‭ ‬الزواج‭ ‬لما‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬طلاق،‭ ‬وثانيتهما‭ ‬إنه‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬35‭% ‬من‭ ‬الزيجات‭ ‬تنتهي‭ ‬بالطلاق،‭ ‬فإن‭ ‬65%‭ ‬منها‭ ‬تنتهي‭ ‬بالوفاة،‭ ‬وعلى‭ ‬كل‭ ‬شخص‭ ‬أن‭ ‬‮«‬يُفاضل‮»‬‭ ‬بين‭ ‬الموت‭ ‬والطلاق‭.‬

ونعرج‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬النقطة‭ ‬إلى‭ ‬أمور‭ ‬الغزل‭ ‬والحب‭ ‬العابر،‭ ‬وذلك‭ ‬الذي‭ ‬ينتهي‭ ‬بالزواج‭ ‬ثم‭ ‬الزيجات‭ ‬التي‭ ‬تنتهي‭ ‬بالطلاق،‭ ‬ونقول‭ ‬إنه‭ ‬أتى‭ ‬على‭ ‬الرجل‭ ‬العربي‭ ‬حين‭ ‬من‭ ‬الدهر‭ ‬دام‭ ‬قروناً،‭ ‬كان‭ ‬يقيس‭ ‬فيه‭ ‬جمال‭ ‬المرأة‭ ‬بالكيلو،‭ ‬فكلما‭ ‬كانت‭ ‬كثيرة‭ ‬الشحم‭ ‬واللحم‭ ‬كان‭ ‬نصيبها‭ ‬من‭ ‬شعر‭ ‬الغزل‭ ‬وفيرا،‭ ‬ويا‭ ‬سعد‭ ‬من‭ ‬شبهها‭ ‬شاعر‭ ‬مشهور‭ ‬بأنها‭ ‬تمشي‭ ‬الهوينا‭ ‬كالناقة‭ (‬لو‭ ‬قلت‭ ‬ذلك‭ ‬لفتاة‭ ‬معاصرة‭ ‬لعصرت‭ ‬رقبتك‭ ‬حتى‭ ‬تعوج‭ ‬كرقبة‭ ‬الناقة،‭ ‬وأعتقد‭ ‬ان‭ ‬الشعراء‭ ‬الجاهليين‭ ‬كانوا‭ ‬يعانون‭ ‬من‭ ‬خلل‭ ‬في‭ ‬غدد‭ ‬التذوق،‭ ‬فيتغزلون‭ ‬بالمرأة‭ ‬التي‭ ‬تشبه‭ ‬البعير،‭ ‬ولم‭ ‬أقرأ‭ ‬لأحد‭ ‬منهم‭ ‬شعرا‭ ‬يشبه‭ ‬فيه‭ ‬الحبيبة‭ ‬بحصان‭ ‬مع‭ ‬أن‭ ‬الحصان‭ ‬أجمل‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الغزلان‭.. ‬دعك‭ ‬من‭ ‬الهجن‭)‬،‭ ‬وحظ‭ ‬الشابات‭ ‬من‭ ‬الغزل‭ ‬في‭ ‬الشعر‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬الأسواق‭ ‬أوفر‭ ‬من‭ ‬حظ‭ ‬المرأة‭ ‬المتقدمة‭ ‬في‭ ‬السن،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬الأخيرة‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬أكثر‭ ‬جمالاً‭ ‬بحكم‭ ‬أنها‭ ‬كانت‭ ‬جميلة‭ ‬منذ‭ ‬مرحلتي‭ ‬الصبا‭ ‬والشباب،‭ ‬وجمال‭ ‬معظمهن‭ ‬يصمد‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬عوامل‭ ‬التعرية‭ ‬والجفاف‭ ‬والتصحر‭.‬

وتصمد‭ ‬معظم‭ ‬الزيجات‭ ‬لأن‭ ‬التفاهم‭ ‬والمودة‭ ‬يحلان‭ ‬محل‭ ‬الغزل،‭ ‬فالزمن‭ ‬كفيل‭ ‬بتجريد‭ ‬المرأة‭ ‬من‭ ‬الخصر‭ ‬النحيف‭ ‬والخد‭ ‬الأسيل‭ ‬والعين‭ ‬الكحيلة‭ ‬والوجه‭ ‬الجميل،‭ ‬والقوام‭ ‬الممشوق‭ ‬يصبح‭ (‬عاشق‭ ‬معشوق‭) ‬كما‭ ‬نقول‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬عن‭ ‬الشيء‭ ‬الذي‭ ‬يتم‭ ‬تركيبه‭ ‬وتجميعه‭ ‬عشوائيا،‭ ‬أما‭ ‬ما‭ ‬يفعله‭ ‬الزمن‭ ‬بالرجل‭ ‬فـ‭(‬خلوها‭ ‬مستورة‭)‬،‭ ‬والغريب‭ ‬في‭ ‬الأمر‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬حكم‭ ‬النادر‭ ‬أن‭ ‬تسمع‭ ‬بامرأة‭ ‬نفرت‭ ‬من‭ ‬زوجها‭ ‬لأنه‭ ‬تكرش‭ ‬ووجهه‭ ‬تكرمش‭ ‬وجلده‭ ‬تخربش،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬القراء‭ ‬يعرف‭ ‬رجلًا‭ ‬واحداً‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬تنكر‭ ‬لزوجته‭ ‬لأنه‭ ‬لا‭ ‬يعترف‭ ‬بدور‭ ‬عامل‭ ‬الزمن‭ ‬في‭ ‬تغيير‭ ‬الملامح،‭ ‬ويريد‭ ‬لنفسه‭ ‬زوجة‭ (‬فُل‭ ‬أوتوماتيك‭ ‬من‭ ‬الوكالة‭).‬

قبل‭ ‬سنين‭ ‬عددا‭ ‬وقف‭ ‬السيد‭ ‬أحمد‭ ‬أمام‭ ‬محكمة‭ ‬الأسرة‭ ‬في‭ ‬عاصمة‭ ‬عربية‭ ‬طالباً‭ ‬الطلاق‭ ‬من‭ ‬زوجته‭. ‬فسأله‭ ‬القاضي‭ ‬الشاب‭: ‬ليه‭ ‬يا‭ ‬عم‭ ‬أحمد‭ (‬عمره‭ ‬65‭ ‬سنة‭) ‬تريد‭ ‬الطلاق‭ ‬بعد‭ ‬زواج‭ ‬دام‭ ‬32‭ ‬سنة؟‭ ‬فأجاب‭ ‬الرجل‭: ‬لأن‭ ‬زوجتي‭ ‬غشاشة‭ ‬وكذابة‭ ‬وضحكت‭ ‬علي‭! ‬س‭: ‬وكيف‭ ‬ضحكت‭ ‬عليك‭ ‬زوجتك؟‭ ‬ج‭: ‬عندما‭ ‬تزوجتها‭ ‬قدمت‭ ‬بطاقة‭ ‬شخصية‭ ‬تثبت‭ ‬أنها‭ ‬من‭ ‬مواليد‭ ‬عام‭ ‬1940‭ ‬وقبل‭ ‬أيام‭ ‬شرعت‭ ‬في‭ ‬استخراج‭ ‬بدل‭ ‬فاقد‭ ‬لشهادة‭ ‬ميلادها‭ ‬لاستكمال‭ ‬إجراءات‭ ‬رسمية،‭ ‬وفوجئت‭ ‬بأنها‭ ‬من‭ ‬مواليد‭ ‬1924‭.. ‬يعني‭ ‬أكبر‭ ‬مني‭ ‬بكذا‭ ‬سنة‭.. ‬هنا‭ ‬قال‭ ‬له‭ ‬القاضي‭: ‬إن‭ ‬القانون‭ ‬يقضي‭ ‬له‭ ‬بالطلاق‭ ‬لأن‭ ‬الزوجة‭ ‬قدمت‭ ‬معلومات‭ ‬كاذبة‭ ‬عند‭ ‬عقد‭ ‬القران،‭ ‬ولكنه‭ ‬اقترح‭ ‬عليهما‭ ‬مقابلة‭ ‬أخصائية‭ ‬اجتماعية‭ ‬لدى‭ ‬المحكمة،‭ ‬جلسا‭ ‬أمام‭ ‬الأخصائية‭ ‬التي‭ ‬فهمت‭ ‬أن‭ ‬عم‭ ‬أحمد‭ ‬لا‭ ‬يعيب‭ ‬على‭ ‬زوجته‭ ‬شيئاً‭ ‬سوى‭ ‬أنها‭ ‬أكبر‭ ‬منه‭ ‬سناً‭ (‬كما‭ ‬اكتشف‭ ‬لاحقاً‭) ‬وأن‭ ‬الزواج‭ ‬أسفر‭ ‬عن‭ ‬إنجاب‭ ‬ولدين‭. ‬والولدان‭ ‬لم‭ ‬يقصرا،‭ ‬وأنجبا‭ ‬بدورهما‭ ‬خمسة‭ ‬عيال،‭ ‬أي‭ ‬أن‭ ‬عمو‭ ‬أحمد‭ ‬كان‭ ‬لديه‭ ‬وقتها‭ ‬خمسة‭ ‬أحفاد‭ ‬من‭ ‬الست‭ ‬التي‭ ‬قالت‭ ‬له‭ ‬عند‭ ‬الزواج‭ ‬أن‭ ‬عمرها‭ ‬34‭ ‬سنة،‭ ‬المهم‭ ‬أن‭ ‬أحمد‭ ‬أصر‭ ‬على‭ ‬الطلاق‭ ‬قائلاً‭: ‬إنه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬سيتزوج‭ ‬بها‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬يعرف‭ ‬أنها‭ ‬أكبر‭ ‬منه‭ ‬ولو‭ ‬بيوم‭ ‬واحد‭!!‬

يعني‭ ‬لولا‭ ‬الشهادة‭ (‬الزفت‭) ‬تلك‭ ‬لعاش‭ ‬عم‭ ‬أحمد‭ ‬هانئ‭ ‬البال‭ ‬مع‭ ‬زوجته‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬عمرها‭ ‬الفعلي‭ ‬عند‭ ‬الزواج‭ ‬خمسين‭ ‬سنة‭. ‬يعني‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬الخمسين‭ ‬ولكن‭ ‬شكلها‭ ‬كان‭ ‬يوحي‭ ‬بأنها‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬الثلاثينات‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬مدون‭ ‬في‭ ‬البطاقة‭ ‬المزورة‭ ‬التي‭ ‬استخدمتها‭ ‬لعقد‭ ‬الزواج‭. ‬يعني‭ -‬مرة‭ ‬أخرى‭- ‬عمر‭ ‬الزوجة‭ ‬الحقيقي‭ ‬كان‭ ‬ساعتها‭ ‬80‭ ‬سنة‭ ‬بالتمام‭ ‬والكمال،‭ ‬ولكن‭ ‬عمو‭ ‬أحمد‭ ‬كان‭ ‬يعتقد‭ ‬أنها‭ ‬في‭ ‬الـ62‭ ‬أي‭ ‬أصغر‭ ‬منه‭ ‬بثلاث‭ ‬سنوات‭!! ‬امرأة‭ ‬فلتة‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬الخمسين‭ ‬وتبدو‭ ‬وكأنها‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬الثلاثينات‭ ‬وتكون‭ ‬في‭ ‬الثمانين‭ ‬وتبدو‭ ‬وكأنها‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬الستينات‭! ‬صح‭.. ‬مالك‭ ‬وما‭ ‬تقوله‭ ‬الأوراق‭ ‬يا‭ ‬أحمد‭ ‬طالما‭ ‬أن‭ ‬شكلها‭ ‬غير‭ ‬مزور؟

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا