العدد : ١٦٩٧٨ - الاثنين ١٦ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٣ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٧٨ - الاثنين ١٦ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٣ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

أزمة اليوم التالي لانتهاء الحرب!

بقلم: رامي مهداوي {

الثلاثاء ٢٦ ديسمبر ٢٠٢٣ - 02:00

تصريحات‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكي‭ ‬أنتوني‭ ‬بلينكن،‭ ‬هي‭ ‬الأكثر‭ ‬تحديدا‭ ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬ولكنها‭ ‬أشارت‭ ‬فقط‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬ودولا‭ ‬أخرى‭ ‬تبحث‭ ‬في‭ ‬‮«‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الترتيبات‭ ‬الممكنة‮»‬‭. ‬وقال‭: ‬إنه‭ ‬قد‭ ‬يتم‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬تدير‭ ‬‮«‬سلطة‭ ‬فلسطينية‭ ‬فعالة‭ ‬ومحيطة‭ ‬بالحياة‮»‬‭ ‬شؤون‭ ‬غزة‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف،‭ ‬لكنه‭ ‬لم‭ ‬يقدم‭ ‬أي‭ ‬تلميح‭ ‬حول‭ ‬كيفية‭ ‬جعل‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬فعالة‭ ‬أو‭ ‬التغلب‭ ‬على‭ ‬معارضة‭ ‬إسرائيل‭.‬

وأشار‭ ‬بلينكن‭ ‬فقط‭ ‬بشكل‭ ‬غامض‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحالي،‭ ‬‮«‬قد‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬ترتيبات‭ ‬مؤقتة‭ ‬أخرى‭ ‬تشمل‭ ‬عدداً‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭. ‬وقد‭ ‬تشمل‭ ‬وكالات‭ ‬دولية‭ ‬قد‭ ‬تساعد‭ ‬في‭ ‬توفير‭ ‬الأمان‭ ‬والحوكمة‭. ‬تشمل‭ ‬الأسماء‭ ‬المطروحة‭ ‬لهذا‭ ‬الدور‭ ‬المؤقت‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬والأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬بدعم‭ ‬من‭ ‬منظمات‭ ‬دولية‭ ‬حكومية‭ ‬وغير‭ ‬حكومية‭.‬

على‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬أن‭ ‬يسأل‭ ‬نفسه‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬الأسئلة‭: ‬ماذا‭ ‬تعني‭ ‬إزاحة‭ ‬فصيل‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬حماس‮»‬‭ ‬عن‭ ‬الحكم‭ ‬عندما‭ ‬يهيمن‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬مستويات‭ ‬حكومة‭ ‬غزة؟‭ ‬ماذا‭ ‬يعني‭ ‬لإسرائيل‭ ‬محاولة‭ ‬إنهاء‭ ‬القدرة‭ ‬العسكرية‭ ‬لـ«حماس»؟

حركة‭ ‬اجتماعية‭ ‬لها‭ ‬جناح‭ ‬عسكري‭ ‬يشرف‭ ‬أيضاً‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬العام‭ ‬والإدارة‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الوظائف‭ ‬الحكومية،‭ ‬خاصة‭ ‬عندما‭ ‬تعمل‭ ‬فوق‭ ‬وتحت‭ ‬الأرض؟

ماذا‭ ‬يعني‭ ‬النصر؟‭ ‬وبصرف‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬أهدافها،‭ ‬ماذا‭ ‬ستحقق‭ ‬إسرائيل‭ ‬فعليا؟‭ ‬من‭ ‬سيقول‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬إن‭ ‬الاحتلال‭ ‬انتهى‭ ‬أم‭ ‬العدوان‭ ‬المؤقت‭ ‬انتهى‭ ‬على‭ ‬غزة؟

يجب‭ ‬على‭ ‬صانعي‭ ‬السياسات‭ ‬دراسة‭ ‬كيف‭ ‬ستؤثر‭ ‬الأحداث‭ ‬المتلاحقة‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يقوم‭ ‬به‭ ‬الفاعلون‭ ‬بالفعل‭. ‬قد‭ ‬يتم‭ ‬تقويض‭ ‬حكم‭ ‬غزة‭ ‬بشكل‭ ‬جاد‭ ‬لدرجة‭ ‬أن‭ ‬الانحلال‭ ‬السياسي‭ ‬المصحوب‭ ‬بتدهور‭ ‬اجتماعي‭ ‬واقتصادي‭ ‬هو‭ ‬أكثر‭ ‬احتمالاً‭ ‬من‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬ترتيبات‭ ‬مثالية‭.‬

من‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬تفرض‭ ‬إسرائيل‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬مناطق‭ ‬عازلة‭ ‬عسكرية‭ ‬داخل‭ ‬غزة‭ ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬متاحة‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‭. ‬مع‭ ‬تراجع‭ ‬القتال،‭ ‬من‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬تشدد‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬موقفها‭ ‬العسكري‭ ‬المستمر‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬على‭ ‬الحدود‭ ‬وتزيد‭ ‬من‭ ‬قدرة‭ ‬القوات‭ ‬الأمنية‭ ‬على‭ ‬تنفيذ‭ ‬اقتحامات‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬المأهولة‭.‬

قد‭ ‬لا‭ ‬تقوم‭ ‬إسرائيل‭ ‬بإعادة‭ ‬المستوطنين‭ ‬إلى‭ ‬غزة،‭ ‬ولكن‭ ‬قد‭ ‬تتضمن‭ ‬تحركات‭ ‬عسكرية‭ ‬مستقبلية‭ ‬إقامة‭ ‬منشآت‭ ‬عسكرية‭ ‬داخل‭ ‬غزة‭. ‬قد‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬إسرائيل‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬بنفس‭ ‬الدرجة‭ ‬التي‭ ‬تسيطر‭ ‬بها‭ ‬على‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬ولكن‭ ‬هذا‭ ‬المستوى‭ ‬من‭ ‬التحكم‭ ‬ليس‭ ‬ضرورياً‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬حال،‭ ‬حيث‭ ‬يكمن‭ ‬الهدف‭ ‬الرئيس‭ ‬لإسرائيل‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬هو‭ ‬محاولة‭ ‬ضرب‭ ‬قدرة‭ ‬المقاومة‭ ‬على‭ ‬مهاجمة‭ ‬إسرائيل‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬حماية‭ ‬مشروع‭ ‬المستوطنين‭.‬

لعبت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬دوراً‭ ‬مثيراً‭ ‬في‭ ‬المراحل‭ ‬الأولى‭ ‬للحرب،‭ ‬حيث‭ ‬ربطت‭ ‬عمليات‭ ‬اتخاذ‭ ‬القرار‭ ‬الأمريكية‭ ‬والإسرائيلية‭ ‬بطريقة‭ ‬لم‭ ‬يسبق‭ ‬لها‭ ‬مثيل‭. ‬وقد‭ ‬تبعت‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬نمطها‭ ‬العام‭ ‬باعتبارها‭ ‬داعمة‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بينما‭ ‬تنادي‭ ‬بشكل‭ ‬أكبر‭ ‬علنياً‭ ‬بحقوق‭ ‬المدنيين‭.‬

الحقيقة‭ ‬إنه‭ ‬لم‭ ‬ولا‭ ‬ولن‭ ‬ترغب‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مسؤولة‭ ‬عن‭ ‬غزة،‭ ‬ومن‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬تعزيز‭ ‬هذا‭ ‬التفضيل‭. ‬ومن‭ ‬غير‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬يتحدوا‭ ‬لإدارة‭ ‬مشكلة،‭ ‬فإن‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬غير‭ ‬مستعدة‭ ‬لقبول‭ ‬دور‭. ‬وفي‭ ‬حالة‭ ‬الحدوث‭ ‬غير‭ ‬المرجح،‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬هذه‭ ‬المشاركة‭ ‬غير‭ ‬فعالة‭ ‬في‭ ‬توفير‭ ‬الإدارة،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬توفير‭ ‬الأمان‭.‬

سيعيش‭ ‬أهلنا‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬بالمباني‭ ‬الباقية‭ ‬والهياكل‭ ‬المؤقتة‭ ‬فترة‭ ‬من‭ ‬الوقت‭. ‬ستستبعد‭ ‬أي‭ ‬إعادة‭ ‬بناء‭ ‬جزء‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬غزة‭. ‬فقد‭ ‬تم‭ ‬تدمير‭ ‬أوضاع‭ ‬التجارة‭ ‬والصناعة‭ ‬والزراعة‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الأعمال‭ ‬بفعالية،‭ ‬ما‭ ‬سيجعل‭ ‬غزة‭ ‬تعتمد‭ ‬تماماً‭ ‬على‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭.‬

فإلى‭ ‬من‭ ‬ستتولى‭ ‬مهمة‭ ‬الإشراف‭ ‬على‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬وكالات‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬والعديد‭ ‬من‭ ‬وكالات‭ ‬المساعدة‭ ‬الدولية‭ ‬والمنظمات‭ ‬غير‭ ‬الحكومية‭ ‬وعناصر‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وبقايا‭ ‬البيروقراطية‭ ‬المؤسساتية؟‭ ‬لماذا‭ ‬يمكن‭ ‬تصور‭ ‬أن‭ ‬ترغب‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬بتحمل‭ ‬مسؤولية‭ ‬إدارة‭ ‬غزة‭ ‬تحت‭ ‬السيطرة‭ ‬العسكرية‭ ‬الإسرائيلية؟‭ ‬ولماذا‭ ‬ترغب‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لفاعلين‭ ‬إقليميين‭ ‬السيطرة‭ ‬العسكرية‭ ‬في‭ ‬غزة؟

بينما‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬بعض‭ ‬هؤلاء‭ ‬الفاعلين‭ ‬معنيين‭ ‬بطريقة‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأنشطة،‭ ‬تقديم‭ ‬الخدمات‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص،‭ ‬فإن‭ ‬أيا‭ ‬منهم‭ ‬يعمل‭ ‬بشكل‭ ‬فردي‭ ‬أو‭ ‬مشترك‭ ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬لديه‭ ‬المصلحة‭ ‬أو‭ ‬المقدرة‭ ‬أو‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬فرض‭ ‬نفسه‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬كسلطة‭ ‬عليا‭. ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬العديد‭ ‬منهم‭ ‬على‭ ‬استعداد‭ ‬لتوفير‭ ‬المياه‭ ‬والعمال‭ ‬والإغاثة‭ ‬واللوازم‭ ‬الإنسانية‭. ‬وقد‭ ‬تضغط‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬إسرائيل‭ ‬للسماح‭ ‬بتوفير‭ ‬إمدادات‭ ‬الكهرباء‭ ‬والوقود‭.‬

ولكن‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬القريب،‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬تصور‭ ‬واضح‭ ‬لماهية‭ ‬السلطة‭ ‬المركزية‭ ‬التي‭ ‬تدير‭ ‬الوضع‭ ‬في‭ ‬غزة‭. ‬هناك‭ ‬حاجة‭ ‬واضحة‭ ‬لسلطة‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬توفير‭ ‬الأمان‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الأمن‭ ‬العام‭ ‬والنظام‭ ‬الأساسي‭ ‬والنظام‭ ‬القانوني‭ ‬وإدارة‭ ‬الشؤون‭ ‬الحياتية‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تحقيقه‭ ‬إلا‭ ‬بانسحاب‭ ‬قوات‭ ‬الاحتلال‭ ‬تماما‭ ‬من‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭.‬

{‭ ‬كاتب‭ ‬من‭ ‬فلسطين

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا