العدد : ١٦٨٤٥ - الاثنين ٠٦ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٤٥ - الاثنين ٠٦ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ شوّال ١٤٤٥هـ

قضايا و آراء

حقائق حول الاحتلال تبشّر بزواله

بقلم: د. سعيد الحاج {

الثلاثاء ٠٩ يناير ٢٠٢٤ - 02:00

مع‭ ‬استمرار‭ ‬العدوان‭ ‬‮«‬الإسرائيلي‮»‬‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬تسعين‭ ‬يومًا،‭ ‬ومع‭ ‬صمود‭ ‬الناس،‭ ‬وبسالة‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬تتبدّى‭ ‬مع‭ ‬الوقت‭ ‬زوايا‭ ‬جديدة،‭ ‬واعتبارات‭ ‬إضافية‭ ‬للحرب‭ ‬وتداعياتها،‭ ‬ومن‭ ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بدولة‭ ‬الاحتلال،‭ ‬وخصوصًا‭ ‬ما‭ ‬يرتبط‭ ‬بمستقبل‭ ‬وجودها‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

ثمة‭ ‬معضلة‭ ‬أساسية‭ ‬في‭ ‬تقييم‭ ‬الحرب‭ ‬الحالية‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬منشأُها‭ ‬أنها‭ ‬مختلفة‭ ‬تمامًا‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬المواجهات‭ ‬السابقة،‭ ‬وبالتالي‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬نموذج‭ ‬سابق‭ ‬يمكن‭ ‬البناء‭ ‬أو‭ ‬الاعتماد‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬التقييم‭ ‬والاستشراف‭.‬

من‭ ‬أهم‭ ‬الاختلافات‭ ‬‮«‬الموقفُ‭ ‬الغربي‮»‬‭ ‬الداعم‭ ‬للاحتلال‭ ‬بقيادة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأميركية،‭ ‬التي‭ ‬تنظر‭ ‬إلى‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬حربها‭ ‬هي،‭ ‬مقابل‭ ‬موقف‭ ‬عربي‭ ‬‭ ‬إسلامي‭ ‬أقل‭ ‬ما‭ ‬يقال‭ ‬فيه؛‭ ‬إنه‭ ‬عاجز‭ ‬عن‭ ‬إغاثة‭ ‬غزة،‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬نُصرتها‭.‬

ورغم‭ ‬ذلك،‭ ‬مازال‭ ‬بالإمكان‭ ‬رصد‭ ‬بعض‭ ‬الأمور‭ ‬والتطورات‭ ‬المنطوية‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬بالغة،‭ ‬في‭ ‬مقدمتها‭ ‬بعض‭ ‬الحقائق‭ ‬المتعلقة‭ ‬بمشروع‭ ‬إسرائيل‭ ‬منذ‭ ‬تأسيسها،‭ ‬وكذلك‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بمستقبلها‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

ولعل‭ ‬التشابه‭ ‬الكبير‭ ‬بين‭ ‬بعض‭ ‬التطورات‭ ‬الحالية،‭ ‬ووقائع‭ ‬المشروع‭ ‬الصهيوني‭ ‬على‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬من‭ ‬ضمن‭ ‬ما‭ ‬دفع‭ ‬الكثيرين‭ ‬إلى‭ ‬تشبيه‭ ‬الحرب‭ ‬الحالية‭ ‬بنكبة‭ ‬عام‭ ‬1948‭ ‬وتسميتها‭ ‬بالنكبة‭ ‬الثانية،‭ ‬وما‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭.‬

في‭ ‬المقام‭ ‬الأول،‭ ‬ثمة‭ ‬ما‭ ‬يؤكد‭ ‬نظرة‭ ‬قيادات‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬نفي‭ ‬وجوده‭ ‬كوحدة‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬ونفي‭ ‬الصفات‭ ‬الإنسانية‭ ‬عنه؛‭ ‬لتبرير‭ ‬استهدافه‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬ثانية‭.‬

ومن‭ ‬أبرز‭ ‬الأمثلة‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬تشديد‭ ‬الرئيس‭ ‬‮«‬الإسرائيلي‮»‬‭ ‬إسحاق‭ ‬هرتسوغ‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬ليس‭ ‬هناك‭ ‬أبرياء‭ ‬في‭ ‬غزة»؛‭ ‬لتسويغ‭ ‬الجرائم‭ ‬ضد‭ ‬المدنيين،‭ ‬وتصريح‭ ‬وزير‭ ‬الدفاع‭ ‬يوآف‭ ‬جالانت‭ ‬بأن‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬أو‭ ‬المقاومين‭ ‬‮«‬حيوانات‭ ‬بشرية‮»‬،‭ ‬ويضاف‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬احتفاء‭ ‬الجنود‭ ‬والضباط‭ ‬واحتفالهم‭ ‬بقتل‭ ‬الأطفال،‭ ‬واستهداف‭ ‬المنازل،‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬دعوات‭ ‬بعض‭ ‬الإعلاميين‭ ‬لقتل‭ ‬مئات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬غزة‭ ‬حتى‭ ‬يطمئنوا‭ ‬‭ ‬هم‭ ‬‭ ‬ويستريحوا‭.‬

وبالتأكيد،‭ ‬فإن‭ ‬الحرب‭ ‬الحالية‭ ‬أعادت‭ ‬الى‭ ‬الأذهان‭ ‬المجازر‭ ‬والمذابح‭ ‬التي‭ ‬قامت‭ ‬بها‭ ‬العصابات‭ ‬الصهيونية‭ ‬في‭ ‬ثلاثينيات‭ ‬وأربعينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬وكررها‭ ‬جيش‭ ‬الاحتلال‭ ‬اليوم‭ ‬غير‭ ‬مكترث‭ ‬بقانون‭ ‬دولي،‭ ‬أو‭ ‬انتقادات‭ ‬من‭ ‬الرأي‭ ‬العام،‭ ‬أو‭ ‬مناشدات‭ ‬من‭ ‬المنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬المختلفة‭.‬

ويسري‭ ‬ذلك‭ ‬أيضًا‭ ‬على‭ ‬الحصار‭ ‬والتجويع‭ ‬والاغتيالات‭ ‬الميدانية‭ ‬للمدنيين‭ ‬العزّل؛‭ ‬بهدف‭ ‬التهجير‭ ‬وتفريغ‭ ‬الأرض‭ ‬من‭ ‬سكانها،‭ ‬في‭ ‬سعي‭ ‬لفرض‭ ‬واقع‭ ‬جديد‭ ‬في‭ ‬القطاع،‭ ‬وكذلك‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬بائسة‭ ‬لتقليل‭ ‬الضغوط‭ ‬الخارجية،‭ ‬وادعاء‭ ‬عدم‭ ‬استهداف‭ ‬المدنيين،‭ ‬عكس‭ ‬الوقائع‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يجادل‭ ‬فيها‭ ‬أحد‭.‬

ومن‭ ‬أهم‭ ‬ما‭ ‬ذكّرت‭ ‬به‭ ‬الحرب‭ ‬الحالية‭ ‬مدى‭ ‬اعتماد‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬على‭ ‬الدعم‭ ‬الخارجي‭ ‬الذي‭ ‬بدا‭ ‬وكأنه‭ ‬حيوي‭ ‬لا‭ ‬يمكنها‭ ‬الاستغناء‭ ‬عنه‭ ‬أو‭ ‬البقاء‭ ‬بدونه‭. ‬ولسنا‭ ‬هنا‭ ‬نتحدث‭ ‬فقط‭ ‬عن‭ ‬الدعم‭ ‬السياسي‭ ‬والإعلامي‭ ‬لبعض‭ ‬الدول‭ ‬الغربية،‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬ولكن‭ ‬كذلك‭ ‬عن‭ ‬الدعم‭ ‬العسكري‭ ‬المباشر،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬تصدير‭ ‬وبيع‭ ‬السلاح‭ ‬بمختلف‭ ‬أنواعه،‭ ‬علمًا‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تخوض‭ ‬حربًا‭ ‬إقليمية،‭ ‬ولا‭ ‬تواجه‭ ‬عدة‭ ‬دول‭ ‬في‭ ‬آنٍ‭ ‬معًا،‭ ‬وإنما‭ ‬تشن‭ ‬حربًا‭ ‬غير‭ ‬متكافئة‭ ‬ضد‭ ‬حركة‭ ‬مقاومة‭ ‬لا‭ ‬توازُنَ‭ ‬البتة‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬العدد‭ ‬والعتاد‭ ‬والتسليح‭ ‬معها،‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬معظم‭ ‬الجهد‭ ‬العسكري‭ ‬يستهدف‭ ‬المدنيين‭.‬

ويصب‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬سبق‭ ‬في‭ ‬مدى‭ ‬احتياج‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬لبروباجندا‭ ‬قوية‭ ‬ودعاية‭ ‬مضللة‭ ‬تضفي‭ ‬عليها‭ ‬هالة‭ ‬من‭ ‬الأسطورة؛‭ ‬لتحمي‭ ‬نفسها‭ ‬وتبقى‭ ‬قائمة،‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬خرافات‭: ‬‮«‬الجيش‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يقهر‮»‬،‭ ‬و«الاستخبارات‭ ‬التي‭ ‬تعرف‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان‮»‬،‭ ‬والجندي‭ ‬المدجج‭ ‬بالسلاح‭ ‬والتكنولوجيا،‭ ‬وغير‭ ‬ذلك،‭ ‬بما‭ ‬يمنحها‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الردع‭ ‬الضمني،‭ ‬ويساعدها‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الحرب‭ ‬النفسية‭ ‬دون‭ ‬بذل‭ ‬جهد‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬الميدان‭.‬

في‭ ‬خلاصة‭ ‬ما‭ ‬سبق،‭ ‬أن‭ ‬الاحتلال‭ ‬رغم‭ ‬تفوقه‭ ‬العسكري‭ ‬والاقتصادي‭ ‬والتقني‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬لا‭ ‬يقوم‭ ‬بمفرده‭ ‬بل‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬دعم‭ ‬خارجي‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المجالات،‭ ‬حتى‭ ‬وهو‭ ‬يخوض‭ ‬حربًا‭ ‬ضد‭ ‬حركة‭ ‬مقاومة‭ ‬خبرها‭ ‬عقودا،‭ ‬وينسج‭ ‬حول‭ ‬نفسه‭ ‬أساطير‭ ‬القوة‭ ‬والمنعة‭ ‬والتفوق‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬الحماية‭ ‬والحرب‭ ‬النفسية‭.‬

وهو‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬يبرع‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬قتل‭ ‬المدنيين‭ ‬وترويعهم،‭ ‬بينما‭ ‬مازال‭ ‬بعد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬تسعين‭ ‬يومًا‭ ‬من‭ ‬العدوان‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يقف‭ ‬عند‭ ‬أي‭ ‬حد‭ ‬يلهث‭ ‬دون‭ ‬جدوى‭ ‬خلف‭ ‬تسجيل‭ ‬إنجاز‭ ‬ولو‭ ‬نسبيًا‭ ‬أو‭ ‬موهومًا‭ ‬أو‭ ‬مدّعى‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭.‬

بل‭ ‬إن‭ ‬توثيق‭ ‬الأخيرة‭ ‬للمواجهات‭ ‬المباشرة‭ ‬بين‭ ‬رجالها،‭ ‬وجنود‭ ‬الاحتلال‭ ‬يظهر‭ ‬الفارق‭ ‬الكبير‭ ‬في‭ ‬الشجاعة‭ ‬والإقدام‭ ‬والمعنويات،‭ ‬بما‭ ‬ينعكس‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬على‭ ‬نتيجة‭ ‬هذه‭ ‬الالتحامات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يستفيد‭ ‬الاحتلال‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬سلاح‭ ‬الجو‭ ‬وتفوقه‭ ‬الميداني‭ ‬في‭ ‬العتاد‭.‬

ما‭ ‬يعنيه‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬يمكن‭ ‬هزيمتها،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬وُوجهت‭ ‬بقوة‭ ‬أو‭ ‬قوى‭ ‬تملك‭ ‬الإرادة‭ ‬والعزيمة‭ ‬والإعداد‭ ‬والتخطيط‭ ‬لذلك‭. ‬فإذا‭ ‬كانت‭ ‬مقاومة‭ ‬محاصَرة‭ ‬‭ ‬وبإمكانات‭ ‬بسيطة‭ ‬جدًا،‭ ‬ودون‭ ‬دعم‭ ‬إقليمي‭ ‬‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الأداء‭ ‬العسكري،‭ ‬فيمكن‭ ‬حينها‭ ‬تخيل‭ ‬ما‭ ‬تستطيعه‭ ‬قوى‭ ‬ودول‭ ‬أخرى‭.‬

ومن‭ ‬أهم‭ ‬ما‭ ‬كشفته‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬أن‭ ‬المجتمع‭ ‬‮«‬الإسرائيلي‮»‬‭ ‬ليس‭ ‬شعبًا‭ ‬بالمعنى‭ ‬التقليدي‭ ‬في‭ ‬الدول؛‭ ‬إذ‭ ‬لا‭ ‬يجمعه‭ ‬رغم‭ ‬الادعاء‭ ‬تاريخ‭ ‬مشترك،‭ ‬ولا‭ ‬هوية‭ ‬واحدة،‭ ‬وإنما‭ ‬هي‭ ‬شرائح‭ ‬متباينة‭ ‬وأحيانًا‭ ‬متناقضة‭ ‬جُمعت‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬المختلفة،‭ ‬ولم‭ ‬تنجح‭ ‬المؤسسة‭ ‬في‭ ‬صهرها‭ ‬معًا‭ ‬لتخرج‭ ‬شعبًا‭ ‬متجانسًا،‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬له‭ ‬انتماء‭ ‬وقضية‭ ‬تجمعه‭ ‬على‭ ‬شاكلة‭ ‬الفلسطينيين‭.‬

وهنا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نضيف‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬معروف‭ ‬وثابت‭ ‬وأعادت‭ ‬تأكيده‭ ‬الحرب‭ ‬الحالية‭ ‬من‭ ‬رفض‭ ‬المحيط‭ ‬دولةَ‭ ‬الاحتلال،‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الشعبي‭ ‬بشكل‭ ‬شبه‭ ‬كامل،‭ ‬والرسمي‭ ‬بشكل‭ ‬جزئي‭. ‬وبالتالي،‭ ‬فالجنّة‭ ‬التي‭ ‬وُعد‭ ‬بها‭ ‬يهود‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الرفاهية‭ ‬والأمن‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬قائمة،‭ ‬وقد‭ ‬لا‭ ‬تعود‭ ‬أبدًا،‭ ‬على‭ ‬أقل‭ ‬تقدير‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الثقة‭ ‬بالدولة‭ ‬والمؤسسة‭ ‬العسكرية‭ ‬والأمنية‭.‬

وعليه،‭ ‬ختامًا؛‭ ‬فإن‭ ‬الأسس‭ ‬التي‭ ‬قام‭ ‬عليها‭ ‬اسرائيل‭ ‬في‭ ‬فلسطين،‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬قائمة‭ ‬كما‭ ‬كانت‭ ‬سابقًا،‭ ‬حيث‭ ‬اختفى‭ ‬بعضها،‭ ‬وتراجع‭ ‬بعضها،‭ ‬بينما‭ ‬يبقى‭ ‬البعض‭ ‬الآخر‭ ‬غير‭ ‬مضمون‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬البعيد،‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬سقوط‭ ‬المشروع‭ ‬وبقاء‭ ‬مستقبله‭ ‬في‭ ‬مهب‭ ‬الريح‭. ‬ولذلك،‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬أصدق‭ ‬ما‭ ‬قالته‭ ‬قيادات‭ ‬الاحتلال‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭: ‬إنها‭ ‬حرب‭ ‬وجودية‭ ‬فعلًا،‭ ‬وإن‭ ‬مستقبل‭ ‬وجود‭ ‬الاحتلال‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬البعيد‭ ‬ليس‭ ‬مضمونًا‭.‬

وعليه،‭ ‬يحق‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬أن‭ ‬يؤمنوا‭ ‬اليوم‭ ‬بأن‭ ‬التحرير‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬حُلمًا‭ ‬بعيد‭ ‬المنال،‭ ‬ولا‭ ‬شعارًا‭ ‬عاطفيًا‭ ‬مفرغًا‭ ‬من‭ ‬مضمونه،‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬مستحيلًا،‭ ‬فقد‭ ‬غيّرت‭ ‬حرب‭ ‬‮«‬طوفان‭ ‬الأقصى‮»‬‭ ‬الكثير‭.‬

{‭ ‬كاتب‭ ‬وباحث‭ ‬فلسطيني

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا