يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
بعد قرار محكمة العدل.. لا عذر لأحد
ماذا بعد أن أصدرت محكمة العدل الدولية قرارها المتعلق بالإجراءات العاجلة التي يجب أن يتخذها الكيان الصهيوني لمنع أعمال الإبادة الجماعية في غزة؟.. ماذا يجب أن يحدث؟
بداية يجب التذكير أن قرار المحكمة هو قرار ملزم ليس مثل بعض القرارات التي تصدرها بصفة استشارية غير ملزمة. ويعني هذا أن القرار واجب التنفيذ بشكل ملزم.
لكن كيف ينفذ القرار؟
طبعا إذا التزم العدو الصهيوني بتنفيذ القرار وفعل هذا. لكن كما نعلم العدو أعلن بالفعل أنه غير ملتزم بالقرار وأنه سيواصل الحرب بلا هوادة. ليس هذا فحسب بل تعمد العدو تصعيد العدوان بعد صدور القرار.
ما الذي يجب أن يحدث في هذا الحالة؟
المفروض في هذه الحالة أن يستخدم الأمين العام للأمم المتحدة صلاحياته وأن يقوم بدعوة مجلس الأمن الدولي إلى الانعقاد كي يقرر إجبار الكيان الصهيوني على تنفيذ القرار.
من المفهوم بالطبع أنه في هذه الحالة فإن الفيتو الأمريكي جاهز لمنع صدور أي قرار من مجلس الأمن في هذا الخصوص.
بعيدا عن الجانب المتعلق بالتطبيق العملي لقرار المحكمة، هناك ثلاثة جوانب مهمة يثيرها القرار:
الجانب الأول: أن قرار المحكمة له قوة ليست قانونية دولية فقط، وإنما أخلاقية وسياسية.
بمعنى أن القرار يضع كل دول العالم بلا استثناء أمام مسئولية أخلاقية وسياسية للتحرك لوقف حرب الإبادة التي يشنها الكيان الصهيوني في غزة ووضع حد نهائي لها.
لا عذر لأي دولة في العالم بعد القرار يبرر إحجامها عن أن تمارس كل الضغوط وتتخذ كل الإجراءات لإجبار الكيان الصهيوني على وقف حرب الإبادة.
الدول الغربية بالذات يجب أن تدرك أنها بهذا القرار موضوعة في دائرة الإدانة لمشاركتها في هذه الحرب عسكريا وسياسيا وإعلاميا، وأنها بهذا القرار للمحكمة دخلت التاريخ من أبشع أبوابه.. باب المشاركة في حرب إبادة لشعب بأسره. لهذا من المفروض على الأقل أن تفعل شيئا لوقف هذه الحرب بعد كل الدمار الذي لحق بسمعتها ومكانتها.
الجانب الثاني، يخص الدول العربية بالذات وموقفها بعد قرار المحكمة.
بداية من الغريب حقا أن كثيرا من الدول العربية أحجمت عن إعلان موقف بتأييد قرار المحكمة أو الترحيب به او أي شيء من هذا القبيل. كأن القضية لا تعنينا.
المهم اليوم أن الدول العربية يجب أن تدرك أن قرار المحكمة هو خطوة واحدة في معركة طويلة تخوضها جنوب إفريقيا. المحكمة تبدأ بعد القرار مداولات لإصدار حكم نهائي في قضية ارتكاب الكيان الصهيوني الإبادة الجماعية في غزة.
هذه قضية لها أهمية تاريخية كبرى في تاريخ الصراع العربي الصهيوني كله.
هذه المعركة ستمتد لأشهر طويلة. المفروض ألا تترك الدول العربية جنوب إفريقيا تخوض وحدها هذه المعركة بالنيابة عنا. كل الدول العربية التي وقعت اتفاقية الإبادة الجماعية يجب أن تنضم إلى جنوب إفريقيا في دعواها أمام المحكمة وأن تقدم كل الأدلة والوثائق التي تدعم إدانة العدو الصهيوني بالإبادة الجماعية.
وغير هذا المفروض أن تستغل الدول العربية حيثيات القرار الذي أصدرته محكمة العدل وموقف العدو الصهيوني من القرار لفضح العدو ولتدعيم الخطاب السياسي والإعلامي العربي في العالم.
الجانب الثالث: هناك جبهة أخرى لهذه المعركة تدور حاليا في المحكمة الجنائية الدولية المختصة بمحاكمة مجرمي الحرب والإبادة. القضية رفعتها المكسيك وتشيلي وطلبتا فيها من المحكمة التحقيق في جرائم الحرب في غزة وفي تورط قادة وجنود العدو في ارتكاب جرائم حرب.
أيضا هذه قضية يجب أن تدعمها الدول والمنظمات العربية بكل قوة.
عموما إذا كان قرار محكمة العدل قد وضع كل دول العالم أمام مسئوليتها بوقف الجرائم الصهيونية في غزة ويعتبر تحولا تاريخيا، فمن المعيب جدا ألا تستغل الدول العربية القرار ليس فقط لوقف الجرائم في غزة، وإنما أيضا لدعم الموقف العربي في الصراع الممتد مع العدو الصهيوني.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك